73 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة –
——-
أخرجه الحاكم (4/367) قال : حدثنا علي بن حمشاذ العدل ثنا محمد بن غالب ثنا عفان ثنا همام حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن أبي ذر : أنه أتى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقال : إني أحُبُّكم أهلَ البيتِ ، فقال له النَّبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الله ، قال : الله ، قال : (( فأعد للفقر تجفافا ، فإن الفقر أسرع إلى من يحبنا من السيل من أعلى الأكمة إلى أسفلها )) .
قلت سيف : على شرط المتمم على الذيل
ولم نجعله على شرط الذيل لأنني لم اجد لعبدالله بن ابي طلحة رواية الا هذه ولم يصرح بالسماع . لكن عبدالله بن أبي طلحة ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحنكه النبي صلى الله عليه وسلم –
——-
فضل الزهد و التقلل من الدنيا
«التجفافُ» بكسرِ التاءِ المثناةِ فوقُ وَإسكانِ الجيمِ وبالفاءِ المكررة: وَهُوَ شَيْءٌ يُلْبَسُهُ الفَرَسُ، لِيُتَّقَى بِهِ الأَذَى، وَقَدْ يَلْبَسُهُ الإنْسَانُ.
قال المناوي :
(فأعد للفقر تجفافا) أي مشقة وهو بكسر المثناة وسكون الجيم وبالفاء المكررة وهو ما جلل به الفرس ليقيه الأذى وقد يلبسه الإنسان فاستعير للصبر على مشاق الشدائد يعني أنك ادعيت دعوى كبيرة فعليك البينة وهو اختبارك بالصبر تحت أثقال الفقر الدنيوي الذي هو قلة المال وعدم الموافق وتحمل مكروهه وتجرع مرارته والخضوع والخشوع بملابسته بأن تعد له تجفافا والتجفاف إنما يكون جنة لرد الشيء كذا قرره جمع وقال الزمخشري: معناه فلتعد وقاءا مما يورد عليه الفقر والتقلل ورفض الدنيا من الحمل على الجزع وقلة الصبر على شظف العيش. اه. وقال بعضهم: ذهب قوم إلى أن من أحب أهل البيت افتقر وهو خلاف الحقيقة والوجود بل معنى الخبر فليقتد بنا في إيثارنا الفقر على الدنيا (فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل) إذا انحدر من علو (إلى منتهاه) أي مستقره في سرعة نزوله ووصوله والفقر جائزة الله لمن أحبه وأحب رسوله وخلعته عليه وبره له لأنه زينة الأنبياء وحلية الأولياء وشبهه بالسيل دون غيره تلويحا بتلاحق النوائب به سريعا ولات حين مناص له منها . فيض القدير ( 3 / 33 ).
قال المباركفوري : وفي القاموس التجفاف بالكسر آلة للحرب يلبسه الفرس والإنسان ليقيه في الحرب
فمعنى الحديث إن كنت صادقا في الدعوى ومحقا في المعنى فهيء آلة تنفعك حال البلوى فإن البلاء والولاء متلازمان في الخلا والملا
ومجمله أنه تهيأ للصبر خصوصا على الفقر لتدفع به عن دينك بقوة يقينك ما ينافيه من الجزع والفزع وقلة القناعة وعدم الرضا بالقسمة
وكنى بالتجفاف عن الصبر لأنه يستر الفقر كما يستر التجفاف البدن عن الضرقاله القارىء
(من السيل) أي إذا انحدر من علو (إلى منتهاه) أي مستقره في سرعة وصوله
والمعنى أنه لابد من وصول الفقر بسرعة إليه ومن نزول البلايا والرزايا بكثرة عليه فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل خصوصا سيد الأنبياء فيكون بلاؤه أشد بلائهم ويكون لأتباعه نصيب على قدر ولائهم. تحفة الاحوذي ( 7 / 14 – 15)
قال العثيمين : وكذلك أيضاً من الزهد في الدنيا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم من شظف العيش وقلة ذات اليد، حيث كان ينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه.
فيقال له: ألا نجعل لك وطاءً، يعني فراشاً تطؤه وتنام عليه؟ فقال: ((مالي وللدنيا؟، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس له هم في الدنيا، ولا يبقى عنده مال بل كله ينفقه في سبيل الله، ويعيش عيشة الفقراء.
ثم ذكر المؤلف أحاديث في أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء، وأن الفقراء أكثر أهل الجنة، وذلك لأن الفقراء ليس عندهم ما يطغيهم، فهم متمسكنون خاضعون.
ولهذا إذا تأملت الآيات؛ وجدت أن الذين يكذبون الرسل هم الملأ الأشراف والأغنياء، وأن المستضعفين هم الذين يتعبون الرسول، فلهذا كانوا أكثر أهل الجنة، وكانوا يدخلون الجنة قبل الأغنياء بتقادير اختلفت فيها الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمعها أن السير يختلف، فقد يكون السير في عشرة أيام لشخص مسرع يسيره الآخر في عشرين يوماً مثلاً. [ شرح رياض الصالحين / 3 / 379 – 380 ].
أيهما أفضل الفقير الصابر أم الغني الشاكر
قال ابن تيمية في المجموع ( 11/ 21): وقد تنازع الناس أيما أفضل : الفقير الصابر أو الغني الشاكر ؟ والصحيح : أن أفضلهما أتقاهما ؛ فإن استويا في التقوى استويا في الدرجة كما قد بيناه في غير هذا الموضع فإن الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة لأنه لا حساب عليهم . ثم الأغنياء يحاسبون فمن كانت حسناته أرجح من حسنات فقير كانت درجته في الجنة أعلى وإن تأخر عنه في الدخول . ومن كانت حسناته دون حسناته كانت درجته دونه .
قال ابن بطال: وأحسن ما رأيت في هذه المسألة ما قاله أحمد بن نصر الداودي قال: الفقر والغنى محنتان من الله، وبليتان يبلو بهما خيار عباده؛ ليبدي صبر الصابرين وطغيان البطرين، وإنما أشكل ذلك على غير الراسخين، فوضع قوم الكتب في تفضيل الغنى على الفقر، وعكس آخرون وأغفلوا الوجه الذي يجب الحض عليه والندب إليه.
وأرجو لمن صحت نيته، وخلصت له طويته، وكانت لوجهه مقالته أن (يجازيه) الله على نيته ويعلمه، قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} [الأنبياء: 35] وقال: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض} الآية [الإسراء: 83]. وقال: {إن الإنسان خلق هلوعا (19)} الآية [المعارج: 19] وقال: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه} إلى قوله: {أهانن} [الفجر 15 – 16] وقال: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء} [الشورى: 27] وقال: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا} الآية [الزخرف: 33] وقال: {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى } [العلق: 6 – 7] وقال: {وإنه لحب الخير لشديد } [العاديات: 8] يعني: لحب المال. وقال رسول الله – عليه السلام -: “ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخاف أن تفتح الدنيا عليكم .. ” الحديث . وكان – عليه السلام – يستعيذ من فتنة الفقر وفتنة الغنى، فدل هذا كله على أن ما فوق الكفاف محنة لا يسلم منها إلا من عصم، وقد قال – عليه السلام -: “ما قل وكفى خير مما كثر وألهى” . التوضيح لشرح الجامع الصغير ( 29/ 457)
قال العلامة الالباني : ويحضرني الآن مثال كان اختلف فيه العلماء قديما متسائلين هل الفقير الصابر خير أم الغني الشاكر , أقوال فمنهم من يقول هذا ومنهم من يقول هذا ثم ما رأيت جوابا قاطعا للخلاف نازعا إياه إلا كلمة ابن تيمية رحمه الله: ” أفضلهم عند الله عز وجل أكثرهم عملا صالحا ” , فالقضية مالها علاقة بالمال وبالفقر فقد يكون غنيا ويكون المال وبالا عليه وقد يكون الفقر أيضا وبالا عليه وقد يكون فقير صابر قانع بقضاء الله وقدره فيكون ذلك خير من ذلك الغني الذي تكلمنا عنه آنفا وبالعكس قد يكون هناك رجل غني أمواله اكتسبت بطريق حلال ثم هو أيضا يصرفها في الطرق الحلال إلى آخره ثم لا يفسد إنفاقه بالمن والأذى كما هو المأمور به في القرآن الكريم فيكون هذا خير من الكثير من الفقراء الصابرين , لأن منفعة هذا أكثر من منفعة ذاك الصابر على فقره , إذا الجواب هنا في مسألة الفقير كما قال ابن تيمية هنا تشبه المسألة هذه المسألة إذا كان الإنفاق على الداعية يغلب على ظن المنفق أنه أكثر فائدة بالنسبة للمجتمع من الإنفاق على يتيم فهذا هو الأفضل أو يكون العكس والله أعلم. [ سلسلة الهدى و النور ]