1144 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————–
بَابُ إِذَا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ
1144 – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ»
……………………
مشاركة أبي صالح :
فوائد حديث الباب:
1- الحديث متفق عليه .
2- قوله (عن عبد الله) هو ابن مسعود رضي الله عنه صرح به اﻹمام أحمد في مسنده.
3- قوله (حدثنا أبو اﻷحوص) تابعه جرير عند الشيخين وكذا النسائي، وتابعهما عبد العزيز بن عبد الصمد عند أحمد في مسنده.
4- قوله (حدثنا منصور) تابعه عاصم عند علي بن الجعد في مسنده.
5- قوله (عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة تابعه أبو اﻷحوص عند البزار وابن حبان والطبراني.
6- قوله ( ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم) ومن طريق زائدة عن منصور عند الطحاوي في مشكل الآثار (ذكرت عند النبي) أي أن القائل هو ابن مسعود.
7 – الترغيب في قيام الليل ترجم النسائي بذلك على الحديث في سننه.
8- كراهية ترك قيام الليل وإن كان تطوعا ترجم ابن المنذر بذلك في الأوسط.
9- من نام على غير نية أن يقوم حتى أصبح ترجم البيهقي بذلك في السنن الكبرى.
10- التشديد فيمن نام ولم يقم ترجم النسائي بذلك على الحديث في سننه الكبرى.
11- ذلك مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَقُومَ مِنْ اللَّيْلِ فَتَرَكَ ذَلِكَ تَكَاسُلًا قاله في طرح التثريب.
12- رجح الطحاوي في مشكل الآثار أنه نام عن صلاة العشاء حتى أصبح، ويؤيده قول سفيان الثوري هذا يشبه أن يكون نام عن الفريضة. رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه وقال الطبراني :لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا الْقَاسِمُ الْجَرْمِيُّ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ “، ومال الشيخ عبد الرزاق العباد كما في فقه الأذكار له أنه أضاع صلاة الصبح.
13- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نِعْمَ الْفَتَى أَوْ نِعْمَ الرَّجُلُ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ – أي عبد الله بن عمر- قَالَ: ” وَكُنْتُ إِذَا نِمْتُ لَمْ أَقُمْ حَتَّى أُصْبِحُ “، قَالَ نَافِعٌ: ” وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بَعْدُ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ أخرجه الدارمي في سننه ،والبيهقي في الشعب ،وابن عساكر في تاريخه، وأصله في الصحيحين ،بل رواه مسلم عن الدارمي بسنده ولم يسق لفظه، وانتقده الحافظ ابن حجر في الفتح من أجل ذلك ،أعني لم يبين تغاير اللفظ وموضع الشاهد منه أنه مع كونه قال (وَكُنْتُ إِذَا نِمْتُ لَمْ أَقُمْ حَتَّى أُصْبِحُ) لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم أي لم يترك صلاة الفريضة في وقتها وقَالَ نَافِعٌ عقبه: ” وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ بَعْدُ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وهذا يزيد الأمر وضوحا أنه بشأن صلاة الليل.
14- قوله (بال الشيطان) هو على ظاهره إذ لا إحالة فيه ويفعل ذلك استهانة به، وبه صرح الداودي وعياض وغيرهما قاله ابن الملقن في التوضيح، قلت ويؤيده ما ثبت عن الحسن البصري أنه قال” إن بوله والله ثقيل ” رواه أحمد في مسنده 9516
15- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : “كفى بالمرء من الشقاء أو من الخيبة أن يبيت وقد بال الشيطان في أذنه فيصبح ولم يذكر الله” أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل ، ومحمد بن نصر في قيام الليل قال الحافظ ابن حجر إسناده صحيح ( نقله المقريزي في مختصره ).
16- (البول) ضررٌ كونيٌّ لا يقومُ حجَّةً على الوجوب وإن استشعر الحافظ رحمه الله تعالى منه الوجوب قاله محمد أنور شاه الكشميري كما في فيض الباري.
17- فيه صفة إبليس وجنوده ترجم بذلك البخاري.
18- أبهم الرجل المذكور سترا عليه.
19 – شدة عداوة الشيطان للإنسان، فإن لم يستطع صرفه عن أداء الواجبات ثبطه عن المستحبات.
20- يتعدى إيذاء الشيطان الوسوسة إلى اﻷذى البدني. والوقاية منه باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
21- ومن العجيب قال بعضهم – أظنه من غلاة الصوفية- وقد وقع لبعض أصحابنا ذلك فقام والبول سائح في أذنيه على رقبته، فغسله بحضرتي، وكان يعتقد أن ذلك معنى من المعاني.
22- وفي الباب عن أبي هريرة بسند رجاله ثقات رواه اﻹمام أحمد، وفيه عنعنة الحسن وهو مدلس.
——-
مشاركة سيف وأحمد بن علي :
اختلف أهل العلم في المقصود بقوله : (مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ) :
– فقيل : نام عن التهجد وقيام الليل :
فبوب له النسائي : ” بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ ” .
وبوب له ابن حبان : ” ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ كَثْرَةِ التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ وَتَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى النَّوْمِ ” .
وبوب له المنذري في “الترغيب والترهيب” (1/ 250): ” التَّرْهِيب من نوم الْإِنْسَان إِلَى الصَّباح وَترك قيام شَيْء من اللَّيْل ” .
بوب النووي:
باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح
– وقيل : نام عن صلاة الفريضة : العشاء أو الصبح .
قال ابن حبان عقب روايته للحديث : ” قَالَ سُفْيَانُ – هو الثوري ، أحد رواة الحديث – : ” هَذَا عِنْدَنَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ نَامَ عَنِ الْفَرِيضَةِ ” .
وقال الحافظ رحمه الله :
” وَيُرَادُ بِهِ صَلَاةُ اللَّيْلِ أَوِ الْمَكْتُوبَةُ ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ سُفْيَانَ : هَذَا عِنْدَنَا نَامَ عَنِ الْفَرِيضَة ” انتهى من “فتح الباري” (3/ 28)
وقال ابن حزم رحمه الله :
” إنَّمَا هُوَ عَلَى الْفَرْضِ ” انتهى من “المحلى” (2/ 6)
وذهب الطحاوي رحمه الله إلى أن المقصود النوم عن صلاة العشاء ، كما في “طرح التثريب” (3/ 86) .
قال ابن عبدالبر في الاستذكار:
وعلى هذا حمل الطحاوي قوله صلى الله عليه وسلم فيمن نام ليله كله حتى أصبح ذلك رجل بال الشيطان في أذنه قال هذا والله أعلم أنه نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى انقضى الليل كله.اهـ
قال الطحاوي في مشكل الآثار:
وسبب بول الشيطان في أذنه هو تضييع فرض العشاء وفعل مكروه النوم قبلها ومخالفة ربه وإطاعة شيطانه. اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي لم يصل الصبح أنه: بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ ” انتهى من “شرح الأربعين النووية” (ص 189)
– وقيل : يحتمل الصلاتين جميعا : صلاة الفرض ، وصلاة الليل .
قال القرطبي رحمه الله في “المفهم” (7/41) :
” معناه : أن الذي ينام الليل كله ولا يستيقظ عند أذان المؤذنين ولا تذكار المذكرين ؛ فكأن الشيطان سدَّ أذنيه ببوله ” انتهى .
وقال القاري رحمه الله :
” أَيْ: صَلَاةِ اللَّيْلِ ، أَوْ صَلَاةِ الصُّبْحِ ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (3/ 922)
وقال السندي رحمه الله : ” الظاهر عن صلاة العشاء ، ويحتمل عن التهجد، وبه يشعر كلام أصحاب السنن ” انتهى من “هامش مسند أحمد” (6/ 22)
وقال السندي في حاشيته على سنن النسائي:
حتى أصبح لعله ترك العشاء وظاهر كلام المصنف أنه ترك صلاة الليل. اهـ
ثانيا :
روى أبو داود (1314) والنسائي (1784) عن عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنَ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ، يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وروى ابن ماجة (1344) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ، وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ فَيُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ، كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ)
وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجة” .
والمقصود بذلك قيام الليل ، كما هو ظاهر، جاء في “الموسوعة الفقهية” (42/ 65):
” قَال الْفُقَهَاءُ: يُسَنُّ نِيَّةُ قِيَامِ اللَّيْل عِنْدَ النَّوْمِ لِيَفُوزَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ مِنَ اللَّيْل فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَل ) ” انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله :
” من كان له ورد يصليه من الليل فنام ومن نيته أن يقوم إليه فغلب عينه نوم : كتب له أجر ورده، وكان نومه عليه صدقة ” انتهى من “طريق الهجرتين” (ص 360)
ولكن تدخل فيه أيضا صلاة الفرض ، فمن نام عن صلاة الفرض وكان في نيته أن يقوم لها كتب له أجر الصلاة .
قال ابن عبد البر رحمه الله : ” مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقِيَامَ إِلَى صَلَاتِهِ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ إِلَى نَافِلَتِهِ مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عينه : فقد جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ ، وَنَوْمُهُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ ” انتهى من “الاستذكار” (2/ 376)
– وهل ورد رواية بذكر صلاة الصبح :
قال صاحبنا احمد بن علي:
20352- ما من أحد ينام إلا ضرب على صماخيه بجرير معقد فإن هو استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة وإن استيقظ فتوضأ انحلت عقدة أخرى فإن قام فصلى انحلت العقد كلهن فإن هو استيقظ ولم يتوضأ ولم يصل الصبح أصبحت العقد كلها كهيئتها وبال الشيطان فى أذنه (ابن النجار عن أبى سعيد)
أخرجه أيضًا : ابن حيان (3/35 ، رقم 246) .
198- حدثنا يحيى: حدثنا محمد بن الحسن بن سعيد الأصبهاني أبوجعفر: حدثنا بكر بن بكار: حدثنا قرة قال: سمعت عطية يحدث عن أبي سعيد الخدري،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أحد ينام إلا ضرب على سماخه بجرير معقد، فإن هو استيقظ فذكر الله عز وجل حلت عقدة، وإن استيقظ فتوضأ حلت عقدة أخرى، فإن قام فصلى حلت العقد كلهن، فإن هو استيقظ ولم يتوضأ ولم يصل أصبح العقد كلها كهيئتها، وبال الشيطان في أذنيه» .
قال ابن صاعد: ولم أعلم رفعه لنا إلا هذا الشيخ عن بكر بن بكار
قال باحث :بل تابعه النضر بن هشام عند أبي الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (1/ 186) ، ومن طريقه الشجري في «أماليه» (1/ 221) .
. ولكن عطية هو العوفي ضعيف.
المخلصيات وأجزاء أخرى لأبي طاهر المخلص
3575 – وعن أبي هريرة قال : إذا رقد أحدكم عقد على رأسه بجرير فإن قام فذكر الله عز و جل أطلقت واحدة وإن مضى فتوضأ أطلقت الثانية فإن مضى فصلى أطلقت الثالثة فإن أصبح ولم يقم شيئا من الليل ولم يصل الصبح أصبح وهو عليه – يعني الجرير
قلت : هو في الصحيح مرفوعا باختصار
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح
مجمع الزوائد
قلت سيف : ليس عند أحمد لفظ ( ولم يصل الصبح )
وهو في صحيح البخاري 3096 . ومسلم 776 وليس فيه ذكر للصبح . وذكره الشيخ مقبل في الصحيح المسند 937 وليس فيه ذكر للصبح وعزاه لأحمد 4/201 وليس فيه الصبح بل فيه ما يدل أن المقصود قيام الليل ففيه ( رجلان من أمتي ، يقوم أحدهما من الليل يعالج نفسه إلى الطهور ، وعليه عقد…. فيقول الله عزوجل للذين من وراء الحجاب : انظروا إلى عبدي هذا ، يعالج نفسه يسألني ما سألني عبدي فهو له)
اذا لم يرد لفظ ( ولم يصل الصبح ) إلا في حديث أبي سعيد. ونخشى أن يكون من طريق العوفي.
هذا في حديث انحلال العقد . أما في حديث بول الشيطان فورد في بعض الأحاديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له ان فلانا نام حتى أصبح فقال : ذاك رجل بال الشيطان في اذنه .
ونقل هذا للنبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة أنه لم يصل . إنما يكون لصلاة الفريضة . وهذا احتمال. وإلا يمكن أن يكون هو أخبر عن نفسه . لكن ترجيح كونه في الفريضة أقوى
فائدة :
وورد في المسند 14387 من حديث جابر مرفوعا : ما من ذكر ولا أنثى إلا وعلى رأسه جرير معقود ثلاث عقد. .. ) وقلنا على شرط الذيل على الصحيح المسند
وفي بعض طرق حديث أبي هريرة عند ابن ماجه ومحمد بن نصر بلفظ ( على رأس أحدكم حبل…)
قال صاحب طرح التثريب :نقل ابن عبدالبر أن العقد لا يعلم وغلب أن يكون كناية عن تثبيط الشيطان، وقيل عقد حقيقي كعقد السحر، وخص القفا لأنه محل الفهم والإدراك. وخص بالثلاث لأنه لا يكاد من يرجع للنوم ثلاثاً أن يستيقظ إلا والفجر طالع، والارجح أن انحلال العقدة بتمام الصلاة لذا شرع أن يبتدا بركعتين خفيفتين، وقيل ان الصلاة المقصودة هي العشاء والفجر، ثم من كان له عاده من قيام فغلبته عينه لا يشمله حديث العقد ويكتب له ربه ما نوى، ولم يجزم شارح شرح طرح التثريب بالمقصود بالصلاة، وفيه فضيلة انشراح الصدر والسرور منذ بدأ اليوم فإنه مما يعين على بقية الطاعات والدعوة لله أما إذا أصبح خبيث النفس فليبادر بالتوبة والاستغفار، وخبث النفس هنا لا يعارض النهي عن هذا الإطلاق في حق النفس فيحمل الجواز على وصف عام والنهي عن وصف النفس. انتهى من طرح التثريب بتصرف في المعنى وفي أحد الترجيحات.
وابن حجر رجح أن المقصود بالصلاة صلاة الفريضة وذهب أن البخاري إنما أورد هذه الأحاديث في التهجد لينبه أنه لا علاقة لها بقيام الليل
– ذكرنا الأسباب المعينة على قيام الليل في شرحنا لحديث ( رجلان من أمتي يقوم أحدهما يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد ، فيتوضأ ، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة. … فيقول الله عزوجل : انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني. ما سألني عبدي هذا فهو له ) وهو في الصحيح المسند .
فمما ذكرنا ذكر رب العزة عند الاستيقاظ. والأذكار. والابتعاد عن المعاصي. وصحبة الصالحين الناصحين. والاخذ بالاسباب من النوم مبكرا د
فائدة :اجتناب الذنوب والمعاصي من الأسباب المهمة للتوفيق لقيام الليل : فإذا أراد المسلم أن يكون مما ينال شرف مناجاة الله تعالى، والأنس بذكره في ظلم الليل ، فليحذر الذنوب ، فإنه لا يوفق لقيام الليل من
تلطخ بأدران المعاصي ، قال رجل لإبراهيم بن أدهم : إني لا أقدر على قيام الليل
فصف لي دواء ؟ فقال : لا تعصه بالنهار ، وهو يقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف ، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف . وقال
رجل للحسن البصري : يا أبا سعيد : إني أبيت معافى ، وأحب قيام الليل ، وأعد
طهوري ، فما بالي لا أقوم ؟ فقال الحسن : ذنوبك قيدتك . وقال رحمه الله : إن
العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل ، وصيام النهار . وقال الفضيل بن عياض
: إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ، فأعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك
خطيئتك .
فائدة : والحديث يوضح العلاقة بين ذكر الله والوضوء والصلاة من جانب وبين خبث النفس، فتعلم سبب خبث نفس كثير ممن يسهر على التلفاز.
وورد في صحيح الترغيب( من عجز منكم عن الليل أن يكابده… فليكثر ذكر الله ).
وفيه تسلط الشيطان بالوسوسة بالذنوب والشهوات ويزينها له، فلا بد من الاستعاذة بالله من مشاركته في الأموال والاولاد، ومن شره حيث قعد لابن آدم بأطرقه يصده عن الخير. ولا يمكن حصر أجناس شره فهو ساع في إيقاع الناس في كل شر وصدهم عن كل خير، وإن لم يستطع سلط عليهم مردة الإنس لإهلاكهم والإعتداء على أهل الخير.
ولعلنا نذكر كيف تنضي شيطانك والأذكار التي تضعفه إن شاء الله في مبحث آخر.
وراجع شرحنا للصحيح المسند 937 لحديث عقبة ففيه نقولات أكثر في أهمية قيام الليل والوسائل المعينة للقيام
– بول الشيطان في فم المتثاءب لا أصل له إنما الوارد :
عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فإذا عَطَسَ أحدكم وَحَمِدَ اللَّهَ كان حَقًّا على كل مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ له يَرْحَمُكَ الله وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هو من الشَّيْطَانِ فإذا تَثَاءَبَ أحدكم فَلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطَاعَ فان أَحَدَكُمْ إذا تَثَاءَبَ ضَحِكَ منه الشَّيْطَانُ ـ صحيح البخاري ج5/ص2298
– لا حجة للرافضة في طعنهم في صحيح البخاري وزعمهم أن علي بن أبي طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين ايقظهم : إن أنفسنا بيد الله إن شاء بعثها وإن شاء تركها. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرض من علي هذا الجواب ثم نحن نحسن الظن بعلي بن أبي طالب أنه غلبه وفاطمة النوم تلك الليلة. لكنه لم يحسن الرد على النبي صلى الله عليه وسلم
– كذلك ما نقل ابن حجر عن ابن مسعود قوله ( وايم الله لقد بال في أذن صاحبكم ليلة ) يعني نفسه . فنقول هذا من باب هظم النفس. وإلا ابن مسعود معروف أنه من حفظة كتاب الله. ومرة صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة طويلة. ثم هذا الإتقان لا يكون إلا من له نصيب من الليل.
– ضعف أبو عوانة والبزار والذهبي الحديث الذي فيه إذن النبي صلى الله عليه وسلم لصفوان بن المعطل في صلاة الصبح بعد طلوع الشمس حين اعتذر بقوله إنا أهل بيت عرف عنا ذلك. فسيرة صفوان وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن الأوقات التي تكره فيها الصلاة تدل أنه صاحب عبادة.
——
مشاركة أحمد بن علي:
قال صاحب كتاب تطريز رياض الصالحين:
في هذا الحديث: أن إهمال حق الله إنما ينشأ عن تمكن الشيطان من الإنسان، حتى يحول بينه وبين الأعمال الصالحة.اهـ
قال السيوطي في شرح النسائي:
قال القرطبي وغيره لا مانع من ذلك إذ لا إحالة فيه لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب وينكح فلا مانع من أن يبول وقيل هو كناية عن سد الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر وقيل معناه أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل فحجبه عن الذكر وقيل هو كناية عن ازدراء الشيطان له وقيل معناه أن الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول إذ من عادة المستخف بالشيء أن يبول عليه قال الطيبي خص الأذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم فإن المسامع هي موارد الانتباه وخص البول لأنه أسهل مدخلا في التجاويف وأسرع نفوذا في العروق فيورث الكسل في جميع الأعضاء . اهـ
قال ابن بطال في شرح البخاري:
قال المهلب : قوله : ( بال الشيطان فى أذنه ) على سبيل الإغياء من تحكم الشيطان فى العقد على رأسه بالنوم الطويل ، وقال ابن مسعود : كفى لامرئ من الشر أن يبول الشيطان فى أذنه . قال ابن قتيبة : والعرب تقول : بال فى كذا إذا أفسده ، قال الفرزدق : وإن الذى يسعى ليفسد زوجتى كساع إلى أسد الشرى يستبيلها معناه : يطلب مفسدتها .اهـ
قال الأثيوبي في ذخيرة العقبى:
عندي القول الأول هو الصواب، فبول الشيطان في أذن هذا النائم على حقيقته، إذ ما لا نع من ذلك، كما تقدم عن القرطبي وغيره، فلا داعي لصرف ظاهر النصّ إلى هذه التكلّفات التي ذكروها، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم.
ووقع في رواية الحسن عن أبي هريرة – رضي اللَّه تعالى عنه – في هذا الحديث عند أحمد: “قال الحسن: إن بوله واللَّه لثقيل”. ورَوى محمد بن نصر من طريق قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود – رضي اللَّه عنه -: “حسبُ الرجل من الخيبة والشرّ أن ينام حتى يصبح، وقد بال الشيطان في أذنه”. وهو موقوف صحيح الإسناد.
وقال الطيبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: خصّ الأذن بالذكر، وإن كانت العين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه، وخصّ البول لأنه أسهل مدخلاً في التجاويف، وأسرع نفوذًا في العروق، فيورث الكسل في جميع الأعضاء. قاله في “الفتح” . واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
——-