فتح الكريم المنان شرح أصول الإيمان ( 6):
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا ) .
——-‘——-‘——
المبحث الثاني : حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد.
لمحبته صلى الله عليه وسلم لأمته بين لهم ما يعارض التوحيد حتى تركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها قال تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[سورة التوبة 128]
وفي المطالب التالية عرض يتبين من خلاله حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده كل طريق يفضي إلى الشرك والباطل.
المطلب الأول الرقى :
تعريفها :
حكمها :
شروطها :
الرقية الممنوعة :
—–
الرقية :
قال أبوعمر: والرقية بالضم العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات. ” التمهيد” (2/ 291).
قال الطيبي ما يرقى به من الدعاء لطلب الشفاء. ” فيض القدير” ( 1/ 490).
للرقية فائدة عظيمة وكبيرة لمن فعل ذلك على الوجه الشرعي، والرقية هي دعاء عظيم مشتمل على الثناء على الله عز وجل بأن يذهب المرض والألم، وتكون الرقية لمن هو بحاجة إليه. ” شرح سنن أبي داود للعلامة العباد”
حكمها:
فالتداوي مشروع وجائز: ” ما أنزل الله داءً إلا قد أنزل له شفاء، علمه مَن علمه وجهله مَن جهله “. والرقية مشروعة بالقرآن؛ القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا، ولا دواء أنجع من الرقية بالقرآن والسنة. اسئلة مهمة حول الرقية و الرقاة للعلامة ربيع بن هادي.
قال الطبرى : فيه البيان عن جواز الرقية بكل ما كان دعاء للعليل بالشفاء . وذلك أن النبي عليه السلام كان إذا عاد مريضا قال القول الذى تقدم ، وذلك كان رقيته التى كان يرقى بها أهل العلل ، وإذا كان ذلك دعاء ومسالة للعليل بالشفاء فمثله كل مارقى به ذو عله من رقية إذ كان دعاء لله ومسألة من الراقي ربه للعليل الشفاء فى أنه لابأس به. ” شرح صحيح البخاري لابن بطال” ( 9/ 433).
قال أبو عمر لا أعلم خلافا بين العلماء في جواز الرقية من العين أو الحمة وهي لدغة العقرب وما كان مثلها إذا كانت الرقية بأسماء الله عز وجل ومما يجوز الرقي به وكان ذلك بعد نزول الوجع والبلاء وظهور العلة والداء وإن كان ترك الرقى عندهم أفضل وأعلا لما فيه من الاستيقان بأن العبد ما أصابه لم يكن ليخطئه وأنه لا يعد شيء وقته وأن الأيام التي قضى الله بالصحة فيها لم يسقم فيها من سبق في علم الله صحته. ” الإستذكار” ( 405).
قال المناوي:أي هي جائزة (ما لم يكن فيه) أي فيما رقى به (شرك) أي شيء يوجب اعتقاد الكفر أو شيء من كلام أهل الشرك الذي لا يوافق الأصول الإسلامية فإن ذلك محرم. ” فيض القدير.
شروطها:
وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى واختلفوا في كونها شرطا والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. ” فتح الباري لابن حجر” ( 10/ 195).
و قال العلامة ربيع بن هادي: إخلاص الراقي وإخلاص المرقي -بارك الله فيك- وصدق اللجأ إلى الله تبارك وتعالى. فإذا كان الطرفان مخلِصان لله عز وجل، والرقية بالقرآن أوالسنة؛ فإنه لا دواء أنجع من هذا الدواء، . اسئلة مهمة حول الرقية و الرقاة
الرقية الشرعية والممنوعة
الرقية الممنوعة: والمقصود بذلك الرقى التي تشتمل على الشرك، أو على أمور مجهولة لا يدرى ما هي، فهذه هي التي يبتعد عنها،
وأما الرقية بالقرآن وبالأذكار والأدعية المباحة فلا بأس بها. [ شرح سنن ابي داود] .
و قال السعدي: الرُّقية بالأمور المحرمة أو المجهولة لا تجوز، وبالأدعية الشرعية وما أشبهها إحسان من الراقي على المرقي . ” نور البصائر والألباب” ( 62).
و سئل العلامة ابن باز رحمه الله ما نصه :
سماحة الشيخ يستفسر الكثير من الناس عن كيفية الرقية الشرعية؟
ج: الرقية الشرعية هي الرقية بالآيات والدعوات الطيبة، هذه الشرعية، الرقية بالقرآن أو بالدعوات الطيبة، يرقي بالفاتحة، بآية الكرسي بغيرها من الآيات: قل هو الله أحد المعوذتين، بغيرها، هذه الرقية الشرعية، أو بالدعاء، يدعو له: اللهم رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك، أو: اللهم اشفه وعافه، اللهم أنزل عليه الشفاء اللهم أبرئه من مرضه، وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة. ” فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر” ( 1/ 327).
[ يستحب النفث في الرقية ]
الدليل : عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان ينفث في الرقية» . رواه ابن ماجه برقم ( 3528)، صححه الالباني.
قال الإمام البخاري في صحيحه : باب النفث في الرقية.
قال النووي على شرح لمسلم ( 14/ 182): والنفث نفخ لطيف بلاريق
فيه استحباب النفث في الرقية وقد أجمعوا على جوازه واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
[ اخذ الأجرة على الرقية]
عن أبي سعيد الخدري، أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل، فأعطي قطيعا من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب فتبسم وقال: «وما أدراك أنها رقية؟» ثم قال: «خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم» رواه مسلم .
الشاهد من الحديث: (خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم) هذا تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر وأنها حلال لاكراهة فيها. ” شرح مسلم للنووي” ( 14/ 188) .
قال ابن تيمية : ولا بأس بجواز أخذ الأجرة على الرقية نص عليه أحمد. ” المستدرك على مجموع الفتاوى” ( 4/ 51).
قال العلامة العباد حفظه الله: وأن أخذ شيء على الرقية سائغ؛ لأن هذا من قبيل العلاج، ومعلوم أن العلاج يكون بالقرآن وغير القرآن كالأدعية والأدوية التي أودع الله تعالى فيها الشفاء، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، فأخذ الأجرة مقابل ذلك لا بأس به.
قال العلامة ربيع: وجواز أخذ الأجر على الرقية مشروط بشفاء هذا المريض؛ كما في هذا الحديث: في الوقت نفسه كأنما نشط من عقال! فأخذوا القطيع، ولو كان ما شفي؛ ما أخذوا القطيع. أسئلة مهمة حول الرقية و المرقاة
حكم الرقية للكافر
السؤال: هل هذا الذي رقي في حديث الرقية كان كافراً؟ وهل تنفع رقية الكافر مع عدم إيمانه بالقرآن؟ الجواب: لا أدري هل كان كافراً أو مسلماً، لكن الرقية هي علاج، وقد يشفي الله الكافر بهذا العلاج. [ شرح سنن أبي داود للعلامة العباد حفظه الله ].
حكم إتخاذ الرقية مهنة
قال العلامة الألباني في سلسلة الهدى و النور :
لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام هذا الكلام الذي نسمعه في هذا الزمان من الذين تعاطوا مهنة الرقية لهؤلاء المصابين, فأنا أعتقد أن انتشارهذه المهنة هو ليس من الشرع لا من قريب ولا من بعيد, بل أنا أعتبر ذلك من محدثات الأمور ……………….
و سئل العلامة الفوزان حفظه الله :
سؤال : ما حكم فتح مراكز للرقية الشرعية وأخذ مبالغ محددة لمن أراد القرأة ؟
الجواب : هذه متاجرة ما جرى به عمل السلف ولا يتخذ الرقية لأجل الحرفة إنما هي إحسان وعلاج للمحتاج ولا يتخذها حرفة يتكسب بها ويفتح محل ويحط كتاب مثل الطبيب ويحط استقبال هذا ليس براقٍ هذا طماع يريد دراهم فقط وقد لا يحسن الرقية ولكن الناس يجهلون يقولون هذا هو الطبيب وهذا هو الراقي لأنهم يجهلون على كل حال هذا تلاعب بالرقية فهذا لا يجوز وأيضا ممنوع حتى من ناحية الدولة تمنع هذا
و سئل العلامة العباد حفظه الله :
السؤال: الآن بعض المقرئين يتخصص لرقية المرض، ويفتح له عيادة لذلك أو في بيته، فما الحكم؟ الجواب: نفع الناس طيب، ولكن ليس بهذا التوسع وبهذا الابتذال الذي قد حصل، فهذا التوسع غير جيد، حتى أن بعضهم بسبب كثرة المتعالجين عنده يقرأ على عدة أشخاص! فهذا لا وجه له، وكونه يبيع الماء المرقي هذا توسع غير جيد. ” شرح سنن ابي داود للعباد حفظه الله “.
[ الرقية تكون في جميع الاوجاع ]
قال الطيبي في شرح المشكاة قوله: (لا رقية إلا من عين أو حمة) : لم يرد به نفي جواز الرقية في غيرهما، بل تجوز الرقية بذكر الله تعالى في جميع الأوجاع.
و قال البغوي : الرقية بذكر الله سبحانه وتعالى في جميع الأوجاع. ” شرح السنة” .
و قال المناوي: وفيه ندب الرقية بأسماء الله وبالعوذ الصحيحة من كل مرض وقع أو يتوقع وأنه لا ينافي التوكل ولا ينقصه. ” فيض القدير” ( 5/ 130).
وقال العباد حفظه الله: وليس المقصود من قوله: (لا رقية إلا من عين أو حمة) أن الرقية مقصورة على العين والحمة، بل تكون فيها وفي غيرها، ولكن هذا فيه الإشارة إلى أن الرقية لهذين الشيئين -وهما ما يتعلق بالعين والحمة- أولى وأنفع، لا أن الرقية لا تجوز في غير ذلك، فقد رقى الرسول صلى الله عليه وسلم من بعض الأوجاع التي حصلت لأصحابه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم من غير العين والحمة. ” شرح سنن ابي داود للعلامة العباد” .
[ الإسترقاء ينافي كمال التوكل]
والاسترقاء طلب الرقية وهو نوع من السؤال. وأحاديث النهي عن مسألة الناس الأموال كثيرة كقوله: {لا تحل المسألة إلا لثلاثة} وقوله: {لأن يأخذ أحدكم حبله} الحديث وقوله {لا تزال المسألة بأحدهم.} وقوله: {من سأل الناس وله ما يغنيه.} وأمثال ذلك. ” المجموع لابن تيمية ( 1/ 78).
قال السعدي: وينبغي للمرقي أن لا يطلبها ابتداء؛ لمنافاة ذلك لكمال التوكل. ” نور البصائر والألباب” ( 62).
و قال ابن عثيمين: أن القراءة على المريض لا تنافي كمال التوكل بخلاف الذي يطلب من الناس أن يقرءوا عليه ففيه شيء من نقص التوكل لأنه سأل الخلق واعتمد على سؤالهم لكن إذا جاء إنسان يقرأ عليه ولم تمنعه فإن ذلك لا شيء فيه ولا يعد نقصا في التوكل ولهذا قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على غيره وقرئ عليه أيضا فذلك لا ينافي كمال التوكل إذا كان بغير سؤال . شرح رياض الصالحين.
والله الموفق .