80 ، 81 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب العلم من صحيحه:
باب رفع العلم وظهور الجهل وقال ربيعة لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه
80 – حدثنا عمران بن ميسرة قال حدثنا عبد الوارث عن أبي التياح عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا.
81 – حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن أنس قال لأحدثنكم حديثا لا يحدثكم أحد بعدي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل ويظهر الزنا وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد
————
فوائد الباب:
1- قوله (باب رفع العلم وظهور الجهل) ترجم بجزء من لفظ الحديث الأول وجزء من لفظ الحديث الثاني والمقصود أن رفع العلم ونقصه وقبضه يؤدي إلى ظهور الجهل. قال الحافظ ابن حجر في الفتح “مقصود الباب الحث على تعلم العلم”
2- قوله (وقال ربيعة لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه) هو رَبِيعة بْنُ أَبي عَبد الرَّحمَن، أَبو عُثمان، مَولَى التَّيمِيِّين، المَدَنِيُّ، الرَّأي، وَاسْمُ أَبِي عَبد الرَّحمَن: فَرُّوخ. قاله البخاري في التاريخ الكبير وقد أخرج الأثر هناك مع قصة، وأخرجها الحاكم في معرفة علوم الحديث عن أبي بكر الشافعي قالا قال عبد العزيز بن عبد الله حدثنا مالك كَانَ رَبِيعة يَقُولُ لابْنِ شِهاب: إِنَّ حَالَتِي لَيْسَ تُشْبِهُ حَالَكَ، أَنَا أَقُولُ بِرَأْيٍ، مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَأَنْتَ تحدِّث عَنِ النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم فتحفظ، لا ينبغي لأحد يعلم أن عنده شيئًا من العلم يضيع نفسه. وعبد العزيز هو الأويسي من شيوخ البخاري في الصحيح فصورته صورة التعليق عند البخاري لكنه متصل عند الحاكم وليس عنده قول ربيعة في الباب، وقد وصل قول ربيعة أيضا البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى 566 والخطيب من الجامع 731 من طريق أبي إسماعيل الترمذي عن الأويسي به
3- قوله (يضيع نفسه) أي: يهينها، أي: لا يأتي بعلمه أهل الدنيا ويتواضع لهم، ويحتمل أن يريد إهمال نفسه وترك توقيرها وتضييع ما عنده من علم حتي لا ينتفع به. قاله ابن قرقول في مطالع الأنوار على صحيح الآثار
4- وإيراد الحاكم له في باب معرفة الصحيح والسقيم يعني أنه لا ينبغي للعالم مجرد النقل وإنما الفهم والتدبر خشية أن يكون الحديث معلولا سندا أو متنا.
5- أَن صَاحب الْفَهم إِذا ضيع نَفسه فَلم يتَعَلَّم، أفْضى إِلَى رفع الْعلم، لِأَن البليد لَا يقبل الْعلم، فَهُوَ عَنهُ مُرْتَفع. فَلَو لم يتَعَلَّم الْفَهم لارتفع الْعلم عَنهُ أَيْضا، فيرتفع عُمُوما، وَذَلِكَ من الأشراط الَّتِي لَا تقارن فِي الْوُجُود إلاَّ شرار الْخلق. فعلى النَّاس أَن يتوقوها مَا أمكن. قاله ناصر الدين ابن المنير في المتواري على أبواب البخاري، وقال الزركشي : معنى أن يضيع نفسه أن يهينها ؛ أي لا يأتي بعلمه أهل الدنيا ، ويتواضع لهم ، لكنه لا يطابق الترجمة حينئذ قاله بدر الدين الدماميني كما في مصابيح الجامع 1/212
6- ومن كان له قبول للعلم . وفهم له، فقد لزمه من فرض طلب العلم ما لا يلزم غيره، فينبغي له أن يجتهد فيه، ولا يضيع طلبه، فيضيع نفسه، قاله ابن بطال في شرحه أي حتى لا يرتفع العلم ولا يظهر الجهل قاله الكرماني.
7- يحتمل أن يكون مراده من ذلك توقير العلم كما فعل مالك بن أنس ويحتمل أن يكون مراده نشره في أهله وترك الاشتغال بما يمنعه عنه كيلا يموت فيذهب علمه ولم ينتفع به غيره وكلاهما حسن قاله البيهقي في المدخل.
8- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في الباب أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي في السنن الكبرى.
9- وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة.
10- الساعة وهي يوم القيامة لها أشراط بين يديها.
11- فيه إثم الزناة قاله البخاري.
12- في هذا الحديث علم من أعلام النبوة
قال القرطبي في «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (6/ 705):
(قوله: أن يرفع العلم، ويظهر الجهل) وقد بين كيفية رفع العلم وظهور الجهل في حديث عبد الله بن عمرو الذي قال فيه: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء. . . الحديث.
وهو نص في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور، بل بموت العلماء وبقاء الجهال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، يفتون بالجهل ويعلمونه، فينتشر الجهل ويظهر، وقد ظهر ذلك ووجد على نحو ما أخبر صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك دليلا من أدلة نبوته، وخصوصا في هذه الأزمان؛ إذ قد ولي المدارس والفتيا كثير من الجهال والصبيان وحُرمها أهل ذلك الشأن، غير أنه قد جاء في كتاب الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء ما يدلّ على أن الذي يرفع هو العمل. قال أبو الدرداء – رضي الله عنه -: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: هذا أوان يختلس فيه العلم من الناس، حتى لا يقدروا منه على شيء. فقال زياد بن لبيد الأنصاري: وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن؛ فوالله لنقرأنه، ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، فقال: ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة. هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا تغني عنهم؛ . قال: فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء، فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء. قال: صدق أبو الدرداء، إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع: الخشوع، يوشك أن تدخل مسجد الجامع فلا ترى فيه رجلا خاشعا .
قال: هذا حديث حسن غريب، وقد خرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضًا عن عوف بن مالك الأشجعي من طرق صحيحة.
وظاهر هذا الحديث أن الذي يرفع إنما هو العمل بالعلم، لا نفس العلم، وهذا بخلاف ما ظهر من حديث عبد الله بن عمر، فإنَّه صريح في رفع العلم.
قلت: ولا تباعد فيهما، فإنَّه إذا ذهب العلم بموت العلماء، خلفهم الجهال، فأفتوا بالجهل، فعمل به، فذهب العلم والعمل، وإن كانت المصاحف والكتب بأيدي الناس، كما اتفق لأهل الكتابين من قبلنا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزياد على ما نص عليه النسائي: ثكلتك أمك زياد، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى وذلك أن علماءهم لما انقرضوا خلفهم جهالهم، فحرفوا الكتاب، وجهلوا المعاني، فعملوا بالجهل، وأفتوا به، فارتفع العلم والعمل، وبقيت أشخاص الكتب لا تغني شيئا. اهـ
حديث عوف بن مالك هو في الصحيح المسند 1030 وراجع شرحه لسيف بن دوره وأصحابه.
13 – قال القرطبي في «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (ص1240):
وأما قلة العلم، وكثرة الجهل، فذلك شائع في جميع البلاد ذائع أعني برفع العلم وقلة ترك العمل به، كما قال عبد الله بن مسعود [ليس حفظ القرآن بحفظ حروفه، ولكن إقامة حدوده] ذكره ابن المبارك وسيأتي هذا المعنى مبيناً مرفوعاً إن شاء الله تعالى
14 – قال ابن رجب فأخبر النبي ﷺ أن العلم الذي عند أهل الكتابين من قبلنا موجود بأيديهم ولا ينتفعون بشئ منه لما فقدوا المقصود منه وهو وصوله إلى قلوبهم حتى يجدوا حلاوة الايمان ومنفعته بحصول الخشية والانابة لقلوبهم وإنما هو على السنتهم تقام به الحجة عليهم، ولهذا المعنى وصف الله سبحانه في كتابه العلماء بالخشية كما قال تعالى ((إنَّما يَخْشى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)
[سورة فاطر ٢٨] انتهى من الخشوع في الصلاة ص ٢٧
ويشهد لهذا المعنى قوله ﷺ.: يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج.
قالوا: يا رسول الله أيما هو؟
قال: القتل القتل. انتهى من كتاب فتاوى في العقيدة ليوسف الحمادي ١/ ٥٢٥
15 – المراد بضلالة أهل الكتابين.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله، عند قول الله تعالى: ﴿ولَوْ أنَّهُمْ أقامُوا التَّوْراةَ والإنجِيلَ وما أُنزِلَ إلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ ومِن تَحْتِ أرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وكَثِيرٌ مِّنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: (٦٦)].
﴿ولَوْ أنَّهُمْ أقامُوا التَّوْراةَ والإنجِيلَ وما أُنزِلَ إلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ﴾ قال ابن عباس وغيره: يعني
القرآن. ﴿لَأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ ومِن تَحْتِ أرْجُلِهِم﴾، أي: لو أنهم عملوا بما في الكتب التي بأيديهم عن الأنبياء، على ما هي عليه، من غير تحريف ولا تغيير ولا تبديل، لقادهم ذلك إلى اتباع الحق والعمل بمقتضى ما بعث الله به محمدا ﷺ؛ فإن كتبهم ناطقة بتصديقه والأمر باتباعه حتما لا محالة.
إلى أن قال رحمه الله: … وقال ابن جرير: قال بعضهم: معناه: لكانوا في الخير، كما يقول القائل: «هو في الخير من قرنه إلى قدمه». ثم رد هذا القول لمخالفة أقوال السلف….. وذكر ذكر حديث أبي الدرداء في وقول النبي صلى الله عليه وسلم هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا تغني عنهم .
16 – التماس العلم عند الأصاغر من ذهاب العلم وهو من أشراط الساعة أنظر فتاوى في العقيدة ليوسف الحمادي
17- عن سالم بن أبي الجعد، قال: قال أبو الدرداء: تعلموا قبل أن يرفع العلم فإن رفع العلم ذهاب العلماء” أخرجه وكيع في الزهد 512 وابن أبي شيبة في المصنف 26645 والإمام أحمد في الزهد صفحة 144 والدارمي في سننه 251 والبيهقي في المدخل 857 وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1044 تابعه معاوية بن قرة عن أبيه عن أبي الدرداء به وفيه زيادة وهي قوله ” وإنما الناس رجلان: عالم، ومتعلم، ولا خير فيما بين ذلك ” أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1/213
18 – وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «قراؤكم علماؤكم يذهبون، ويتّخذ الناس رؤوسًا جهّالًا»، وذكر الحديث. رواه ابن عبد البر في «الجامع» (١/ ١٥٢).
وقال أيضا: «عليكم بالعلم قبل أن يُرفع، ورفعُهُ هلاك العلماء» رواه الدارمي (١/ ٥٤).
19 – وقال علي رضي الله عنه: «يموت العلم بموت حملته» رواه الخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ٤٩ – ٥٠)، وحسنه
20 – وعن أبي وائل قال: قال حذيفة: «أتدري كيف ينقص العلم؟ قال: قلت: كما ينقص الثوب، كما ينقص الدرهم، قال: لا، وإنّ ذلك لمِنهُ قبض العلم قبض العلماء» رواه الدارمي (١/ ٧).
21 – وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «هل تدرون ما ذهابُ العلم؟ قلنا: لا، قال: ذهاب العلماء» رواه الدارمي (١/ ٧).
وعنه أنّه كان يقول: «لا يزال عالم يموت، وأثرٌ بالحقّ يُدرس، حتى يكثر أهل الجهل وقد ذهب أهل العلم فيعملون بالجهل، ويدينون بغير الحقِّ، ويضلُّون عن سواء السبيل» ذكره ابن عبد البر في «الجامع» (١/ ١٥٥).
22 – وعن ابن شهاب الزهري قال: «بلغنا عن رجال من أهل العلم، قالوا: الاعتصام بالسنن نجاة، والعلم يُقبض قبضًا سريعًا، فنعش العلم ثبات الدِّين والدنيا، وذهاب ذلك كله في ذهاب العلم» [رواه الدارمي (١/ ٧)]. هذه الآثار من [أثر موت العالِم في فساد العالَم، للشيخ د/ عبد المجيد جمعة].
23 – قال الحافظ أبوبكر الآجري – رحمه الله- :
« فَمَا ظَنُّكُمْ ـ رَحِمَكُمُ اللَّهُ ـ بِطَرِيقٍ فِيهِ آفَاتٌ كَثِيرَةٌ , وَيَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى سُلُوكِهِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِصْبَاحٌ؛ وَإِلَّا تَحَيَّرُوا , فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُمْ فِيهِ مَصَابِيحَ تُضِيءُ لَهُمْ , فَسَلَكُوهُ عَلَى السَّلَامَةِ وَالْعَافِيَةِ.
ثُمَّ جَاءَتْ طَبَقَاتٌ مِنَ النَّاسِ لَابُدَّ لَهُمْ مِنَ السُّلُوكِ فِيهِ , فَسَلَكُوا , فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ , إِذْ طُفِئَتِ الْمَصَابِيحُ , فَبَقُوا فِي الظُّلْمَةِ , فَمَا ظَنُّكُمْ بِهِمْ؟، هَكَذَا الْعُلَمَاءُ فِي النَّاسِ؛ لَا يَعْلَمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كَيْفَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ , وَكَيْفَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ , وَلَا كَيْفَ يُعْبَدُ اللَّهُ فِي جَمِيعِ مَا يَعْبُدُهُ بِهِ خَلْقُهُ , إِلَّا بِبَقَاءِ الْعُلَمَاءِ , [فَإِذَا مَاتَ الْعُلَمَاءُ تَحَيَّرَ النَّاسُ , وَدَرَسَ الْعِلْمُ بِمَوْتِهِمْ , وَظَهَرَ الْجَهْلُ , فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ مُصِيبَةٌ مَا أَعْظَمَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ! ]»
أخلاق العلماء، صـ ٢٩،ط إدارة البحوث العلمية والإفتاء، بعناية العلاّمة إسماعيل الأنصاري.
24 – من علامات فساد نظام العالَم بسبب موت العالِم قرب الساعة، وظهور الجهل، وانتشار الفتن، قال الله تعالى: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا ناتِي الأرْضَ نَنقُصُها مِن أطْرافِها﴾ [الرعد ٤١].
قال عطاء بن أبي رباح: «ذهاب فقهائها، وخيار أهلها»، وكذا روي عن وكيع.
قال ابن عبد البر معلِّقًا على هذا الأثر: «وقول عطاء في تأويل الآية حسن جدًّا يلقاه أهل العلم بالقبول». «جامع بيان العلم» (١/ ١٥٥).
25 – قال أبو جعفر في (مشكل الآثار): فأنكر منكر هذه الأحاديث، وقال: كيف يكون العلم يرفع في زمن النبي عليه السلام، وأيامه هي الأيام السعيدة التي لا أمثال لها، والوحي فإنما كان ينزل عليه فيها، فمحال أن يكون العلم الذي ينزل فيها ويبقى في أيدي الناس ليبلغه بعضهم بعضا إلى يوم القيامة كما أمروا به فيه يكون ذلك مرفوعا في تلك الأيام؛ لأن ذلك لو كان كذلك انقطع التبليغ وبقي الناس في أيام رسول الله بلا علم، وكانوا بعده في خروجهم عنه أغلط وهذا يستحيل؛ لأن العلم إنما علم ليأخذه خلف عن سلف إلى يوم القيامة؟!
فكان جوابنا له في ذلك: أن هذا الحديث من أحسن الأحاديث وأصحها، وأن الذي فيه من نظر النبي عليه السلام إلى السماء، ومن قوله عند ذلك: «هذا أوان يرفع فيه العلم» إنما هو إشارة منه إلى وقت يرفع فيه العلم، قد يجوز أن يكون هو وقت يكون بعده؛ لأن هذا إنما هو كلمة يشار بها إلى الأشياء من ذلك قول الله تعالى: ﴿هذا يومكم الذي كنتم توعدون﴾…..
ومما يدل على ما ذكرنا من هذا احتجاجه عليه السلام بضلالة أهل الكتابين اليهود والنصارى، وعند اليهود منهم التوراة وعند النصارى منهم الإنجيل، ولم يمنعاهم من الضلالة، وإنما كان ذلك بعد ذهاب أنبيائهم صلوات الله عليهم لا في أيامهم، فكذلك ما تواعد رسول الله عليه السلام به أمته في حديث عوف هذا يحتمل أن يكون بعد أيامه وبعد ذهاب من تبعه وخلفه بالرشد والهداية من أصحابه رضوان الله عليهم ومن سائر أمته سواهم». انتهى المقصود.
26 – قال ابن بطال: «وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط، وقد رأينا عيانًا، فقد نَقص العلم وظهر الجهل».
وتعقبه ابن حجر فقال: «الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله [أي العلم]، والمراد من الحديث استحكامُ ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر .. فلا يبقى إلا الجهل الصِرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم؛ لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك». [٧]
قال التويجري : ولئن كان ذلك في زمن ابن بطال ثم ابن حجر فإنه في زماننا أظهر وأبْيَن، ولا يخفى هذا على عاقل يرى ما رُزئنا به اليوم من موت العلماء، وتصدر الأدعياء. إتحاف الجماعة
27 – قوله (لأحدثنكم) “جواب قسم محذوف أي والله لأحدثنكم”.
28 – قوله (لا يحدثكم أحد بعدي ) وعند مسلم 2671 من طريق قتادة ” لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه “، قال ابن الأثير كما في جامع الأصول عند قرب وفاته.
29 – قوله (إن من أشراط الساعة) وعند البخاري 6808 من طريق قتادة ” لا تقوم الساعة” ومن حديث أبي موسى وعبد الله بن عمرو ” إن بين يدي الساعة لأياما” رواه البخاري 7062
30 – ويشهد له حديث أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض رواه البخاري 1036
31 – جاء في كتاب «الحديث الموضوعي – جامعة المدينة – رسالة ماجستير» (ص128):
وخصت هذه الأمور الخمسة بالذكر؛ لأن تحققها مشعر باختلال الضروريات الخمس الواجب رعايتها في جميع الأديان وهي رعاية النفس ورعاية الدين ورعاية المال ورعاية العرض ورعاية العقل؛ إذ بحفظها صلاح المعاش والمعاد هذه الأشياء الخمسة كما قلت الدين والعقل والنفس والنسب يعني العرض والمال، فرفع العلم مخل بحفظ الدين، وشرب الخمر مخل بالعقل وبالمال أيضًا، وقلة الرجال بسبب القتل في الفتن مخل بالنفس وظهور الزنا مخل بالعرض وبالنسب، وكذلك مخل بالمال
أهم ما يؤخذ من هذا الحديث: أن على الإنسان أن يجاهد نفسه وأن يستعد للساعة؛ فإنها تأتي بغتة وأخفيت حتى يجتهد الناس في العبادة ولقد سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحابي جليل قال: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال له -صلى الله عليه وسلم-: ((وماذا أعددت لها)) فالمراد أن يستعد الإنسان للساعة.
أما قبض العلماء: فهو قبض للعلم…
يؤخذ من هذا الحديث:
أن موت العلماء أمرٌ خطيرٌ يجب أن يتنبه له المسلمون خاصة إذا لم يتركوا وراءهم من يخلفهم في علمهم فإنه من علامات الساعة.
الشيء الثاني: أن تولي الجهال أمور الناس شيء خطير ونذير باقتراب الساعة. الشيء
الثالث: إنه من الخطأ أن تقبل فتاوى الجهلاء، فإنهم ضالين ومضلين.
الرابع: إذا لم يكن المرء محيطًا علمًا بالمسألة التي سئل فيها لا يقدم على الإفتاء فيها، فيفتي بغير علم، فيصير من الجهال الذين إذا سئلوا أفتوا بغير علم فيضلون ويضلون.
الأمر الخامس: الاهتمام بالعلم والتعلم حتى لا يسود الجهل فيتولى أمور المسلمين الجهلة الذين يضلونهم.
الأمر السادس: جواز خلو الزمان عن مجتهد على رأي الجمهور، وهذا دليلهم خلافًا للحنابلة، فإنهم لم يجوزوا خلو الزمان عن مجتهد. اهـ
32 – قوله (يرفع العلم) وعند البخاري81 من طريق قتادة ” يقل العلم”
33 – قوله (ويثبت الجهل) وعند البخاري من طريق قتادة ” ويظهر الجهل” وعنده أيضا في رواية ” ويكثر الجهل” 5231
34 – قوله (ويشرب الخمر) وعند البخاري 5231 من طريق قتادة ” ويكثر شرب الخمر”
35 – قوله (ويظهر الزنا) وعند البخاري من طريق قتادة 5231 ” ويكثر الزنا” وعند مسلم 2671 من طريق قتادة أيضا ” ويفشو الزنا”
36 – قوله (ويشرب الخمر ويظهر الزنا) أي إذا قل العلم وظهر الجهل ظهرت المعاصي والكبائر ومنهما شرب الخمر والزنا
37 – قال القرطبي في «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (ص1240):
فصل
قوله: «ويرى الرجل يتبعه أربعون امرأة» يريد والله أعلم أن الرجال يقتلون في الملاحم وتبقى نساؤهم أرامل، فيقبلن على الرجل الواحد في قضاء حوائجهن ومصالح أمورهن، كما قال في الحديث الآخر قبله: حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد الذي يسوسهن ويقوم عليهن من بيع وشراء وأخذ وعطاء، وقد كان هذا عندنا أو قريباً منه بالأندلس.
وقيل: إن لقلة الرجال وغلبة الشبق على النساء يتبع الرجل الواحد أربعون امرأة كل واحدة تقول أنكحني أنكحني، والأول أشبه، ويكون معنى يلذن يستترن ويتحرزن من الملاذ الذي هو السترة لا من اللذة.
ولقد أخبرني صاحبنا أبو القاسم رحمه الله أخو شيخنا أبو العباس أحمد ابن عمر رحمه الله: أنه ربط نحواً من خمسين امرأة واحدة بعد أخرى في حبل واحد مخافة سبي العدو حتى خرجوا من قرطبة أعادها الله…. اهـ
38- قوله (حدثنا عمران بن ميسرة) تابعه شيبان كما عند مسلم 2671
39 – قوله (عن أبي التياح) وعند مسلم 2671 “حدثنا أبو التياح” تابعه قتادة كما عند البخاري 81 ومسلم 2671 وابن ماجه 4045 والنسائي في السنن الكبرى 5875
40 – قوله (عن أنس) وعند مسلم ” حدثني أنس”.
41 – قوله (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) وعند البخاري 81 من طريق قتادة ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول”
42 – وبينما نحن ننقح هذه الأسطر إذ بلغنا موت الشيخ محمد بن آدم الأثيوبي رحمه الله
قال تعالى
(أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّا نَأۡتِی ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ یَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ)[سورة الرعد 41]
قال ابن كثير :
وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ فِي رِوايَةٍ: خَرابُها بِمَوْتِ علمائها وفقهائها وأهْلِ الخَيْرِ مِنها. وكَذا قالَ مُجاهِدٌ أيْضًا: هو موت العلماء، وأنشد أحمد بن نمزال:
الأرْضُ تَحْيا إذا ما عاشَ عالِمُها * مَتى يَمُتْ عالِمٌ مِنها يَمُتْ طَرَفُ
كالأرْضِ تَحْيا إذا ما الغَيْثُ حلَّ بِها * وإنْ أبى عادَ فِي أكْنافِها التَّلَفُ
والقَوْلُ الأوَّلُ أوْلى، وهُوَ ظُهُورُ الإسْلامِ عَلى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية، كقوله: ﴿ولَقَدْ أهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِّنَ القرى﴾ الآية، وهذا اختيار ابن جرير.
قال الحسن البصري: “موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار”.
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد فذ
يموت بموته خلق كثير
ولما بلغ البخاري خبر وفاة الدَّارمي قال :
إن عِشتَ تُفجعُ في الأحبةِ كلهم
وبقاءُ نفسك لا أبا لك أَفجَعُ
اللهم ارحمهم وارحم جميع علمائنا ومشايخنا واحفظ الأحياء منهم وبارك في عمرهم .. آمين
===