22- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والمدارسة والاستفادة.
————————
المتمم على الذيل على الصحيح المسند :
مسند أحمد
2784 عن ابن عباس: أن امرأة من اليهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة، فأرسل إليها، فقال: ” ما حملك على ما صنعت؟ ” قالت: أحببت – أو أردت – إن كنت نبيا فإن الله سيطلعك عليه، وإن لم تكن نبيا أريح الناس منك
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا وجد من ذلك شيئا احتجم “، قال: ” فسافر مرة، فلما أحرم، وجد من ذلك شيئا، فاحتجم “
لعل هذا على الشرط اسناده صحيح رجاله ثقات ررجال الصحيح غير هلال بن خباب ووثقه بعض الائمة.
قلت سيف : هلال بن خباب اختلط في آخر عمره ولم يتميز. لكن لو نجعله على شرط المتمم على الذيل
اولا: لان الظاهر ان تغيره يسير و اشار الشيخ الألباني أن البيهقي ذكر له شواهد
———_
قوله (أَهْدَتْ) أرسلت (فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا) حين ظهر له أنها مسمومة (فَإِنَّ اللهَ سَيُطْلِعُكَ) من اطلع مخففًا (أُرِيحُ) من الإراحة (مِنْ ذَلِكَ) من أثر ذلك السم، أو لأجل ذلك الأكل. حاشية السندي على مسند الامام احمد
قلت : الحديث فيه اظهار لدلالة نبوته ، و كيف أن النبي اهدى له شاة مسمومة من هذه المرأة اليهودية ، و كذلك الحديث فيه قبول هدية أهل الكتاب ، و فيه أيضا جواز الحجامة و هو محرم ، و يجوز أيضا أن يحتجم من الداء ، سياتي كلام أهل العلم مفصلا .
قال ابن حجر : قال البيهقي يحتمل أن يكون تركها أولا ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها وبذلك أجاب السهيلي وزاد أنه كان تركها لأنه كان لا ينتقم لنفسه ثم قتلها ببشر قصاصا قلت ويحتمل أن يكون تركها لكونها أسلمت وإنما أخر قتلها حتى مات بشر لأن بموته تحقق وجوب القصاص بشرطه ووافق موسى بن عقبة على تسميتها زينب بنت الحارث وأخرج الواقدي بسند له عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ما حملك على ما فعلت قالت قتلت أبي وعمي وزوجي وأخي قال فسألت إبراهيم بن جعفر فقال عمها يسار وكان من أجبن الناس وهو الذي أنزل من الرف وأخوها زبير وزوجها سلام بن مشكم ووقع في سنن أبي داود أخت مرحب وبه جزم السهيلي وعند البيهقي في الدلائل بنت أخي مرحب ولم ينفرد الزهري بدعواه أنها أسلمت فقد جزم بذلك سليمان التيمي في مغازيه ولفظه بعد قولها وإن كنت كاذبا أرحت الناس منك وقد استبان لي الآن أنك صادق وأنا أشهدك ومن حضر أني على دينك وأن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال فانصرف عنها حين أسلمت.
الفتح ( 7 / 497 – 498 )
قبول هدايا اهل الكتاب
وقال الطبرى: قبول النبى (صلى الله عليه وسلم) هدايا المشركين إنما كان نظرا منه للمسلمين وعودا بنفعه عليهم، لا إيثارا منه نفسه به دونهم، وللإمام قبول هدايا أهل الشرك وغيرهم، إذا كان ما يقبله من ذلك للمسلمين، وأما رده هدية من رد هديته منهم، فإنما كان ذلك من أجل أنه أهداها له فى خاصة نفسه، فلم ير قبولها، تعريفا منه لأئمة أمته من بعده أنه ليس له قبول هدية أحد لخاصة نفسه. شرح صحيح البخاري ( 7 / 132 ).
قال العباد : وفيه: قبول الهدايا من الكفار، وأن ذلك سائغ، لاسيما إذا كان في ذلك القبول مصلحة وفائدة، وهي كونهم يميلون إلى الإسلام ويتجهون إليه، فإن مثل ذلك أمر مطلوب، وكذلك إذا كانوا جيراناً فإنه يتعامل معهم بالإحسان إليهم؛ لأن ذلك من أسباب هدايتهم ودخولهم في الإسلام. شرح السنن ابي داود
الحجامة للمحرم
جاء عن ابن عباس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به. [انظر: 1835 – مسلم ]
قال النووي : وفي هذا الحديث دليل لجواز الحجامة للمحرم وقد أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ لكن عليه الفدية لقطع الشعر فإن لم يقطع فلا فدية عليه ودليل المسألة قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية الآية وهذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس لأن لا ينفك عن قطع شعر أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فإن تضمنت قلع شعر فهي حرام لتحريم قطع الشعر وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه فهي جائزة عندنا وعند الجمهور ولا فدية فيها وعن بن عمر ومالك كراهتها. شرح النووي على مسلم ( 8 / 123 ).
23- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
”””””””””””””””””””’
• 1055 – حدثنا عبد الله، حدثني سريج بن يونس، حدثنا مروان الفزاري، أخبرنا عبد الملك بن سلع، عن عبد خير، قال: سمعته يقول: قام علي على المنبر، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ” قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر رضي الله عنه فعمل بعمله، وسار بسيرته، حتى قبضه الله عز وجل على ذلك. ثم استخلف عمر فعمل بعملهما، وسار بسيرتهما، حتى قبضه الله عز وجل على ذلك “
إسناده حسن. وسيأتي برقم (1059)
هذا الحديث رقم 1059
• 1059 – حدثنا عبد الله، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن نمير، عن عبد الملك بن سلع، عن عبد خير، قال: سمعت عليا، يقول: ” قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبي من الأنبياء عليهم السلام، ثم استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة نبيه، وعمر كذلك “
إسناده حسن. وانظر (1055).
الجواب:
كنا قلنا ليس على الشرط لكن اوقفني احد الاخوة على كلام للدارقطني
قال الدارقطني: عبد الملك بن سلع،
وخالد بن علقمه، أثبت ممن خالفهما. (يعني من إسماعيل السدي، والمسيب بن عبد خير، وأبي السوداء النهدي). «العلل» 4/ 52. موسوعة أقوال الدراقطني 2/ 422 برقم2227.
والمسيب ثقه وأبو السوداء ثقه
فتعتبر قرينة لتحسين حديثه
فهو على الشرط
———–_
استخلاف أبي بكر و عمر :
الحديث يبين استخلاف أبي بكر رضي الله عنه وقد جاء ت النصوص التي تشير ان من يتولى الخلافة بعد النبي أبو بكر وعمل بسنة النبي وسار على هديه ، وبين الحديث الطريقة الشرعية في تولى الإمامة ( الاستخلاف )، وسياتي تفصيل ذلك لاحقا ، و عندما مرض ابو بكر استخلف عمر رضي الله عنهم ، و قد أجمع أهل السنة و الجماعة على فضلهما و إمامتهما ، و فيه رد على الروافض الذين يبغضون أبا بكر و عمر ونالوا من بنتيهما بابشع الأوصاف القبيحة ،فعليهم من الله ما يستحقون .
قد ذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه “التمهيد” بحثاً نفيساً في بيان استخلاف أبي بكر رضي الله عنه، أحببت إيراده هنا لنفاسته، قال رحمه الله تعالى:
لَمّا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مروا أبا بكر يصلي بالناس”، في مرضه الذي توفي فيه، واستخلفه على الصلاة، وهي عُظْمُ الدين، وكانت إليه لا يجوز أن يتقدم إليها أحد بحضرته -صلى الله عليه وسلم-، فلما مرض استخلف عليها أبا بكر، والصحابة متوافرون، منهم علي، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم، استدل المسلمون بذلك على فضل أبي بكر، وعلى أنه أحق بالخلافة بعدُ، وعلموا ذلك، فارتضوا لدنياهم، وإمامتهم، وخلافتهم من ارتضاه لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأجل دينهم؛ وذلك إمامتهم في صلاتهم، ولم يكن يمنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أن يصرح بخلافة أبي بكر بعده -والله أعلم- إلا أنه كان لا ينطق في دين الله بهواه، ولا ينطق إلا بما يوحى إليه فيه.
قال الله عز وجل: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] ولم يكن يوحى إليه في الخلافة شيء، وكان لا يتقدم بين يدي ربه في شيء، وكان يحب أن يكون أبو بكر الخليفة بعده، فلما لم ينزل عليه في ذلك وحي، ونعني لم يؤمر بذلك، أراهم موضع الاختيار، وموضع إرادته، فعرف المسلمون ذلك منه، فبايعوا أبا بكر بعده، فخير لهم في ذلك، ونفعهم الله به، وبارك لهم فيه، فقاتل أهل الردة حتى أقام الدين كما كان، وعَدَل في الرعية، وقسم بالسوية، وسار بسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى توفاه الله حميداً، رضي الله عنه.
قال ابن أبي مليكة رحمه الله في حديث: “مروا أبا بكر، فليصل بالناس”: وأيّ خلافة أبين من هذا؟
قال أبو عمر رحمه الله: وقد جاءت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- آثار تدلّ على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسره، ويعلم أن الخليفة أبو بكر -والله أعلم-:
منها: حديث حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر”.
ومنها: حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه: أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألته عن شيء، فأمرها أن ترجع، قالت: يا رسول الله، إن رجعت، فلم أجدك؟ -قال: كأنها تعني الموت- قال: “فأتِ أبا بكر” . قال الشافعي رحمه الله: وفي هذا دليل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه. ….
وكان أبو بكر أوّل الناس؛ عزّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونصره، وآمن به، وصدقه، وصابر على الأذى فيه، فاستحق بذلك الفضل العظيم؛ لأن كل ما صنعه غيره بعده قد شاركه فيه، وفاتهم، وسبقهم بما تقدم إليه، فلفضله ذلك استحق الإمامة؛ إذ شأنها أن تكون في الفاضل أبداً ما وُجِدَ إليه سبيل، والآثار في فضائله ليس هذا موضعَ ذكرها، وإنما ذكرنا استحقاقه للخلافة بدليل الكتاب والسنة. التمهيد بتصرف ( 22/ 125 – 130 ).
قال ابن تيمية : والتحقيق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – دل المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك، ثم عزم على ذلك في مرضه يوم الخميس، ثم لما حصل لبعضهم شك: هل ذلك القول من جهة المرض، أو هو قول يجب اتباعه؟ ترك الكتابة اكتفاء بما علم أن الله يختاره والمؤمنون من خلافة أبي بكر [رضي الله عنه] .
فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة، لبينه النبي – صلى الله عليه وسلم – بيانا قاطعا للعذر، لكن لما دلتهم دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين وفهموا ذلك، حصل المقصود (* والأحكام يبينها – صلى الله عليه وسلم – تارة بصيغة عامة وتارة بصيغة خاصة *) ولهذا قال عمر [بن الخطاب] في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: ” وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ” رواه البخاري ومسلم . منهاج السنة النبوية ( 1/ 516 – 517 ).
و قال ايضا : فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسول [الله صلى الله عليه وسلم] له بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختيارا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله، وأنه أحقهم بهذا الأمر عند الله ورسوله، فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعا. المنهاج ( 1 / 523)
قال النووي في شرح مسلم حاصله أن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضره مقدمات الموت وقبل ذلك يجوز له الاستخلاف ويجوز له تركه فإن تركه فقد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا وإلا فقد اقتدى بأبي بكر وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة كما فعل عمر بالستة وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة ووجوبه بالشرع لا بالعقل وأما ما حكي عن الأصم أنه قال لا يجب وعن غيره أنه يجب بالعقل لا بالشرع فباطلان أما الأصم فمحجوج بإجماع من قبله ولا حجة له في بقاء الصحابة بلا خليفة في مدة التشاور يوم السقيفة وأيام الشورى بعد وفاة عمر رضي الله عنه لأنهم لم يكونوا تاركين لنصب الخليفة بل كانوا ساعين في النظر في أمر من يعقد له. تحفة الاحوذي ( 6 / 397 ).
استخلاف عمر
قال العلامة العثيمين في شرح العقيدة الاصفهانية :
وأن أبا بكر أفضل من عمر ، عمر رضي الله عنه يلي أبا بكرٍ في الخلافة بتعيينٍ من أبي بكر فإنه عينه وتحمل أبو بكرٍ رضي الله عنه المسؤولية في هذه الأمة حياً وميتاً ،
لكنه رضي الله عنه أدى الأمانة وَوُفِّق فصار من فضائله على الأمة أن استخلف عمر ابن الخطاب ،
ولا يخفى على أحدٍ منصف فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا قرأ سيرته.
عمر رضي الله عنه تولى الخلافة بعد أبي بكر وقام بأعباء الخلافة خير قيام وكثرت الفتوحات على يده وصار له من الهيبة والعظمة ما خذل الله به أعداءه ومع ذلك كان متواضعاً يقبل الحق من أي شخصِ كان وكان متواضعاً لا يأخذ من بيت المال إلا مثل ما يأخذه واحد من الناس ولا يعطي أحداً من أولاده إلا مثل ما يعطي واحداًَ من الناس بل ربما نَقَصَهُم وكان رضي الله عنه لم يتخذ لنفسه بوَّاباً ولا قصراً بل كان ينام في المسجد فيجمع الحصى ثم ينام عليها وِسادةً له وكان عليه رداءٌ مُرَقَّع وسيرته عجيبة لا تكاد تصدق بما يُنقل عنه.
قال العباد :
والحاصل أن الخليفة له أن يستخلف، وهذه طريقة شرعية، والطرق الشرعية في الوصول إلى الولاية ثلاث: هذه واحدة منها.
والثانية: اتفاق أهل الحل والعقد، ومثالها: بيعة أبي بكر، فإنها تمت باتفاق أهل الحل والعقد من كبار المهاجرين والأنصار.
والطريقة الثالثة: التغلب والقهر يعني: كون الإنسان يصل إلى السلطة بالقوة والغلبة، كما حصل من انتقال السلطة من الأمويين إلى العباسيين، فإن تولي أبي العباس السفاح إنما كان بالقهر والغلبة، وانتزاع الملك من بني أمية، ومع ذلك اعتبر ذلك ولاية شرعية، والناس سمعوا له وأطاعوا.
فهذه هي الطرق الثلاث الشرعية التي يكون بها الوصول إلى السلطة.
تنبيه: من أراد معرفة فضل الخلفاء الراشدين و من طعن فيهم و الرد على من نال من الخلفاء فليقرأ منهاج السنة النبوية للامام ابن تيمية رحمه الله فقد أجاد و افاد
24 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والمدارسة والاستفادة
””””””””””””””””’
الذيل على الصحيح المسند
مسند أحمد؛
2671 – حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” نَهَى عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ، وَعَنِ الْمُجَثَّمَةِ، وَعَنْ لَبَنِ الْجَلالَةِ “
اخرجه الشيخ مقبل في الصحيح المسند 657 مختصرا على النهي عن لبن الجلالة
فهو على الشرط
————
النهي عن شرب من في السقاء
و”السقاء” بكسر السين المهملة، وتخفيف القاف”، ككساء: جلد السَّخْلَة إذا أجذع، يكون للماء واللبن، جمعه أسقية، وأسقياتٌ، وأساق. قاله فِي “القاموس”.
قال الحافظ ابن حجر : قال أيوب فأنبئت أن رجلا شرب من في السقاء فخرجت حية وكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية عباد بن موسى عن إسماعيل ووهم الحاكم فأخرج الحديث في المستدرك بزيادته والزيادة المذكورة ليست على شرط الصحيح لأن راويها لم يسم وليست موصولة لكن أخرجها بن ماجة من رواية سلمة بن وهرام عن عكرمة بنحو المرفوع وفي آخره وأن رجلا قام من الليل بعد النهي إلى سقاء فاختنثه فخرجت عليه منه حية وهذا صريح في أن ذلك وقع بعد النهي بخلاف ما تقدم من رواية بن أبي ذئب في أن ذلك كان سبب النهي ويمكن الجمع بأن يكون ذلك وقع قبل النهي فكان من أسباب النهي ثم وقع أيضا بعد النهي تأكيدا وقال النووي اتفقوا على أن النهي هنا للتنزيه لا للتحريم كذا قال وفي نقل الاتفاق نظر لما سأذكره فقد نقل بن التين وغيره عن مالك أنه أجاز الشرب من أفواه القرب وقال لم يبلغني فيه نهي وبالغ بن بطال في رد هذا القول واعتذر عنه بن المنير باحتمال أنه كان لا يحمل النهي فيه على التحريم كذا قال مع النقل عن مالك أنه لم يبلغه فيه نهي فالاعتذار عنه بهذا القول أولى والحجة قائمة على من بلغه النهي قال النووي ويؤيد كون هذا النهي للتنزيه أحاديث الرخصة في ذلك
قلت لم أر في شيء من الأحاديث المرفوعة ما يدل على الجواز إلا من فعله صلى الله عليه و سلم وأحاديث النهي كلها من قوله فهي أرجح إذا نظرنا إلى علة النهي عن ذلك فإن جميع ما ذكره العلماء في ذلك يقتضي أنه مأمون منه صلى الله عليه و سلم أما أولا فلعصمته ولطيب نكهته وأما ثانيا فلرفقه في صب الماء وبيان ذلك بسياق ما ورد في علة النهي فمنها ما تقدم من أنه لا يؤمن دخول شيء من الهوام مع الماء في جوف السقاء فيدخل فم الشارب وهو لا يشعر وهذا يقتضي أنه لو ملأ السقاء وهو يشاهد الماء يدخل فيه ثم ربطه ربطا محكما ثم لما أراد أن يشرب حله فشربه منه لا يتناوله النهي ومنها ما أخرجه الحاكم من حديث عائشة بسند قوي بلفظ نهى أن يشرب من في السقاء لأن ذلك ينتنه وهذا يقتضي أن يكون النهي خاصا بمن يشرب فيتنفس داخل الإناء أو باشر بفمه باطن السقاء أما من صب من القربة داخل فمه من غير مماسة فلا ومنها أن الذي يشرب من فم السقاء قد يغلبه الماء فينصب منه أكثر من حاجته فلا يأمن أن يشرق به أو تبتل ثيابه قال بن العربي وواحدة من الثلاثة تكفي في ثبوت الكراهة وبمجموعها تقوى الكراهة جدا وقال الشيخ محمد بن أبي جمرة ما ملخصه اختلف في علة النهي فقيل يخشى أن يكون في الوعاء حيوان أو ينصب بقوة فيشرق به أو يقطع العروق الضعيفة التي بإزاء القلب فربما كان سبب الهلاك أو بما يتعلق بفم السقاء من بخار النفس أو بما يخالط الماء من ريق الشارب فيتقذره غيره أو لأن الوعاء يفسد بذلك في العادة فيكون من إضاعة المال قال والذي يقتضيه الفقه أنه لا يبعد أن يكون النهي لمجموع هذه الأمور وفيها ما يقتضي الكراهة وفيها ما يقتضي التحريم والقاعدة في مثل ذلك ترجيح القول بالتحريم وقد جزم بن حزم بالتحريم لثبوت النهي .
وحمل أحاديث الرخصة على أصل الإباحة وأطلق أبو بكر الأثرم صاحب أحمد أن أحاديث النهي ناسخة للإباحة لأنهم كانوا أولا يفعلون ذلك حتى وقع دخول الحية في بطن الذي شرب من فم السقاء فنسخ الجواز .
قلت ومن الأحاديث الواردة في الجواز ما أخرجه الترمذي وصححه من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدته كبشة قالت دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فشرب من في قربة معلقة وفي الباب عن عبد الله بن أنيس عند أبي داود والترمذي وعن أم سلمة في الشمائل وفي مسند أحمد والطبراني والمعاني للطحاوي قال شيخنا في شرح الترمذي لو فرق بين ما يكون لعذر كأن تكون القربة معلقة ولم يجد المحتاج إلى الشرب إناء متيسرا ولم يتمكن من التناول بكفه فلا كراهة حينئذ وعلى ذلك تحمل الأحاديث المذكورة وبين ما يكون لغير عذر فتحمل عليه أحاديث النهي
قلت ويؤيده أن أحاديث الجواز كلها فيها أن القربة كانت معلقة والشرب من القربة المعلقة أخص من الشرب من مطلق القربة ولا دلالة في أخبار الجواز على الرخصة مطلقا بل على تلك الصورة وحدها وحملها على حال الضرورة جمعا بين الخبرين أولى من حملها على النسخ والله أعلم. الفتح ( 10 / 91 – 92 ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه ( محمد بن ادم الاثيوبي ): قد تبيّن مما تقدّم أن أرجح الأقوال القول بتحريم الشرب منْ فِي السقاء؛ لقوّة دليله، وأما أحاديث الرخصة، فلا تعارضها؛ لأنها محمولة عَلَى حالة الضرورة، والحاجة، لا عَلَى إطلاقها، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. ذخيرة العقبى ( 34 / 72 ).
قال العثيمين : من آداب الشرب ألا يشرب الإنسان من فم القربة أو السقاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك والحكمة من هذا أن المياه فيما سبق ليست بتلك المياه النظيفة فإذا صارت في القربة أو في السقاء فإنه يكون فيها أشياء مؤذية عيدان أو حشرات أو غير ذلك مما هو معروف لمن كانوا يستعملون هذا من قبل فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم: عن اختناث الأسقية يعني أن الإنسان يكسر أفواهها هكذا ثم شرب وذكر أن رجلا شرب مرة هكذا فخرجت حية من القربة وهذا لاشك أنه على خطر إما أن تلدغه أو تؤذيه لهذا ينهي عن الشرب من فم القربة وليس من ذلك الشرب من الصنبور أو من الجرار التي يخزن فيها الماء لأن هذه معلومة ونظيفة فهو كالشرب من الأواني لكن إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يشرب الإنسان من فم القربة مثل أن يكون محتاجا إلى الماء وليس عنده إناء فإنه يشرب من في القربة وعلى هذا فيكون النهي عن ذلك. شرح رياض الصالحين ( 4 / 242 ).
قال العباد : يعني: أن يشرب الإنسان من فم السقاء، فلا يصب في إناء ثم يشرب منه، وإنما يشرب من فمه، والأصل الذي لا شك فيه هو أنه يصب في إناء ويشرب منه؛ لأنه إذا صب في الإناء تبين له ما في الإناء ونظافته أو وساخته أو ما فيه من أشياء مستقذرة أو أشياء محذورة؛ أما إذا كان يشرب من في السقاء فقد يكون فيه شيء من القذر والوسخ فيذهب إلى جوفه دون أن يشعر؛ لأنه لا يرى الذي يخرج. ثم أيضاً قد يكون فيه تقذير لغيره ممن يحتاج إلى أن يشرب من هذا السقاء، فيكون ذلك سبباً في أن يكرهه ولا يرغب فيه، فالحكمة في ذلك إما الخوف من أن يكون فيه شيء من الوسخ أو شيء من حيوانات الماء مثل العلق وغيره من الأشياء التي تكون في الماء فتذهب إلى جوفه وهو لا يراها. والشيء الآخر أنه إذا كان معه من يشاركه في ذلك فإنه قد يكون ذلك سبباً في استقذاره وعدم الشرب منه. شرح سنن ابي داود
[ النهي عن المجثمة ]
قال ابن الاثير في النهاية ( 1/ 679): هي كل حيوان يُنْصب ويُرمى ليُقتل إلاَّ أنَّها تكْثر في الطَّير والأرانب وأشْباه ذلك مما يَجْثِم في الأرض : أي يلزمُها ويلْتَصق بها وجَثَم الطائرُ جُثوما وهو بمنزلة البُروك للإبل.
(والمجثمة) هي الحيوان الذي يحبس ثم يتخذ هدفاً، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، يعني: نهى عن اتخاذ الشيء الذي فيه روح هدفاً يرمى إليه ويعمل على إصابته، فالهدف لا يكون من الحيوانات وإنما يكون من الجمادات أو من الأشياء التي لا يترتب عليها مضرة أو إتلاف في غير فائدة ولا مصلحة.
[ النهي عن لبن الجلالة ]
( نهى عن لبن الجلالة ) قد اختلف في طهارة لبن الجلالة فالجمهور على الطهارة لأن النجاسة تستحيل في باطنها فيطهر بالاستحالة كالدم يستحيل في أعضاء الحيوانات لحما ويصير لبنا ( عون المعبود / 10 / 186 ).
و جاءت في الموسوعة الفقهية ( 35 / 197 )
الجلالة ذات اللبن مما يؤكل لحمه كالإبل أو البقر أو الغنم التي يكون أغلب أكلها النجاسة كره شرب لبنها الحنفية والحنابلة وهو الأصح عند الشافعية – كما قال النووي – إذا ظهر نتن ما تأكله في ريحها وعرقها. ومقابل الأصح عند الشافعية أن شرب لبنها حرام، والأصل في ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها “. ولأن لحمها إذا تغير يتغير لبنها. وعند المالكية لبن الجلالة طاهر، ولا يكره شربه، كما رخص الحسن في لحومها وألبانها، لأن الحيوانات لا تنجس بأكل النجاسات بدليل أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه .
قال الشوكاني : فأحاديث الباب ظاهرها تحريم أكل لحم الجلالة وشرب لبنها وركوبها. نيل الاوطار ( 8 / 197 ).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” فإذا كانت تأكل الطيب والقبيح ، وأكثر علفها الطيب ، فإنها ليست جلالة ، بل هي مباحة ، ومن هذا ما يفعله بعض أرباب الدواجن يعطونها من الدم المسفوح من أجل تقويتها أو تنميتها فلا تحرم بهذا ولا تكره ؛ لأنه إذا كان الأكثر هو الطيب ، فالحكم للأكثر ” انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (6/434).
قال ابن قدامة رحمه الله : ” فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ ، حُرُمَ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا الطَّاهِرَ ، لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا وَلَا لَبَنُهَا ” انتهى من ” المغني ” (9/413 ).
وقال النووي رحمه الله : ” لَا اعْتِبَارَ بِالْكَثْرَةِ ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالرَّائِحَةِ وَالنَّتْنِ ، فَإِنْ وُجِدَ فِي عَرَقِهَا وَغَيْرِهِ رِيحُ النَّجَاسَةِ فَجَلَّالَةٌ ، وَإِلَّا فَلَا ” انتهى من ” المجموع شرح المهذب ” (9/28).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فَإِذَا حُبِسَتْ حَتَّى تَطِيبَ كَانَتْ حَلَالًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَثَرُ النَّجَاسَةِ فِي لَبَنِهَا وَبَيْضِهَا وَعَرَقِهَا ، فَيَظْهَرُ نَتْنُ النَّجَاسَةِ وَخُبْثُهَا ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَادَتْ طَاهِرَةً ، فَإِنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ بِعِلَّةِ زَالَ بِزَوَالِهَا ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (21/618).
قلت سيف : حديث كبشة دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في القربة معلقة قائما، فقمت إلى فيها فقطعته أخرجه ابن ماجه والترمذي وهو حديث صحيح
أما كون خرجت حية من في السقاء فقد زادها أحمد بعد حديث نهى أن يشرب من في السقاء، وزاد أحمد : قال أيوب : فأنبئت أن رجلا شرب من في السقاء فخرجت حية.
وراجع للحديثين الدراري ص480 ط الآثار
25 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح
جمع نورس الهاشمي؛؛
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والإستفادة والمدارسة
”””””””””””””””
مسند أحمد؛
13130 حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: ” كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم متقاربة وصلاة أبي بكر، حتى بسط عمر في صلاة الغداة “
قلت سيف : على شرط المتمم على الذيل. فحميد إما سمعه من أنس أو ثبته فيه ثابت.
———
تخفيف القراءة مع التمام و الكمال
الحديث يبين صلاة النبي صلى الله عليه وسلم متقاربة في تخفيف القراءة والقعود مع اتمام الركوع والسجود ، و قد جاءت نصوص في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس وهي متفاوته ، فكان يطيل أحيانا في الفجر ويقصر أحيانا وقد يكون التقصير لعارض ؛ فلهذا يجب على الإمام أن يراعي مصلحة المأمومين لكن هذا لا يعني أن يحدث خللا في الصلاة ، وقد تشاهد عند بعض أئمة المساجد ينقرون الصلاة كنقرة الديك ، ويتبع أهواء الناس في تخفيف القراءة في الصلاة ، فالتخفيف أمر نسبي يرجع فيه إلى السنة ، وجاءت ألفاظ تدل على تخفيف القراءة مع طمأنينة الركوع والسجود .
وأخرجه مسلم أيضا وابن ماجه ولفظه: (يوجز الصلاة ويتم الصلاة) ، وعند السراج: (يوجز في الصلاة) ، وفي لفظ مسلم: (كان أتم الناس صلاة في إيجازه) . وفي لفظ: (أخف الناس صلاة في تمام) ، وفي لفظ: (من أخف) ، وفي لفظ: (كانت صلاته متقاربة) . وكانت صلاة أبي بكر متقاربة، فلما كان عمر مد في صلاة الفجر. وفي لفظ: (ما صليت بعد النبي صلى الله عليه وسلم صلاة أخف من صلاته في تمام ركوع وسجود) ، وفي لفظ: (كان إذا قال: سمع الله لمن حمده، قام حتى نقول قد أوهم، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم) . قوله: (يوجز الصلاة) من الإيجاز، وهو ضد الإطناب، والإكمال ضد النقص. عمدة القاري ( 5 / 245 ).
قال النووي :
فيه دليل على تخفيف القراءة والتشهد وإطالة الطمأنينة في الركوع والسجود وفي الاعتدال عن الركوع وعن السجود ونحو هذا قول أنس في الحديث الثاني بعده ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام وقوله قريبا من السواء يدل على أن بعضها كان فيه طول يسير على بعض وذلك في القيام ولعله أيضا في التشهد واعلم أن هذا الحديث محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبتت الأحاديث السابقة بتطويل القيام وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة وفي الظهر بالم تنزيل السجدة وأنه كان تقام الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع فيتوضأ ثم يأتي المسجد فيدرك الركعة الأولى وأنه قرأ سورة المؤمنين حتى بلغ ذكر موسى وهارون صلى الله عليه وسلم وأنه قرأ في المغرب بالطور وبالمرسلات وفي البخاري بالأعراف وأشباه هذا وكله يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات. انتهى النووي على مسلم ( 4/ 188 ).
قال ابن رجب : فهذا يدل على أن زيادة النبي صلى الله عليه وسلم ( في قراءة صلاة الفجر على سائر الصلوات لم يكن كثيراً جداً ، وأن صلواته كلها لم يكن بينها تفاوت كثير في القراءة ، وأن هذا هوَ الغالب على صلاته ، وقد يطيل أحياناً ويقصر أحياناً ؛ لعارض يعرض لهُ ، فيحمل حديث أبي برزة على أنه كانَ يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة ، أحيانا ، لا غالباً . فتح الباري ( 4 / 455).
• قال ابن حجر في الفتح 289/2:
قَوْلِهِ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ وَإِذَا جُمِعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ظَهَرَ مِنَ الْأَخْذِ بِالزِّيَادَةِ فِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ الْمُسْتَثْنَى الْقِيَامُ لِلْقِرَاءَةِ وَكَذَا الْقُعُودُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ طَوِيلٌ وَحَدِيثُ أَنَسٍ يَعْنِي الَّذِي قَبْلَهُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ نَصٌّ فِيهِ فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِدَلِيلٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُهُمْ لَمْ يُسَنَّ فِيهِ تَكْرِيرُ التَّسْبِيحَاتِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَهُوَ فَاسِدٌ وَأَيْضًا فَالذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي الِاعْتِدَالِ أَطْوَلُ مِنَ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِي الرُّكُوعِ فَتَكْرِيرُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا يَجِيءُ قَدْرَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ وَقَدْ شُرِعَ فِي الِاعْتِدَالِ ذِكْرٌ أَطْوَلُ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ قَوْلِهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مِلْءَ السَّماوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْء بعد زَاد فِي حَدِيث ابن أَبِي أَوْفَى اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ إِلَخْ وَزَادَ فِي حَدِيثٍ الْآخَرَيْنِ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ إِلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ تَرْكُ إِنْكَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى من زَادَ فِي الِاعْتِدَالِ ذِكْرًا غَيْرَ مَأْثُورٍ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ جَوَازَ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِالذِّكْرِ خِلَافًا لِلْمُرَجَّحِ فِي الْمَذْهَبِ وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ أَيْضًا بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ بِالْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَرَأَ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ أَنْ قَالَ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ قِيَامًا طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ صَعْبٌ وَالْأَقْوَى جَوَازُ الْإِطَالَةِ بِالذِّكْرِ اه
وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إِلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ كَيْفَ الْقِيَام مِنَ الرُّكُوعِ وَلَوْ أَطَالَ الْقِيَامَ بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ يَدْعُو أَوْ سَاهِيًا وَهُوَ لَا يَنْوِي بِهِ الْقُنُوتَ كَرِهْتُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا إِعَادَةَ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ فِي ذَلِكَ فَالْعَجَبُ مِمَّنْ ْيُصَحِّحُ مَعَ هَذَا بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَتَوْجِيهُهُمْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أُطِيلَ انْتَفَتِ الْمُوَالَاةُ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ مَعْنَى الْمُوَالَاةِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ فَصْلٌ طَوِيلٌ بَيْنَ الْأَرْكَانِ بِمَا لَيْسَ مِنْهَا وَمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ لَا يَصِحُّ نَفْيُ كَوْنِهِ مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ لَيْسَ أَنَّهُ كَانَ يَرْكَعُ بِقَدْرِ قِيَامِهِ وَكَذَا السُّجُودُ وَالِاعْتِدَالُ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ قَرِيبًا مُعْتَدِلَةً فَكَانَ إِذَا أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَطَالَ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ وَإِذَا أَخَفَّهَا أَخَفَّ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الصُّبْحِ بِالصَّافَّاتِ وَثَبَتَ فِي السُّنَنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ حَزَرُوا فِي السُّجُودِ قدر عشر تسبيحات فَيحمل على أَنه إِذا قَرَأَ بِدُونِ الصَّافَّاتِ اقْتَصَرَ عَلَى دُونِ الْعَشْرِ وَأَقَلُّهُ كَمَا وَرَدَ فِي السُّنَنِ أَيْضًا ثَلَاثُ تسبيحات.
قال ابن تيمية : فبين أن التخفيف الذي كان يفعله صلى الله عليه و سلم هو تخفيف القراءة وإن كان يقتضي ركوعا وسجودا يناسب القراءة ولهذا قال كانت صلاته متقاربة أي يقرب بعضها من بعض. اقتضاء الصراط المستقيم ( 96 ).
قال المناوي : قال ابن تيمية: فالتخفيف الذي كان يفعله هو تخفيف القيام والقعود وإن كان يتم الركوع والسجود ويطيلهما فلذلك صارت صلاته قريبا من السواء وقال بعضهم: محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبت عنه التطويل أيضا جدا أحيانا.
فيض القدير ( 5/ 86 ) .
و قال ايضا : التخفيف من غير ترك شئ من الأبعاض والهيئات لكن لا بأس بالتطويل برضاهم إن انحصروا كما استفيد من حديث آخر.
قال ابن القيم : ولا شك أن قيام القراءة وقعود التشهد يزيدان في الطول على بقية الأركان ولما كان صلى الله عليه وسلم يوجز القيام ويستوفي بقية الأركان صارت صلاته قريبا من السواء فكل واحدة من الروايتين تصدق الأخرى
والبراء تارة قرب ولم يحدد فلم يذكر القيام والقعود وتارة استثنى وحدد فاحتاج إلى ذكر القيام والقعود .عون المعبود وحاشية ابن القيم ( 3 / 74 – 75 ) .
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام248:
وَأَمَّا التَّقْصِيرُ عَنْ الْإِتْمَامِ: فَبَخْسٌ لِحَقِّ الْعِبَادَةِ. وَلَا يُرَادُ بِالتَّقْصِيرِ هَاهُنَا: تَرْكُ الْوَاجِبَاتِ. فَإِنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ مُوجِبٌ لِلنَّقْصِ الَّذِي يَرْفَعُ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ. وَإِنَّمَا الْمُرَادُ – وَاَللَّهُ أَعْلَمُ – التَّقْصِيرُ عَنْ الْمَسْنُونَاتِ، وَالتَّمَامُ بِفِعْلِهَا.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في شرح عمدة الأحكام207-206-205: قول أنس في هذا الحديث، يقول – رضي الله عنه -: «مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أتَمَّ صَلَاةً، وَلا أَخَفَّ صَلاةً مِنَ النَّبيِّ – عليه الصلاة والسلام -» ، يعني كانت صلاته تخفيفاً في تمام, فلم يكن يطول على الناس تطويلاً يشق عليهم, ولم يكن يعجِّل وينقر, ولكن صلاته متوسطة بين الطول المتعب وبين التقصير المخل، وهكذا ينبغي للأئمة أن يصلوا صلاة يتأسون فيها بالنبي الكريم – عليه الصلاة والسلام – , فيطمئنوا ويركدوا في القراءة، والركوع، والسجود، والإعتدال بعد الركوع، والإعتدال بين السجدتين , هكذا كان – عليه الصلاة والسلام – إذا ركع اطمأن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه, ويقول: «سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم»، يكرر ذلك, ويقول: «سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك , اللَّهم اغفر لي»، ويقول: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح». فالمؤمن يطمئن لا يعجل: ثلاث تسبيحات, أربع تسبيحات, خمس تسبيحات, سبع تسبيحات, حول هذا مع: «سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك, اللَّهم اغفر لي»، مع الطمأنينة والركود, ويجعل كفيه على ركبتيه, هذا السنة, ويفرج أصابعهما على ركبتيه، هذا السنة، ويصبر ويحني ظهره حتى يستوي مع رأسه, هذا الأفضل, هذا هو الكمال، والمجزئ تسبيحة واحدة مع أدنى الركوع كونه يطيل ويطمئن طمأنينة كافية, حتى يرجع كل فقار إلى مكانه, هذا هو الكمال, وإلا فالمجزئ أقل في الطمأنينة مع الركود, وهكذا إذا اعتدل بعد الركوع، اطمأن ولم يعجل, وقد تقدم قول عائشة – رضي الله عنها -: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتدل بعد الركوع يطيل حتى يقول القائل: قد نسي. وهكذا بين السجدتين: لا يعجل يطمئن ويعتدل, يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ويدعو، قال أنس – رضي الله عنه -: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس بين السجدتين اطمأن , حتى يقول القائل: قد نسي» ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع 184/5: قوله: «ثم يركع طويلاً» أي: من غير تقدير، المهم أن يكون طويلاً.
وقال بعض العلماء: يكون بقدر نصف قراءته أي: الركوع يكون نصف القيام، ولكن الصحيح: أنه بدون تقدير، فيطيل بقدر الإمكان. فإن قال قائل: طول القيام فهمنا ما يفعل فيه وهو القراءة، لكن إذا أطال الركوع فماذا يصنع؟ فالجواب: يكرر التسبيح «سبحان ربي العظيم»، «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»، «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»، «سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته»، لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب» ، فكل ما حصل من تعظيم في الركوع فهذا هو المشروع. قوله: «ثم يرفع»، أي: ثم يرفع رأسه من الركوع.
قال العلامة العباد في شرح سنن أبي داود شرح حديث (أن رسول الله كان سجوده وركوعه وقعوده وما بين السجدتين قريباً من السواء) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن البراء رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سجوده وركوعه وقعوده وما بين السجدتين قريباً من السواء)].
قوله: [باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين] يعني أن هذين الموضعين من مواضع الصلاة لا يخففان، بل يطمأن فيهما ويطال فيهما القيام والجلوس؛ لأنه قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، وعلى هذا فما جاء عن بعض أهل العلم من تخفيفهما تخفيفاً شديداً ليس بصحيح، بل الثابت الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام هو تطويلهما، وقد جاءت في ذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها حديث البراء أنه قال: (كان ركوع رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتداله من الركوع وسجوده وجلوسه بين السجدتين قريباً من السواء. ومعناه: أن ذلك وإن لم يكن متماثلاً تماماً إلا أن فيه شيئاً من التقارب، ومعنى هذا أنه لا يخفف ما بعد الركوع وما بين السجدتين، بل يطمأن ويستقر فيهما ، فكون ركوعه واعتداله من الركوع وسجوده واعتداله من السجود قريباً من السواء يدل على أن هذين الموضعين لا يخففان، وإنما هما كغيرهما من بقية الأركان التي هي الركوع والسجود، وهي متقاربة وإن لم تكن متماثلة تماماً؛ لأن قوله: [(قريباً من السواء)] يشعر بأن بينهما شيئاً من الفرق، لكنه ليس فرقاً كبيراً، بل هي متقاربة، وعلى كل فالإطالة موجودة بين بعد الركوع وبين السجدتين.
26 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
————————
مسند أحمد،،،،
13622 – حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟
قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: ” إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ “
قلت سيف : على شرط المتمم على الذيل
وراجع الصحيحة 2021 ، وصححه ابن حجر في الفتح، وقال في بلوغ المرام أخرجه ابوداود 1134، والنسائي 3/179 بإسناد صحيح.
وقال محقق البلوغ ط الآثار : حسن
———–_
إظهار السرور في العيدين والنهي عن التشبه والفرح بأعياد المشركين.
شرح الحديث
(قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة) أي من مكة بعد الهجرة (ولهم) أي لأهل المدينة (يومان) وهما يوم النيروز ويوم المهرجان كذا قاله الشراح
وفي القاموس النيروز أول يوم السنة معرب نوروز والنوروز مشهور وهو أول يوم تتحول الشمس فيه إلى برج الحمل وهو أول السنة الشمسية كما أن غرة شهر المحرم أول السنة القمرية.
وأما مهرجان فالظاهر بحكم مقابلته بالنيروز أن يكون أول يوم الميزان وهما يومان معتدلان في الهواء لا حر ولا برد ويستوي فيهما الليل والنهار فكأن الحكماء المتقدمين المتعلقين بالهيئة اختاروهما للعيد في أيامهم وقلدهم أهل زمانهم لاعتقادهم بكمال عقول حكمائهم فجاء الأنبياء وأبطلوا ما بنى عليه الحكماء (في الجاهلية) أي في زمن الجاهلية قبل أيام الإسلام (أبدلكم بهما خيرا) الباء هنا داخلة على المتروك وهو الأفصح أي جعل لكم بدلا عنهما خيرا (منهما) أي في الدنيا والأخرى وخيرا ليست أفعل تفضيل إذ لا خيرية في يوميهما (يوم الأضحى ويوم الفطر) بدل من خيرا أو بيان له
وقدم الأضحى فإنه العيد الأكبر قاله الطيبي ونهى عن اللعب والسرور فيهما أي في النيروز والمهرجان.
وفيه نهاية من اللطف وأمر بالعبادة؛ لأن السرور الحقيقي فيها. قال الله تعالى( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ).
قال المظهر : فيه دليل على أن تعظيم النيروز والمهرجان وغيرهما أي من أعياد الكفار منهي عنه.
عون المعبود و حاشية ابن القيم ( 3 / 341 – 342 ).
قال العيني في شرح سنن أبي داود ( 4 / 477 ): وكانت أهل الجاهلية يلعبون في يومين كل سنة، ويعملون ما لا يرضى
به الله تعالى، فلما ظهر الإسلام، أبدل اللّه منهما هذين اليومين اللذين يظهر فيهما تكبير اللّه تعالى وتحميده وتوحيده ظهوراً شائعاً يغيظ المشركين، وقيل: إنهما يقعان شكراً على ما أنعم به من أداء العبادات التي وَقَّتَهَا، فعيد الفطر شكراً للّه تعالى على إتمام صوم رمضان، وعيد الأضحى شكراً للّه تعالى على العبادات الواقعة في العشر، وأعظمها إقامة وظيفة الحج.
قال الصنعاني :
الحديث يدل على أنه قال – صلى الله عليه وسلم – ذلك عقيب قدومه المدينة كما تقتضيه الفاء والذي في كتب السير أن أول عيد شرع في الإسلام عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وفيه دليل على أن إظهار السرور في العيدين مندوب، وأن ذلك من الشريعة التي شرعها الله لعباده إذ في إبدال عيد الجاهلية بالعيدين المذكورين دلالة على أنه يفعل في العيدين المشروعين ما تفعله الجاهلية في أعيادها، وإنما خالفهم في تعيين الوقتين.
(قلت) : هكذا في الشرح ومراده من أفعال الجاهلية ما ليس بمحظور ولا شاغل عن طاعة، وأما التوسعة على العيال في الأعياد بما حصل لهم من ترويح البدن وبسط النفس من كلف العبادة فهو مشروع.
وقد استنبط بعضهم كراهية الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم، وبالغ في ذلك الشيخ الكبير أبو حفص البستي من الحنفية، وقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله. سبل السلام ( 1 / 436 ).
قال ابن تيمية : فوجه الدلالة أن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة بل قال إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا فيما ترك اجتماعهما كقوله تعالى( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ). اقتضاء الصراط المستقيم ( 1 / 184 ).
قال العباد : فهذان عيدا المسلمين، والأعياد التي كانت في الجاهلية قضى عليها الإسلام وأبطلها، ولم يأت في الشرع إلا عيد الأضحى وعيد الفطر. وقوله صلى الله عليه وسلم: [(أبدلكم الله بهما خيراً منهما)] هو لأجل أن هذين اليومين يفرح فيهما في الإسلام بسبب العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، فاليوم الذي أدى الناس فيه العبادة وأكملوها يفرحون فيه لكونهم أتموا العبادة التي شرعها الله، فيوم العيد هو يوم شكر لله عز وجل على إتمام تلك النعمة، فشرعت صلاة العيد وشرعت زكاة الفطر، وأضيف العيد إلى الفطر لأن سببه الفطر، فصار المسلمون يفرحون في هذين اليومين بالعبادة، وهو يوم فرح للأطفال الصغار، ولذا يمكنون من اللعب في يومي العيد، وأما الكبار فليسوا أهلاً للعب، وإنما هم أهل للجد والعبادة والإقبال على الله عز وجل والاشتغال بالطاعة، والفرح بإكمال النعمة التي هي نعمة إتمام الصيام، وكذلك التقرب إلى الله عز وجل بذبح الأضاحي. وقوله: [(أبدلكم بهما)] الباء تدخل على المتروك؛ لأن هناك شيئاً مأخوذاً وشيئاً متروكاً، والمتروك هما اليومان اللذان كانا في الجاهلية، فقوله: [أبدلكم بهما] أي: بيومي الجاهلية، فالباء تدخل على المتروك، كقول الله عز وجل: ( أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ )[البقرة:61] فالذي هو خير هو المتروك، فبنو إسرائيل أخذوا ما هو أقل منه وما هو دونه، فالقاعدة أن الباء تدخل على المتروك. وقوله: [(أبدلكم بهما خيراً منهما)] يعني: في الإسلام، وهما يوما فرح بالعبادة وبالقربى وإكمال العمل الصالح. وهذان العيدان هما المشروعان في الإسلام، والأعياد الأخرى محدثة، لكن الجمعة جاء في الشرع ما يدل على تسميتها عيداً، ولكنها عيد أسبوعي؛ لأنها تتكرر كل أسبوع. شرح سنن ابي داود
قال العلامة الفوزان : فلا يجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى كأعياد الموالد والأعياد الوطنية والقومية، لأنها أعياد جاهلية سواء سميت أعيادأ أو ذكرياتٍ أو أياماً أو أسابيع أو أعواماً، وسمي العيد في الإسلام عيدا؛ لأنه يعود ويتكرر كل عام بالفرح والسرور بما يسر الله من عبادة الصيام والحج الذين هما ركنان من أركان الإسلام. [ اتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان ]
قال محمد بن آدم الأثيوبي : فوائد :
منها: سماحة الشريعة، وسهولة أمور الدين؛ حيث شرع اللَّه تعالى للمسلمين يومين يلعبون فيهما. ومنها: ما كان عليه الجاهلية من تعظيم يومين في السنة بأفعالهم القبيحة، وأقوالهم الشركية، فجاء اللَّه تعالى بالإسلام، وأبدل ذلك بالأفعال الحسنة، والأقوال المحمودة، من التكبير والتهليل، والتسبيح، وغير ذلك. ومنها: الابتعاد عن العادات الجاهلية، فلا يجوز لمسلم أن يعظّم أعياد الكفرة. ذخيرة العقبى ( 17 / 154 ).
27 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والمدارسة والاستفادة
””””””””””””’
مسند أحمد
13510 – حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ: ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُتَوَكِّئًا عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَعَلَيْهِ ثَوْبُ قُطْنٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَصَلَّى بِهِمْ “
قلت سيف : على شرط المتمم على الذيل.
حميد إما سمعه من أنس أو ثبته فيه ثابت.
وراجع لاختلاف الطرق تحقيق المسند ط الرسالة 21 /155، والمختارة 1849، 1850، 1971
وفي مسند أحمد 13702 حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا حميد عن الحسن وعن أنس – فيما يحسب حميد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم… الحديث
وورد في حلية الأولياء حدثنا أبوبكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن حبيب بن الشهيد عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم
وأخرجه البزار 6654 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن الحسن عن أنس، قال : خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم…. الحديث
———-
من الأعذار المانعة لترك الجمعة و الجماعة ( المرض )
قال ابن الأثير : [ أنه عليه السلام كان مُتَوَشِّحاً بِثَوْبٍ قِطْرِيّ ] هو ضَرْب من البُرود فيه حُمْرة ولها أعْلام فيها بعض الخشونة وقيل : هي حُلَلٌ حِياد تُحْمَل من قِبَل البَحْرين . النهاية في غريب الأثر
الحديث يبين أن المريض يجوز له الأخذ بالعزيمة لصلاة الجماعة على وجه الاستحباب ، و المرض من الأعذار المانعة لترك الجمعة و الجماعات ، فقد بوب البخاري رحمه الله باب ( حد المريض أن يشهد الجماعة ) .
قال ابن رجب : ابتدأ البخاري – رحمه الله – فِي ذكر الأعذار الَّتِيْ يباح معها التخلف عَن شهود الجماعة ، فمنها : المرض ، وَهُوَ عذر مبيح لترك الجماعة ، ولهذا أمر النَّبِيّ ( أبا بَكْر أن يصلي بالناس ، وإنما خرج إلى الصلاة لما وجد من نفسه خفة .
وخروج المريض إلى المسجد ومحاملته أفضل ، كما خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم يهادى بَيْن رجلين .
وقد قَالَ ابن مَسْعُود : ولقد كَانَ الرَّجُلُ يهادي بَيْن رجلين حَتَّى يقام فِي الصف .
ومتى كَانَ المريض لا يقدر عَلَى المشي إلى المسجد ، وإنما يقدر أن يخرج محمولاً لَمْ يلزمه الخروج إلى الجماعة .
ولو وجد الزمن من يتطوع بحمله لَمْ تلزمه الجماعة ، وفي لزوم الجمعة لَهُ بذلك وجهان لأصحابنا .
قَالَ ابن المنذر : ولا أعلم اختلافاً بَيْن أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عَن الجماعات من أجل المرض . فتح الباري ( 4 / 78 ).
قال ابن حجر : وقال ابن رشيد إنما المعنى ما يحد للمريض أن يشهد معه الجماعة فإذا جاوز ذلك الحد لم يستحب له شهودها ومناسبة ذلك من الحديث خروجه صلى الله عليه و سلم متوكئا على غيره من شدة الضعف فكأنه يشير إلى أنه من بلغ إلى تلك الحال لا يستحب له تكلف الخروج للجماعة إلا إذا وجد من يتوكأ عليه وأن قوله في الحديث الماضي لأتوهما ولو حبوا وقع على طريق المبالغة. قال : ويمكن أن يقال معناه باب الحد الذي للمريض أن يأخذ فيه بالعزيمة في شهود الجماعة انتهى ملخصا . فتح الباري ( 2/ 152 ).
الاعذار في ترك الجماعة :
والأعذار في ترك الجماعة منها ما في حديث أبي داود ومنها المطر والريح الباردة ومن أكل كراثا أو نحوه من ذوات الريح الكريهة فليس له أن يقرب المسجد قيل ويحتمل أن يكون النهي عنها لما يلزم من أكلها من تفويت الفريضة فيكون آكلها آثما لما تسبب له من ترك الفريضة ولكن لعل من يقول إنها فرض عين يقول تسقط بهذه الأعذار صلاتها في المسجد لا في البيت فيصليها جماعة. سبل السلام ( 1/ 361)
الأعذار المبيحة لترك الجماعة ( المطر والريح الباردة )
أخرج الشيخان عن ابن عمر «عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يأمر المنادي ينادي فينادي صلوا في رحالكم في الليلة الباردة، وفي الليلة المطيرة في السفر» وعن جابر «خرجنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في سفر فمطرنا فقال ليصل من شاء منكم في رحله» رواه مسلم، وأبو داود والترمذي وصححه.
تقديم الطعام على الصلاة :
وأخرج البخاري عن ابن عمر ” قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة» ،
(وعن أبي الدرداء قال: من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ. ذكره البخاري في صحيحه .
قال ابن دقيق العيد : والتحقيق: ما أشرنا إليه أولا، أنه إن منع من ركن أو شرط: امتنع الدخول في الصلاة معه. وفسدت الصلاة باختلال الركن والشرط، وإن لم يمنع من ذلك فهو مكروه، إن نظر إلى المعنى، أو ممتنع إن نظر إلى ظاهر النهي. أحكام الاحكام شرح عمدة الاحكام ( 1 / 179 ).
قال الشيخ الاثيوبي : أن حضور الطعام يسوغ ترك الجماعة لمن قدم بين يديه مع كون ذلك مباحًا. شرح المجتبى ( 8 / 663 ).
ومن الأعذار ترك الجماعة مدافعة الأخبثان
أخرج أحمد ومسلم من حديث عائشة قالت سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثين» .
و جاء في عون المعبود و حاشية ابن القيم ( 1/ 112 ) :
أي عند حضور طعام تتوق نفسه إليه أي لا تقام الصلاة في موضع حضر فيه الطعام وهو يريد أكله وهو عام للنفل والفرض والجائع وغيره وفيه دليل صريح على كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال لاشتغال القلب به (ولا) يصلي (وهو) المصلي (يدافعه) المصلي (الأخبثان) فاعل يدافع وهو البول والغائط أي لا صلاة حاصلة للمصلي حالة يدافعه الأخبثان وهو يدافعهما لاشتغال القلب به وذهاب الخشوع ويلحق به كل ما هو في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع .
ذكر الإِمام الحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله تعالى الأعذار التي تسقط فرض الجماعة، فقال: وأما العذر الذي يكون المتخلف عن إتيان الجماعات به معذورًا، فقد تتبعته في السنن كلها، فوجدتها تدل على أن العذر عشرة أشياء. اهـ.
وهاك خلاصة ما قاله رحمه الله تعالى:
الأول: المرض الذي لا يقدر المرء معه أن يأتي الجماعات، لحديث أنس رضي الله عنه في كونه -صلى الله عليه وسلم- كشف الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه، فأراد أبو بكر أن يرتد، فأشار إليهم أن امكثوا، وألقى السِّجْفَ … .
الثاني: حضور الطعام، لحديث الباب.
الثالث: النسيان الذي يعرض في بعض الأحوال، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه في نومهم عن صلاة الصبح .
الرابع: السِّمَن المفرط الذي يمنع المرء عن حضور الجماعات، لحديث أنس رضي الله عنه، قال: قال رجل من الأنصار -وكان ضخمًا- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لا أستطيع الصلاة معك، فلو أتيت منزلي، فصليت فيه، فأقتدي بك، فصنع الرجل طعامًا، ودعاه إلى بيته، فبسط له طرف حصير لهم، فصلى عليه ركعتين …. . أخرجه ابن حبان، وأخرج البخاري في صحيحه نحوه.
الخامس: وجود المرء حاجة الإنسان في نفسه -يعني البول والغائط- لحديث عبد الله بن الأرقم المذكور في الباب. والمراد أن يؤذيه ذلك بحيث يشغله عن الصلاة، لا ما لا يتأذى به، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يصل أحدكم، وهو يدافعه الأخبثان” .
السادس: خوف الإنسان على نفسه وماله في طريقه إلى المسجد. لحديث عتبان بن مالك .
السابع: وجود البرد الشديد المؤلم. لحديث ابن عمر رصي الله عنهما، أنه وجد ذات ليلة برداً شديدًا، فأذَّنَ مَنْ مَعَه، فصلوا في رحالهم، وقال: إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان مثل هذا أمر الناس أن يصلوا في رحالهم .
الثامن: وجود المطر المؤذي، لحديتْ ابن عمر أيضًا، قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول: “ألا صلوا في الرحال” .
التاسع: وجود العلة التي يخاف المرء على نفسه العَثْرَ منها؛ لحديث ابن عمر أيضًا، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فكانت ليلة ظلماء، أو ليلة مطيرة، أذن مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو نادى مناديه، أن صلوا في رحالكم .
العاشر: أكْلُ الثوم والبصل إلى أن يذهب ريحها. لحديث: “من أكل من هذه الشجرة الخبيثة، فلا يقربن مصلانا حتى يذهب ريحها” . انتهى ما ذكره ابن حبان في صحيحه من أعذار سقوط فرض الجماعة حسبما دلت عليه الأحاديث الصحيحة بالاختصار . صحيح ابن حبان جـ 5 ص 417 – 439.
تنبيه: استفدت ذلك النقل من شرح المجتبى للعلامة الاثيوبي حفظه الله .
ما هي الأعذار التي تجيز للمسلم التخلف عن حضور صلاة الجماعة في المسجد؟
الأعذار ذكر العلماء منها عدة، منها: المرض، إذا كان المريض يشق عليه الخروج، ومنها: الخوف إذا كانت البلاد فيها خوف لو خرج يخشى على نفسه، ومنها: حضور أحد الخبثين البول أو الغائط، كونه يتخلف لأجل قضاء حاجته إذا حدث نزل به هذا ولم يتيسر له الخروج لأجل قضاء الحاجة وفاتته الجماعة فهو معذور، لكن ينبغي له أن يتحرى قبل ذلك بوقت حتى يتفرغ للجماعة، لكن لو حدث أراد الخروج فحدث به حدث البول أو الغائط فإنه مأمور بالتخلص منهما؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)، ومنها: لو حضر الطعام بين يديه فإنه يبدأ به، لا يتخذه عادة يقدم الطعام حتى يتخلف عن الصلاة، لا، لكن لو قدم بين يديه في بيته أو عند بعض من استضافهم فإنه يبدأ بالطعام ولو فاتته الجماعة، فهذه من الأعذار، ومنها: لو كان بعيد ما يسمع النداء المساجد بعيدة عنه ما يسمع النداء فهذا عذرٌ أيضاً، أما إذا كان يسمع النداء فيلزمه أن يجيب من طريق الصوت العادي، أما من طريق المكبرات فقد يسمع من بعيد ولا يلزمه؛ لأنه بعيد، لكن إذا كان بالصوت العالي من غير مكبر يسمع عند هدوء الأصوات يسمع عليه أن يجيب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر)، أو كان في البلد فإنه يجيب لأن البلد لو هدأت الأصوات لسمع فعليه أن يجيب ويصلي مع الناس ولا يتأخر. موقع الشيخ ابن باز
28 – عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
”””””””””””””””””
الذيل على الصحيح المسند
مسند أحمد
21649 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ بَكْرٍ ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَرَوْحٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ، أَنَّ حُجْرًا الْمَدَرِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْعُمْرَى فِي الْمِيرَاثِ “
قلت : سيف بن دورة الكعبي :
على شرط الذيل على الصحيح المسند. وقد ذكره الشوكاني في الدراري.
وقال محققو المسند :إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حجر المدري فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة. ابن بكر: هو محمد البرساني، وروح: هو ابن عبادة.
وهو عند عبد الرزاق (16873) ، ومن طريقه أخرجه الطبراني (4941) .
وأخرجه الطحاوي 4/91 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، بهذا الإسناد.وانظر (21586) .
وأخرجه أحمد :
21650 – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ، فَسَبِيلُ الْمِيرَاثِ “
وقال محققو المسند :إسناده صحيح. رباح: هو ابن زيد الصنعاني.
وأخرجه الطبراني (4949) عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 6/270 من طريق عبد الله بن المبارك، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن طاووس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهو معضل.
وانظر (21626) .
وأخرجه أحمد :
21651 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ شِبْلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى، فَهِيَ لِمُعْمِرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، لَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا، فَهُوَ سَبِيلُ الْمِيرَاثِ “
وأخرجه أبوداود 3559 و الطبراني 4988، والبيهقي 6/175، والنسائي 6/272 من طريق معقل بن عبيد الله عن عمرو بن دينار به ولم يذكر في إسناد النسائي طاووس. انتهى من تحقيق المسند
————
العمري و الرقبي
خلاصة هذه الاحاديث: تبين أن من أعمر فهي لمعمره و تكون ملكا له و لعقبه و له حق التصرف ، فالعمري هي منحة و هبة مقيدة و تكون بالألفاظ كمن يقول أعمرته هذا الدار عمري أي مدة حياته ، و سيأتي بيان ذلك والفرق بين العمرى و الرقبى .
قال ابن الاثير : يقال : أعْمَرْتُه الدارَ عُمْرَى : أي جَعَلتها له يَسْكُنها مُدَّة عُمْرِه فإذا مات عادت إليَّ وكذا كانوا يَفعلون في الجاهلية فأبْطل ذلك وأعْلمهم أنَّ من أُعْمِر شَيئاً أو أُرْقِبَه في حياته فهو لورَثَتِه من بَعْده . وقد تَعاضَت الرواياتُ على ذلك . والفُقهاءُ فيها مخْتَلِفون فمنهم من يَعْمَل بظاهر الحديث ويَجْعلها تَملِيكا ومنهم من يجعلُها كالعارِيَّة ويَتَأوّل الحديث . النهاية في غريب الاثر ( 3 / 576 ).
قال ابن حجر :
والعمرى بضم المهملة وسكون الميم مع القصر وحكي ضم الميم مع ضم أوله وحكي فتح أوله مع السكون مأخوذ من العمر والرقبى بوزنها مأخوذة من المراقبة ؛ لأنهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية فيعطى الرجل الدار ويقول له أعمرتك إياها أي أبحتها لك مدة عمرك فقيل لها عمرى لذلك وكذا قيل لها رقبى؛ لأن كلا منهما يرقب متى يموت الآخر لترجع إليه وكذا ورثته فيقومون مقامه في ذلك هذا أصلها لغة وأما شرعا فالجمهور على أن العمرى إذا وقعت كانت ملكا للآخذ ولا ترجع إلى الأول إلا أن صرح باشتراط ذلك وذهب الجمهور إلى صحة العمرى إلا ما حكاه أبو الطيب الطبري عن بعض الناس والماوردي عن داود وطائفة لكن ابن حزم قال بصحتها وهو شيخ الظاهرية ثم اختلفوا إلى ما يتوجه التمليك فالجمهور أنه يتوجه إلى الرقبة كسائر الهبات حتى لو كان المُعْمِر عبدا فأعتقه الموهوب له نفذ بخلاف الواهب وقيل يتوجه إلى المنفعة دون الرقبة وهو قول مالك والشافعي في القديم وهل يسلك به مسلك العارية أو الوقف روايتان عند المالكية وعن الحنفية التمليك في العمرى يتوجه إلى الرقبة وفي الرقبى إلى المنفعة وعنهم أنها باطلة وقول المصنف أعمرته الدار فهي عمرى جعلتها له أشار بذلك إلى أصلها وأطلق الجعل لأنه يرى أنها تصير ملك الموهوب له كقول الجمهور ولا يرى أنها عارية. فتح الباري ( 5 / 238 – 239 ).
قال النووي على شرح مسلم [ 11/70 – 71 ] : قال أصحابنا وغيرهم من العلماء العمرى قوله : أعمرتك هذه الدار مثلا أو جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت أو حييت أو بقيت أو ما يفيد هذا المعنى .
وأما عقب الرجل فبكسر القاف ويجوز إسكانها مع فتح العين ومع كسرها كما في نظائره والعقب هم أولاد الإنسان ما تناسلوا .
قال العباد : والرقبى تتعلق بعمر واحد منهما إما الواهب أو الموهوب له؛ لأنه يقول: هذه لك إن مت قبلك فهي لك، وشأنها شأن أموالك، وإن مت قبلي فإنها ترجع إلي، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب وينتظر موت الآخر حتى يحصل على ذلك الشيء الذي وقع بينهما الاتفاق عليه.
قال الشوكاني : وأما كون العمرى والرقبى يوجبان الملك إلى آخره فلحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( ( العمرى ميراث لأهلها أو قال جائزة ) ) وفيهما من حديث جابر قال ( ( قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعمرى لمن وهبت له ) ) وفي لفظ لمسلم ( ( فمن أعمر عمرى فهي للذي أعمر حيا وميتا ولعقبه ) ) وفي لفظ لأحمد ومسلم وأبي داود إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها ولكن قد قيل إن ذلك من كلام أبي سلمة مدرج في حديث جابر فلا تقوم بهذه الرواية حجة ولا تصلح لتقييد الأحاديث المطلقة كالحدثين المتقدمين وحديث زيد بن ثابت عند أحمد وأبي داود وابن ماجه وابن حبان قال ( ( قال رسول الله من أعمر عمري فهي لمعمره حياته ومماته لاترقبوا من أرقب شئيا فهو سبيل الميراث ) ) . الدراري المضية ( 350).
[ والخلاف في تمليكها على ثلاثة اقوال ]
قال أصحابنا العمرى ثلاثة أحوال أحدها أن يقول أعمرتك هذه الدار فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك فتصح بلا خلاف ويملك بهذا اللفظ رقبة الدار وهي هبة لكنها بعبارة طويلة فإذا مات فالدار لورثته فإن لم يكن له وارث فلبيت المال ولا تعود إلى الواهب بحال خلافا لمالك
الحال الثاني أن يقتصر على قوله جعلتها لك عمرك ولا يتعرض لما سواه ففي صحة هذا العقد قولان للشافعي أصحهما وهو الجديد صحته وله حكم الحال الأول والثاني وهو القديم أنه باطل وقال بعض أصحابنا إنما القول القديم أن الدار تكون للمعمر حياته فإذا مات عادت إلى الواهب أو ورثته لأنه خصه بها حياته فقط وقال بعضهم القديم أنها عارية يستردها الواهب متى شاء فإذا مات عادت إلى ورثته
الثالث أن يقول جعلتها لك عمرك فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي إن كنت مت ففي صحته خلاف عند أصحابنا منهم من أبطله والأصح عندهم صحته ويكون له حكم الحال الأول واعتمدوا على الأحاديث الصحيحة المطلقة العمرى جائزة وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة
والأصح الصحة في جميع الأحوال وأن الموهوب له يملكها ملكا تاما يتصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات هذا مذهبنا وقال أحمد تصح العمرى المطلقة دون المؤقتة وقال مالك في أشهر الروايات عنه العمرى في جميع الأحوال تمليك لمنافع الدار مثلا ولا يملك فيها رقبة الدار بحال وقال أبو حنيفة بالصحة كنحو مذهبنا وبه قال الثوري والحسن بن صالح وأبو عبيدة وحجة الشافعي وموافقيه هذه الأحاديث الصحيحة والله أعلم. النووي على مسلم .
و جاء في تسير العلام شرح عمدة الاحكام ( 545 ) :
العمرى ثلاثة أنواع:
1- إما أن تؤبد كقوله: لك: لعقبك من بعدك.
2- أو تطلق كقوله: هي لك عمرك أو عمري.
وجمهور العلماء على صحة هذين النوعين وتأبيدهما وهو مذهب بعض الحنابلة
3- والنوع الثالث أن يشترط الواهب الرجوع فيها بعد موت أحدهما. فهل يصح الشرط أو يلغى وتكون مؤبدة أيضاً؟
ذهب إلى صحة الشرط، جماعة من العلماء، منهم الزهري، ومالك، وأبو ثور، وداود. وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام وغيره من الأصحاب، لحديث ” المسلمون على شروطهم “.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد، إلغاء الشرط ولزوم الهبة وتأبيدها.
وشرط الرجوع فيها المختلف في صحته، غير هبتها مدة الحياة فهذه لها حكم العارية بإجماع العلماء.
قال ابن تيمية : وتصح العمرى ويكون للمعمر ولورثته إلا أن يشترط المعمر عودها إليه فيصح الشرط – وهو بقول طائفة من العلماء ورواية عن أحمد. الفتاوى الكبرى ( 5 / 435 ).
[ الجمع بين جواز الرقبى والنهي عنها ]
قال الطيبي رحمه الله الضمير للمعمر له والفاء في فمن أرقب تسبب للنهي وتعليل له يعني لا ترقبوا ولا تعمروا ظنا منكم واغترارا أن كلا منهما ليس بتمليك للمعمر له فيرجع إليكم بعد موته وليس كذلك فإن من أرقب شيئا أو أعمر فهو لورثة المعمر له فعلى هذا يتحقق إصابة ما ذهب إليه الجمهور في أن العمرى للمعمر له وأنه يملكها ملكا تاما يتصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات وتكون لورثته بعده . عون المعبود ( 9 / 343 ). انتهى
قوله (لَا تُرْقِبُوا) من الأرقاب، وهو جعل الدار رقبى وليس المطلوب النهي عن الخير حتى يرد أنه بعث الخير فكيف ينهي عنه كيف وقد جاء الأمر بالإنفاق في القرآن على وجه الكثرة بحيث لا تحصر بل المراد التنبيه على ما يفعل عنه فيجعل الدار رقبى غفلة عنه فقيل لهم لا تجعلوا الدار رقبي اعتمادًا على رجوع الدار إليكم بعد الموت فإنه لا رجوع والله تعالى أعلم.
[ حاشية السندي على مسند الامام احمد ]
قوله: [ (لا ترقبوا ولا تعمروا) ] المقصود من هذا ما جاء ذكره في بعض الأحاديث: (أمسكوا أموالكم) ومعناه: أن الإنسان إذا أراد أن يعطي عطاءً فليكن مما ليس له علاقة بالعمر أو بالحياة، ويمسك
ماله ويجري فيه ما يجري في أمواله، ولا يأتي به على هذه الطريقة، والنهي عنه لا يدل على تحريمه بل إذا وجد فإنه يصح ويثبت، وأن الأولى هو عدم الإرقاب وعدم الإعمار. (فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته). شرح سنن ابي داود للعباد
السؤال: كيف الجمع بين قوله: (الرقبى جائزة لأهلها)، وقوله: (لا ترقبوا)؟
الجواب: قوله: (لا ترقبوا) نهي وإشارة إلى أن الإنسان يمسك ماله ولا يخرجه بهذه الطريقة، ولكنه إذا أرقب فإن الرقبى ثابتة. نفس المصدر السابق
قال العلامة الاثيوبي : لكن لا تعارض بين هذه الاختلافات، فلا تضرّ بصحة الحديث، إذ كلها ترجع إلى معنى واحد، وهو أن النهي بمعنى أنه لا ينبغي فعلهما، لكن إن فُعلتا، وقعتا جائزتين، لازمتين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب. شرح المجتبى [ 30/ 245].
30 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
”””””””””””””””””
مسند أحمد
22009 – حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ” يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ ” قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: ” لَا يَشْهَدُ عَبْدٌ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ” قَالَ: قُلْتُ:
أَفَلَا أُحَدِّثُ النَّاسَ؟ قَالَ: ” لَا، إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلُوا عَلَيْهِ “
قلت سيف :هو على شرط المتمم على الذيل؛
حيث خالف همام من هو أوثق منه في قتادة وهو هشام فجعله؛ همام من مسند معاذ بينما هو في الصحيح من طريق هشام من مسند أنس
وفي شرح علل الترمذي الكبير ذكر بعض الأئمة أنه إذا تعارضت رواية احد الأئمة المقدمين في قتادة أمثال هشام على رواية احد الشيوخ أمثال همام فتقدم رواية هشام.
وإنما وضعناه في المتمم على الذيل الذي نضع فيه الأحاديث المحتملة للتحسين. خاصة وله متابع
فقال محققو المسند :
إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الطبراني في “الكبير” 20/ (76) ، وابن منده في “الإيمان” (99) من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع، عن سليمان التيمي، عن أنس، عن معاذ. وانظر ما سلف برقم (21998) .
———-
– الحديث في بيان فضل التوحيد ، وفيه بيان أنه لا بد من النطق بلا إله إلا الله مع توطأ القلب ، وفيه أن التوحيد سبب الدخول في الجنة والنجاة من النار ، وفيه جواز كتمان العلم للمصلحة ، فينبغي الإهتمام بهذه الكلمة وفهمها و العمل بمقتضاها ، و هذه الكلمة ( التوحيد ) هي سبب سعادة العبد في الدنيا والآخرة ، الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله .
سأبين بشيء من الشرح من كلام أهل العلم على بعض المسائل لأهميتها :
[ التوحيد ]
والتوحيد المطلوب يشمل ما أمر الله- جل وعلا – به في كتابه من توحيده، وهو ثلاثة أنواع:
1 – توحيد الربوبية.
2 – وتوحيد الألوهية.
3 – وتوحيد الأسماء والصفات.
فأما توحيد الربوبية: فمعناه توحيد الله بأفعاله. وأفعال الله كثيرة، منها: الخلق، والرِّزْق، والإحياء، والإماتة، وتدبير الملك، والنفع.
وأما توحيد الألوهية: فالألوهية مأخوذة من: ألَه يأْلَه إِلهة وأُلُوهةً: إذا عُبد مع المحبة والتعظيم. يقال: تَأَلَّه إذا عُبد مُعَظَّمًا مُحَبًّا، ففرقٌ بين العبادة والألوهة، فإن الألوهة عبادة فيها المحبة، والتعظيم، والرضا بالحال، والرجاء، والرغب، والرهب.
توحيد الأسماء والصفات:
وهو اعتقاد انفراد الرب- جل جلاله- بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة، والجلالة والجمال التي لا يشاركه فيها مشارك بوجه من الوجوه، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من جميع الأسماء والصفات، ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله، من غير نفي لشيء منها ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل.
[ الشرك ]
والشرك: هو اتخاذ شريك مع الله- جل وعلا – في الربوبية، أو في العبادة، أو في الأسماء والصفات. والمقصود هنا: النهي عن اتخاذ شريك مع الله – جل وعلا – في العبادة، والأمر بتوحيده – سبحانه-.
التقسيم الأول: وهو تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر، فالأكبر: هو المخرج من الملة، والأصغر: ما حكم الشارع عليه بأنه شرك. وليس فيه تنديد كامل يُلْحِقُهُ بالشرك الأكبر، وعبَّر عنه بعض العلماء بقوله: ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر، فعلى هذا يكون الشرك الأكبر منه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي.
فمثال الظاهر من الشرك الأكبر: عبادة الأوثان، والأصنام، وعبادة القبور، والأموات والغائبين. ومثال الباطن: شرك المتوكلين على المشايخ، أو على الآلهة المختلفة، أو كشرك المنافقين؛ لأن المنافقين مشركون في الباطن؛ فشركهم أكبر، ولكنه خفي، أي في الباطن، وليس في الظاهر.
وكذلك الشرك الأصغر- على هذا التقسيم- منه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي، فمثال الظاهر من الشرك الأصغر: لبس الحلقة، والخيط، وتعليق التمائم، والحلف بغير الله، ونحو ذلك من الأعمال والأقوال. ومثال الباطن الخفي منه: يسير الرياء ونحو ذلك. فيكون الرياء- على هذا التقسيم أيضا- منه ما هو أكبر كرياء المنافقين الذين قال الله في وصفهم: {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142] [النساء: 142]، ومنه: ما يقع فيه بعض المصلين المتصنعين في صلواتهم؛ لأجل نظر الناس إليهم، ومنه ما هو أصغر كمن يحب التسميع أو المراءات.
تنبيه : استفدت ذلك من شروحات التوحيد للشيخ السعدي و الشيخ صالح ال الشيخ
قلت : فلا بد للعبد أن يحقق شروط هذه الكلمة العظيمة ( التوحيد ) و الإتيان بلازمها ، و أن يوحد الله جل و علا في عبادته و ان يحذر من الشرك وأنواعه .
[ بيان الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة ]
وأحسن ما قيل في معناه ما قاله شيخ الإسلام وغيره: إن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة، وقالها خالصًا من قلبه مستيقنًا بها قلبه، غير شاك فيها بصدق ويقين، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة، فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصًا من قلبه، دخل الجنة، لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحًا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك؛ فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، وما يزن خردلة، وما يزن ذرة، وتواترت بأن كثيرا ممن يقول: لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم، فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها، وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليدًا أو عادة، ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث: – سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته. وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} . تيسير العزيز الحميد ( 63- 64 ).
[ التوحيد سبب الدخول في الجنة و النجاة من النار ]
و قال أيضا : وحاصله: أن لا إله إلا الله سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار، ومقتض لذلك، ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه، وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه، أو لوجود مانع.
ولهذا قيل للحسن إن ناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة
وقال وهب بن منبه، لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح.
[ الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله ]
أي يعتمدوا على ذلك فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة وفي رواية فأخبر بها معاذ عند موته تأثما أي تحرجا من الأثم قال الوزير أبو المظفر لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة فأما الأكياس الذين إذا سمعوا بمثل هذا ازدادوا في الطاعة ورأوا أن زيادة النعم تستدعي زيادة الطاعة فلا وجه لكتمانها عنهم .
[تيسير العزيز الحميد ( 48 ) ].
قال العلامة العثيمين : لأن الاتكال على رحمة الله يسبب مفسدة عظيمة هي الأمن من مكر الله.
وكذلك القنوط من رحمة الله، يبعد الإنسان من التوبة، ويسبب اليأس من رحمة الله، ولهذا قال الإمام أحمد: “ينبغي أن يكون سائرا إلى الله بين الخوف والرجاء، فأيهما غلب هلك صاحبه”، فإذا غلب الرجاء أدى ذلك إلى الأمن من مكر الله، وإذا غلب الخوف أدى ذلك إلى القنوط من رحمة الله.
وقال بعض العلماء: إن كان مريضا غلَّب جانب الرجاء، وإن كان صحيحا غلب جانب الخوف. وقال بعض العلماء: إذا نظر إلى رحمة الله وفضله؛ غلَّب جانب الرجاء، وإذا نظر إلى فعله وعمله؛ غلَّب جانب الخوف لتحصل التوبة.
ويستدلون بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} 1 أي: خائفة أن لا يكون تقبل منهم لتقصير أو قصور، وهذا القول جيد، وقيل: يغلب الرجاء عند فعل الطاعة ليحسن الظن بالله، ويغلِّب جانب الخوف إذا هم بالمعصية؛ لئلا ينتهك حرمات الله. القول المفيد ( 1/ 56 ).