87 – 88 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من وراءهم، وقال مالك بن الحويرث قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم
87 – حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة عن أبي جمرة قال كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس فقال إن وفد عبد القيس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال من الوفد أو من القوم قالوا ربيعة فقال مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى قالوا إنا نأتيك من شقة بعيدة وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر ولا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا ندخل به الجنة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع أمرهم بالإيمان بالله عز وجل وحده قال هل تدرون ما الإيمان بالله وحده قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وتعطوا الخمس من المغنم ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت قال شعبة ربما قال النقير وربما قال المقير قال احفظوه وأخبروه من وراءكم
———-‘———-‘———‘
فوائد الباب:
1- قوله تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من وراءهم) وسيأتي بعد بضعة عشر بابا قوله ” باب حفظ العلم” وسنذكر الفرق بينهما بإذن الله تعالى.
2- قوله (قال مالك بن الحويرث..) علقه البخاري هنا ووصله في مواضع أخر ومنها الحديث رقم 631 وفيه ” قال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم”.
3- حديث ابن عباس رضي الله عنهما سبق ذكره في كتاب الإيمان باب (40) أداء الخمس من الإيمان
4- فيه: تحريض العالم للناس أن يحفظوا العلم، ويعلموه قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
5- فيه: أن للرجل أن يعلم أهل بيته، لقوله (صلى الله عليه وسلم): “أخبروا بهن من وراءكم” قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
6- فيه أن من علِم علما يلزمه تبليغه لمن لا يعلمه، وهو اليوم من فروض الكفاية، لظهور الإسلام وانتشاره قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
7 – تناقل العلم فيما بين الصحابة ومَن بعدهم من أجيال المسلمين، أو مَن لم يحضر ما قاله – صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -: «ليبلغ الشاهدُ الغائب؛ فإن الشاهد عسى أن يُبَلِّغ من هو أوعى له منه» .
8- ذكر البخاري الحديث في ٩٥ – كِتابُ أخْبارِ الآحادِ بابُ وصاةِ النَّبِيِّ ﷺ وُفُودَ العَرَبِ أنْ يُبَلِّغُوا مَن وراءَهُمْ قالَهُ مالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ
ثم ذكر حديث ابن عباس في شأن وفد عبد القيس. حديث رقم ٧٢٦٦
9 – حفظ السنة يدل على أهمية حفظ كتاب الله ، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من فتنة الدجال)، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحفظون هذا الكتاب، كما كان الله عز وجل قد يسر لنبيه حفظه: ﴿إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ * فَإذا قَرَأْناهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة:١٧ – ١٨].
وكان جبريل يراجع حفظ النبي عليه الصلاة والسلام كل سنة مرة، وفي السنة التي تُوفي فيها صلى الله عليه وسلم راجع معه الحفظ مرتين.
10 – كان السلف يحثون طلاب العلم على الحفظ ، وكذلك ذكروا الأمور المعينة على الحفظ، وأوقات الحفظ، وأماكن الحفظ .
قال الزهري رحمه الله: إن الرجل ليطلب وقلبه شعب من الشعاب -يطلب العلم وقلبه شعب صغير- ثم لا يلبث أن يصير واديًا لا يوضع فيه شيء إلا التهمه.
====
====
باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله
88 – حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين قال حدثني عبد الله بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج فقال لها عقبة ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف وقد قيل ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره
فوائد الباب:
1- قوله (الرحلة في المسألة النازلة) وهي أخص من الترجمة التي تقدمت وهي ” باب الخروج في طلب العلم” .
2- وزاد في نسخة ” وتعليم أهله” قال الحافظ ابن حجر والصواب حذفها لأنها تأتي في باب آخر.
3- حديث عقبة بن الحارث أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي
4- صحابي الحديث عقبة بن الحارث قرشي له في البخاري ثلاثة أحاديث كما في تحفة الأشراف للمزي هذا أحدها، وليس له في الكتب الستة غيرها. وكلها في البخاري
5- هذا يدل على حرصهم على العلم ، وإيثارهم ما يقربهم إلى الله تعالى والازدياد من طاعته عز وجل لأنهم إنما كانوا يرغبون فى العلم للعمل به قاله ابن بطال في شرحه
6- فيه الشهادة في الرضاع ترجمها أبو داود على الحديث. وشهادة المرضعة قاله البخاري
7- ما يجوز من شهادة الأمة قاله النسائي في السنن الكبرى.
8- فيه الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات قاله البخاري
9- قال الترمذي عقبه والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أجازوا شهادة المرأة الواحدة في الرضاع ” وقال ابن عباس: «تجوز شهادة امرأة واحدة في الرضاع ويؤخذ يمينها»، «وبه يقول أحمد، وإسحاق»، ” وقد قال بعض أهل العلم: لا تجوز شهادة المرأة الواحدة حتى يكون أكثر، وهو قول الشافعي ” سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعا يقول: «لا تجوز شهادة امرأة واحدة في الحكم ويفارقها في الورع»
10- قوله (فأتته امرأة) وعند البخاري 2052 ” أن امرأة سوداء جاءت”، وعند البخاري 2659 من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة ” فجاءت أمة سوداء ” وورد اسمها عند الحاكم في المستدرك من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج فقال “ثويبة”
11- وزاد البخاري 2640 عن حبان عن عبد الله ” فأرسل إلى آل أبي إهاب يسألهم فقالوا ما علمنا أرضعت صاحبتنا” وعند النسائي في السنن الكبرى 5982 ” فنهاه عنها”
12- وعند النسائي في السنن الكبرى ” أنه تزوج ابنة أبي إهاب فجاءت مولاة من أهل مكة صبيحة ملكها فقالت قد أرضعتكما فسألت أهل الجارية فأنكروا ذلك فركبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة” وظاهره أنه ارتحل من مكة إلى المدينة
13- قوله ( أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز ) واسم هذه المرأة غنية بنت أبي إهاب ذكره الزبير قاله العيني في عمدة القارئ وكنيتها أم يحيى ، وقد وردت هذه الكنية عند البخاري في صحيحه 2659 من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة
14- وعند البخاري 2052 من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن عبد الله بن أبي مليكة “وتبسم النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف وقد قيل”
15- وعند أبي داود في سننه 3603 من طريق أيوب عن ابن أبي مليكة ” فقلت: يا رسول الله، إنها لكاذبة، قال: «وما يدريك؟ وقد قالت ما قالت دعها عنك”
16 – قال الخطابي في «أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)» (1/ 201):
قوله: (كيف وقد قيل)؟ يدل على أنه إنما اختار له فراقها من طريق الورع والأخذ بالوثيقة والاحتياط في باب الفروج دون الأمر بذلك والحكم به عليه، وليس قول المرأة الواحدة شهادة يجب بها حكم في أصل من الأصول، وشهادة المرء على فعل نفسه لا تكون شهادة، إنما تصح شهادته إذا كانت لغيره، ولو كان سبيلها سبيل الشهود لاعتبر صدقها وعدالتها في نفسها، وإنما روي في هذا شيء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: تقبل شهادة المرأة الواحدة في الرضاع إذا كانت مرضية [وتستحلف] مع شهادتها.
وقوله: (ففارقها) يحتمل أن يكون معناه أنه طلقها، وهذا هو الواجب في مثل هذه الحادثة إذا أراد الزوج مفارقتها لتحل لغيره من الأزواج. اهـ
17 – قال ابن بطال في «شرح صحيح البخارى » (1/ 168):
فيه: فضل المدينة، وأنها معدن العلم، وإليها كان يفزع فى العلم من سائر البلاد. اهـ
18 – وقال في (8/ 12):
إذا شهد شهود بشىء، وقال آخرون: ما علمنا بذلك. فليس هذا شهادة؛ لأن من لم يعلم الشىء فليس بحجة على من علمه، ولهذا المعنى اتفقوا أنه إذا شهد شاهدان بألف وشاهدان بألف وخمسمائة أنه يقضى بالزيادة.
ولا خلاف بين الفقهاء أن البينتين إذا شهدت إحداهما بإثبات شىء، وشهدت الأخرى بنفيه، وتكافئا فى العدالة أنه يؤخذ بقول من أثبت دون من نفى؛ لأن المثبت علم ما جهل النافى، والقول قول من علم.
وليس حديث عقبة بمخالف لهذا الأصل؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يحكم بشهادة المرأة ولا غلب قولها على قول عقبة، وقول من نفى الرضاع من ظهور الإيجاب، وإنما أشار (صلى الله عليه وسلم) إلى أن قول المرأة شبهة يصلح التورع والتنزه للزوج عن زوجته لأجلها، والدليل على أن ذلك من باب الورع والتنزه اتفاق أئمة الفتوى على أنه لا تجوز شهادة امرأة واحدة فى الرضاع إذا شهدت بذلك بعد النكاح، ومن هذا الباب إذا شهد قوم بعدالة الشاهد، وشهد آخرون بتجريحه فالقول قول من شهد بالجرحة إذا تكافأت البينتان؛ لأن العدالة علم ظاهر والجرحة علم باطن، فهو زيادة على ما علم الشاهد بالعدالة. اهـ
19 – قال ابن العثيمين في التعليق على البخاري:
هذا فيه فوائد فقهية وهي قبول شهادة المرأة الواحدة في الرضاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له كيف وقد قيل ، وقاس عليه العلماء رحمهم الله كل شيء لا يطلع عليه إلا النساء غالباً كالذي يحدث خلال الزواج في أماكن النساء، وكالولادة وما أشبه ذلك، وقالوا كل شيء لا يطلع عليه غالباً يكفي فيه شهادة امرأة ثقة، وفيه أيضاً أن الإنسان إذا تبين له أن زوجته محرم له ، أخته من الرضاعة أو عمته أو خالته ، وجب عليه الفراق .
لكن هل يطلق أو يفسخ أو يفارق؟
يفارق ولا فسخ ولا طلاق ، لأنه لا فسخ ولا طلاق إلا إذا صح أصل النكاح ، وهنا تبين أنه لم يصح.
وفيه أيضاً أن الرضاع يكفي فيهم مرة واحدة؛ لأن الحديث ليس فيه عدد ، بل هو مطلق تقول أنها أرضعت الرجل وزوجته وأخذ بذلك الظاهرية ، أخذوا بهذا الإطلاق، وبإطلاق قوله تعالى : (( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم )) ولم يذكر عدداً ، والعلماء مختلفون في هذه المسألة على نحو ستة أقوال : وأقرب الأقوال إلى الصواب ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخنا بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي فيما يتلى من القرآن ) وعلى هذا فالرضاع المحرم خمس رضعات.
ولكن ما هي الرضعة اختلف العلماء؟ هي المصة أو إطلاق الثدي ، أم ماذا؟ وأقرب الأقوال ما ذهب إليه شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله أنه لا بد من انفصال الرضعة الثانية عن الأولى، بحيث يكون بينهما مدة لا تعتبر متصلة بما قبلها وقال إن الرضعة بالنسبة للبن كالوجبة بالنسبة للطعام ، فالإنسان له وجبة غداء ووجبة عشاء ، وما أشبه ذلك ، وهذا القول أرجح الأقوال فيما نرى. اهـ
20 – قال ابن الملقن :
من أخذ بشهادة المرضعة وحدها أخذ بظاهر الحديث، ومن منع حمله عَلى الورع دون التحريم، كما بوب عليه البخاري في البيوع