65 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
———-
مسند أحمد ؛
17693 عن عبد الله بن بسر المازني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة، قالوا وكيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق؟ قال أرأيت لو دخلت (صيرة) فيها خيل دهم بهم، وفيها فرس أغر محجل أما كنت تعرفه منها؟ قال :بلى قال : فإن أمتي يومئذ غر من السجود، محجلون من الوضوء. قال الإمام أحمد حدثنا صفوان قال حدثني يزيد بن خمير الرحبي عن عبد الله بن بسر به
إسناده صحيح على شرط مسلم
قلت سيف : على شرط الذيل على الصحيح المسند
_-_-_-_-_-_-
فضيلة الوضوء
الغُرُّ : جمع الأغَر من الغُرّة : بياضِ الوجْه يُريد بَياض وجُوهِهم بنور الوُضوء يوم القيامة [ النهاية ، 3/ 661 ].
أي بيضُ مَواضع الوُضوء من الأيْدي والوجْه والأقْدام اسْتَعار أثرَ الوضوء في الوجْه واليَدَين والرّجْلين للإنسان من البَياضِ الذي يكون في وجْه الفَرس ويَدَيْه ورجْلَيْه . النهاية ( 1/ 899 ).
قوله (لَوْ دَخَلْتَ) بالخطاب (صَبْرَةً) بضم صاد أو كسرها وسكون موحدة، أي: ناحية (دُهْمٌ) بضم فسكون، أي: سود (بُهْمٌ) بضم فسكون، أي: خالص السواد. حاشية السندي على مسند الامام أحمد
الصيرة: حظيرة تتخذ للدواب من الحجارة وأغصان الشجر. انظر: النهاية 3/ 66.
يبشر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بأن الله سبحانه وتعالى يخصهم بعلامة فضل وشرف: يومَ القيامة، من بين الأمم، حيث ينادون فيأتون على رؤوس الخلائق تتلألأ وجوههم وأيديهم وأرجلهم بالنور، وذلك أثر من آثار هذه العبادة العظيمة، وهي الضوء الذي كرروه على هذه الأعضاء الشريفة ابتغاء مرضاة الله، وطلبا لثوابه، فكان جزاؤهم هذه المحمدة العظيمة الخاصة. تيسير العلام للبسام ص 33
قال المناوي : وهذا لا تدافع بينه وبين خبر الشيخين الآتي إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء وما ذاك إلا لأن المؤمن يكسى في القيامة نورا من أثر السجود ونورا من أثر الوضوء نور على نور فمن كان أكثر سجودا أو أكثر وضوءا في الدنيا كان وجهه أعظم ضياء وأشد إشراقا من غيره فيكونون فيه على مراتب من عظم النور والأنوار لا تتزاحم ألا ترى أنه لو أدخل سراج في بيت ملأه نورا فإذا أدخل فيه آخر ثم آخر امتلأ بالنور من غير أن يزاحم الثاني الأول ولا الثالث الثاني وهكذا؟ والوضوء هنا بالضم وجوز ابن دقيق العيد الفتح على أنه الماء . فيض القدير ( 2/ 182).
وقال ابن بطال : كنى أبو هريرة بالغرة عن التحجيل؛ لأنّه الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله ورد عليه بأنه يستلزم قلب اللغة وما نفاه ممنوع لأن الإطالة ممكنة في الوجه بالغسل إلى صفحة العنق مثلًا وبإدخال جزء من الرأس وقد اختلف في قدر التحجيل فقيل : إلى المنكب والركبة، وقد ثبت عن أبي هريرة رواية وفعلًا وعن ابن عمر من فعله، وقيل: إلى نصف العضد والساق . وقيل : إلى فوق ذلك، وقالت المالكية: لا يستحب ذلك لقوله – صلى الله عليه وسلم -: “فقد أساء وظلم” وقد دفع هذا بأن رواية مسلم صريحة في الإستحباب فلا تعارض بالإحتمال ودعوى اتفاق العلماء على خلاف مذهب أبي هريرة مدفوع بما نقلناه عن ابن عمر، وقد صرح باستحبابه جماعة من السلف وأكثر الشافعية والحنفية، وأما تأويلهم الإطالة بالمداومة على الوضوء فاعترض بأن الراوي أعرف بما روى كيفيته وقد صرح برفعه إلى الشارع هذا وقد استدل الحليمي بالحديث بأن الوضوء من خصائص الأمة ورد بأنه قد ثبت في قصة سارة مع الملك الذي أعطاها هاجر أن الملك لما هم بالدنو منها قامت توضأ، وتصلي وفي قصة جريج الراهب أنه قام فتوضأ وصلى وكلمه الغلام فالظاهر أن الذي اختصت به هذه الأمة هو الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء. [التنوير شرح الجامع الصغير / 3/ 585 ].
قال الطيبي : ومعناه أنهم إذا دعوا على رؤوس الأشهاد أو إلى الجنة كانوا على هذه الشية. شرح المشكاة ( 3/ 748)
تنبيه : – قال صاحبنا أحمد بن علي :
(ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺸﻴﺔ) ﺑﻜﺴﺮ اﻟﺸﻴﻦ ﻭﻓﺘﺢ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻠﻮﻥ ﻭاﻟﺼﻔﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻋﺪاﺩ اﻟﺨﻴﻞ ﻟﻠﺠﻬﺎﺩ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺳﺒﻞ اﻟﺨﻴﺮ
فيض القدير
قال الشوكاني :
ﻗﻮﻟﻪ: (ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺸﻴﺔ) ﺑﻜﺴﺮ اﻟﺸﻴﻦ اﻟﻤﻌﺠﻤﺔ ﻭﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻤﺜﻨﺎﺓ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ. ﻗﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ: اﻟﺸﻴﺔ ﻛﻞ ﻟﻮﻥ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻣﻌﻈﻢ ﻟﻮﻥ اﻟﻔﺮﺱ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻭﺃﺻﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﺷﻲ، ﻭاﻟﻬﺎء ﻋﻮﺽ ﻋﻦ اﻟﻮاﻭ، ﻳﻘﺎﻝ ﻭﺷﻴﺖ اﻟﺜﻮﺏ ﺃﺷﻴﻪ ﻭﺷﻴﺎ ﻭﺷﻴﺔ، ﻭاﻟﻮﺷﻲ: اﻟﻨﻘﺶ، ﺃﺭاﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻔﺔ ﻭﻫﺬا اﻟﻠﻮﻥ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻞ ﻭﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻓﻀﻞ اﻟﺨﻴﻞ اﻷﺩﻫﻢ اﻟﻤﺘﺼﻒ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎﺕ ﺛﻢ اﻟﻜﻤﻴﺖ. نيل الأوطار
سئل شيخ الإِسلام رحمه الله تعالى عن قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إنكم تأتون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء” وهذه صفة المصلين، فبم يعرف غيرهم من التاركين والصبيان فأجاب: الحمد لله رب العالمين، هذا الحديث دليل على أنه إنما يعرف من كان أغر محجلًا، وهم الذين يتوضؤون للصلاة، وأما الأطفال فهم تبع للرجال، وأما من لم يتوضأ قط ولم يصل فإنه دليل على أنه لا يعرف يوم القيامة. اهـ، من الفتاوى (21/ 171).
قوله تحت رقم 13 -: لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل”. رواه أحمد والشيخان.
قلت: قوله في الحديث: “فمن استطاع … ” مدرج فيه من أحد رواته ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره غير واحد من الحفاظ كما قال المنذري في “الترغيب” 1 / 92 والحديث عندهم من رواية نعيم بن المجمر عن أبي هريرة وقد بين أحمد في رواية له 2 / 334 – 523 أنه مدرج فقال في آخر الحديث:
“فقال نعيم: لا أدري قوله: “من استطاع أن يطيل غرته فليفعل” من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة؟ ”
وقال الحافظ في “الفتح “:
“لم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه”.
وكان ابن تيمية يقول: هذه اللفظة لا يمكن أن تكون من كلامه صلى الله عليه وسلم فإن الغرة لا تكون في اليد لا تكون إلا في الوجه وإطالته غير ممكنة إذ تدخل في الرأس فلا تسمى تلك غرة كذا في “إعلام الموقعين” 6 / 316. تمام المنة ص 92
و قال في [ سلسلة الهدى والنور ]: أما الحديث الثاني فأظن أنك تعنى قوله عَلَيْهِ الَسَلَّام وهو في البخاري وهو قوله عَلَيْهِ الَسَلَّام: (إني لأعرف أمتى يوم القيامة، قالوا: كيف يارسول الله؟ قال: يأتونى غرا محجلين من اثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل).
الحديث دون قوله: (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) صحيح، أما هذه الزيادة فيسميها الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره – بالتعبير الحديثى – أنها زيادة مدرجة أى ليست من حديث الرسول عَلَيْهِ الَسَلَّام، وإنما هي من بعض الرواة، ولذلك فالحديث ينتهى (غرا محجلين من آثار الوضوء)، أما زيادة (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) فهذه زيادة من بعض الرواة، ثم هى من حيث المعنى ليست صحيحة – كما يشرحون ذلك أيضا – ومن أدلتهم فى ذلك: أنها تعنى أن المسلم حين يتوضأ بدل ما يغسل من هنا إلى هنا، سيغسل مقدمة الرأس إلى أسفل الذقن، بدل ما يغسل إلى فوق المرفقين بأصبع أو أصبعين، يصل إلى العضد سيشمر هكذا، هذا خلاف السنة، وقد جاء فى الحديث الثابت عن الرسول عَلَيْهِ الَسَلَّام فى مسند الإمام أحمد وغيره (أنه توضأ ثلاث ثلاث ثم قال: فمن زاد على هذا – اى كما وكيفا – فقد تعدى وظلم) فلا يجوز الزيادة على ما جاء به الرسول عَلَيْهِ الَسَلَّام، لأنه كما تعلمون خير الهدى هدى محمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم.
قال العلامة العثيمين : أن هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم تدعى يوم القيامة غرا محجلين.
الغرة بياض الوجه والتحجيل بياض الأطراف أطراف اليدين وأطراف الرجلين يعني أن هذه المواضع تكون نورا يتلألأ يوم القيامة لهذه الأمة وهذه خاصة بنا ولله الحمد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم سيما ليست لغيركم يعني علامة تتبين بها أمة محمد في هذا اليوم المشهود
وهذا دليل على فضل الوضوء وأن أعضاء الوضوء تأتي بيضاء يوم القيامة تلوح من النور يقول فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل هذه الجملة ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هي من كلام أبي هريرة رضي الله عنه وليست بصحيحة من جهة الحكم الشرعي لأن ظاهرها أن الإنسان يمكنه أن يطيل غرته يعني يطيل وجهه وهذا غير ممكن فالوجه محدد من الأذن إلى الأذن ومن منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية وهذا مما يدل على أن هذه الجملة من كلام أبي هريرة رضي الله عنه قالها اجتهادا كما أشار إلى ذلك ابن القيم في النونية قال
وأبو هريرة قال ذا من كيسه …
فغدا يميزه أولو العرفان
وإطالة الغرات ليس بممكن …
أيضا وهذا واضح التبيان
لكن على كل حال ما فرضه الله علينا أن نغسل الوجوه والأيدي إلى المرافق والأرجل إلى الكعبين هذا هو منتهى الوضوء وكفى فخرا أن يأتي الناس يوم القيامة وهذه المواضع تتلألأ نورا من أجسادهم من أثر الوضوء ففي هذا دليل على فضيلة الوضوء وعلى إثبات البعث وأن الأمم يوم القيامة يأتي كل أمة تدعى إلى كتابها هل صدقت كتابها أم لم تصدق. [ شرح رياض الصالحين / 5 / 9 – 10 ]