1322 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وناصر الريسي وسيف بن غدير
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
———–‘———-‘———-‘
صحيح البخاري :
باب سنة الصلاة على الجنائز وقال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى على الجنازة وقال صلوا على صاحبكم وقال صلوا على النجاشي سماها صلاة ليس فيها ركوع ولا سجود ولا يتكلم فيها وفيها تكبير وتسليم وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهرا ولا تصلى عند طلوع الشمس ولا غروبها ويرفع يديه وقال الحسن أدركت الناس وأحقهم على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم وإذا أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم وإذا انتهى إلى الجنازة وهم يصلون يدخل معهم بتكبيرة وقال ابن المسيب يكبر بالليل والنهار والسفر والحضر أربعا وقال أنس رضي الله عنه تكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة وقال {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} وفيه صفوف وإمام
1322 – حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن الشيباني عن الشعبي قال أخبرني من مر مع نبيكم صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمنا فصففنا خلفه فقلنا يا أبا عمرو من حدثك قال ابن عباس رضي الله عنهما
——–
مشاركة أبي صالح حازم :
فوائد الباب:
1- قوله ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى على الجنازة) قلت وصله مسلم 945 وهو عند البخاري أيضا 1325و47 بنحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال * من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط فإن تبعها فله قيراطان قيل وما القيراطان قال أصغرهما مثل أحد .
2- قوله ( وَقَالَ صلوا عَلَى صَاحبكُم) وصله البخاري في صحيحه 2289 من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وهو من ثلاثيات البخاري.
3- قوله ( وقال صلوا على النجاشي) وصله البخاري 3877ومسلم 952 ولفظه عن جابر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم حين مات النجاشي مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة.
4- قوله (سماها صلاة) أي هذا هو استدلال البخاري من النصوص والآثار المتقدمة غير أنه (ليس فيها ركوع ولا سجود) .
لكي لا يتوهم عبادة الميت
5- غرض البخارى الرد على (الإمام التابعي عامر ) الشعبى ، فإنه أجاز الصلاة على الجنازة بغير طهارة ، قال :” لأنها دعاء ليس فيها ركوع ولا سجود ” .” وقد أجمعوا أنه لا يصلى عليها إلا إلى القبلة ولو كانت دعاء كما زعم الشعبي لجازت إلى غير القبلة ولما أجمعوا على التكبير فيها واستقبال القبلة بها علم أنها صلاة ولا صلاة إلا بوضوء” قاله ابن عبد البر في الاستذكار.
6- عن نافع – مولى ابن عمر – رضي الله عنهم – : أن عبدَ الله بن عمر قال : «يُصَلَّى على الجنازة بعد الصبح ، وبعد العصر ، إِذا صُلِّيتَا لوقتهما». أخرجه الإمام مالك في الموطأ ونحوه سعيد بن منصور كما ذكره الحافظ في تغليق التعليق.
7- أخرج الموطأ أَيضا : عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول :لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر. أخرجه الإمام مالك في الموطأ 544 والبيهقي في السنن الكبرى 1093
8- الْكِتَابُ، ثُمَّ السُّنَّةُ، ثُمَّ الْقِيَاسُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ وَعَدَمِ الْمَرَضِ فِيمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ فِعْلُهُ قاله البيهقي في معرفة السنن والآثار.
9- قال الحافظ ابن عبد البر وهو إجماع العلماء والسلف والخلف إلا الشعبي فإنه أجاز الصلاة عليها على غير وضوء فشذ عن الجميع ولم يقل بقوله أحد من أئمة الفتوى بالأمصار ولا من حملة الآثار. الاستذكار.
10- أجمع أهل العلم على أن من خاف فوت الجمعة إن ذهب يتطهر بالماء أنه لا يتيمم ولكنه يتطهر وإن فاتته الجمعة فالذي يخاف فوت الجنازة أولي بذلك .
قاله ابن المنذر في الأوسط.
11- قلت وله أيضا أن يصليها بعد دفن الميت كما في حديث الباب فلا تفوت.
12- عن عمرو بن سَلِمة، عن أبيه: أنهم وَفَدوا إلى النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، فلمّا أرادوا أن ينصرفوا قالوا: يا رسولَ الله، من يَؤُمّنا قال: “أكثرُكم جَمعاً للقُرآن -أو: أخذاً للقُرآن-“، فلم يكن أحد من القَومِ جمعَ ما جَمعتُ، قال: فقدَّموني وأنا غُلام وعليَّ شَمْلة لي، قال: فما شَهِدتُ مَجمعاً من جَرْمٍ إلا كنتُ إمامَهم، وكنتُ أُصلّي على جنائزهم إلى يومي هذا
أخرجه أبو داود في سننه 587 واللفظ له ، والإمام أحمد في مسنده 20332 ، وأصله في البخاري 4302 ،وأبو داود الطيالسي في مسنده 1460 زاد الأخير قَالَ مِسْعَرٌ – الجرمي الراوي عن عمرو- فَأَنَا أَدْرَكْتُهُ يُصَلِّي بِهِمْ وَيُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ لَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى مَضَى.
13- عَمْرو بْن سَلمَة الْجرْمِي لَهُ صُحْبَة روى عَنهُ أهل الْبَصْرَة مَاتَ سنة خمس وَثَمَانِينَ. قاله ابن حبان في الثقات له ، قلت وأثبت صحبته ابن معين أيضا وقال الحافظ ابن حجر:” صحابي صغير”، وقيل أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولم تثبت له رؤية. قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل “وروى بعضهم أن أباه ذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم”، وموضع الشاهد منه أن الإمام في الفرائض هو نفسه الإمام في الجنائز.
14- عن أبي حازم قال شهدت حسينا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص وهو يقول تقدم فلولا السنة ما قدمتك وسعيد أمير على المدينة يومئذ قال فلما صلوا عليه قام أبو هريرة فقال أتنفسون على بن نبيكم صلى الله عليه و سلم تربة يدفنونه فيها ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني
أخرجه عبد الرزاق في المصنف 6369 ومن طريقه الطبراني في الكبير 2912 ، والإمام أحمد في مسنده 10872 ( فقال وذكر القصة فأشار إليها ولم يذكرها) من طريق عبد الله بن الوليد ، والبزار في مسنده 1345 من طريق وكيع، والطحاوي في شرح مشكل الآثار 3961 من طريق أبي حذيفة ، والحاكم في المستدرك 4799 ،وأبو نعيم في معرفة الصحابة من طريق محمد بن الصباح ، والبيهقي في السنن الكبرى 6894 من طريق عبيد الله بن موسى والبيهقي في السنن الكبرى 6894 من طريق الحسين بن حفص ، والطبراني في الكبير 2913كلهم عن الثوري عن سالم عن أبي حازم به
قال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبي
وعن إسماعيل بن رجاء الزبيدي قال أخبرني: من شهد الحسين بن علي حين مات الحسن، وهو يقول لسعيد بن العاص: ” أقدم فلولا أنها سنة ما قدمت ” أخرجه البزار في مسنده 1345 والبيهقي في السنن الكبرى 6895 والطحاوي في شرح مشكل الآثار 3960 من طريق قبيصة، ثنا سفيان، عن أبي الجحاف، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي به
وظاهره عند البزار أن التابعي المبهم هو أبو حازم نفسه. وفيه تقديم الإمام في الفرائض على غيره.
15- قَالَ ابن المنذر معلقا على الأثر: وَقَدْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَلْقٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، فَلَمَّا لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا قَالَ: دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهُمْ حَقًّا وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَعْلَى مِنْ هَذَا، لِأَنَّ جَنَازَةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حَضَرَهَا عَوَامِ النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا يُرَى وَاللهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدَلَّ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ عَلَى ذَلِكَ. انتهى من الأوسط له وحديث عمرو الذي أشار إليه هو الذي سبق ذكره آنفا.
16- قوله ( وفيها تكبير وتسليم) يشير إلى حديث « مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ». أخرجه أبو داود في سننه 618 والترمذي 3 وابن ماجة 275 من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والترمذي 238 وابن ماجة 276 من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، والطريقان يقوي أحدهما الاخر.
17- عن نافع :أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه أخرجه الإمام مالك في الموطأ 543
18- عن شعبة ، عن عاصم ، قال : سألت غنيما قلت : أسلم في الصلاة على الجنازة ؟ قال : نعم ألست في صلاة ؟ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 11627 ، وغنيم هو ابن قيس روى له الجماعة إلا البخاري، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره وأبوه صحابي.
19- وعن أبي زرعه اللخمي قال كان عمر بن الخطاب يرفع يديه في كل تكبيرة من الصلاه على الجنازه وفي الفطر والأضحي. أخرجه ابن المنذر في الأوسط والبيهقي في السنن الكبرى 6189 و6190 وفيه ابن لهيعة وبه أعله الألباني في الإرواء 640. وسقط اسم أبي زرعة عند البيهقي في المصدر الأول ولهذا قال هناك منقطع. وأخرجه في المصدر الثاني معلقا.
20- قال ابن المنذر : أجمع عوام أهل العلم على أن المصلي على الجنازه يرفع يديه في أول تكبيرة يكبرها ، وقال أيضا ” سن رسول الله أن يرفع المصلي يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وكل ذلك تكبير في حال القيام فكل من كبر في حال القيام رفع يديه استدلالا بالسنة”.
21- عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة . أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 11380 والبخاري في رفع اليدين في الصلاة 106 وفي الأدب المفرد وابن المنذر في الأوسط والبيهقي في السنن الكبرى 6993 . وروي مرفوعا والظاهر أن رفعه شاذ أورده الدارقطني في العلل مشيرا إلى ذلك وهو بهذا يصلح في الذيل على أسانيد أحاديث معلة ظاهرها الصحة.
22- عَنِ الْأَشْعَثِ قَالَ: «كَانَ الْحَسَنُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجَنَازَةِ» أخرجه البخاري في جزء رفع اليدين 118
23- “واختلف أهل العلم في هذا؛ فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة على الجنازة، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يرفع يديه إلا في أول مرة، وهو قول الثوري وأهل الكوفة”. قاله الترمذي. قلت قال ابن قدامة في المغني في أثر عمر رضي الله عنه المذكور في الفقرة السابقة:” ولا يعرف له مخالف في الصحابة”.
قلت سيف بن دورة : قال ابن قدامة : ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير. قال أحمد : أما أنا فأرى أن هذا الحديث يدخل فيه هذا كله . وروي عن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة وفي العيد رواه الأثرم ولا يعرف له مخالف في الصحابة ….. راجع المغني 2/234
24- قوله ( وإذا انتهى إلى الجنازة وهم يصلون يدخل معهم بتكبيرة) أخرج ابن أبي شيبة في المصنف له 11609 عن أشعث ، عن الحسن ؛ في الرجل ينتهي إلى الجنازة وهم يصلون عليها ، قال يدخل معهم بتكبيرة.
25- قوله (وإذا أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم) ،فعن أشعث عن الحسن قال : لا يتيمم ولا يصلي إلا على طهر. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 11595، وروي عنه خلاف ذلك أيضا.
26- عن عقبة بن عامر ، قال سأله رجل عن التكبير على الجنازة ، فقال : أربعا فقلت الليل والنهار سواء ، قال : فقال : الليل والنهار سواء. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 11546 من طريق موسى بن علي عن أبيه به
27- قوله (وقال أنس رضي الله عنه تكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة) أخرج سعيد بن منصور من طريق يَحْيَى بْن أَبِي إِسْحَاق قَالَ قَالَ زُرَيْقُ ابْنُ كَرِيم لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَجُلٌ صَلَّى فَكَبَّرَ ثَلاثًا قَالَ أَنَسٌ أَوَ لَيْسَ التَّكْبِيرُ ثَلاثًا قَالَ زُرَيْقٌ أَوْ غَيْرُهُ يَا أَبَا حَمْزَةَ التَّكْبِيرُ أَرْبَعٌ قَالَ أَجَلْ غَيْرَ أَنَّ وَاحِدَةً هِيَ افْتِتَاحُ الصَّلاة. قاله الحافظ في تغليق التعليق. قلت وأخرجه ابن المنذر في الأوسط مختصرا مخلا فلم يتمه.
28- قوله ( وقال : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا)) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أنه قال لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا أعدد عليه قوله ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين فغفر له لزدت عليها قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى وهم فاسقون} قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ والله ورسوله أعلم. انتهى متفق عليه وتفسير الآية صلاة الجنازة.
29- قوله( وفيه صفوف وإمام) دليله حديث ابن عباس في الباب وقد سبق شرحه وموضع الشاهد فيه قوله ( فأمنا فصففنا خلفه).
30- قلت وفيها استقبال القبلة، فعن عروة أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي بينه وبين القبلة على فراش أهله اعتراض الجنازة. متفق عليه. أي كما أن الجنازة تكون بين المصلي وبين القبلة كذلك كانت عائشة نائمة.
———‘——–
مشاركة سيف بن غدير النعيمي :
السنَّةَ تُطلقُ أربعة إطلاقات:
الأول: أنَّ كلَّ ما جاء في الكتاب والسنَّة هو سنَّته صلى الله عليه وسلم ، وهي طريقتُه التي كان عليها صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (( فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي )) رواه البخاري (5063) ومسلم (1401).
الثاني: أنَّ السنَّة بمعنى الحديث، وذلك إذا عُطفت على الكتاب، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : (( يا أيُّها الناس! إنِّي قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلَن تضلُّوا أبداً: كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ))، وقوله: (( إنِّي قد تركت فيكم شيئين لن تضلُّوا بعدهما: كتاب الله وسنَّتي )) رواهما الحاكم في مستدركه (1/93)، ومنه قول بعض العلماء عند ذكر بعض المسائل: وهذه المسألة دلَّ عليها الكتاب والسنَّة والإجماع.
الثالث: أنَّ السنَّة تُطلق في مقابل البدعة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية: (( فإنَّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة )) أخرجه أبو داود (4607) ـ وهذا لفظه ـ والترمذي (2676) وابن ماجه (43 ـ 44)، وقال الترمذي: (( حديث حسن صحيح ))، ومنه تسمية بعض المتقدِّمين من المحدثين كتبهم في العقيدة باسم (السنة)، مثل السنة لمحمد بن نصر المروزي، والسنة لابن أبي عاصم، والسنة للالكائي، وغيرها، وفي كتاب السنن لأبي داود كتاب السنة يشتمل على أحاديث كثيرة في العقيدة.
الرابع: أنَّ السنَّة تُطلق بمعنى المندوب والمستحب، وهو ما جاء الأمر به على سبيل الاستحباب، لا على سبيل الإيجاب، وهذا الإطلاق للفقهاء، ومن أمثلته قوله صلى الله عليه وسلم : (( لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم بالسواك عند كلِّ صلاة )) رواه البخاري (887) ومسلم (252)، فإنَّ الأمرَ بالسواك استحباباً حاصل، وإنَّما تُرك خشية المشقَّة على سبيل الإيجاب.
من كتاب :الحث على اتِّباع السنَّة والتحذير من البدع وبيان خطرها ،تأليف عبد المحسن العباد .
———–
مشاركة ناصر الريسي :
فوائد باب سنة الصلاة على الجنازة
1. قال الزين بن المنير: المراد بالسنة ما شرعه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، فهو أعم من الواجب والمندوب، ومراده بما ذكره هنا من الآثار والأحاديث، أن لها حكم غيرها من الصلوات والشرائط والأركان، وليست مجرد دعاء. ( الفتح )
2. أورد البخاري هذه الأقوال ليبين أن صلاة الجنازة ينطبق عليها ما ينطبق على صلاة الجماعة من طهارة واستقبال قبله وغيرها، وهو بذلك يرد على الشعبي الذي أجاز الصلاة على الجنازة بغير طهارة.
3. أورد البخاري قول الحسن: “أدركت الناس وأحقهم بالصلاة على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم” لينتصر للذين يقولون أن الوالي أحق بالصلاة على الجنازة من الولي، وذلك للخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة وهي هل يقدم الإمام الراتب الذي يصلي بالناس الفرائض وهو من عينه الوالي، أم يقدم ولي الميت الذي هو قريبه من العصبة كالابن وغيره.
4. قول الحسن: “أدركت الناس” أي أدركت الصحابة
5. (وقال: صلوا على صاحبكم) بعض حديث أبي سلمة. قاله في الذي مات وعليه ثلاثة دنانير. ولم يترك وفاءً، والغرضُ أنه أطلق عليها لفظ الصلاة. فيشترط فيها ما يشترط في الصلاة.
6. وفي الحديث: أن السنةَ أنْ يُصلَّى على الجنازة جماعة، وجواز، الصلاةِ على القبرِ.
—–‘-
مشاركة احمد بن علي:
قال ابن بطال في شرح البخاري:
غرض البخارى الرد على الشعبى ، فإنه أجاز الصلاة على الجنازة بغير طهارة ، قال : لأنها دعاء ليس فيها ركوع ولا سجود ، والفقهاء مجمعون من السلف والخلف على خلاف قوله ، فلا يلتفت إلى شذوذه . وأجمعوا أنها لا تصلى إلا إلى القبلة ، ولو كانت دعاء كما زعم الشعبى لجازت إلى غير القبلة ، واحتجاج البخارى فى هذا الباب يكفى بعضه ، وهو أن النبى سماها صلاة ، وقول السلف الذين ذكرهم فى الباب أن حكمها عندهم حكم الصلاة فى أن لا تصلى إلا بطهارة ، وفيها تكبير وسلام ، ولا تصلى عند طلوع الشمس ولا غروبها ، وأن الرسول أمهم فيها وصلوا خلفه ، كما فعل فى الصلاة. اهـ
قال صاحب كتاب تحفة الباري:
وفي الحديث: أن السنةَ أنْ يُصلَّى على الجنازة جماعة.
وجواز، الصلاةِ على القبرِ. اهـ
——–”——–
مشاركة سيف بن دورة الكعبي :
نقل ابن تيمية في الفتاوى الأقوال هل سجود التلاوة صلاة أو ليس صلاة . ونقل كذلك
تبويب البخاري والآثار التي ذكرها ثم نقل كلام ابن بطال الذي سبق في مشاركات أصحابنا بل ابن تيمية تمم النقل : وقال ابن بطال : واحتجاج البخارى في هذا الباب حسن.
قال ابن تيمية : والمأثور عن الصحابة وهو الذي تدل عليه النصوص الفرق بين السجود المجرد سجود التلاوة وصلاة الجنازة ، لأنه ثبت بالنص بأنه لا صلاة إلا بطهور . كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صلاة أحدكم اذا أحدث حتى يتوضأ .
ثم قرر أن الطواف لا دليل على أشتراط الوضوء لأجله وقال : فليس هو كصلاة الجنازة فإن صلاة الجنازة فيها تكبير وتسليم فتفتح بالتكبير وتختتم بالتسليم .
وهذه أجوبة لبعض لجان الفتوى
مصر : دار الإفتاء :
هل يجب الوضوء لصلاة الجنازة؟
الجواب :
لا تصح صلاة الجنازة إلا بوضوء، إلا أن يعجز المسلم عن الوضوء فيتيمم، ولا يصح التيمم مع إمكان الماء ولو خاف فوات الصلاة عند جمهور الفقهاء؛ قال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب” (5/ 223): [ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِطَهَارَةٍ، وَمَعْنَاهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْوُضُوءِ لَمْ تَصِحَّ إلَّا بِهِ، وَإِنْ عَجَزَ تَيَمَّمَ، وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ مَعَ إمْكَانِ الْمَاءِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لَهَا مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إذَا خَافَ فَوْتَهَا إن اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اللجنة الدائمة :
حكم الطهارة لصلاة الجنازة وكيفيتها
س : ما هي كيفية الصلاة على الميت بالتفصيل ؟ وهل يشترط فيها الطهارة ؟
ج : نعم ، صلاة الميت صلاة لا بد لها من الطهارة ؛ لأن الرسول سماها صلاة عليه الصلاة والسلام ، هي صلاة فيها افتتاح وفيها تكبير وفيها تسليم ، فهي صلاة تجب لها الطهارة ، تجب فيها قراءة الفاتحة ، والدعاء للميت أيضا ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي صلاة ، فمن صلى بغير طهارة لم تصح صلاته
قال ابن باز في تعليقه على فتح الباري : في مسألة : هل يصليها بالتيمم إذا خشي فوات الجنازة : الأرجح قول من قال لا يصليها بالتيمم لقوله تعالى : (فلم تجدوا ماء فتيمموا ) الآية وفي الحديث : …وتربتها طهور اذا لم نجد الماء. والواجب الأخذ بعموم النصوص حتى يوجد مخصص وليس هنا مخصص يعتمد عليه .
قال ابن رجب في الفتح
((وكذلك صلاة الجنازة وقد حكي أن بعض المتقدمين كان يرى أنها دعاء ، فلا يشترط لها الوضوء ، فقيل له : فتفعل إلى غير القبلة ؟ فرجع عن قوله .))
وقال النووي في شرح مسلم
وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى تَحْرِيم الصَّلَاة بِغَيْرِ طَهَارَة مِنْ مَاء أَوْ تُرَاب وَلَا فَرْق بَيْن الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة وَالنَّافِلَة وَسُجُود التِّلَاوَة وَالشُّكْر وَصَلَاة الْجِنَازَة إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ الشَّعْبِيّ وَمُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيِّ مِنْ قَوْلهمَا تَجُوز صَلَاة الْجِنَازَة بِغَيْرِ طَهَارَة ، وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل وَأَجْمَع الْعُلَمَاء عَلَى خِلَافه
وقال الحافظ في الفتح
وَنَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ الِاتِّفَاق عَلَى اِشْتِرَاط الطَّهَارَة لَهَا إِلَّا عَنْ الشَّعْبِيّ ، قَالَ وَوَافَقَهُ إِبْرَاهِيم بْن عُلَيَّة وَهُوَ مِمَّنْ يُرْغَب عَنْ كَثِير مِنْ قَوْله . وَنَقَلَ غَيْره أَنَّ اِبْن جَرِير الطَّبَرِيّ وَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَب شَاذّ .
__________________
أما مسألة من هو أولى الناس بالصلاة على الميت؟
الأحق بالصلاة على الميت إمام المسجد ، سواء أوصى الميت لفلان من الناس أن يصلي عليه أو لم يوص ، فإن أسقط إمام المسجد حقه ومكن الوصي من الصلاة فلا بأس ، وإن تمسك بحقه ، فالحق له ؛ لحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه وفيه : ( …وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) رواه مسلم (673) .
وعن سالم بن أبي حفصة قال : سمعت أبا حازم يقول : ” إني لشاهد يوم مات الحسن بن علي ، فرأيت الحسين بن علي يقول لسعيد بن العاص ويطعن في عنقه : تقدم ، فلولا أنها سنة ما قُدِّمت ” وسالم ضعيف ، لكن رواه النسائي ، وابن ماجه من وجه آخر ، عن أبي حازم بنحوه ، وقال ابن المنذر في الأوسط : ليس في الباب أعلى منه ; لأن جنازة الحسن حضرها جماعة كثيرة من الصحابة وغيرهم ” انتهى من “تلخيص الحبير” (2/88) للحافظ ابن حجر رحمه الله
ونقل هذا الأثر صاحب المنتقى شرح الموطأ أخرجه البزار والطبراني والبيهقي.
وفي فتاوى الشبكة روى أحمد ان سعيد بن العاص صلى على جنازة أم كلثوم وخلفه ثمانون من الصحابة .
وقد وجدته في الطبقات وفي تاريخ دمشق وإسناده صحيح
وورد عن علي وابن مسعود وضعف النووي أثر علي . وهو يرجح الوالي أيضا يعني النووي وهو قول الجمهور .
قال صاحبنا أبوصالح حازم :
وأخرجه أبو داود في سننه مختصرا ٣١٩٣ من طريق أخرى، وبين أن الرجل المبهم هو عمار مولى الحارث بن نوفل وأورده الشيخ مقبل كما أورد الحديث أعلاه في الصحيح المسند
وأشار الشيخ مقبل أن الطريق الأولى سندها صحيح إلى ابن عمر لكن قوله في نهاية الحديث هي السنة ذكر الشيخ أن فيها رجل مبهم
وأما ما ذكر من أن سعيد بن العاص صلى على أم كلثوم وخلفه ثمانين : فأشار إلى الثمانين البيهقي في السنن الكبرى ٧١٧٩ فرواه معلقا قال ورواه حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار فذكره
ورواها الإمام أحمد كما في مسائله رواية أبي داود من طريقين عن عمار مولى بني هاشم فذكره ١٠٤١ وفِي أحدهما ذكر الثمانين . انتهى كلام صاحبنا أبي صالح حازم
وجاء في “فتح القدير” (2/117) : ” وأولى الناس بالصلاة على الميت السلطان إن حضر؛ لأن في التقدم عليه ازدراء به ، فإن لم يحضر فالقاضي ؛ لأنه صاحب ولاية ، فإن لم يحضر فيستحب تقديم إمام الحي ؛ لأنه رضيه في حال حياته ثم الولي…” انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
إذا كان قد وصى الميت ؛ بأن يصلي عليه شخص معين ، فهل هذا الشخص أولى من الإمام الراتب؟
فأجاب : “إمام المسجد أولى بالصلاة على الجنازة من الشخص الموصى له ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ) ، وإمام المسجد هو صاحب السلطان في مسجده ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (13/137) .
والله أعلم
——
قرر ابن حجر في قول البخاري 🙁 ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها ) أن هذا أثر لابن عمر ثم نقل ابن حجر عن ابن عمر آثار تدل على امتناعه عن صلاة الجنازة ليس مطلقا بعد صلاة الفجر وصلاة العصر إنما عند قرب طلوع الشمس وعند غروبها فقط.
—-
كيف يقضي من فاتته بعض تكبيرات الجنازة ؟
قال ابن حجر : قول البخاري : واذا انتهى إلى الجنازة يدخل معهم : هذا أثر للحسن . قال والمخالف بعض المالكية وفي مختصر ابن الحاجب : وفي دخول المسبوق بين التكبيرتين أو انتظار التكبير قولان .
وهذا سؤال وجه للجنة الدائمة :
دخل رجل مع الإمام بعد التكبيرة الثانية من صلاة الجنازة ، فكيف يتم ما فاته من الصلاة ؟
نص الجواب
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (8/399) :
ما حكم من أدرك مع الإمام تكبيرة من صلاة الجنازة ، وفاته ثلاث تكبيرات ، وماذا يفعل؟
فأجابوا : “يكمل صلاة الجنازة فيكبر ثلاث تكبيرات قضاء قبل رفع الجنازة، لما فاته ثم يسلم ، ويعتبر ما أدركه مع الإمام أول صلاة، ويكفيه أقل الواجب بعد التكبيرة الثانية والثالثة، فيقول بعد الثانية: اللهم صل على محمد، وبعد الثالثة: اللهم اغفر له، ويسلم بعد الرابعة ” انتهى
وبمثل ذلك أجاب ابن باز
—–
قال ابن حجر نقلا عن مغلطاي : في قول البخاري : وفيه صفوف وإمام . اراد الرد على مالك في قوله استحب للمصلين على الجنازة أن يكونوا سطرا واحدا نقله عن مالك ابن العربي . قال : ولا أعلم لذلك وجها . وقد تقدم حديث مالك بن هبيرة في استحباب الصفوف . انتهى كلام ابن حجر
—-