فتح المنان في جمع مسائل أصول الإيمان ( 29)
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——-‘
الفصل الرابع :
الواجب نحو أئمة المسلمين وعامتهم ولزوم جماعتهم .
النصيحة لولاة الأمر :
عن تميم الداري رضي الله عنه، عن رسول الله ﷺ، أنه قال: «الدّينُ النَّصِيحَةُ»، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لِلَّهِ وكتابهِ ورسولهِ وأئمَّةِ المسلمين وعامتهم». رواه مسلم
قال العلامة العباد حفظه الله: قوله: (ولأئمة المسلمين) وهم ولاة أمر المسلمين، والنصح لهم يكون بدلالتهم على الخير، والدعاء لهم، وترك الخروج عليهم ولو كانوا جائرين، وبذل النصح لهم، وغير ذلك مما هو مطلوب في حق الرعية للراعي والوالي؛ ولهذا جاء عن جماعة من السلف بيان ما يدل على عظم شأن الدعاء للولاة والنصح لهم، وذلك أنه يحصل بصلاحهم إذا صلحوا الخير الكثير؛ فقد جاء عن الإمام أحمد وعن الفضيل بن عياض أن كل واحد منهما قال: لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان. لأنه حينئذ سوف ينفع الناس ويصلحهم، ومعلوم أن الراعي إذا صلح فإن الأمور تصلح بصلاحه. وكذلك من طريقة أهل السنة والجماعة الدعاء للولاة وعدم الدعاء عليهم، وعلامة أهل السنة أنهم يدعون للولاة، وعلامة أهل البدع أنهم يدعون على الولاة. قوله: (وعامتهم) أي: عامة المسلمين، وذلك بالنصح لهم ودلالتهم على الخير وإعانتهم عليه، وإرادة الخير لهم، ودفع الشر عنهم، وغير ذلك من الأمور التي يشملها النصح لعامة المسلمين، وهذا حديث عظيم من جوامع كلم الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
شرح سنن أبي داود للعباد ٥٦٢/١١ — عبد المحسن العباد
قال العلامة الفوزان حفظه الله: والنصيحة لهم تشمل الدعاء لهم بالصلاح، وتشمل ستر عيوبهم وعدم إفشائها على الناس، وكذلك من النصيحة لهم: القيام بالأعمال التي يكلونها إلى الموظفين، ويعهدون بها إلى الولاة في القيام بها، هذا من النصيحة لولاة الأمور. [ شرح مسائل الجاهلية ( ٤٩- ٥١)].
الفرق بين أهل الجاهلية وبين أهل السنة في مسألة ولاة الأمر
قال العلامة الفوزان حفظه الله: وهذا فرق ما بين أهل الجاهلية وأهل الإسلام في مسألة ولاة الأمور ؛ أهل الجاهلية لا يرون الطاعة لولاة الأمور، ويرون ذلك ذلة. وأما الإسلام: فإنه أمر بطاعة ولاة أمور المسلمين، وإن كان عندهم شيء من الفسق في أنفسهم، أو عندهم ظلم للناس، يصبر عليهم؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين، وفي الخروج عليهم مضار للمسلمين أعظم من المفاسد التي في البقاء على طاعتهم مع انحرافهم الذي لا يخرجهم عن الإسلام، هذه القاعدة العظيمة التي جاء بها الإسلام في هذا الأمر العظيم. وأما أهل الجاهلية – كما سبق – لا يرون انعقاد ولاية، ولا يرون سمعًا ولا طاعة، ومثلهم الأمم الكافرة الآن، الذين يقولون بالحريات والديمقراطيات، ماذا تكون مجتمعاتهم الآن؟ همجية، بهيمية، قتل وسلب وفساد أعراض، وشر واضطراب أمن، وهم دول كبرى، وعندهم أسلحة، وعندهم مدمرات، لكن حالتهم حالة بهيمية – والعياذ بالله – لأنهم باقون على ما كانت عليه الجاهلية.
وأمر النبي ﷺ بالسمع والطاعة لهم، وأمر بالنصيحة لهم سرًا، بينهم وبين الناصح. وأما الكلام فيهم وسبهم واغتيابهم ؛ فهذا من الغش لهم؛ لأنه يؤلب الناس عليهم ويفرح أهل الشر، وهذا من الخيانة لولاة الأمور. أما الدعاء لهم وعدم ذكر معائبهم في المجالس، فهو من النصيحة لهم، ومن كان يريد أن ينصح الإمام فإنه يوصل النصيحة إليه في نفسه، إما مشافهة، وإما كتابة، وإما بأن يوصى له من يتصل به ويبلغه عن هذا الشيء؛ وإذا لم يتمكن فهو معذور.
أما أنه يجلس في المجالس أو على المنابر أو أمام أشرطة ويسب ولاة الأمور ويعيبهم، فهذا ليس من النصيحة .
وإنما هو من الخيانة لولاة الأمور، والنصيحة لهم تشمل الدعاء لهم بالصلاح، وتشمل ستر عيوبهم وعدم إفشائها على الناس، وكذلك من النصيحة لهم: القيام بالأعمال التي يكلونها إلى الموظفين، ويعهدون بها إلى الولاة في القيام بها، هذا من النصيحة لولاة الأمور. [ شرح مسائل الجاهلية ( ٤٩- ٥١)].
مسألة : احذر أن يكون فيك صفة من صفات الخوارج :
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :
* الذي لا يدعو للسلطان فيه بدعة من بدعة قبيحة، وهي: الخوارج -الخروج على الأئمة – ولو كنت ناصحاً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم لدعوت للسلطان ؛ لأن السلطان إذا صلح صلحت الرعية .
• أما بعض الناس إذا رأى من سلطانه انحرافاً وقيل: ادع الله أن يهديه، قال: لا لا هذا لن يهديه الله ، ولكن أدعو الله أن يهلكه إذاً ! كيف لا يهديه الله، أليس الله هدى بعض أئمة الكفر؟!!
ثم إذا قدر أن الله أهلكه كما تحب أنت الآن من الذي يتولى بعده ؟ من البديل ؟ !
الآن الشعوب العربية التي قامت على الثورة اسأل أهل البلدان:
أيها أحسن: عندما كانت البلاد ملكية أو لما كانت ثورية ؟
سيقولون بلسانٍ واحد بآنٍ واحد قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم: عندما كانت ملكية أحسن بألف مرة، وهذا شيء واضح )
[ لقاء الباب المفتوح، رقم ١٦٩ ].
[ من السنة لزوم الجماعة ]
قال عبدالعزيز الراجحي في شرحه على شرح السنة للبربهاري: قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن السنة لزوم الجماعة، فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان ضالًا مضلًا].
قوله: (ومن السنة لزوم الجماعة)، يعني: لزوم جماعة المسلمين، وجماعة المسلمين هم الصحابة والتابعون وتابعوهم والأئمة من بعدهم، فيجب على المسلم أن يلزم جماعة المسلمين ولا يشذ عنهم في الاعتقادات وفي الأعمال وفي الأقوال وفي الأفعال، قال الله عز وجل: ﴿ومَن يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وساءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء:١١٥]، فمن زعم أنه مخالف لجماعة المسلمين فهو متبع لغير سبيل المؤمنين وهو متوعد بأن يوليه الله ما تولى ويصليه جهنم.
والجماعة هم الصحابة والتابعون، وهم الذين يعملون بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ ويمتثلون الأوامر ويجتنبون النواهي، ويحذرون من البدع في الأقوال والأعمال والاعتقادات والنيات، قال عليه الصلاة والسلام: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قلنا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، وفي لفظ: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة). وروي هذا الحديث بألفاظ متعددة، وفيه أنه يجب لزوم الجماعة، وهي الفرقة الناجية، وهم أهل السنة والجماعة وهم أهل الحق، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى).
فإذًا: من السنة لزوم الجماعة ولزوم الجماعة هو العمل بالسنة، والعمل بما كان يعمل به جماعة المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهم أهل الحق، ولزوم طريقتهم في الاعتقادات وفي الأعمال وفي الأقوال .
شرح كتاب السنة للبربهاري – الراجحي ١/٧ — عبد العزيز الراجحي
[ لا يبقى في القلب غل ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة ]
عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثَلاثٌ لا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إخْلاصُ العَمَلِ لِلَّهِ، ومُناصَحَةُ وُلاةِ الأُمُورِ، ولُزُومُ جَماعَةِ المُسْلِمِينَ، فَإنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِن ورائِهِمْ». رواه الترمذي والشافعي وغيرهما.
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم: أي لا يبقى في القلب غل ولا يحمل الغل مع هذه الثلاثة، بل تنفي عنه غله، وتنقيه منه، وتخرجه منه، فإن القلب يغل على الشرك أعظم غل. وكذلك يغل على الغش، وعلى خروجه عن جماعة المسلمين بالبدعة والضلال. فهذه الثلاثة تملؤه غلا ودغلا. ودواء هذا الغل واستخراج أخلاطه، بتجريد الإخلاص والنصح، ومتابعة السنة. انتهى.
أي فمن أخلص أعماله كلها لله، ونصح في أموره كلها لعباد الله، ولزم الجماعة بالائتلاف، وعدم الاختلاف، وصار قلبه صافيا نقيا، صار لله وليا، ومن كان بخلاف ذلك، امتلأ قلبه من كل آفة وشر، والله أعلم.
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة ١/١٩٨ — عبد الرحمن السعدي
مسألة: أخطر الخوارج هم القعدية .
يقول ابن حجر: ” القعد؛ الخوارج، كانوا لا يُرون بالحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه”. التهذيب: ( 8/114).
ويقول” القعدية: الذين يزينون الخروج على الأئمة ولا يباشرون ذلك” هدي الساري: ( 459).
والقعدية الذين يهيجون الناس ويزرعون الأحقاد في قلوبهم على ولاة الأمر ويصدرون الفتاوى باستحلال ما حرم الله باسم تغيير المنكر وهم أخبث فرق الخوارج.
روى أبو داود في مسائل الإمام أحمد- رحمه الله- عن عبدالله بن محمد الضعيف- رحمـه الله- أنه قال: ” قعد الخوارج هم أخبث الخوارج ” ( ص/ 271).
قال العلامة محمد العثيمين رحمه الله : بل العجب أنه وُجّه الطعن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، قيل لـه : إعدل، وقيل لـه: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ما أخذ السيف على الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه أنكر عليه.ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول. الناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لا بد أن يكون هنـاك شيء يثـيرهم وهو الكلام. فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجاً حقيقة، دلت عليه السنة ودل عليه الواقع. ا.هـ.
فتاوى العلمـاء الأكابر: ( ص / 96).
،،،،،،،،،
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
الخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا أشد الخروج ويكون بالكلام، بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر، هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم، فالكلام خروج ) .
وقال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله :«والخروجُ على ولاةِ الأمور ليس هو الخروج بالسلاح فقط؛ بل الخروج بالسلاح، وباللسان».
«التعليق على صحيح مسلم» (ص90- 91) .
[ الجهاد مشروط بولي الامر ]
️قال الشيخ العلامة /
أحمد بن يحيى النجمي – رحمه الله في القول الحثيث على عقيدة أهل الحديث:
قوله : [ ويثبتون فرض الجهاد للمشركين منذ بعث الله نبيه إلى آخر عصابةٍ تقاتل الدجال وبعد ذلك ]
أقول : الجهاد فرض كفاية لقوله :
﴿ وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ﴾ وقوله : ﴿ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ﴾. فالجهاد فرضٌ لهاتين الآيتين لكنه مفروض بشروط :
1 – أن يكون تحت لواءٍ إمامٍ يجاهدُ وأتباعه يجاهدون معه .
2 – أن يكون القوم المجاهدون لهم قوةٌ يناوئون بها العدو .
3 – جعل الله عز وجل الوجوب معلقاً بما إذا كان عدد المسلمين المجاهدين يقابل عدد ضعفهم ؛ كما في قوله تعالى :
﴿ ٱلْـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًۭا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّا۟ئَةٌۭ صَابِرَةٌۭ يَغْلِبُوا۟ مِا۟ئَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌۭ يَغْلِبُوٓا۟ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ .
– فإذا لم يعزم الإمام على الجهاد فإنّ الجهاد لا يجب على الرعية لأنّ الجهاد الشرعي لا يتم الإّ بقيادة والقيادة لا تتم إلاّ بقوةٍ إذ أنّ القوة المبعثرة لاتنفع .
– فمن يذهب بنفسه للجهاد أو جماعةً يذهبون بأنفسهم له بزعمهم أنّهم يجاهدون من دون قيادةٍ ولا إمام ؛ فهذا لا ينبغي ، والواجب على ولاة الأمور أن ينظروا في هذا الأمر.
– القول الحثيث على عقيدة أهل الحديث من مقالات الإسلاميين للامام أبي الحسن الأشعري / ص١١٢ .
مسألة:
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
” الرجوع فيما يشكل على الناس من أمور الأمن والخوف والحرب والسلم إلى أولي الأمر وأهل الحل والعقد , فأمور الأمن وأمور الخوف وأمور الحرب والسلم والمعاهدات هذه من شئون ولاة أمور المسلمين، ومن شئون أهل الحل والعقد ، هم الذين يدرسونها ، وهم الذين يتولونها ، وفيهم الكفاية ولله الحمد ، أما إذا صارت مباحة لكل أحد ، وتدخل فيها كل أحد فإن هذا مما يفسد الأمر ، ومما يبلبل الأفكار ، ومما يشغل الناس بعضهم ببعض ومما يفقد الثقة بين المسلمين وبين الراعي والرعيّة ، وبين الأفراد والجماعات ، وتصبح شغل الناس الشاغل ، وفي النهاية لا يتوصلون إلى شيء ”
كتاب ( وجوب التثبت من الأخبار و احترام العلماء )
مسألة:
تفصيل ماتع للشيخ صالح آل الشيخ للموضع التي يتعين طاعة ولي الأمر فيها
قال كما في شرح العقيدة الطحاوية : (( [المسألة السابعة] :
الأئمة وولاة الأمور طاعتهم مِنْ طاعة الله – عز وجل – ومِنْ طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فطاعة المؤمن لهم في المعروف عبادة وقُرْبَةْ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل طاعتهم من طاعته حِفْظَاً لبيضة هذه الأمة وجمعاً للكلمة وقوةً لها على أعدائها.
والعلماء ذكروا أنَّ تصرفات ولاة الأمور يعني من حيث التنظير تكون على أحد أنحاء:
1- الأول: أن يأمروا بالطاعة، أن يأمروا بشيءٍ فيه طاعة، يأمروا الناس بإقامة الصلاة، يأمروا الناس بإيتاء الزكاة، يأمروا الناس بأداءْ الحقِّ الشرعي بعامَّة، ينهون الناس عن المحرمات، يقيمون الحدود، يأمرون بالمعروف ينهون عن المنكر ونحو ذلك مما هو مَعْلُومٌ الأمر به أمر إيجاب أو أمر استحباب أو معلومٌ النهي عنه نهي تحريم أو كراهة في الشَّريعة.
2- الثاني: أن يأمروا بأَمْرٍ اجتهادي لهم فيه اجتهاد، وهذا الاجتهاد إما أنْ يكون عن خلافٍ شرعي واختاروا أحد الأقوال أو أحد الرأيين أو أحد الوجهتين، أو اجتهادهم كان مبنياً في مسائل حادثة لا يَعْلَمُ الناس لها الحُكْمْ، أو لم يُرَاد أن تُبْحَثْ مثل المسائل الدنيوية والمسائل العامة التي تجري في الناس.
3- الثالث: أن يأمروا بمعصية الله – عز وجل -.
أما الأول فإن طاعتهم في ذلك واجبة بالإجماع وطاعتهم في ذلك من طاعة الله – عز وجل – وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والثاني: وهي المسائل الاجتهادية فإنَّ ولي الأمر إذا ذَهَبَ إلى أحد الأقوال في المسألة واجتهد، أو اجتهد في المسألة اجتهاداً له لا يُخَالِفُ مُجْمَعَاً عليه، فإنَّ طاعته في ذلك متعينة أيضاً إذا كان متعلقاً بالأمة بعامة.
فالمسائل الاجتهادية داخلة في عموم الأحاديث التي فيها الطاعة في المعروف؛ لأنَّ طاعة الأمير في المعروف التي جاء فيها الدليل، إنَّما الطاعة في المعروف تشمل الصورتين: الصورة الأولى والصورة الثانية لأن الاجتهاد مُعتبرٌ شرعاً.
والثالث: وهي أن يأمر بمعصية الله – عز وجل -، فالأمر بالمعصية قد يكون عاماً وقد يكون خاصاً، وعلى كلٍّ فلا تجوز طاعته فيما فيه معصيةٍ لله – عز وجل -؛ لأنَّهُ لا طاعة لمخلوقْ في معصية الخالق لقوله صلى الله عليه وسلم «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحبّ وكره إلا أن يؤمر بمعصية» .
فإذاً الأدلة التي فيها الأمْرْ بطاعة ولي الأمر، أو التي فيها بيان الطاعة، إنما الطاعة في المعروف، تُفْهَمُ معاً ولا يُضْرَبُ بعضها ببعض؛ يعني أنَّ ولي الأمر يطاع إلا في المعصية:
– يُطَاع فيما فيه طاعة.
– ويطاع في المسائل الاجتهادية.
– ولا يطاع بما فيه معصية لله – عز وجل -.))
مسألة: الاستعانة بالسلطان لازالة الظلم والأذى :
قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله :
[فاذا سقط انسان في منكر وزجرته فلم ينزجر فلك ان تستعين بالسلطة بالامير او القاضي او من له ولاية وقدرة على ردع هذا وزجره من المعاصي التي يرتكبها، كأن يكون يشرب الخمر او…او يؤذي الناس].
# النقد منهج شرعي ص22.
الحذر من الاستهزاء بولاة الأمر والعلماء.
قال سهلُ بن عبد الله رحمه الله:
لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم و أخراهم.
تفسير القرطبي(٢٦٠/٥).
سؤال وجه للشيخ عبدالمحسن العباد :
كيفية النصيحة لولاة الأمر إذا كان المراد بهم العلماء؟ السؤال كيف تكون النصيحة لولاة الأمر إذا كان المراد بهم العلماء؟الجواب : النصيحة للعلماء تكون بمحبتهم والدعاء لهم وتوقيرهم، والاستفادة من علمهم، والرجوع إليهم في أمور الدين، وعدم الولوغ في أعراضهم؛ لأن الولوغ في أعراضهم ليس كالولوغ في أعراض سائر الناس، كما قال ابن عساكر: إن لحوم العلماء مسمومة. يعني: أن الإنسان الذي يقع فيهم إنما يقع في الهلاك وما فيه الضرر، فتوقيرهم واحترامهم والرجوع إليهم وإرشاد الناس إلى الاستفادة من علمهم، وعدم قطع الطريق التي توصل إلى الاستفادة منهم، كل ذلك من النصيحة لعلماء المسلمين. [ شرح الأربعين النووية – العباد ١٤/١٥ — عبد المحسن العباد ].