1146 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
رياح المسك العطرة
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بمراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
صحيح البخاري
باب من نام أول الليل وأحيا آخره
وقال سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما : نم . فلما كان من آخر الليل قال : قم. قال النبي صلى الله عليه وسلم ( صدق سلمان )
1146 عن الأسود قال : سألت عائشة رضي الله عنها : كيف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ؟ قالت : كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع الى فراشه ، فإذا أذن المؤذن وثب فإن كانت به حاجة اغتسل ، وإلا توضأ وخرج.
—–
مشاركة سيف : روايات الحديث :
عن الأسود بن يزيد، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم بالليل؟ فقالت:
«كان ينام أول الليل، ثم يقوم، فإذا كان من السحر أوتر، ثم أتى فراشه، فإن كانت له حاجة ألم بأهله، فإذا سمع الأذان وثب، فإن كان جنبا أفاض عليه الماء، وإلا توضأ، ثم خرج إلى الصلاة» اللفظ لأحمد 25949 .
– وفي رواية: «عن أبي إسحاق، قال: سألت الأسود بن يزيد عما حدثته عائشة، عن صلاة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم؟ قالت: كان ينام أول الليل، ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم قام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول، قالت: وثب، ولا والله ما قالت: قام، فأفاض عليه الماء، ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم بما تريد، وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين» اللفظ لأحمد 25213
– وفي رواية: «عن الأسود، قال: قلت لعائشة: أخبريني عن صلاة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، قال: قالت: كان رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، ينام أوله، ويقوم آخره، فإذا قام توضأ وصلى ما قضى الله، عز وجل، له، فإن كان به حاجة إلى أهله أتى أهله، وإلا مال إلى فراشه، فإن كان أتى أهله نام كهيئته، لم يمس ماء، حتى إذا كان عند أول الأذان وثب، والله ما قالت: قام، وإن كان جنبا أفاض عليه الماء، والله ما قالت: اغتسل، ولا توضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى ركعتين، ثم خرج إلى المسجد» اللفظ لأحمد 26311 .
ولفظ مسلم قريب 739 منه وفيه (…ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام ، فإذا كان عند النداء اﻷول قالت : وثب ، ولا والله . ما قالت : اغتسل ، وأنا أعلم ما تريد. وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة ثم صلى الركعتين ) .
ونقل محققو المسند تعليلات الأئمة للفظ ( ولم يمس ماء ) التي رواها زهير عن أبي إسحق ووهموا فيها أبا اباسحاق
وقال محققو المسند :وذكر مسلم رواية زهير في المتابعات وتعمد حذف هذه اللفظة.
وتوضح رواية عبدالرحمن بن الأسود أنه لعل المقصود . ماء غسل حيث فيها أنه توضأ ولفظها :كان يجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة حتى يصبح ولا يمس ماء أخرجها أحمد ويؤيده رواية هشيم بن عبدالملك عن عطاء عن عائشة.
وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال :؛ نعم ويتوضأ إن شاء.
تحقيق المسند 41/235
وعند ابن حبان 2593 ء : «عن الأسود، قال: سألت عائشة عن صلاة النبي صَلى الله عَليه وسَلم بالليل؟ فقالت: كان ينام أول الليل، ثم يقوم فيصلي، فإذا كان من السحر أوتر، فإن كانت له حاجة إلى أهله، وإلا نام، فإذا سمع الأذان وثب، وما قالت: قام، فإن كان جنبا أفاض عليه من الماء، وما قالت: اغتسل، وإلا توضأ، وخرج إلى الصلاة»
وفي رواية زهير عند أحمد 25215 . والنسائي قال ابواسحاق : أتيت الأسود بن يزيد وكان لي أخا أو صديقا فقلت : أبا عمرو ، قال : حدثني ما حدثتك أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صرح ابواسحاق بالسماع عند أحمد 25950
فوائد :
1- ورد أن الأسود سأل عائشة عدة أسأله فمن ذلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل كما في حديث الباب ومما سألها قوله : سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة. رواه البخاري
2- فيه اهتمام التابعين بسنن النبي صلى الله عليه وسلم
3- الأسود بن يزيد من أصحاب ابن مسعود.
4- فيه تحديث النساء للرجال بالعلم لكن كان من وراء حجاب.
5- فيه اختصاص أمهات المؤمنين ببعض السنن خصوصا عائشة .
6- كونهن أمهات للمؤمنين حيث أن الأسود في رواية ناداها بذلك. وفيه نصوص من الكتاب والسنة ، فمن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا ينادين الا بأمهات المؤمنين.
7- هذا من الأحاديث التي فيها احتمال اضطجاعه بعد الوتر. وورد في سنن أبي داود مرفوعا ( إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على يمينه ) كتاب الصلاة. باب الاضطجاع بعدها أي ركعتي الفجر ورجح بعض الأئمة أن الأمر شاذ إنما الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم.
8- ما نقل في مشاركة أحمد بن علي عن العيني قوله :ومما يستفاد منه: أنه صلى الله عليه وسلم كان ينام جنبا قبل أن يغتسل. انتهى
لا يدفع أن يكون توضأ كما ذكرنا أنه صلى الله عليه وسلم. كان يوصي بذلك.
__________
مشاركة ابي صالح :
فوائد الباب:
1- قوله (من نام أول الليل وأحيا آخره) ورد في حديث الباب قوله (كان ينام أوله ويقوم آخره) ، وقد أخرجه مسلم والنسائي من طريق أبي خيثمة، وابن ماجه وأحمد من طريق إسرائيل كلاهما عن أبي إسحق به بإسناد حديث الباب بلفظ (كان ينام أول الليل ويحيي آخره) .
2- قوله (وأحيا ) في مقابل (نام) إشارة إلى أن النوم موت ، وأن القيام حياة ، ومنه الدعاء عند اﻻستيقاظ (الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور)، وفيه دليل على البعث بعد الموت كما لا يخفى.
3- إن ذلك أعدل النوم وأنفعه للبدن فإنه ينام أوله ليعطي القوى حظها من الراحة، وينتبه آخره ليعطيها حظها من الرياضة والعبادة . قاله المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير.
4- فيه ذكر الوقت الذي كان يقوم فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم للتهجد قاله ابن حبان في صحيحه.
5- كان غالب أحواله صلى الله عليه وسلم نوم أول الليل وقيام آخره؛ أو آخر فعله قاله أبو العباس القرطبي في المفهم.
6- إحياء آخر الليل وفضله قاله البغوي في شرح السنة.
7- قوله (وقال سلمان) أي الفارسي رضي الله عنه، وهذا اﻷثر المعلق وصله البخاري في كتاب الصوم وغيره، ويأتي شرحه في موضعه إن شاء الله، وموضع الشاهد تفضيل سلمان صلاة آخر الليل على أوله، وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وتصويبه فعل سلمان وقوله.
8- حديث الباب متفق عليه، بل أخرجه الستة مختصرا جدا ومطولا، وليس عند الترمذي موضع الشاهد، وقد أخرجه في الشمائل المحمدية.
9- قوله (عن شعبة) تابعه إسرائيل عند أحمد وابن ماجه وابن حبان، وتابعهما أبو خيثمة عند مسلم، والجراح والد وكيع عند أحمد في مسند، وأبو بكر بن عياش عند إسحق في مسنده، وأبو عوانة عند أبي يعلى في مسنده
10- قوله (عن أبي إسحق عن اﻷسود) عند مسلم من طريق أبي خيثمة عن أبي إسحق سألت اﻷسود، وعند إسحق بن راهويه في مسنده من طريق شعبة سألت اﻷسود.
11- زاد النسائي في الصغرى والكبرى وإسحق بن راهويه كلاهما من طريق زهير “وكان أخا لي وصديقا” وكذا البيهقي في السنن الكبرى لكنه قال “جارا” مكان “أخا”.
12- إنما كان يقوم آخره ﻷجل حديث النزول السالف، وهذا كان فعل السلف. قاله المهلب عزاه إليه ابن بطال.
13- تقديم الطاعة على حظوظ النفس وقت الراحة من صفات المتقين.
14- جواز تأخير اﻻغتسال والنوم قبله.
15- قيل وظاهره عدم وضوئه للنوم مع الجنابة قاله ابن الملقن.
ورد من طريق إسرائيل عن أبي إسحق أخرجه أحمد، ومن طريق زهير عن أبي إسحق عند أحمد، ومن طريق اﻷعمش عن أبي إسحق عند أحمد، ومن طريق أبي عوانة عن أبي إسحق عند أبي يعلى “ثم نام كهيئته لم يمس ماء” طعن الحفاظ في هذه اللفظة وتوهموها مأخوذة عن غير اﻷسود وأن أبا إسحق ربما دلس فرأوها من تدليساته واحتجوا على ذلك برواية إبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن اﻷسود عن اﻷسود بخلاف رواية أبي إسحق، قلت قال اﻹمام مسلم فهذه الرواية عن أبي إسحق خاطئة، وذلك أن النخعي وعبد الرحمن بن اﻷسود جاءا بخلاف ما روى أبو إسحق.
16- وقد جمع بعض أهل العلم بين حديث نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن عمر قال يا رسول الله أينام أحدنا وهو جنب؟ قال نعم إذا توضأ ، وهذه اللفظة المشكلة في حديث أبي إسحق منهم أبو العباس بن سريج فقال الحكم بهما جميعا، أما حديث عائشة فإنما أرادت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمس ماء للغسل، وأما حديث عمر فمفسر ذكر فيه الوضوء وبه نأخذ . وقول أبي العباس أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، وقال بنحوه الطحاوي في شرح معاني اﻵثار.
17- قوله (به حاجة) للإغتسال بسبب الجماع قضى حاجته.
18- وزاد مسلم (فأفاض عليه الماء) قال اﻷسود (لا والله ما قالت اغتسل)
19- قوله (وإلا توضأ ) فيه أن النوم مظنة نقض الوضوء فله حكمه، وزاد مسلم في روايته (وضوء الرجل للصلاة).
20- قوله (فإذا أذن المؤذن ) وعند مسلم من طريق زهير عن أبي إسحق (فإذا كان عند النداء اﻷول) أي قبيل طلوع الفجر.
21- فيه إثبات أذانين للفجر اﻷول لتنبيه العباد، والثاني لدخول الوقت.
22- قوله (اغتسل) قاله الراوي بالمعنى، وإلا فقد قالت رضي الله عنها (قام فأفاض عليه الماء) قال اﻷسود بن يزيد ولا والله ما قالت اغتسل وأنا أعلم ما تريد.
23- حياء أم المؤمنين رضي الله عنها.
24- قوله (وثب) أي نهض، وفيه اﻻهتمام بالعبادة، واﻻقبال عليها بالنشاط، ولفظة الوثوب تدل عليه قاله العيني في عمدته. قلت وزاد اﻷسود بن يزيد في رواية ولا والله ما قالت “قام” ، وفيه عناية اﻷسود بألفاظ الحديث.
25- زاد مسلم في روايته (ثم صلى الركعتين) الظاهر أنهما ركعتا الفجر.
26 – الرحلة في طلب العلم وعلو اﻹسناد، فإن اﻷسود بن يزيد كوفي ورحل إلى المدينة وسمع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
————–
مشاركة ناصر الريسي :
الفوائد :
فقه الباب :
1- أي من فعل ذلك فقد عمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان عليها صلى الله عليه وسلم.
2- جعل القِيام كالحياة، والنَّوم كالموت
3- قوله صدق سلمان أي في جميع ما ذكر
4- فيه منقبة عظيمة لسلمان حيث صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقيد التصديق بشيء بل أجراه على إطلاقه
5- هذا التعليق مختصر من حديث طويل أورده البخاري في كتاب الأدب عن أبي جحيفة، قال : “آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي الدرداء وسلمان ، فزار سلمان أبا الدرداء” فذكر القصة.
فقه حديث عائشة رضي الله عنها:
6- حديث عائشة متفق عليه
7- من لطائف الإسناد أن فيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والسؤال والقول.
8- أن رواته ستة ما بين بصري وواسطي وكوفي .
9- وفيه حدثنا أبو الوليد وفي رواية أبي ذر قال أبو الوليد وهذا يدل على شيئين أحدهما أنه معلق والثاني أن سياق البخاري الحديث على لفظ سليمان بن حرب والتعليق وصله الإسماعيلي عن أبي خليفة عن أبي الوليد
10- فيه أنه من السنة تقسيم الليل إلى ثلاثة أقسام النصف الأول للنوم، والثلث الذي يليه للتهجد، والسدس الأخير للراحة والفراش.
11- أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته من نسائه بعد إحياء الليل بالتهجد، فإن الجدير به عليه الصلاة والسلام أداء العبادة قبل قضاء الحاجة أي الشهوة إذ العبادة مقدمة على غيرها وسيأتي النقل عن العيني في مشاركة أحمد بن علي .
12- قال المهلب : إنما كان يقوم آخره من أجل حديث التنزل ، وهذا كان فعل السلف
13- فيه أنه صلى الله عليه وسلم كان ربما نام جنباً قبل أن يغتسل بيانًا للجواز
————–
مشاركة أحمد بن علي :
أثر سلمان:
بوب عليه ابن حبان في صحيحه:
ذكر الإخبار بأن على المرء مع قيامه في النوافل إعطاء الحظ لنفسه وعياله
بوب عليه أصحاب نضرة النعيم :
الأحاديث الواردة في ذمّ (البذاذة والتبذل)
كذلك أوردوه في :
الأحاديث الواردة في ذمّ (الغلو) معنى
حديث 1146
قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله:
فيه دليل على أنه لا يجب الاستنجاء من النوم، حتى ولو توهم الإنسان أنه خرج منه شيء في نومه ، فلا يلتفت إلى هذا.اهـ
بوب عليه ابن حبان في صحيحه:
ذكر الوقت الذي كان يقوم فيه المصطفى صلى الله عليه و سلم للتهجد
قال ابن بطال في شرح البخاري:
وفيه : دليل أنه فى رجوعه من الصلاة إلى فراشه قد كان يطأ ويصبح جنبا ، ثم يغتسل ، وقد كان لا يفعل ذلك .اهـ
قال العيني في شرح البخاري:
ذكر معناه: قوله: (فإن كان له حاجة قضى حاجته) ، يعني: الجماع، وجواب: إن الذي هو جزاء الشرط محذوف، تقديره: فإن كانت له حاجة قضى حاجته. وقوله: (اغتسل) ، ليس بجواب، وإنما هو يدل على المحذوف، وفي رواية مسلم الجواب مذكور كما تراه، وقال الإسماعيلي: هذا حديث يغلط في معناه الأسود، فإن الأخبار الجياد: (كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وأمر بذلك من سأله) . قيل: لم يرد الإسماعيلي بهذا أن حديث الباب غلط، وإنما أراد أن أبا إسحاق حدث به عن الأسود بلفظ آخر غلط فيه، والذي أنكره الحفاظ على أبي إسحاق في هذا الحديث هو ما رواه الثوري عنه بلفظ: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء) . وقال الترمذي: يرون هذا غلطا من أبي إسحاق.
ومما يستفاد منه: أنه صلى الله عليه وسلم كان ينام جنبا قبل أن يغتسل. وفيه: الاهتمام في العبادة والإقبال عليها بالنشاط، ولفظة الوثوب تدل عليه. قال الكرماني: وكلمة: الفاء، تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته من نسائه بعد إحياء الليل، وهو الجدير به صلى الله عليه وسلم إذ العبادة مقدمة على غيرها.اهـ
——