82 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب العلم من صحيحه:
باب فضل العلم
82 – حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم
——
فوائد الباب:
1- قوله (باب فضل العلم) “الفضل هنا بمعنى الزيادة أي ما فضل عنه، والفضل الذي تقدم في أول كتاب العلم بمعنى الفضيلة” قاله الحافظ ابن حجر. والقسطلاني في « إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (1/ 181):
و صاحب «منحة الباري بشرح صحيح البخاري» (1/ 300):
2- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي في الكبرى.
3- قوله (ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب) فيه منقبة ظاهرة لعمر ابن الخطاب أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين وأحد العشرة.
4- ثم إن قوله (أعطيت فضلي) أي اللبن الذي أوتيته والفضل هو الذي بقي وكأن الحديث يشير إلى ما ورد كون عمر من الملهمين المحَدَّثين ، “وفيه فضل علمه على علم غيره” قاله البيهقي في السنن الكبرى.
5- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر ابن الخطاب” رواه البخاري من مسند أبي هريرة رضي الله عنه 3469 ورواه مسلم من مسند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه 2398 قال ابن وهب: تفسير محدثون: ملهمون كما في صحيح مسلم عقب رواية الحديث. وقال الترمذي في سننه عقب رواية الحديث وأخبرني بعض أصحاب ابن عيينة، قال: قال سفيان بن عيينة: محدثون يعني: مفهمون، وقال ابن الأثير كما في جامع الأصول : والملهم : الذي يلقى في نفسه الشيء ، فيخبر به حدسا وظنا وفراسة ، وهو نوع يختص الله به من يشاء من عبادة الذين اصطفى ، مثل عمر رضي الله عنه.
6- لذا ” يقال إن فضلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلة وشرف وقد فسرها بالعلم فدل على فضيلة العلم” قاله الكرماني في شرحه.
7- فيه أن من اتقى الله تعالى واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم يوفق للصواب كما قال تعالى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) من سورة البقرة
8- قوله ( أتيت بقدح لبن) وعند مسلم في رواية ” إذ رأيت قدحا أتيت به فيه لبن”
9- قوله (اللبن) أول شيء يناله المولود من طعام الدنيا وبه تقوم حياته كذلك حياة القلوب تقوم بالعلم قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
10- قوله ( فشربت منه) فيه حذف تقديره “فقيل لي اشرب”
11- قوله (فما أولته) أي فما عبرته، وفيه جواز تعبير الرؤيا قاله الكرماني في شرحه.
12 – قال ابن هبيرة في «الإفصاح عن معاني الصحاح» (4/ 78):
فيه: ما يدل على فضل عبر الرؤيا. اهـ
13- وفيه رعاية المناسبة بين التعبير وماله التعبير قاله الكرماني.
14- قوله (العلم) وأما تفسير اللبن بالعلم فلاشتراكهما في كثرة النفع بهما وفي أنهما سببا الصلاح فاللبن غذاء الإنسان وسبب صلاحهم وقوة أبدانهم والعلم سبب الصلاح في الدنيا والآخرة وغذاء الأرواح قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
15- قوله (لأرى الري يخرج في أظفاري) والري من الإرتواء ، وقوله (يخرج في أظفاري) أي كقول الصحابي في حديث آخر ” لا أجد له مسلكا” والأول أبلغ في الري.
16- قوله (يخرج في أظفاري) وعند البخاري 7006 من طريق يونس” يخرج من أظفاري وعند البخاري 7007 من طريق صالح بن كيسان ” يخرج من أطرافي” وعند البخاري 7027 من طريق أخرى عن عقيل ” يجري”
17- وعند الإمام أحمد في مسنده 5554 ” حتى جعل اللبن يخرج”
18- قوله ( ثم أعطيت فضلي) وعند الدارمي من طريق يونس ” ثم ناولت فضله”
وهي عند البخاري ٧٠٢٧ من طريق عقيل”
19 – فيه أن العلم النافع إنما هو الوحي المنزل والتمسك به، واتباع من نزل عليه الوحي واقتفاء أثره.
20 – قال العثيمين في التعليق على البخاري:
هذا يقول : ( بينا أنا نائم أتيت ) معروف أن الذي يأتي بالنوم ، بالمرائي هو ملك ، ملك يأتي بهذه الأشياء .
فضيلة عمر لا تدل على أنه أفضل من أبي بكر
فأبو بكر أعلم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما هو معروف عند الصحابة ، هو أعلمهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعلمهم أيضاً بالشرع ، ويدل لهذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر حياته خطب وقال ( إن عبدا خيره الله تعالى أن يعيش في الدنيا ما شاء الله أن يعيش ، وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله ) هكذا قال ، فبكى أبا بكر ولم يبكي أحد سواه ، فعجبوا من بكاءه ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر هو أعلمهم برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه عرف أنه هو المخير والصحابة لم يعرفوا ذلك ، ومن تتبع المواقف التي جرت بين عمر بن الخطاب وبين أبي بكر ، تبين له فضل أبي بكر على عمر رضي الله عنهما ، ففي صلح الحديبية ماذا حصل من عمر ، حصل منازعة ، وحصل مجادلة مع الرسول صلى الله عليه وسلم فكان جواب الرسول لعمر كجواب أبي بكر سواء بسواء … ، والثانية في قصة موت الرسول عليه الصلاة والسلام ، فأنكر ذلك عمر ، وقال : ” والله ليبعثنه الله فليقطعن أيدي أقوام وأرجلهم ، ” ، فجاء فوجد الرسول عليه الصلاة والسلام مسجى ، فكشف عن وجهه وقبله وعرف أنه قد مات ، وقال له بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، والله لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتتة الأولى فقد متها ، ثم غطاه وخرج إلى الناس وقال كلماته المشهورة العجيبة ، قال أما بعد أيها الناس : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ” سبحانه وتعالى ، ثم تلا قوله تعالى : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبل الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم )) وتلا : (( إنك ميت وإنهم ميتون )) قال عمر يعني فعلمت أنه قد مات حتى عقرت فما تقلني رجلاي ” كذلك أيضاً الموضع الرابع : لما توفي الرسول عليه الصلاة والسلام وإذا أسامة بن زيد رضي الله عنه قد أنفذه الرسول عليه الصلاة والسلام للقتال لقتال من قتلوا أباه ، زيد بن حارثة فعزم على أن ينفذه وراجعه الصحابة في ذلك ومنهم عمر، قال كيف تروحهم يقاتلون هناك في أطراف الشام والناس ارتدوا هنا في الجزيرة ، قال : والله لا أفل رايةً عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ” . اهـ
21 – ذكر شيخ الإسلام مسألة في رجلين اختلفا فقال أحدهما :
أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما أعلم وأفقه من علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وقال الآخر : بل علي بن أبي طالب أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر فأي القولين أصوب
الجواب : الحمد لله لم يقل أحد من علماء المسلمين المعتبرين إن عليا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر بل و لا من أبي بكر وحده ومدعي الإجماع على ذلك من أجهل الناس وأكذبهم بل ذكر غير واحد من العلماء إجماع العلماء على أن أبا بكر الصديق أعلم من علي منهم الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني المروزي أحد الأئمة الستة من أصحاب الشافعي ذكر في كتابه تقويم الأدلة على الإمام إجماع علماء السنة على أن أبا بكر أعلم من علي و ما علمت أحدا من الأئمة المشهورين ينازع في ذلك وكيف وأبو الصديق كان بحضرة النبي صلى الله عليه و سلم يفتي ويأمر وينهي ويقضي ويخطب كما كان يفعل ذلك إذا خرج هو وأبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام ولما هاجرا جميعا ويوم حنين وغير ذلك من المشاهد والنبي صلى الله عليه و سلم ساكت يقره على ذلك ويرضى بما يقول ولم تكن هذه المرتبة لغيره
وكان النبي صلى الله عليه و سلم في مشاورته لأهل العلم والفقه والرأي من أصحابه يقدم في الشورى أبا بكر وعمر فهما اللذان يتقدمان في الكلام والعلم بحضرة الرسول عليه السلام على سائر أصحابه مثل قصة مشاورته في أسرى بدر فأول من تكلم في ذلك أبو بكر وعمر وكذلك غير ذلك …..
أما الصديق فإنه مع قيامه بأمور من العلم والفقه عجز عنها غيره حتى بينها لهم لم يحفظ له قول مخالف نصا وهذا يدل على غاية البراعة
وأما غيره فحفظت له أقوال كثيرة خالفت النص لكن تلك النصوص لم تبلغهم والذي وجد من موافقة عمر للنصوص أكثر من موافقة علي وهذا يعرفه من عرف مسائل العلم وأقوال العلماء فيها وذلك مثل : نفقة المتوفي عنها زوجها فإن قول عمر هو الذي وافق النص دون القول الآخر وكذلك مسألة الحرام قول عمر وغيره فيها هو الأشبه بالنصوص من القول الآخر
وقد ثبت في الصحيحين : عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ قد كان في الأمم قلبكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر ]
وفي الصحيحين : عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ رأيت كأني أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج من أظفاري ثم ناولت فضلي عمر فقالوا : ما أولت يا رسول الله ؟ قال : العلم ]
وأيضا فالصحابة في زمن أبي بكر لم يكونوا يتنازعون في مسألة إلا فصلها بينهم أبو بكر وارتفع النزاع فلا يعرف بينهم في زمانه مسألة واحدة تنازعوا فيها إلا ارتفع النزاع بينهم بسببه كتنازعهم في وفاته صلى الله عليه و سلم ومدفنه وفي ميراثه وفي تجهيز جيش أسامة وقتال مانعي الزكاة وغير ذلك من المسائل الكبار …..
وكانوا يخالفون عمر وعثمان وعليا في كثير من أقوالهم ولم يعرف أنهم خالفوا أبا بكر في شيء مما كان يفتي فيه ويقضي وهذا يدل على غاية العلم وقام مقام رسول الله صلى الله عليه و سلم …. انتهى
22 – ذكر ابن القيم رحمه الله وجوه كثيرة في أدلة وجوب إتباع الصحابة فقال :
[الأدِلَّةُ عَلى وُجُوبِ اتِّباعِ الصَّحابَةِ]
فَأمّا الأوَّلُ فَمِن وُجُوهٍ، أحَدُها: ما احْتَجَّ بِهِ مالِكٌ، وهُوَ قَوْله تَعالى ﴿والسّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ وأعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها أبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾
ومن تلك الوجوه :
قال:
الوجه الأربعون ما ثبت في الصحيح من حديث الزهري عن حمزة بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال بينما أنا نائم إذ أتيت بقدح لبن فقيل لي اشرب فشربت منه حتى إني لأرى الرى يجري في أظفاري
ومن أبعد الأشياء أن يكون الصواب مع من خالفه في فتيا أو حكم لا يعلم أن أحدا من الصحابة خالفه فيه وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الشهادة .
إعلام الموقعين عن رب العالمين.
23- قوله (حدثني عقيل) بضم العين هو ابن خالد تابعه يونس كما عند البخاري 7006 ومسلم 2391 تابعه صالح كما عند البخاري 7007 ومسلم 2391 تابعه الزبيدي كما عند ابن أبي عاصم في السنة 1256
24- قوله (عن ابن شهاب) هو الزهري وعند مسلم 2391 أن ابن شهاب أخبره
25- قوله ( عن حمزة بن عبد الله بن عمر) وعند البخاري 7006 ” أخبرني حمزة بن عبد الله” تابعه أخوه سالم كما عند النسائي في السنن الكبرى 5807 من طريق معمر. قال أبو حاتم الرازي كما في العلل لابنه 2573 حديث حمزة أشبه.
26- قوله ( أن ابن عمر قال) وعند البخاري 7007 ” أنه سمع عبد الله بن عمر”
===