1336 .1337 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير وعبد الله البلوشي أبي عيسى
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا ) .
—–”’——”——-”
صحيح البخاري
باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن
1336 – حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال حدثني سليمان الشيباني قال سمعت الشعبي قال أخبرني من مر مع النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمهم وصلوا خلفه قلت من حدثك هذا يا أبا عمرو قال ابن عباس رضي الله عنهما أفلا آذنتموني فقالوا إنه كان كذا وكذا قصته قال فحقروا شأنه قال فدلوني على قبره فأتى قبره فصلى
1337 – حدثنا محمد بن الفضل حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أسود رجلا أو امرأة كان يقم المسجد فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته فذكره ذات يوم فقال ما فعل ذلك الإنسان قالوا مات يا رسول الله قال
أفلا آذنتموني فقالوا إنه كان كذا وكذا قصته قال فحقروا شأنه قال فدلوني على قبره فأتى قبره فصلى عليه.
——–“——-“——-”
مشاركة أبي صالح حازم :
فوائد الباب:
1- قوله (باب الصلاة على القبر) أي صلاة الجنازة، وقوله ( بعدما يدفن) أي الميت كذا ترجمه البيهقي في السنن الكبرى.
2- فيه جواز الصلاة على القبر، وقد اختلف أهل العلم في الصلاة على القبر فكان عبد الله بن عمر وأبو موسي الأشعري وعائشة أم المؤمنين يرون الصلاة على القبر ….. وممن كان يري الصلاه على القبر محمد بن سيرين، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ” قاله ابن المنذر في الأوسط ،
” وكره قوم الصلاة على القبر…. وهو قول النخعى، والحسن البصرى، ومالك، والثورى، وأبى حنيفة، والليث.” قاله ابن بطال في شرحه ”
3- قال أحمد بن حنبل: روي الصلاة على القبر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من ستة وجوه كلها حسان. قاله ابن الملقن.
4- قال أبو عمر ابن عبد البر: “وأجمع من رأى الصلاة على القبر: أنه لا يصلى عليه إلا بقرب ما يدفن. وأكثر ما قالوا في ذلك: شهر” .
5- “عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ” رواه البخاري 1344ورواه مسلم 2296 ” اختلف في معناه فقيل ودع الأحياء والأموات، وقيل صلى عليهم، لأنه لم يكن صلى عليهم حين ماتوا وهو ظاهر قوله (صلاته على الميت ) ، وقيل دعا لهم” قاله ابن الملقن في التوضيح قلت أما التأويل – وذهب إليه ابن حبان أيضا- فبعيد لظاهر النص أنه صلى عليهم صلاته على الميت ،
وقال العيني “الجواب عن هذا الحديث من ثلاثة أوجه الأول أن المراد من الصلاة الدعاء وفيه نظر. الثاني أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قصد بها التوديع كما صرح بذلك في رواية ” شرح سنن أبي داود .
وقال ابن قدامة في الكافي حديث عقبة مخصوص بشهداء أحد بدليل أنه صلى عليهم بعد ثمان سنين
قلت ولَم ينقل أنه صلى على غيرهم في هذا الوداع
6- تقدمت العديد من فوائد حديث ابن عباس في باب الصفوف على الجنازة.
7- حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الستة كما سبق وذكرنا ذلك .
8- حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة من طريق ثابت عن أبي رافع به.
9- قوله (عن ثابت) وعند الإمام أحمد في مسنده 9037 من طريق عفان عن حماد (حدثنا ثابت).
10- قوله (أن أسود رجلا أو امرأة) وفي رواية عند البخاري عن أحمد بن واقد (ولا أراه إلا امرأة) وقال الحافظ ابن حجر والصحيح أنها امرأة.
11- قوله (ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته) فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب إلا ما أوحى الله إليه.
12- قوله (فقالوا إنه كان كذا وكذا قصته قال فحقروا شأنه)
13- وعند مسلم من طريق أبي كامل فضيل بن حسين الحدري وأبي الربيع الزهراني عن حماد (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم) وكذا أحمد في مسنده من طريق عفان عن حماد. وقال الشوكاني كما في نيل الأوطار “وهي من مراسيل ثابت بين ذلك غير واحد من أصحاب حماد بن زيد قال الحافظ: وقد أوضحت ذلك بدلائله في كتاب بيان المدرج. قال البيهقي: يغلب على الظن أن هذه الزيادة من مراسيل ثابت كما قال أحمد انتهى”. وقال البيهقي في السنن الكبرى والذي يغلب على القلب أن تكون هذه الزيادة في غير رواية أبي رافع عن أبي هريرة فإما أن تكون عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة , كما رواه أحمد بن عبدة ومن تابعه , أو عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه خالد بن خداش وقد رواه غير حماد عن ثابت عن أبي رافع فلم يذكرها.
14- عن يزيد بن ثابت – وكان أكبر من زيد – قال: ” خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم [ذات يوم] فلما ورد البقيع ” فإذا هو بقبر جديد، فسأل عنه ” فقالوا: فلانة (مولاة بني فلان)، قال: فعرفها وقال: ألا آذنتموني بها؟ قالوا: [ماتت ظهرا، و] كنت قائلا صائما فكرهنا أن نؤذيك، قال: فلا تفعلوا، لا أعرفن، ما مات منكم ميت ماكنت بين أظهركم إلا اذنتموتي به، فإن صلاتي عليه رحمه “، ثم أتى القبر، فصففنا خلفه فكبر عليه أربعا ”
أخرجه النسائي ، وابن ماجه ، وابن حبان في صحيحه ، والبيهقي ، والسياق لابن ماجه، والزيادات للنسائي، وإسناده عند الجميع صحيح على شرط مسلم. قاله الألباني في أحكام الجنائز فقوله صلى الله عليه وسلم هنا “فإن صلاتي عليه رحمة ” يوافق الزيادة في حديث أبي هريرة المذكورة بلفظ (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم).
قلت سيف بن دورة : في علل ابن أبي حاتم 1065 : ذكر الخلاف هل هو عن زيد بن ثابت أم عن يزيد بن ثابت فرجح أنه عن يزيد بن ثابت فقال ابوحاتم : حديث عثمان بن حكيم أشبه لأن حفظ زيد بن ثابت أسهل من يزيد بن ثابت ، لو كان كذلك وهذا يزيد بن ثابت أخو زيد بن ثابت . انتهى
وقال ابن عبدالبر في الاستيعاب 2739 : وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب أنه أي يزيد بن ثابت رمي يوم اليمامة بسهم فمات بالطريق راجعا .
قال البخاري في التاريخ الأوسط 117 : فإن صح قول موسى بن عقبة أن يزيد بن ثابت قتل أيام اليمامة في عهد أبي بكر فإن خارجة لم يدرك يزيد .
وقال ابن عبد البر في الموضع السابق : وروى عنه خارجة بن زيد ولا أحسبه سمع منه . وقال ابن حجر في الإصابة 10/341 : وإذا مات باليمامة فرواية خارجة عنه مرسلة. انتهى من حاشية الجريسي على علل ابن أبي حاتم
قال ابوحاتم الرازي : يزيد بن ثابت بن الصامت أخو زيد بن ثابت الأنصاري له رؤية للنبي صلى الله عليه وسلم رمي باليمامة. ومات في الطريق . الجرح والتعديل 9/255
فيمكن أن يوضع على الذيل على أحاديث معلة ظاهرها الصحة .
ولا يمكن أن نقوي هذه الفقرة بمرسل ثابت لأن مراسيل ثابت من أضعف المراسيل.
قال ابن جرير الطبري : قال تعالى(إن صلاتك سكن لهم)، يقول: إن دعاءك واستغفارك طمأنينة لهم، بأن الله قد عفا عنهم وقبل توبتهم .
قال السعدي : قال تعالى :(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أي: ادع لهم، أي: للمؤمنين عموما وخصوصا عندما يدفعون إليك زكاة أموالهم.
{إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} أي: طمأنينة لقلوبهم، واستبشار لهم، {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} لدعائك، سمع إجابة وقبول.
فرسول الله يدعو للمسلمين عموما.
قال صاحبنا ابوصالح حازم :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلا فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه أخرجه مسلم في صحيحه ٩٤٣ والإمام أحمد في مسنده ١٤١٤٥.
قوله (حتى يصلي عليه) مضبوط بكسر اللام أي النبي صلى الله عليه وسلم قاله الحافظ في فتح الباري، وذكر محققو المسند الشيخ شعيب الأرناؤوط ومن معه أنها جاءت مجودة في نسخة بكسر اللام بالبناء للفاعل، ونقلوا أن النووي في شرح مسلم ضبطها بفتح اللام بالبناء للمفعول.
لعل هذا الحديث يدعم البحث أعلاه في أمره صلى الله عليه وسلم الصحابة بطلب إذنه للصلاة على الميت لأن صلاته رحمة .
15- فيه الخدم للمسجد وقال ابن عباس{نذرت لك ما في بطني محررا}للمسجد يخدمها قاله البخاري.
16- الحديث دال على كنس المسجد، والتقاط الأذى منه. كما ورد عند ابن حبان في صحيحه 3086 من طريق حماد بن سلمة عن ثابت بلفظ (أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَلْتَقِطُ الْأَذَى مِنَ الْمَسْجِدِ).
17- فيه الدفن بالليل قاله البخاري وأورد فيه حديث ابن عباس وفيه (بعد ما دفن بليلة) ، وقد ورد عند الإمام أحمد في مسنده 8634 عن يونس بن محمد حدثنا حماد عن ثابت به بلفظ (ألا كنتم آذنتموني به قالوا إنه كان ليلا).
18- فيه السؤال عن الخادم والصديق إذا غاب وافتقاده. قاله ابن الملقن.
19- فيه الرغبة في شهادة جنائز الصالحين قاله ابن الملقن.
20- لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
21- لا تحقرن من المعروف شيئا.
22- فيه ما كان عليه -صلَّى الله عليه وسلم- من تفقُّد أحوال ضعفاء المسلمين، وما جبل عليه من التواضع والرأفة والرحمة بأمته.قاله القاضي عياض كما في إكمال المعلم بفوائد مسلم.
23- قال ابن حبان في صحيحه: قَدْ يَتَوَهَّمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِلَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: “فَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا عَلَيْهِمْ رَحْمَةً بِصَلَاتِي” وَاللَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ “فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِمْ رَحْمَةٌ” وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ مَا يَتَوَهَّمُ الْمُتَوَهِّمُونَ فِيهِ أَنَّ إِبَاحَةَ هَذِهِ السُّنَّةِ لِلْمُصْطَفَى صَلَّى الله عليه وسلم خاص دون أمته إذ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَزَجَرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يَصْطَفُّوا خَلْفَهُ وَيُصَلُّوا مَعَهُ عَلَى الْقَبْرِ فَفِي تَرْكِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ أَبْيَنُ الْبَيَانِ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلْرَشَادِ وَالسَّدَادِ أَنَّهُ فِعْلٌ مُبَاحٌ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ مَعًا دُونَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ لَهُمْ دُونَ أُمَّتِهِ.
24- عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة بعدما دفنت. أخرجه ابن المنذر في الأوسط والبيهقي في السنن الكبرى 7010 ورواه مسلم 955 مختصرا بلفظ “أن النبي صلى الله عليه وسلم: صلى على قبر ”
25- عن حميد بن هلال قال إن البراء بن معرور رضي الله عنه توفي قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قدم صلى عليه أخرجه مسدد في مسنده كما في المطالب العالية للحافظ ابن حجر وقال ( إسناده صحيح إلا أنه مرسل ) ، قلت رجاله رجال الشيخين ومسدد صاحب المسند من رجال البخاري.
26- عن عبد الله بن أبي قتادة رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر البراء بن معرور رضي الله عنه وكبر عليه أربع تكبيرات. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده وهذا مرسل وذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية وعزاه للحارث وزاد في الإسناد عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه فوصله وقال رواه الحارث موصولافالله أعلم ، وعلى كل فهو يتقوى مع مرسل حميد بن هلال المذكور آنفا.
27- وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبر حدث فقال ما هذا القبر قالوا قبر فلانة قال صلى الله عليه وسلم فهلا آذنتموني قالوا كنت نائما فكرهنا أن نوقظك قال صلى الله عليه وسلم فلا تفعلوا ادعوني لجنائزكم فصف عليها صفاً أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف وقال الحافظ ابن حجر كما في المطالب العالية إسناده حسن وقد أخرجه ابن ماجة باختصار . وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال إن امرأة كانت تلقط القصب والأذى من المسجد فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرها فصلى عليها أخرجه عبد بن حميد هكذا مرسلا كما في المطالب العالية للحافظ ابن حجر.
28- عن الزهري حدثني أبو أمامة بن سهل أخبرني رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه من أهل العوالي طال سقمها وكان يسأل عنها من حضر من جيرانها وأمرهم إن حدث بها حدث أن يؤذنوه بها وفيه فاحتملوها فأتوا بها موضع الجنائز فكرهوا أن يهيجوه من نومه فقال صلى الله عليه وسلم ولم فعلتم؟ قوموا ، فقام فصف عليه كما يصف على الجنائز ، وصفوا خلفه ثم كبر عليها أربعا أخرجه الحارث بن أبي أسامة والبيهقي.
29- عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، «أَنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ، فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى عَلَيْهَا وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ شَهْرٌ» اخرجه الترمذي والبيهقي في السنن الكبرى 7021 قَالَ البيهقي وهو مرسل صحيح .
30- عن ابن أبي مليكه قال توفي عبد الرحمن بن أبي بكر على ستة أميال من مكة فحملناه حتى جئنا به إلى مكة فدفناه فقدمت علينا عائشة بعد ذلك فعابت ذلك علينا ثم قالت أين قبر أخي فدللناها عليه فوضعت هودجها عند قبره فصلت عليه
أخرجه ابن المنذر في الأوسط والبيهقي في السنن الكبرى 7024.
31- قال الشوكاني كما في نيل الأوطار : “وقد عرفت غير مرة أن الاختصاص لا يثبت إلا بدليل، ومجرد كون الله ينور القبور بصلاته – صلى الله عليه وسلم – على أهلها لا ينفي مشروعية الصلاة على القبر لغيره، لا سيما بعد قوله – صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وهذا باعتبار من كان قد صلى عليه قبل الدفن. وأما من لم يصل عليه ففرض الصلاة عليه الثابت بالأدلة وإجماع الأمة باق، وجعل الدفن مسقطا لهذا الفرض محتاج إلى دليل، وقد قال بمشروعية الصلاة على القبر الجمهور كما قال ابن المنذر”.
٣٢- ليس السبب ” في النهي عن الصلاة في المقبرة ” هو مظنة النجاسة وإنما هو مظنة اتخاذها أوثانا كما قال الشافعي رضي الله عنه : وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس.
قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم
——–‘——‘——-‘
مشاركة أحمد بن علي :
باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن:
قال ابن عبدالبر في الاستذكار:
واختلف الفقهاء فيمن فاتته الصلاة على الجنازة فجاء وقد فرغ من الصلاة عليها أو جاء وقد دفنت
فقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما لا تعاد الصلاة على الجنازة ومن لم يدرك الصلاة مع الناس عليها لم يصل عليها ولا على القبر
وهو قول الثوري والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي والليث بن سعد
قال بن القاسم قلت لمالك فالحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على قبر امرأة قال قد جاء هذا الحديث وليس عليه العمل
قال أبو عمر ما رواه بن القاسم عن مالك في أنه لا يصلى على القبر هو تحصيل مذهبه عند أكثر أصحابه
وذكر عبد الرزاق عن معمر قال كان الحسن إذا فاتته الصلاة على الجنازة لم يصل عليها
وكان قتادة يصلي عليها
وكان بن عمر إذا انتهى إلى جنازة قد صلي عليها دعا وانصرف
وقال الشافعي وأصحابه من فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر إن شاء
وهو رأي عبد الله بن وهب صاحب مالك وبه يقول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي وسائر أصحاب الحديث
وقال أحمد بن حنبل رويت الصلاة على القبر عن النبي – عليه السلام – من ستة وجوه حسان كلها
قال أبو عمر قد ذكرتها كلها بالأسانيد الجياد في التمهيد وذكرت أيضا ثلاثة أوجه حسان مسندة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فتمت تسعة
وعن علي بن أبي طالب وقرظة بن كعب وبن مسعود وعائشة أم المؤمنين وأنس بن مالك وسلمان بن ربيعة وأبي موسى الأشعري أنهم أجازوا الصلاة على القبر وصلوا عليه
وقد ذكرنا ذلك عنهم بالأسانيد. اهـ
قال النووي في شرح مسلم:
وحديث أنس دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه في الصلاة على الميت في قبره سواء كان صلي عليه أم لا وتأوله أصحاب مالك حيث منعوا الصلاة على القبر بتأويلات باطلة لا فائدة في ذكرها لظهور فسادها والله أعلم.
وفيه بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التواضع والرفق بأمته وتفقد أحوالهم والقيام بحقوقهم والاهتمام بمصالحهم في آخرتهم ودنياهم. اهـ
قال العثيمين في شرح رياض الصالحين:
ومن فوائد هذا الحديث مشروعية الصلاة على القبر لمن لم يصل عليه قبل الدفن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فصلى على القبر حيث لم يصلّ عليها قبل الدفن، ولكن هذا مشروع لمن مات في عهدك وفي عصرك، أما من مات سابقاً فلا يشرع أن يصلي عليه، ولهذا لا يشرع لنا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على قبره، أو على قبر أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو غيرهم من الصحابة، أو غيرهم من العلماء والأئمة.
وهذا سؤال، لكن مثل هذا السؤال ليس فيه منّة، بخلاف سؤال المال فإن سؤال المال محرم، يعني لا يجوز أن تسأل شخصاً مالاً وتقول أعطني عشرة ريالات أو مائة ريال، إلا عند الضرورة.
ومن فوائد هذا الحديث جواز سؤال المرء ما لا تكون به منّة في الغالب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((دلوني على قبرها))
وربما يؤخذ من هذا الحديث جواز إعادة الصلاة على الجنازة، لمن صلى عليها من قبل إذا وجد جماعة؛ لأن الظاهر أن الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا معه، وعلى هذا فتشرع إعادة صلاة الجماعة إذا صلى عليها جماعة آخرون مرة ثانية.
وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم، وقالوا: كما أن صلاة الفريضة تعاد إذا صليتها ثم أدركتها مع جماعة أخرى، فكذلك صلاة الجنازة،
فإذا قال قائل: إذا صليت على القبر فأين أقف؟ فالجواب أنك تقف وراءه تجعله بينك وبين القبلة، كما هو الشأن فيما إذا صليت عليه قبل الدفن. اهـ
قلت سيف بن دورة في تكرار الصلاة ؛ قال ابن تيمية في الفتاوى ج23 ص 387 مانصه :
وأما اذا صلى هو على الجنازة ، ثم صلى عليها غيره : فهل له أن يعيدها مع الطائفة الثانية ؟ فيه وجهان في مذهب أحمد ، قيل : لايعيدها ، قالوا : لأن الثانية نفل ، وصلاة الجنازة لا يتنفل بها . وقيل : بل يعيدها ، وهو الصحيح ، فان النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على قبر منبود صلى معه من كان صلى عليها اولا ، وإعادة صلاة الجنازة من جنس اعادة الفريضة ، فتشرع حيث شرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا : فهل يؤم على الجنازة مرتين ؟ على روايتين ، والصحيح ان له ذلك . والله اعلم . أ.هـ
حديث ١٣٣٧
قال العثيمين في التعليق على البخاري:
– فيه أنه ينبغي التشجيع على فعل الخير ولا سيما في الأمور العامة كالمساجد لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الميت تشجيع أن يفعل الناس مثل فعله.
– فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب.
– فيه دليل على جواز السؤال لمن لا يثقل سؤاله على المسؤول، لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم دلوني يحتاج لأن يخرج معاه إلى المقبرة ويدل على القبر وهذا فيه شيء من المشقة، لكن إذا علم السائل أن المسؤول يكون ممنونا بهذا ويفرح فإنه لا يكره السؤال.
– فيه دليل على جواز الإخبار بموت الميت، ولكن هل يعلن هذا على المنابر وفي الأسواق أو يكون بصفة خاصة؟
الجواب: الثاني، أنه يعلم من له صلة بالميت أو من ترجى إجابة دعوته ليصلي عليه، المهم أن يكون لسبب من الأسباب. اهـ
—–
مشاركة سيف بن دورة الكعبي :
ذكر ابن حجر شذوذ ما ورد أن القبر الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم دفن قبل ليلتين أو ثلاثا أو شهر وصحح ما في البخاري 1326 من حديث ابن عباس بلفظ :أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرا ، فقالوا : هذا دفن – أو دفنت البارحة قال ابن عباس فصفنا خلفه ثم صلى عليها.
– نقل ابن حجر عن ابن حبان أنه قال : في ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم. على من صلى معه على القبر بيان جواز ذلك لغيره . وأنه ليس من خصائصه قال ابن حجر : وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلا بالأصالة . واستدل بخبر الباب على رد التفصيل بين من صلى عليه فلا يصلى عليه بأن القصة وردت فيمن صلى عليه ، وأجيب بأن الخصوصية تنسحب على ذلك .
ثم نقل الخلاف كم المدة المأذون فيها لإمكانية الصلاة عليه فقيل : شهر ، وقيل : ما لم يبل الجسد . وقيل : يختص بمن كان من أهل الصلاة عليه حين موته وهو الراجح عند الشافعية وقيل يجوز أبدا .
تنبيه : سبق أن ذكرنا : – من وقَّت أمد الصلاة على القبر بشهر، لعله استدل بما أخرج الترمذي ، عن سعيد بن المسيب ” أن أم سعد- يعني ابن عبادة ماتت، والنبي- عليه السلام- غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر ”
قال العيني في شرح سنن أبي داود:
“قال البيهقي : هو مرسل صحيح، وقد روي موصولا عن ابن عباس، والمشهور المرسل”. انتهى
قلت سيف بن دورة :
لكن هذا أحسن ما في الباب . ولا نستطيع دفع قول ابن عثيمين . لأن حديثنا مرسل.
—
المقصود بصلاته على البقيع بعد ثمان سنين :
سأل ابن باز :
: عرفنا أن من المشهور عند العلماء أن الصلاة على الميت بعد دفنه تكون إلى شهر تقريبا ، إذن فكيف توجه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة في البقيع في آخر حياته والدعاء لهم ؟
ج: المقصود بالصلاة عليهم الدعاء لهم الدعاء الذي يدعى به للميت
———-
مشاركة عبدالله البلوشي أبي عيسى :
في رقم ٢ من مشاركة الأصحاب ذكروا مسألة جواز الصلاة على القبر
قال ابن بطال رحمه الله:
وكره قوم الصلاة على القبر، وروى عن ابن عمر أنه كان إذا انتهى إلى جنازة قد صلى عليها دعا وانصرف ولم يصل عليها، وهو قول النخعى، والحسن البصرى، ومالك، والثورى، وأبى حنيفة، والليث. …….
وقد ذكر أبو صالح حازم في مشاركته تفصيلا تحت :
رقم 23 ورقم 31 حيث نقل كلام ابن حبان والشوكاني أن الصلاة على القبر لا يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك في أول مشاركة أحمد بن علي حيث نقل تفصيل المذاهب عن ابن عبدالبر ، وإليك عرض المذاهب مع المصادر والمناقشة بينهم :
قال أحد الباحثين:
لمبحث الثالث: حكم الصلاة على قبر من صلي عليه عن فاتته الصلاة:
اختلف الفقهاء – رحمهم الله – في حكم الصلاة على قبر من صلي عليه ممن فاتته الصلاة عليه قبل الدفن على قولين:
القول الأول: أن الصلاة على قبر من دفن لمن فاتته الصلاة عليه قبل الدفن جائزة.
وقال بذلك الشافعية ( 1)، والحنابلة ( 2)، والظاهرية ( 3)، بل صرح فقهاء الشافعية والحنابلة بأن الصلاة على من دفن لمن لم يصل عليه مستحبة ( 4)، وهو قول الأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وقال بذلك من الصحابة – رضوان الله عليهم. علي وابن عمر، وابن مسعود ( 5)، وأنس بن مالك، وأبو موسى الأشعري وعائشة، وغيرهم ( 6).
ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وقتادة، والزهري، وهو اختيار ابن المنذر ( 7)، وابن عبد البر ( 8)، وشيخ الإسلام ابن تيمية ( 9) وتلميذه ابن القيم ( 10).
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
أولا: الأدلة من السنة التي تدل على جواز الصلاة على القبر. ومنها:
1 – حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – «أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، وفي رواية: كانت تتلقط الخرق والعيدان من المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها، فقالوا: ماتت قال: ” أفلا آذنتموني ” قال: فكأنهم صغروا أمرها.
وفي رواية، قالوا: ماتت بالليل، ودفنت فكرهنا أن نوقظك فقال: ” دلوني على قبرها “، فدلوه على قبرها فصلى عليها ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها. وإن الله – عز وجل – ينورها لهم بصلاتي عليهم ( 11)».
2 – حديث ابن عباس – رضي الله عنه – «أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعدما دفن، فكبر عليه أربعا، وفي رواية قال: ” انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصلى عليه، وصفوا خلفه وكبر أربعا ( 12)».
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على القبر من وجوه ستة ( 13) وزاد عليها ابن عبد البر ثلاثة وجوه ( 14).
وهذا يدل على مشروعية الصلاة على القبر! لفعله صلى الله عليه وسلم.
ونوقش هذا الاستدلال بما يلي:
أولا: قالوا: إن الصلاة على القبر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ( 15): «إن هذه القبور مملوءة ظلمة، على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ( 16)».
ويجاب عن ذلك: بأن هذه السنة لو كانت خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لمنع الصحابة أن يصطفوا خلفه، ويصلوا معه على القبر.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها …. ( 17)» الحديث. فيدل على بركة صلاته صلى الله عليه وسلم وفضلها ( 18).
ثانيا: احتج الإمام مالك – رحمه الله – على ترك العمل بهذه الأحاديث السابقة الدالة على مشروعية الصلاة على القبر بأن عمل أهل المدينة لم يكن على ذلك ( 19).
ويجاب عن ذلك: بأن عمل أهل المدينة ليس بحجة شرعية على القول الراجح، وخصوصا إذا كان مخالفا لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( 20).
ثانيا: فعل الصحابة رضوان الله عليهم، حيث دلت الآثار المروية عنهم على جواز الصلاة على القبر، وقد ذكرت جماعة من الصحابة قالوا بذلك، ولا يعرف لهم مخالف في ذلك ( 21).
القول الثاني: أن الصلاة على قبر الميت إذا كان قد صلي عليه مكروهة.
وقال بذلك الحنفية، والمالكية ( 22).
وقال بذلك النخعي، والحسن البصري، والثوري والأوزاعي، والحسن بن صالح بن حيي والليث بن سعد ( 23).
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
أولا: حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ( 24)».
ثانيا: حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه -: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بين القبور ( 25)».
فهذان الحديثان يدلان على النهي عن الصلاة في المقبرة، وبين القبور وحملوا ذلك على عموم الصلوات. ومن ذلك صلاة الجنازة بين القبور أو على القبر، وهذا النهي حمله أصحاب هذا القول على الكراهة، ويجاب عن هذا الاستدلال:
بأن النهي عن الصلاة بين القبور المقصود به سائر الصلوات دون صلاة الجنازة على القبر، ودليل ذلك فعله صلى الله عليه وسلم حيث ثبت أنه صلى على القبر.
ثالثا: قالوا: إن الميت إذا صلي عليه، فإن الفرض قد تأدى بمن صلى عليه، والتنفل في الصلاة على الجنازة غير مشروع ( 26).
ويجاب عن هذا الدليل:
بأن صلاة من يصلي على القبر إذا فاتته الصلاة الأولى على الميت ليست نافلة؛ بل صلاته فرض كفاية، وليست نفلا، وذلك مثل لو صلت جماعة بعد جماعة على الجنازة، فصلاة الجميع تقع فرضا ( 27).
رابعا: قالوا: لو جاز الصلاة على قبر من صلي عليه، لكان أولى أن يصلى على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ( 28).
ويجاب عن ذلك: بأن ابن قدامة وغيره من العلماء نقلوا إجماع
أهل العلم على عدم جواز الصلاة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيترك ذلك لأجل الإجماع؛ لأنه حجة ( 29).
والسبب في ذلك أن الصلاة على قبر النبي صلى الله عليه وسلم تفضي إلى جعله مسجدا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا ( 30)».
وذلك خوفا من الافتتان بقبره وأن يؤدي ذلك إلى تعظيمه وعبادته من دون الله – عز وجل -.
يضاف إلى ذلك أن قياس قبر غير النبي صلى الله عليه وسلم بقبره في عدم جواز الصلاة عليه لا يمكن؛ لأن الفقهاء القائلين بالجواز لا يجيزون الصلاة على القبور القديمة. بل نقل ابن عبد البر – رحمه الله – إجماع أهل العلم الذين قالوا بجواز الصلاة على القبر أنه لا يصلى على قبر إلا بقرب ما يدفن، وأكثر ما قالوا في ذلك شهر) ( 31).
الترجيح: إذا نظرنا إلى القولين السابقين وأدلتهما وما ورد عليهما، يظهر – والله تعالى أعلم – أن القول الراجح هو القول الأول،
وهو أن من فاتته الصلاة على الجنازة قبل الدفن جاز له أن يصلي على القبر، بل ذلك مستحب، كما ذهب إلى هذا فقهاء الشافعية والحنابلة، وذلك لسببين:
أولا: قوة أدلتهم وصراحتها وسلامتها من المعارض.
ثانيا: أن أدلة القول الثاني قد تمت الإجابة عليها، بما لا يدع فيها حجة قائمة – والله تعالى أعلم -.
ونضيف على ما نقلنا من البحوث هذا النقل عن ابن حزم :
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى:
قال أبو حنيفة: إن دفن بلا صلاة صلى على القبر ما بين دفنه إلى ثلاثة أيام، ولا يصلى عليه بعد ذلك وإن دفن بعد ان صلى عليه لم يصل أحد على قبره.
وقال مالك: لا يصلى على قبر، وروى ذلك عن إبراهيم النخعي وقال الشافعي، والأوزاعي، وأبو سليمان: يصلى على القبر وإن كان قد صلى على المدفون فيه، وقد روى هذا عن ابن سيرين.
وقال أحمد بن حنبل: يصلى عليه إلى شهر، ولا يصلى عليه بعد ذلك.
وقال اسحق: يصلى الغائب على القبر إلى شهر، ويصلى عليه الحاضر إلى ثلاث……
وقال بعضهم: كان ابن عمر لا يصلى على القبر. قلنا: نعم، كان لا يصلى سائر الصلوات على القبر، ويصلى صلاة الجنازة على القبر أبدا.
قال أبو محمد: وهذا لو صح لكان قد صح ما يعارضه، وهو أنه رضي الله عنه صلى صلاة الجنازة على القبر، ثم لو لم يأت هذا عنه لكان قد عارضه ما صح عن الصحابة في ذلك، فكيف ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولا يصح عن ابن عمر إلا ما ذكرناه.
وروينا عن معمر عن أيوب السختياني عن ابن أبي مليكة: مات عبد الرحمن بن أبي بكر على ستة أميال من مكة، فحملناه فجئنا به مكة فدفناه، فقدمت علينا عائشة أم المؤمنين فقالت: أين قبر أخي؟ فدللناها عليه، فوضعت في هودجها عند قبره فصلت عليه.
وعن حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر: انه قدم وقد مات اخوه عاصم، فقال: أين قبر أخي؟ فدل عليه، فصلى عليه ودعا له.
قال أبو محمد. هذا يبين أنها صلاة الجنازة، لا الدعاء فقط.
——–
( 1) ينظر: الأم 1/ 454، والمجموع 5/ 205.
( 2) ينظر: المغني 3 444، الإنصاف 2/ 533.
( 3) ينظر: المحلى 5/ 139.
( 4) ينظر: الأم 1/ 454، وكشاف القناع 2/ 121.
( 5) ينظر: المحلى 5/ 140.
( 6) ينظر: المحلى 5/ 142، التمهيد 6/ 260، 274، 277.
( 7) ينظر: الأوسط 5/ 211.
( 8) ينظر: الاستذكار 8/ 252.
( 9) ينظر: الفتاوى 23/ 387.
( 10) ينظر: أعلام الموقعين 2/ 346.
( 11) تقدم تخريجه ص 237
( 12) تقدم تخريجه ص 249
( 13) ينظر: المغني 3/ 445
( 14) ينظر: التمهيد 2/ 271
( 15) ينظر: المحلى 5/ 140
( 16) تقدم تخريجه ص 237
( 17) تقدم تخريجه ص 237
( 18) ينظر: المحلى 5/ 140
( 19) ينظر: المدونة 1/ 181، 182
( 20) ينظر: الإحكام لابن حزم 4/ 584، إرشاد الفحول 1/ 318
( 21) ينظر: المحلى5/ 142
( 22) ينظر: المدونة 1/ 184، مواهب الجليل 2/ 250
( 23) ينظر: الاستذكار 8/ 246
( 24) تقدم تخريجه ص 230
( 25) تقدم تخريجه ص 231
( 26) ينظر: المبسوط 2/ 67
( 27) ينظر: المجموع 5/ 206، 207
( 28) ينظر: القدير 2/ 123
( 29) ينظر: المغني 3/ 455
( 30) تقدم تخريجه ص 231
( 31) ينظر: الاستذكار 8/ 251