1- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند.
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 ، والاستفادة، والمدارسة
جمعه نورس الهاشمي
——
كتاب الذيل على الصحيح المسند
596 – قال الإمام أحمد حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا أُعْطِيكُمْ وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَلَوَّى بُطُونُهُمْ مِنَ الْجُوعِ ” وَقَالَ: مَرَّةً: ” لَا أُخْدِمُكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَطْوَى ”
الحديث صحيح
وسفيان هو ابن عيينة وسماعه من ابن السائب قديم قبل الاختلاط.
انظر سير أعلام النبلاء 11/ 138
وأبوه وثقه ابن معين وغيره. انظر تهذيب التهذيب. 11/ 450
الحديث ذكره الاخ مامون هو على الشرط حتى ننظر حجة الشيخ مقبل في رد رواية ابن عيينة وانه روى عنه بعد الاختلاط لاننا لم نجد له دليل
——
اهل الصفة
قال الطيبي في شرح المشكاة : أهل الصفة هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه وكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه. انتهى كلامه.
قال العثيمين : وأهل الصفة رجال مهاجرون هاجروا إلى المدينة وليس لهم مأوى، فوطنهم النبي عليه الصلاة والسلام في صفة في المسجد النبوي، وكانوا أحياناً يبلغون الثمانين، وأحياناً دون ذلك، وكان الصحابة رضي الله عنهما يأتونهم بالطعام واللبن وغيره مما يتصدقون به عليهم .
فكان ربيعة بن مالك رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يأتيه بوضوئه وحاجته، الوضوء بالفتح: الماء الذي يتوضأ به، والوضوء بالضم: فعل الوضوء، وأما الحاجة فلم يبينها، ولكن المراد كل ما يحتاجه النبي عليه الصلاة والسلام يأتي به إليه . شرح رياض الصالحين
حال أهل الصفة
بينت السنة حال اهل الصفة أنهم ليس لهم منزل يسكنون فيه، و لا يملكون ملبس من رداء الا شيء يسير يستر عورتهم ، و الجوع آثرهم ؛ ولهذا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا أتاه شيء من الصدقة او هدية أشركهم ، فقد وصف الإمام البخاري حالهم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
لقد رأيتُ سبعينَ مِنْ أهلِ الصُّفَّةِ، ما منهم رجلٌ عليه رداءٌ، إمَّا إِزَارٌ وإمّا كِساءٌ قد ربَطوا في أعْناقِهِم، فمنها ما يبلُغُ نصفَ الساقينِ، ومنها ما يَبلغُ الكعْبَينِ، فيجمَعُه بيدِه كراهِيَةَ أنْ تُرى عَوْرَتُه.
رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال والذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمر بي أبو بكر فسألته عن آية في كتاب الله ما سألته إلا ليستتبعني فمر فلم يفعل ثم مر عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليستتبعني ثم مر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما في نفسي ثم قال يا أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال ألحق ومضى فأتبعته فاستأذن فأذن له فدخل فوجد لبنا في قدح فقال من أين هذا اللبن قالوا أهداه لك فلان أو فلانة قال يا أبا هر قلت لبيك يا رسول الله قال ألحق إلى أهل الصفة فادعهم لي قال وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها فإذا جاؤوا أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قال يا أبا هر قلت لبيك يا رسول الله
قال خذ فأعطهم فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده فتبسم فقال يا أبا هريرة فقلت لبيك يا رسول الله قال بقيت أنا وأنت قلت صدقت يا رسول الله
قال اقعد فاشرب فشربت فقال اشرب فشربت فما زال يقول اشرب حتى قلت لا والذي بعثك بالحق لا أجد مسلكا قال فأرني فأعطيته القدح فحمد الله تعالى وسمى وشرب الفضلة
رواه البخاري وغيره والحاكم وقال صحيح على شرطهما.
الفوائد من قصة حال أهل الصفة
قال ابن رجب في الفتح [ 2/ 369 ]:
والصفة كانت في مؤخر المسجد ، فكانوا يأوون إليها ويقيمون بها .
فدلت هذه الأحاديث كلها على جواز أن يدعى من في المسجد إلى الطعام ، ويجيب إلى الدعوة إذا دعي فيه .
وقد ورد الرخصة في الأكل في المسجد .
وقد بوب ابن ماجه في ( ( كتابه ) ) : ( ( باب : الأكل في المسجد ) ) وخرج فيه : من رواية ابن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث : حدثني سليمان بن زياد الحضرمي ، أنه سمع عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول : كنا نأكل على عهد رسول الله ( في المسجد الخبز واللحم .
وهذا إسناد جيد ؛ وسليمان وثقة ابن معين . وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
وخرج الإمام أحمد وابن ماجة والترمذي في ( ( الشمائل ) ) من رواية ابن لهيعة ، عن سلمان بن زياد ، عن عبد الله بن الحارث بن جزء ، قال : أكلنا مع رسول الله ( طعاما في المسجد ، لحما قد شوي .
من فوائد الحديث النوم في المسجد :
وقد سئل سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار عن النوم في المسجد ؟ فقالا : كيف تسألون عنه وقد كان أهل الصفة ينامون فيه ، وهم قوم كان مسكنهم المسجد ؟
واعلم أن النوم في المسجد على قسمين :
أحدهما :
أن يكون لحاجة عارضة مثل نوم المعتكف فيه والمريض والمسافر ، ومن تدركه القائلة ونحو ذلك ، فهذا يجوز عند جمهور العلماء ، ومنهم من حكاه إجماعا ، ورخص في النوم في المسجد : ابن المسيب ، وسليمان بن يسار ، والحسن ، وعطاء وقال : ينام فيه وإن احتلم كذا وكذا مرة .
والقسم الثاني :
أن يتخذ مقيلا ومبيتا على الدوام : فكرهه ابن عباس وقال : – مرة – : إن كنت تنام فيه لصلاة فلا بأس .
وهذا القسم – أيضا – على نوعين :
أحدهما : أن يكون لحاجة كالغريب ، ومن لا يجد مسكنا لفقره ، فهذا هو الذي وردت فيه الرخصة لأهل الصفة ، والوفود ، والمرأة السوداء ونحوهم .
وقد قال مالك في الغرباء الذين يأتون : من يريد الصلاة ، فإني أراه واسعا ، وأما الحاضر فلا أرى ذلك .
وقال أحمد : إذا كان رجل على سفر وما أشبهه فلا بأس ، وأما أن يتخذه مبيتا أو مقيلا فلا .
وهو قول إسحاق – أيضا .
والثاني : أن يكون ذلك مع القدرة على اتخاذ مسكن ، فرخص فيه طائفة ، وحكي عن الشافعي وغيره ، وحكي رواية عن أحمد ، وهو اختيار أبي بكر الأثرم .
وقال الثوري : لا بأس بالنوم في المسجد . فتح الباري لابن رجب ( 2 / 456 – 458 ) . منقول بتصرف
الفائدة الثالثة :
قال ابن بطال : قال الطبري : فى اختيار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وخيار السلف من الصحابة والتابعين شظف العيش ، والصبر على مرارة الفقر والفاقة ومقاساة خشونة خشن الملابس والمطاعم على خفض ذلك ودعته ، وحلاوة الغنى ونعيمه ما أبان عن فضل الزهد فى الدنيا وأخذ القوت والبلغة خاصة . وكان نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) يطوى الأيام ، ويعصب على بطنه الحجر من الجوع ؛ إيثارا منه شظف العيش والصبر عليه ، مع علمه بأنه لو سأل ربه أن يسير له جبال تهامة ذهبا وفضة لفعل ، وعلى هذه الطريقة جرى الصالحون ، ألا ترى قول أبى هريرة أنه كان يشد الحجر على بطنه من الجوع ، وخرج يتعرض من يمر به من الصحابة يسأله عن آى القرآن ليحمله ويطعمه .
و قال أيضا:
وفيه شرب العدد الكثير من اللبن القليل حتى شبعوا ببركة النبوة .
وفيه ما كان ( صلى الله عليه وسلم ) من إيثار البلغة وأخذ القوت فى كرم نفسه وأنه لم يستأثر بشىء من الدنيا دون أمته . وقوله : ( اللهم ارزق آل محمد قوتا ) . فيه دليل على فضل الكفاف وأخذ البلغة من الدنيا ، والزهد فيما فوق ذلك رغبة فى توفير نعيم الآخرة ، وإيثارا لما يبقى على ما يفنى لتقتدى بذلك أمته ، ويرغبوا فيما رغب فيه نبيهم ( صلى الله عليه وسلم ) . وروى الطبرى بإسناده عن ابن مسعود قال : حبذا المكروهان الموت والفقر ، والله ما هو إلا الغنى والفقر وما أبالى بأيهما ابتليت ، إن حق الله فى كل واحد منها واجب ، إن كان الغنى ففيه التعطف ، وإن كان الفقر ففيه الصبر ، قال الطبرى : فمحنة الصابر أشد من محنة الشاكر ، وإن كانا شريفى المنزلة ، غير أنى أقول كما قال مطرف بن عبد الله : لأن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر . شرح صحيح البخاري ( 10 / 176 – 177 ).
___________________________
3-عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
1386 قال الإمام أحمد حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ رَآهُ كَئِيبًا، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَئِيبًا؟ لَعَلَّهُ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ – يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ – قَالَ: لَا. وَأَثْنَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” كَلِمَةٌ لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ، وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ ” فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُهَا. فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ” هَلْ تَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ؟ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: هِيَ وَاللهِ هِيَ. رجاله ثقات. إبراهيم بن مهدي هو المصيصي وثقه أبو حاتم وغيره. وفي التقريب: مقبول. واحتج به الشيخ مقبل رحمه الله، انظر اتحاف الخليل. ويحيى بن طلحة، قال عنه يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات. وفي التقريب: ثقة. الجواب: هو على الشرط ورجح الدارقطني في العلل هذا السند516
——-
من فوائد الحديث :
اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بكلمة التوحيد ، و كيف أنهم جعلوا الخوف ملازم لقلوبهم و حرصهم على فهم ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم سواء في الاعتقادات او العبادات أو الأحكام الشرعية ، فينبغي علينا أن نهتم بهذه الكلمة ( لا اله الا الله ) وفهمها على الوجه الصحيح و أخذها من العلم الموثوق بهم ، ويجب دراسة العقيدة ونشرها بين الناس فهي التي تربطك بالله .
وفيه ايضا : على اهل العلم ادخال السرور على من كانت له هموم او اصابه شيء أو راه كئيبا أن يزيل عنه ما اصابه ، وان يقضي حاجته كما فعل عمر رضي الله عنه .
ومن فضل هذه الكلمة ( لا اله الا الله ) فيه تفريج الكربات و حصول الامن والامان ، و الموت عليها عنوان السعادة في الدنيا والآخرة فينبغي على المسملم أن يعلم معناها والعمل بمقتضاها وتحقيق شروطها لكي ينجو من نار جهنم .
ولهذا أحببت الكلام بشيء مفصل عن هذه الكلمة العظيمة ، راجيا من الله القبول والثواب .
فضل كلمة لا اله الا الله
اعلم أخا الإسلام أرشدك الله لطاعته ووفقك لمحبته أن خير الكلمات وأعظمها وأنفعها وأجلّها كلمة التوحيد « لا إله إلا الله » ؛ فهي العروة الوثقى ، وهي كلمة التقوى ، وهي أعظم أركان الدين ، وأهم شعب الإيمان ، وهي سبيل الفوز بالجنة والنجاة من النار ، لأجلها خلق الله الخلق وأنزل الكتب وأرسل الرسل ، وهي كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة ، وهي أصل الدين وأساسه ورأس أمره { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [آل عمران:18] ، والنصوص الواردة في فضلها وأهميتها وعظم شأنها كثيرة جداً في الكتاب والسنة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وفضائل هذه الكلمة وحقائقها وموقعها من الدين فوق ما يصفه الواصفون ويعرفه العارفون وهي رأس الأمر كله ” . مقال [ شروط لا اله الا الله ] للشيخ عبدالرزاق البدر.
قال تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)
تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
قال ابن كثير في التفسير [ 4 / 491 ]: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {مثلا كلمة طيبة} شهادة أن لا إله إلا الله، {كشجرة طيبة} وهو المؤمن، {أصلها ثابت} يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن، {وفرعها في السماء} يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء.
قال تعالى : فقال: {إنني براء مما تعبدون. إلا الذي فطرني فإنه سيهدين. وجعلها كلمة باقية في عقبه}
قال ابن كثير في التفسير [ 7 / 255 ] : أي: هذه الكلمة، وهي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الأوثان، وهي “لا إله إلا الله” أي: جعلها دائمة في ذريته يقتدي به فيها من هداه الله من ذرية إبراهيم، عليه السلام، {لعلهم يرجعون} أي: إليها.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله سيخلِّص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاًّ كلُّ سجلٍ مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقةٌ فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تُظلم، قال: فتوضع السجلاّت في كفة والبطاقة في كفَّةٍ فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء)) قال الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/ 53: ((صحيح)).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((إن من أفضل الدعاء الحمد لله، وأفضل الذكر لا إله إلا الله)) أخرجه الترمذي و صححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 5648.
عن معاذ – رضي الله عنه – يرفعه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة))
وعن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قلت يا رسول الله! أوصني. قال: ((إذا عملت سيئةً فأتبعها حسنة تمحها)). قال قلت: يا رسول الله! أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: ((هي أفضل الحسنات)) صحيح الترغيب والترهيب ، رقم 3162
جاء في كتاب تسير العزيز الحميد 120 : وأنه ليس المراد منها مجرد النطق فإذا كانت لا تعصم من استباح محرما أو أبى عن فعل الوضوء مثلا بل يقاتل على ذلك حتى يفعله فكيف تعصم من دان بالشرك وفعله واحبه ومدحه وأثنى على أهله ووالى عليه وعادى عليه وأبغض التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله وتبرأ منه وحارب أهله وكفرهم وصد عن سبيل الله كما هو شأن عباد القبور.
قال الامام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد :
ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : : « من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله » .
وهذا من أعظم ما يبين معنى : ” لا أله إلا الله ” فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال ، بل ولا معرفة معناها مع لفظها ، بل ولا الإقرار بذلك ، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له ، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله ، فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ولا دمه ، فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها ، ويا له من بيان ما أوضحه ، وحجة ما أقطعها للمنازع .
قال الشيخ السعدي في القول السديد ( 41 ) : فتبين بذلك أنه : لا بد من اعتقاد وجوب عبادة الله وحده لا شريك له ، ومن الإقرار بذلك اعتقادا ونطقا ، ولا بد من القيام بعبادة الله وحده طاعة لله وانقيادا ، ولا بد من البراءة مما ينافي ذلك عقدا وقولا وفعلا .
ولا يتم ذلك إلا بمحبة القائمين بتوحيد الله وموالاتهم ونصرتهم ، وبغض أهل الكفر والشرك ومعاداتهم ، لا تغني في هذا المقام الألفاظ المجردة ، ولا الدعاوى الخالية من الحقيقة ، بل لا بد أن يتطابق العلم والاعتقاد والقول والعمل ، فإن هذه الأشياء متلازمة متى تخلف واحد منها تخلفت البقية والله أعلم .
قال الشيخ العثيمين في القول المفيد [ 1 / 115]: فمثلاً لا يكفي أن يقول: لا إله إلا الله ولا أعبد اللات، ولكن لا بد أن يكفر بها ويقول: إن عبادتها ليست بحق، وإلا، كان مقراً بالكفر.
فمن رضي دين النصارى ديناً يدينون الله به، فهو كافر لأنه إذا ساوى غير دين الإسلام مع الإسلام، فقد كذب قوله تعالى: { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه } [آل عمران: 85].
وبهذا يكون كافراً، وبهذا نعرف الخطر العظيم الذي أصاب المسلمين اليوم باختلاطهم مع النصارى، والنصارى يدعون إلى دينهم صباحاً ومساءاً، والمسلمون لا يتحركون، بل بعض المسلمين الذين ما عرفوا الإسلام حقيقة يلينون لهؤلاء، { ودوا لو تدهن فيدهنون } [القلم: 9]، وهذا من المحنة التي أصابت المسلمين الآن، وآلت بهم إلى هذا الذل الذي صاروا فيه.
قال الشيخ محمد بن ابراهيم في رسائل العقيدة : وإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله، وأيقن بها، وقبلها، ولكنه لم ينقد لها، ولم يعمل بمقتضاها_فإن ذلك لا ينفعه، كما هي حال أبي طالب، فهو يعلم أن دين محمد حق، بل إنه ينطق بذلك ويعترف، حيث يقول مدافعاً عن الرسول”:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ** حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك لا عليك غضاضة ** وافرح وقر بذلك منك عيونا
ولقد علمت بأن دينَ محمدٍ ** من خير أديان البرية دينا
معنى كلمة لا اله الا الله
أي معنى لا إله إلا الله ألا معبود بحق إلا الله فشهادة أن لا إله إلا الله أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل لأنه “إله” بمعنى مألوه، والتأله التعبد. شرح ثلاثة الأصول لابن عثيمين [ 48 ].
و الدليل على ذلك ، { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير } الحج 62
قال الالباني رحمه الله : المسلمون لا يعلمون معنى: (لا إله إلا الله) إلا القليل منهم، ولذلك هم يقولون كلهم: لا إله إلا الله، ولكن إذا أردت أن تبين لهم أن ما يفعلونه من الإتيان إلى الأولياء والصالحين، والذبح عندهم، والنذر لهم، والحلف بهم، والصلاة عند مقابرهم إلخ، فهذا كافر بلا إله إلا الله؛ لأن معنى (لا إله إلا الله) ليس المعنى الذي ذكرناه عن الشاذلي: لا رب إلا الله، وإنما معناه: لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى، وحينما يفهم المسلم كلمة الشهادة هذه الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله) فهماً صحيحاً؛ فيجب أن يطبقه تطبيقاً صحيحاً كما فهمه فهماً صحيحاً، ومن هنا يظهر الفرق بين الذين يؤمنون بلا إله إلا الله بالمفهوم الصحيح، وبين الذين يؤمنون بلا إله إلا الله بالمفهوم غير الصحيح، تختلف تصرفاتهم في هذه الحياة.
لن تجد مؤمناً بهذه الكلمة الطيبة على المعنى الصحيح يذبح لغير الله، وينذر لغير الله، ويحلف بغير الله، ويصلي لغير الله عند قبور الأولياء والصالحين، لن تجد عند هؤلاء شيئاً من ذلك، بينما الآخرون الله أكبر!! يذهبون عند من يسمى بسيدي شعيب، وانظروا إلى النذور هناك! ومن نذر لغير الله فهو ملعون، كما قال عليه السلام: ( من ذبح لغير الله فهو ملعون ) كيف ملعون وهو يقول: لا إله إلا الله؟! لم يفهم لا إله إلا الله. دروس للشيخ الالباني
أركانها :
النفي و الإثبات ، قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
ففي قوله: {اعْبُدُوا اللَّهَ} الإثبات، وفي قوله: {اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ} النفي. فدلت الآية على أنه لا بد في الإسلام من النفي والإثبات، فيثبت العبادة لله وحده، وينفي عبادة ما سواه، وهو التوحيد الذي تضمنته سورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} 3. وهو معنى قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 4.
قال ابن القيم: وطريقة القرآن في مثل هذا أن يقرن النفي بالإثبات، فينفي عبادة ما سوى الله، ويثبت عبادته، وهذا هو حقيقة التوحيد، والنفي المحض ليس بتوحيد، وكذلك الإثبات بدون النفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمنًا للنفي والإثبات، وهذا حقيقة لا إله إلا الله. انتهى. تيسير العزيز الحميد [ 32 ].
شروطها :
والعلم واليقين والقبول … والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبه … وفقك الله لما أحبه
قال الحافظ الحكمي : هذه الشروط السبعة, ومعنى استكمالها اجتماعها في العبد والتزامه إياها بدون مناقضة منه لشيء منها, وليس المراد من ذلك عد ألفاظها وحفظها فكم من عامي اجتمعت فيه والتزمها ولو قيل له: أعددها لم يحسن ذلك, وكم حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيرا فيما يناقضها, والتوفيق بيد الله, والله المستعان.
الأول “العلم” بمعناها المراد منها نفيا وإثباتا المنافي للجهل بذلك, قال الله عز وجل: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد: 19] وقال تعالى: {إلا من شهد بالحق} [الزخرف: 86] أي: بلا إله إلا الله {وهم يعلمون} بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم. وفي الصحيح عن عثمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة” 1 مسلم “1/ 55/ ح43” في الإيمان
“واليقين” أي: والثانى اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما, فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن, فكيف إذا دخله الشك, قال الله عز وجل: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} إلى قوله: {أولئك هم الصادقون} [الحجرات: 15] فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي: لم يشكوا, فأما المرتاب فهو من المنافقين, والعياذ بالله.
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: “أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله, لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة” مسلم “1/ 55-57/ ح27” في الإيمان
الثالث “القبول” لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه, وقد قص الله عز وجل علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قبلها وانتقامه ممن ردها وأباها كما قال تعالى: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون، فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين} [الزخرف: 23-25] .
الرابع “الانقياد” لما دلت عليه المنافي لترك ذلك, قال الله عز وجل: {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له} وقال تعالى: {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى} [لقمان: 22] أي: بلا إله إلا الله {وإلى الله عاقبة الأمور} ومعنى يسلم وجهه أي: ينقاد وهو محسن موحد, ومن لم يسلم وجهه إلى الله ولم يك محسنا فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى.
الخامس “الصدق” فيها المنافي للكذب, وهو أن يقولها صدقا من قلبه يواطئ قلبه لسانه, قال الله عز وجل: {الم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} [العنكبوت: 1-3] إلى آخر الآيات.
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار” , فاشترط في إنجاء من قال هذه الكلمة من النار أن يقولها صدقا من قلبه, فلا ينفعه مجرد اللفظ بدون مواطأة القلب .
السادس “الإخلاص” وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك, قال الله تبارك وتعالى: {ألا لله الدين الخالص} [الزمر: 3] . وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه” وفي الصحيح عن عتبان بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل”
السابع “المحبة” لهذه الكلمة ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها, وبغض ما ناقض ذلك, قال الله عز وجل: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} [البقرة: 165] ، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} [المائدة: 54] ، فأخبرنا الله -عز وجل- أن عباده المؤمنين أشد حبا له؛ وذلك لأنهم لم يشركوا معه في محبته أحدا كما فعل مدعو محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أندادا يحبونهم كحبه, وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه, وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه, واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- واقتفاء أثره وقبول هداه. [ معارج القبول للحافظ الحكمي ( 2 / 421 – 424 ). أختصرت الشروط وبتصرف .
انظر تيسير العزيز الحميد (ص87فما بعدها) حيث قال: (وأحسن ما قيل في معناه ما قاله شيخ الإسلام وغيره: إن هذه الأحاديث إنما هي في من قالها ومات عليها كما جاءت مقيدة وقالها خالصا من قلبه مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين .. فإنّ حقيقة التّوحيد انجذاب الرّوح إلى الله جملة).
_______________
4- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
715 – حدثنا معاوية بن عمرو، وأبو سعيد قالا: حدثنا زائدة، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن علي، قال: ” جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل، وقربة، ووسادة أدم حشوها إذخر ” قال أبو سعيد: ليف.
(1/ 111) وقال الطبراني (عن عطاء) ثقة اختلط في آخر عمره فما رواه عنه المتقدمون فهو صحيح مثل سفيان وشعبة وزهير وزائدة, نقله ابن حجر في (تهذيب التهذيب 7/ 207) ثم قال: قلت فيحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري وشعبة وزهيرا وزائدة وحماد بن زيد وأيوب عنه صحيح.
وتابعه محمد بن فضيل عند ابن ماجة 4152 من طريق واصل بن عبد الأعلى بنحوه, وعند البزار 757 من طريق يوسف بن موسى بأتم منه.
قال سيف: هذا الحديث هو على الشرط.
————
«أَنَّهُ جهَّز فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي خَمِيل وقِرْبَة وَوِسَادَةِ أدَمٍ»
الْخَمِيلُ والخَمِيلَةُ: القَطيفَة، وَهِيَ كُلُّ ثَوْب لَهُ خَمْل مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. وقِيل: الخَمِيلُ الأسْوَد مِنَ الثِّيَاب. النهاية لابن الاثير ( 2 / 81) .
قال أبو حاتم البستي : الخميلة: قطيفة بيضاء من الصوف
قال العلامة الزرقاني : “وأخرج” الإمام “أحمد في المناقب عن علي” قال: “كان جهاز فاطمة رضي الله عنها، خميله” باللام والهاء، بساط له خمل، أي: هدب رقيق، والجمع خميل بحذف الهاء، “وقربة ووسادة،” بكسر الواو، مخدة “من أدم” جلد “حشوها ليف،” أي: وسريرا مشروطا، كما في الرواية السابقة، ومر أن في رواية: أربع وسائد، وأنه يجمع بأن واحدة على السرير، وثلاثة في البيت، ومر أن فرشهما ليلة عرسهما كان جلد كبش، وأنه كان لهما فراشان، ولا معارضة؛ لأن الجهاز مجموع ذلك، فبعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر.
وروي عن الحسن البصري قال: كان لعلي وفاطمة قطيفة، إذا لبسوها انكشفت ظهورهما، وإذا لبسوها بالعرض انكشفت رءوسهما، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم مكث ثلاثة أيام لا يدخل عليهما بعد البناء، ثم دخل في الرابع في غداة باردة وهما في لحاف واحد، فقال: “كما أنتما”، وجلس عند رأسهما، ثم أدخل قدميه وساقيه بينهما، فأخذ علي أحدهما فوضعها على صدره وبطنه، ليدفيهما، وأخذت فاطمة الأخرى فوضعتها على صرها وبطنها لتدفيهما، وطلبت خادما فأمرها بالتسبيح والتحميد والتكبير.
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية ( 2 / 367 ).
الحديث فيه منقبة لفاطمة رضي الله عنها ، فقد بوب الامام البخاري باب مناقب فاطمة
عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني» رواه البخاري
و أورد الامام مسلم في صحيحه[ أن المسور بن مخرمة، حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وهو يقول: «إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها».
وحدثني زهير بن حرب، – واللفظ له – حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن أبيه، أن عروة بن الزبير، حدثه أن عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «دعا فاطمة ابنته فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت» فقالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، ثم سارك فضحكت؟ قالت: «سارني فأخبرني بموته، فبكيت، ثم سارني، فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت».
قال الحافظ في الفتح [ 7 / 105 ] في كلامه عن فاطمة : بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها وأمها خديجة رضي الله عنها ولدت فاطمة في الإسلام وقيل قبل البعثة وتزوجها علي رضي الله عنه بعد بدر في السنة الثانية وولدت له وماتت سنة إحدى عشرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر وقد ثبت في الصحيح من حديث عائشة وقيل بل عاشت بعده ثمانية وقيل ثلاثة وقيل شهرين وقيل شهرا واحدا ولها أربع وعشرون سنة وقيل غير ذلك فقيل إحدى وقيل خمس وقيل تسع وقيل عاشت ثلاثين سنة وسيأتي من مناقب فاطمة في ذكر أمها خديجة في أول السيرة النبوية وأقوى ما يستدل به على تقديم فاطمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن ما ذكر من قوله صلى الله عليه وسلم إنها سيدة نساء العالمين إلا مريم وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بناته فإنهن متن في حياته فكن في صحيفته ومات هو في حياتها فكان في صحيفتها وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدته منصوصا قال أبو جعفر الطبري في تفسير آل عمران من التفسير الكبير من طريق فاطمة بنت الحسين بن علي إن جدتها فاطمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأنا عند عائشة فناجاني فبكيت ثم ناجاني فضحكت فسألتني عائشة عن ذلك فقلت لقد علمت أأخبرك بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركتني فلما توفي سألت فقلت ناجاني فذكر الحديث في معارضة جبريل له بالقرآن مرتين وأنه قال أحسب أني ميت في عامي هذا وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثل مارزئت فلا تكوني دون امرأة منهن صبرا فبكيت فقال أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم فضحكت قلت وأصل الحديث في الصحيح دون هذه الزيادة قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة سيدة نساء أهل الجنة هو طرف من حديث وصله المؤلف في علامات النبوة وعند الحاكم من حديث حذيفة بسند جيد أتى النبي صلى الله عليه وسلم ملك وقال إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وقد تقدم في آخر أحاديث الأنبياء ما ورد في بعض طرقه من ذكر مريم عليها السلام وغيرها مشاركة لها في ذلك.
و من فوائد الحديث :
جواز تجهيز الاب أبنته و الإحسان اليها و تتطيب خاطرها ، وفيه أن من أسباب البركة قلة المهر ، و لا يجوز للمرأة أن تمنع نفسها من الزواج بسبب قلة المهر بل عليها الصبر لعل الله يفرج عنها ، و فيه اشفاق الاب على الاولاد و حبهم و هذا من الحب الطبيعي ، وفيه الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بأن ييسروا على الخاطب ، وان لا يكلفوه أكثر من طاقته من أجل الرياء والسمعة كما سمعنا وشاهدنا من اناس يعانون من المغالاة في المهور ، وساضرب لكم قصة جميلة فيها عبر وفوائد ذكرها الامام الذهبي في سير اعلام النبلاء ( 4 / 233 ) :
[ أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين ]
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ .
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، عَنْ يَسَارِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيْهِ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ:
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَّافِ بنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي وَدَاعَةَ -يَعْنِي: كَثِيْراً- قَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَفَقَدَنِي أَيَّاماً، فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْنَ كُنْتَ؟
قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي، فَاشْتَغَلْتُ بِهَا.
فَقَالَ: أَلاَ أَخْبَرْتَنَا، فَشَهِدْنَاهَا.
ثُمَّ قَالَ: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً؟
فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَمَنْ يُزَوِّجُنِي وَمَا أَمْلِكُ إِلاَّ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؟
قَالَ: أَنَا.
فَقُلْتُ: وَتَفْعَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
و ابْنَ المُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا سَعِيْدٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟
قَالَ: لاَ، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى، إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَباً، فَتَزَوَّجْتَ، فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيْتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ، وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ.
فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُوْلِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَدَفَعَهَا فِي البَابِ، وَرَدَّ البَابَ.
فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاءِ، فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ، ثُمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ فِي ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لاَ تَرَاهُ، ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ، فَرَمَيْتُ الجِيْرَانَ، فَجَاؤُوْنِي، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟
فَأَخْبَرْتُهُم، وَنَزَلُوا إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي، فَجَاءتْ، وَقَالَتْ:
وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
فَأَقَمْتُ ثَلاَثاً، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْرَفِهِم بِحَقِّ زَوْجٍ.
فَمَكَثْتُ شَهْراً لاَ آتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي حَتَّى تَقَوَّضَ المَجْلِسُ.
فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي، قَالَ: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ؟
قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيْقُ، وَيَكْرَهُ العَدُوُّ.
قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ، فَالعَصَا.
فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
________
5- عون الصمد في شرح الذيل على الصحيح المسند؛؛
شرح نورس الهاشمي
الذيل على الصحيح المسند( 5)
قال الإمام أحمد – 1005 – حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة: ان عليا رضي الله عنه لما صلى الظهر دعا بكوز من ماء في الرحبة فشرب وهو قائم ثم قال ان رجالا يكرهون هذا وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فعل كالذي رأيتموني فعلت ثم تمسح بفضله وقال هذا وضوء من لم يحدث.
قال أحد الأصحاب : وهو الحديث برقم 583 ولا أرى فرقا بينه وبين رواية البخاري
وليس في البخاري (ثم تمسح بفضله وقال هذا وضوء من لم يحدث).
الجواب( سيف ): (هذا وضوء من لم يحدث) هو من قول علي رضي الله عنه كما صرح به بعض أهل العلم
ويدل على ذلك رواية في الشمائل وكذلك في صحيح ابن حبان الا إذا اعتبرناه في حكم المرفوع
لعلنا نضعه في المتمم على الذيل
——–
أخرجه البخاري بنحوه فقال :
5615 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ، قَالَ: أتى عَلِيٌّ – رضي الله عنه – عَلَى بَابِ الرَّحَبةِ، فَشَرِبَ قَائِمًا، فَقَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهْوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَعَلَ كمَا رَأَيْتُمُوني فَعَلْتُ.
5616 – حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَلِيٍّ – رضي الله عنه -: أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَعَدَ في حَوَائِجِ النَّاسِ في رَحَبةِ الْكُوفَةِ حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ فشَرِبَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ: رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا، وإنَّ النَّبِي – صلى الله عليه وسلم – صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ.
(الرَّحبة) بفتح المهملة، أي: الساحة، والمراد: رَحبةُ مسجدِ الكوفة.
(فعل)؛ أي: شرب قائمًا.
قال الألباني :
(فائدة) : واعلم أن بعض العلماء فهموا من قوله في هذه الرواية: للطاهر ما لم
يحدث؛ أي: حدثاً أصغر، وبناءً على ذلك قالوا: (إنما يجوز المسح على النعلين لمن
كان على وضوء، ثم أراد تجديده) ! وليس يظهر لنا هذا المعنى؛ بل المراد ما لم يحدث حدثاً أكبر؛ أي: ما لم يُجْنِب ؛ فهو بمعنى حديث صفوان بن عسال بلفظ: ” إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو نوم “. صحيح ابي داود ( 1 / 291 ) ، و يستحسن الرجوع الى المصدر للمزيد.
والأثر يدل بمفهومه على جواز الشرب قائما و هذا هو قول الخلفاء الراشدين كما نقل مالك في الموطأ و جاء عن البعض التابعين و غيرهم و سياتي تفصيل ذلك .
اختلف أهل العلم على قولين :
القول الأول : الجواز و هو قول الجمهور و هو قول الحافظ في الفتح و النووي و هو قول العثيمين الشيخ العباد و الشيخ مقبل
القول الثاني : يفيد التحريم و هو قول ابن تيمية تلميذه ابن القيم في زاد المعاد و ابن حزم و الألباني
أدلة القول الأول :
وعن ابن عباس سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم
وفي الرواية الأخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم وفي صحيح البخاري أن عليا رضي الله عنه شرب قائما وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت.
عن ابن عمر قال: كنا – على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم – نأكل ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام.
وأخرج مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانوا يشربون قياما
مالك عن بن شهاب إن عائشة أم المؤمنين وسعد بن أبي وقاص كانا لا يريان بشرب الإنسان وهو قائم بأسا.
ادلة اقول الثاني :
عن أبي سعيد الخدري، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما» رواه مسلم.
عن أنس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما» رواه مسلم
عن أبي هريرة «أنه – صلى الله عليه وسلم – رأى رجلا يشرب قائما فقال: مه قال لمه؟ فقال أيسرك أن يشرب معك الهر؟ قال لا. قال قد شرب معك من هو شر منه الشيطان» رواه أحمد و صححه الألباني .
وبعض اهل العلم من حمل الشرب قائما للحاجة أو لمكان ضيق أو في الزحام .
قال النووي في شرح مسلم 13/ 195 : على أن هذه الأحاديث أشكل معناها على بعض العلماء حتى قال فيها أقوالا باطلة وزاد حتى تجاسر ورام أن يضعف بعضها وادعى فيها دعاوى باطلة لا غرض لنا فى ذكرها ولا وجه لإشاعة الأباطيل والغلطات في تفسير السنن بل نذكر الصواب ويشار إلى التحذير من الاغترار بما خالفه وليس في هذه الأحاديث بحمد الله تعالى إشكال ولا فيها ضعف بل كلها صحيحة والصواب فيها أن النهي فيها محمول على كراهة التنزيه وأما شربه صلى الله عليه وسلم قائما فبيان للجواز فلا إشكال ولا تعارض وهذا الذي ذكرناه يتعين المصير إليه وأما من زعم نسخا أو غيره فقد غلط غلطا فاحشا.
قال الحافظ في الفتح [ 10 / 83 ]: بل الصواب أن النهي فيها محمول على التنزيه وشربه قائما لبيان الجواز وأما من زعم نسخا أو غيره فقد غلط فإن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع و ثبت التاريخ وفعله صلى الله عليه و سلم لبيان الجواز لا يكون في حقه مكروها أصلا فإنه كان يفعل الشيء للبيان مرة أو مرات ويواظب على الأفضل والأمر بالاستقاءة محمول على الاستحباب فيستحب لمن شرب قائما أن يستقيء لهذا الحديث الصحيح الصريح فإن الأمر إذا تعذر حمله على الوجوب حمل على الاستحباب. انتهى
والذي أميل إليه هو القول الثاني لما فيها من وعيد شديد وفيه مشقة على من شرب قائما أن يستقيء ومثل هذه الألفاظ لا تحمل الا على التحريم ، و تباح عند الحاجة ، والله اعلم .
قال ابن تيمية : وأما ” الشرب قائما ” فقد جاءت أحاديث صحيحة بالنهي وأحاديث صحيحة بالرخصة؛ ولهذا تنازع العلماء فيه وذكر فيه روايتان عن أحمد؛ ولكن الجمع بين الأحاديث أن تحمل الرخصة على حال العذر. فأحاديث النهي مثلها في الصحيح ” {أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما} وفيه عن قتادة عن أنس: {أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما} قال قتادة: فقلنا: الأكل؟ فقال: ذاك شر وأخبث. وأحاديث ” الرخصة ” مثل حديث ما في الصحيحين عن علي وابن عباس قال: {شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائما من زمزم} وفي البخاري عن علي: أن عليا في رحبة الكوفة شرب وهو قائم. ثم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت. وحديث علي هذا قد روي فيه أثر أنه كان ذلك من زمزم كما جاء في حديث ابن عباس هذا كان في الحج والناس هناك يطوفون ويشربون من زمزم ويستقون ويسألونه ولم يكن موضع قعود مع أن هذا كان قبل موته بقليل فيكون هذا ونحوه مستثنى من ذلك النهي وهذا جار عن أحوال الشريعة: أن المنهي عنه يباح عند الحاجة؛ بل ما هو أشد من هذا يباح عند الحاجة؛ بل المحرمات التي حرم أكلها وشربها كالميتة والدم تباح للضرورة. مجموع الفتاوى ( 32 / 210 ).
قال ابن القيم في تهذيب السنن [ 10 / 131 ]: فإنه لعندي فدلت هذه الوقائع على أن الشرب منها قائما كان لحاجة لكونه القربة معلقة وكذلك شربه من زمزم أيضا لعله لم يتمكن من القعود لضيق الموضع أو الزحام وغيرها
قال الألباني : وظاهر النهي في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشرب قائما بلا عذر، وقد جاءت أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما، فاختلف العلماء في التوفيق بينها، والجمهور على أن النهي للتنزيه، والأمر بالاستقاء للاستحباب.
وخالفهم ابن حزم فذهب إلى التحريم، ولعل هذا هو الأقرب للصواب، فإن القول بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ ” زجر “، ولا الأمر بالاستقاء، لأنه أعني الاستقاء فيه مشقة شديدة على الإنسان، وما أعلم أن في الشريعة مثل هذا
التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب! وكذلك قوله ” قد شرب معك الشيطان ” فيه تنفير شديد عن الشرب قائما، وما إخال ذلك يقال في ترك مستحب. وأحاديث الشرب قائما يمكن أن تحمل على العذر كضيق المكان، أو كون القربة
معلقة وفي بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك. والله أعلم. السلسلة الصحيحة ( 1 / 340 ).
فائدة : وللشرب قائما آفات عديدة منها أنه لا يحصل له الري التام ولا يستقر في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء وينزل بسرعة وحدة إلى المعدة فيخشى منه أن يبرد حرارتها وتشوشها وتسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج وكل هذا يضر بالشارب وأما إذا فعله نادرا أو لحاجة لم يضره انتهى [ عون المعبود وحاشية ابن القيم ]
__________________________________
6- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
مسند أحمد
3 – حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو سَعِيدٍ – يَعْنِي الْعَنْقَزِيَّ – قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ سَرْجًا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا. قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى مَنْزِلِي، فَقَالَ: لَا، حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ مَعَهُ؟
قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَجْنَا فَأَدْلَجْنَا، فَأَحْثَثْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا، حَتَّى أَظْهَرْنَا، وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَضَرَبْتُ بِبَصَرِي: هَلْ أَرَى ظِلًّا نَأْوِي إِلَيْهِ؟ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ، فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلِّهَا، فَسَوَّيْتُهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَرَشْتُ لَهُ فَرْوَةً، وَقُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنْظُرُ: هَلْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الطَّلَبِ؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلامُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْهَا، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفَضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفَضَ كَفَّيْهِ مِنَ الْغُبَارِ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنَ اللَّبَنِ، فَصَبَبْتُ عَلَى الْقَدَحِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ أَنَى الرَّحِيلُ .
قَالَ: فَارْتَحَلْنَا، وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا. فَقَالَ: ” لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا ” حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا. وَبَكَيْتُ، قَالَ: ” لِمَ تَبْكِي؟ ” قَالَ: قُلْتُ: أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ. قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ” اللهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ “. فَسَاخَتْ قَوَائِمُ فَرَسِهِ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ، وَوَثَبَ عَنْهَا، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يُنْجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللهِ لَأُعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا “. قَالَ: وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُطْلِقَ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ.
وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَخَرَجُوا فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَى الْأَجَاجِيرِ، فَاشْتَدَّ الْخَدَمُ وَالصِّبْيَانُ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُونَ: اللهُ أَكْبَرُ، جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَ مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَتَنَازَعَ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ، أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لِأُكْرِمَهُمْ بِذَلِكَ ” فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا حَيْثُ أُمِرَ.
قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: أَوَّلُ مَنْ كَانَ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، فَقُلْنَا مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هُوَ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ.
قَالَ الْبَرَاءُ: وَلَمْ يَقْدَمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ، قَالَ إِسْرَائِيلُ: وَكَانَ الْبَرَاءُ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ (1) .
____
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن محمد العنقزي، فمن رجال مسلم.
إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وسماعه من جده أبي إسحاق – عمرو بن عبد الله – في غاية الإتقان للزومه إياه، وكان خصِّيصاً به. قاله الحافظ ابن حجر في ” الفتح ” 1 / 351.
وأخرجه البزار (50) عن حوثرة بن محمد المنقري، عن عمرو بن محمد العنقزي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14 / 327 – 330، والبخاري (3615) و (3652) ومسلم 4 / 2310، والمروزي (62) و (65) ، والبزار (51) ، وأبو يعلى (116) ، وابن حبان (6281) و (6870) ، والبيهقي في ” دلائل النبوة ” 2 / 483 – 484 من طرق عن إسرائيل، به.
وأخرجه البخاري (3615) ، ومسلم 4 / 2309، والبيهقي 2 / 485
وهو يدخل في الذيل على الصحيح المسند
قال أبوصالح الأردني:
3-حديث أبي بكر بشأن الهجرة وهو في الصحيحين إلا هذه الفقرة في ظني” قال أبو بكر وبكيت، قال- أي رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تبكي؟ قال قلت أما والله ما على نفسي أبكي، ولكن أبكي عليك”، وفيه أيضا” فلما أصبح غدا حيث أمر” قال إسرائيل وكان البراء من الأنصار من بني حارثة”
قلت وأورد الحاكم الحديث في المستدرك وقال رواه البخاري ومسلم بغير هذه السياقة
الجواب سيف: ( على شرط الذيل على الصحيح المسند )
——-_-
الشرح :
قوله (سَرْجًا) بفتح فسكون: واحد السُّرُوج (حِينَ خَرَجَ) أي: من الغار بعد ثلاث ليال (فأدْلَجْنا) بتخفيف الدال، بمعنى: سار من أول الليل، وبتشديدها، بمعنى: سار من آخره، وقيل: أدْلَج الوجهين في سير الليل مطلقًا أولِه وآخِرِه، والمشهور ها هنا: السكونُ (فَأَحْثَثْنَا) بحاء مهملة فمثلثتين فنون أي: أسرعنا، من الحث (يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا) وفي صحيح البخاري بتقديم ليلتنا وهو أظهر، نعم الواو لا تفيد الترتيب، فتصح على رواية أيضا (حَتَّى أَظْهَرْنَا) دخلنا في الظهيرة، أو الظهر أي: قاربنا دخوله فلا ينافي قوله (وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ) فإنه يدل على أنه كان وقت الاستواء حيث لا يظهر ظل ومعناه أي: وقف الظل الذي يقف عادة عند الظهيرة حسب ما يرى ويظهر، فإن الظل عند الظهيرة لا يظهر له سويعة حركة حتى يظهر مرأى العين أنه واقف وهو ساير حقيقة، وقيل هو حال الشمس، فلا يخفى أن التذكير يأباه. (فَضَرَبْتُ بِبَصَرِي) أي: نظرت نأوى نرجع (فَأَهْوَيْتُ) أي: ملت (إِلَيْهَا فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلِّهَا) بقاف وتشديد يآء والخبر مقدر أي: موجودة (فَرْوَةً) أي: جلدا من الطلب بفتحتين قبل جمع طالب كخدم جمع خادم أو مصدر أقيم مقامه أو على حذف المضاف أي: أهل الطلب قلت: قوله (هَذَا الطَّلَبُ) قد لحقنا فيما بعد يدل على أنه ليس بجمع. (مِنْ لَبَنٍ) بفتحتين هو المشهور، وروي بضم وإسكان بآء أي: شياه ذوات ألبان.
(حَالِبٌ لِي) أي: أوذن لك أن تحلب لمن يمر بك – على سبيل الضيافة -؟ فلا يرد كيف أنه شربوا اللبن من الغلام وهو غير مالك له، وقيل في الجواب عنه أنه كان لصديق لهم علموا رضاه وهذا جائز، أو أنه كان مال حربي لا أمان له ولعلهم كانوا مضطرين (فَاعْتَقَلَ شَاةً) أي: احتبسها للحلب (كُثْبَةً) بضم كاف وسكون مثلثة فموحدة، قيل هي قدر الحلبة وقيل هي القليل منه (فَصَبَبْتُ – يَعْنِي الْمَاءَ -) أي الماء من الإداوة (عَلَى الْقَدَحِ حَتَّى بَرَدَ) المشهور فتح البآء، وقيل تضم (فَوَافَيْتُهُ) أي: وجدته، (حَتَّى رَضِيتُ) أي: طابت نفسي بكثرة شربه، ثم قال (هَلْ أَنَى الرَّحِيلُ) أي: هل جاء وقته؟ و (أَنَى)؟ كذا؟ ومنه قوله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ .. ) (الحديد:16) وفي بعض النسخ؟ ( ثم قلت) والصواب ( قال) كما فى ترتيب المسند وصحيح مسلم (يَطْلُبُونَا) من حذف نون الرفع تخفيف أو هو كثير بلا سبب فكيف عند اجتماع النونين ويحتمل تشديد النون بالإدغام مثل قوله تعالى (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي … )
(الزمر:64) (إِلَّا سُرَاقَةُ) بضم السين، (جُعْشُمٍ) بضم الجيم، وشين معجمة، بينهما مهملة ساكنة، (فَسَاخَتْ) بالخاء المعجمة أي: غاصت في (أَرْضٍ صَلْدٍ) بفتح فسكون، يقال صخر صلد أي صلب أملس (وَوَثَبَ) أي: تول بسرعة (لَأُعَمِّيَنَّ) صيغة المتكلم من أعمي بنون ثقلية أي: أخفين طريقك، (كِنَانَتِي) وعاء يتخذ للسهام فخذ منها سهما ليكون علامة لك عند الرعاة، (حَاجَتَكَ) أي: قدر حاجتك، (فَأُطْلِقَ) علي بناء المفعول (وَعَلَى الْأَجَاجِيرِ) أي: وطلعوا على السطوح وهو جمع أجار بكسر وتشديد يعنى: السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط والأنجار بالنون لغة فيه والجمع الأجاجير والأناجير (فَاشْتَدَّ) أي: كثر (الْخَدَمُ) بفتحتين أي: العبيد يقولون (يَقُولُونَ اللَّهُ أَكْبَرُ) فرحة بقدومه (وَتَنَازَعَ الْقَوْمُ) أي: الأنصار، الظاهر أن هذا التنازع عند نزوله من القبا (أَيُّهُمْ) أي: ليعلموا (أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ) (عَلَى بَنِي النَّجَّارِ)، كان غالبهم كانوا في محل واحد (فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا حَيْثُ أُمِرَ) لعل هذا إشارة إلى ما جاء أن ناسا قالوا :يا رسول الله إلينا وناسا قالوا : المنزل يا رسول الله فقال دعوا الناقة فإنها مأمورة فبركت على باب أبي أيوب وفى رواية عند موضع المنبر ، فأتاه أبو أيوب فقال أن منزلي أقرب المنازل فائذن لي أن أنقل رحلك؟ قال: نعم فنقل وأناخ الناقة في منزله، وجاء : أن أبا أيوب لما نقل رحل النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع رحله وجاء أن مدة إقامته عند أبي أيوب كانت سبعة أشهر ذكره فى فتح الباري، (مَا فَعَلَ) على بناء الفاعل أي: ماذا هو فيه على أثري بفتحتين أو بكسر فسكون، أي عقبى، ولم يقدم، كيعلم.
انتهى من حاشية السندي
للحديث وقفات :
أولا: يجب توقير أهل العلم و احترامهم و الذب عنهم ،و الخوف عليهم ممن يؤذيهم سواء كان بالقول أو بالفعل
قال قتادة: فإياكم وأذى المؤمن، فإن الله يحوطه، ويغضب له.
و قد جاء الترهيب الشديد فيمن يؤذي المؤمنين ،عن يزيد بن شجرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” إن لجهنمَ لجُباباً في كل جُبٍّ ساحلاً كساحلِ البحرِ فيه هوامٌّ وحيَّاتٌ كالبخاتي وعقاربُ كالبغالِ الدُّلْمِ فإذا سألَ أهلُ النارِ التخفيفَ قيل : اخرجوا إلى الساحلِ فتأخذهم تلك الهوامُّ بشفاههم وجنوبهم وما شاء الله من ذلك فتكشطُها ، فيرجعون
فيبادرون إلى معظم النيرانِ ويُسَلَّطُ عليهم الجَرَبُ حتى إن أحدهم لَيَحُكُّ جلده حتى يبدو العظم ! فيقالُ : يا فلان ! هل يؤذيك هذا ؟ فيقول : نعم . فيقال له : ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين [حسنه العلامة الألباني “صحيح الترغيب والترهيب” ٣٦٧٧.]
قلت سيف : أصح إسناد له ما أخرجه الحاكم وهو من قول يزيد بن شجرة، قال أبوحاتم مرة : في بعض الأحاديث له صحبة، ومرة ذكر هو وأبو زرعة أنه لا صحبة له وخطؤوا يزيد بن أبي زياد ، وتوقف ابن حبان، بينما ذكر ابن معين أن له صحبة أما الإمام أحمد فساقه في ذكره للتابعين في العلل ومعرفة الرجال
وقال ابن عساكر : يقال : له صحبة
ورجح الدارقطني الموقوف 14/3
ثانيا: اهل الحق لابد أن يتعرضوا للأذى فلهذا ينبغي الصبر ، لأن أهل الباطل لا يهدأ لهم بال من تعرضهم لأهل الحق والنيل منهم ، ففي كل زمان نجد أهل الباطل هم أعداء لأهل الحق ، فكلما قويت شوكتهم زاد العداء لأهل الحق و آذوهم .
ثالثا: جواز بكاء الخشية والخوف ، ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد عشرة أنواع للبكاء نوردها كما ذكرها .
1- بكاء الخوف والخشية .
2- بكاء الرحمة والرقة .
3- بكاء المحبة والشوق .
4- بكاء الفرح والسرور .
5- بكاء الجزع من ورود الألم وعدم احتماله .
6- بكاء الحزن …. وفرقه عن بكاء الخوف ، أن الأول (( الحزن )) : يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب وبكاء الخوف : يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك ، والفرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ودمعة الحزن : حارة والقلب حزين ، ولهذا يقال لما يُفرح به هو ، قرة عين وأقرّ به عينه ، ولما يُحزن : هو سخينة العين ، وأسخن الله به عينه .
7- بكاء الخور والضعف .
8- بكاء النفاق وهو : أن تدمع العين والقلب قاس
9- البكاء المستعار والمستأجر عليه ، كبكاء النائحة بالأجرة فإنها كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه :تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها .
10 – بكاء الموافقة : فهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر عليهم فيبكي معهم ولا يدري لأي شيء يبكون يراهم يبكون فيبكي .
وأما عن التباكي قال : وما كان مستدعىً متكلفاً ، وهو التباكي وهو نوعان : محمود ومذموم
فالمحمود : أن يُستجلب لرقة القلب ولخشية الله ، لا للرياء والسمعة ،
والمذموم : يُجتلب لأجل الخلق . ( 1 / 175)
رابعا: يشرع لمن خاف عدوا ان يدعوا بهذا الدعاء كما دعا الغلام في قصة أصحاب الاخدود ، فكان سبب نجاته .
قال النووي رحمه الله :
” إذا خاف ناساً أو غيرهم : فالسنَّة أن يقول ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال : ” اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ” رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح .
ويسن أيضاً أن يدعو بدعاء الكرب , وهو ما رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : ” لا إله إلا الله – العظيم الحليم , لا إله إلا الله – رب العرش العظيم , لا إله إلا الله – رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم ” رواه البخاري ومسلم .
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كربه أمر قال : ” يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ” رواه الترمذي والحاكم وقال : إسناده صحيح ” انتهى من ” المجموع ” ( 4 / 278)
قلت سيف :تنبيه : حديث( اللهم إنا نجعلك في نحورهم ) قال الوادعي في كتابه أحاديث معلة 266 سنده رجال الصحيح، ولكن قال يحيى بن معين أنه لا يعلم أن قتادة سمع من أبي بردة وله علة أخرى وهي الإرسال
قال : قلت في تخريج سنن أبي داود: ونقلت تعليل الشيخ مقبل، وقلت: ولم أجد البخاري ومسلم خرجا لقتادة عن أبي بردة
تنبيه: وقع خطأ في النسخة التي اعتمدها الشيخ مقبل من مسند أحمد وأنه عنده مرسل يعني عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب أنه ليس مرسل كما في طبعة الرسالة وبقيت مصادر التخريج. لكن تبقى علة عدم العلم بسماع قتادة من أبي بردة.
خامسا: يجيب الله دعوة المضطر ولو كان كافرا.
قال العثيمين : أن الله عز وجل يجيب دعوة المضطر إذا دعاه فإذا دعا الإنسان ربه في حال ضرورة موقناً أن الله يجيبه فإن الله تعالى يجيبه حتى الكفار إذا دعوا الله في حال الضرورة أجابهم الله مع أنه يعلم أنهم سيرجعون إلى الكفر إذا غشيهم موج كالظلل في البحر دعوا الله مخلصين له الدين فإذا نجاهم أشركوا فينجيهم لأنهم صدقوا في الرجوع إلى الله عند دعائهم وهو سبحانه يجيب المضطر ولو كان كافراً . شرح رياض الصالحين ( 1/ 35 ).
سادسا:
حفظ الله و رعايته لعباده الصالحين و اعانتهم و نصرتهم ، و الله هو ولي الذين آمنوا ، فالله هو الذي يتولاهم و يراعهم و يكون معهم ، فكل مؤمن ولي ، و الولاية تتفاوت .
قال الشيخ صالح ال الشيخ :
الولاية التي هي محبة الله لعبده ونصرتُه له هذه تكون عنده بقدر ما عنده من الإيمان والتقوى.[ التعليقات الحسان على الفرقان. ص 3]
______________________________
7- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند :
شرح نورس الهاشمي
مسند أحمد
1143 عن عمر بن علي أن عليا كان يسير حتى إذا غربت الشمس وأظلم، نزل فصلى المغرب، ثم صلى العشاء على إثرها ثم يقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.
رواه عبد الله بن أحمد قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده أن عليا فذكره
إسناده حسن
فيه عبد الله بن محمد قال ابن المديني وسط
محمد بن عمر بن علي لا تعرف حاله قاله ابن القطان في بيان الوهم والايهام 4/ 267
قال أبوصالح :
ملاحظة :ابن القطان يقصد أنه حسن الحديث وقد صرح بعد ذلك مباشرة بالتحسين
الجواب سيف: الحديث على شرط الذيل على الصحيح المسند
فقال الدارقطني؛ وذكر هذا الإسناد: كلهم ثقات (سؤالات البرقاني)
وهنا تنبيه: أخطأ بعض الباحثين فضعف هذا السند بأن رواية محمد بن عمر بن علي روايته عن جده مرسله فظن أنه يرويه عن علي بن أبي طالب؛ ولم ينتبه أنه يرويه عن أبيه أن عليا ‘ فظن أن إسم عن (جده) راجعه لعلي بن أبي طالب ‘ وليس كذلك
——_-
الجمع بين الصلاتين في السفر
الحديث يدل على جواز الجمع بين الصلاتين جمع تقديم في السفر اذا جد به السير ، وكذلك يجوز أن يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمع تأخير .
جاء عن أنس قال : كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل …
و جاء ايضا فيما رواه أبو داود عن معاذ بن جبل: أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان في غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، فيصلّيهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلّى الظهر والعصر جميعًا … الحديث.
قال العباد : أورد أبو داود حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك كان إذا زاغت الشمس -يعني: زالت الشمس- قبل أن يرتحل فإنه يصلى الظهر والعصر في أول وقت الظهر جمع تقديم، ثم يرتحل، وإذا كان جاداً به السير، وجاء وقت الظهر وهو سائر، فإنه يؤخر الظهر حتى يجيء وقت العصر، بحيث يكون مواصلاً للسير، فيؤخر الصلاة إلى وقت العصر فيجمع بين الظهر والعصر، يعني أنه يجمع جمع تقديم وجمع تأخير، وهنا فيه جمع التقديم وجمع التأخير؛ لأنه إن كان نازلاً قبل أن تزيغ الشمس، وجاء وقت الزوال فإنه يصلي الظهر والعصر ثم يرتحل، وإذا كان سائراً قبل الزوال قبل أن تزيغ الشمس استمر على سيره وأخر الظهر حتى جاء وقت العصر فنزل وصلاهما جميعاً. وكذلك المغرب والعشاء، فإذا كان نازلاً قبل غروب الشمس وغربت الشمس وهو نازل صلى المغرب والعشاء ومشى، وإن كان سائراً قبل المغرب وجاء وقت الغروب واصل السير حتى يدخل وقت العشاء، مثلما مر في حديث ابن عمر السابق أنه كان سائراً فجاء وقت المغرب وواصل حتى غاب الشفق ونزل وصلى، وحكى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وحديث معاذ هذا يدل على الجمع بين الظهر والعصر تقديماً وتأخيراً، وكذلك بين المغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً، وهذا في حال كونه سائراً.
قال الزرقاني على شرح الموطأ ( 1 / 418 – 419 ): وفي مسلم عن جابر أنه جمع بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر ولو لم يرد من فعله إلا هذا لكان أدل دليل على جواز جمع التقديم في السفر وإلى جواز الجمع في السفر وإن لم يجد به السير ذهب كثير من الصحابة والتابعين والثوري ومالك في رواية مشهورة والشافعي وأحمد وإسحاق وأشهب وقال الليث ومالك في المدونة يختص بمن جد به السير وقيل يختص بالسائر دون النازل وهو قول ابن حبيب وقيل بمن له عذر وقيل يجوز التأخير لا التقديم
وروي عن مالك وأحمد واختاره ابن حزم وقال قوم لا يجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة وهو قول الحسن والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه وقول النووي أنهما خالفاه رده عليه السروجي في شرح الهداية وهو أعرف بمذهبه وأجابوا عن الأحاديث بأنه جمع صوري وتقدم رده قال إمام الحرمين ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل ودليله من حيث المعنى الاستنباط من الجمع بعرفة ومزدلفة فإن سببه احتياج الحاج إليه لاشتغالهم بمناسكهم وهذا المعنى موجود في كل الأسفار ولم تتقيد الرخص كالقصر والفطر بالنسك إلى أن قال ولا يخفى على منصف أن الجمع أرفق من القصر فإن القائم إلى الصلاة لا يشق عليه ركعتان يضمهما إلى ركعتيه ورفق الجمع بمن جد به السير
( مالك أنه بلغه عن علي ) زين العابدين ( بن حسين ) بن علي بن أبي طالب ( أنه كان يقول كان رسول الله إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر ) جمع تقديم إن سار بعد الزوال وتأخير إن سار قبله
( وإذا أراد أن يسير ليله جمع بين المغرب والعشاء ) قال ابن عبد البر هذا حديث يتصل من رواية مالك من حديث معاذ بن جبل وابن عمر معناه وهو عند جماعة من أصحابه مسند. انتهى
وفي الحديث دليل لما ذهب إليه الشافعي وغيره من جواز الجمع الحقيقي تقديماً وتأخيراً. قال ابن حجر
رواه أبوداود والترمذي المكي : إنه حديث صحيح ، وإنه جملة الأحاديث التي هي نص لا يحتمل تأويلاً في جواز جمعي التقديم والتأخير-انتهى. مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح
جواز الجمع اذا كان نازلا
واختلفوا في حكم جمع الصلاة للمقيم في بلد إقامة يقصر فيها الصلاة على قولين:
1- فذهب الإمام مالك والقاضي من الحنابلة وابن القيم -وظاهر كلام ابن تيمية-: إلى أن الجمع لا يجوز إلا لمن جد به السير (المدونة 1/205, المبدع 2/125, الوابل الصيب ص 14, مجموع الفتاوى 20/360, 22/290) لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير” (البخاري 1055, مسلم 703)
2- وذهب الشافعية والحنابلة -وهو إحدى الروايات عن الإمام مالك- إلى أنه يباح الجمع في كل سفر يقصر فيه، سواء كان جاداً في سفره أم نازلاً بحيث لا تنقطع عنه أحكام السفر. (مغني المحتاج 1/529, كشاف القناع 2/5, البيان والتحصيل 18/110) لحديث حديث معاذ بن جبل «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء [فأخَّر الصلاة يومًا ثم خرج فصلَّى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج فصلَّى المغرب والعشاء جميعًا]» أخرجه مسلم (706)
قال ابن قدامة: “وإن أحب أن يجمع بين الصلاتين في وقت الأولى منهما، جاز، نازلاً كان، أو سائرًا، أو مقيمًا في بلد إقامةً لا تمنع القصر. وهذا قول عطاء، وجمهور علماء المدينة، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر” (المغني 2/201)
قال ابن بطال : فجاء فى هذا الحديث ما يقطع الالتباس فى أن للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر إذا واغت الشمس ، نازلا كان أو سائرا ، جد به السير أو لم يجد ، على خلاف ما تأوله أبو حنيفة ، وهى حجة على من أجاز الجمع ، وإن لم يجد به السير ، وقد تقدم ذلك . شرح صحيح البخاري ( 3 / 100 ).
قال ابن مفلح- وهو يتكلم عن الجمع بين الصلاتين-: (لا فرق بين أن يكون نازلاً، أو سائراً في جمع التقديم، أو التأخير. وقال القاضي: لا يجوز إلا لسائر) . المبدع 2/117، وانظر: كشاف القناع 2/3.
قال ابن قدامة: “في هذا الحديث أوضح الدلائل، وأقوى الحجج، في الرد على من قال: لا يجمع بين الصلاتين إلا إذا جدّ به السير؛ لأنه كان يجمع وهو نازل غير سائر، ماكث في خبائه، يخرج فيصلي الصلاتين جميعًا، ثم ينصرف إلى خبائه…. والأخذ بهذا الحديث متعين؛ لثبوته وكونه صريحًا في الحكم، ولا معارض له، ولأن الجمع رخصة من رخص السفر، فلم يختص بحالة السير، كالقصر والمسح، ولكن الأفضل التأخير، لأنه أخذ بالاحتياط، وخروج من خلاف القائلين بالجمع، وعمل بالأحاديث كلها” (المغني 2/202)
(ثم دخل) إلى رحله (ثم خرج) منه، قال في المنهل: مقتضاه أنه – صلى الله عليه وسلم – كان غير سائر، لأن الغالب استعمال الدخول إلى الخباء، أو المنزل، وكذا الخروج حال الإقامة، فمعنى قوله: “فكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء” أنه يجمع بينهما سائرًا. ومعنى قوله: “فأخر الصلاة يومًا” الخ: أنه جمع بينهما يومًا في حالة النزول، يدل على هذا لفظ “ثم دخل، ثم خرج”. قال ابن عبد البر: هذا أوضح دليل على رد قول من قال: لا يجمع إلا من جَدَّ به السير. اهـ. المنهل جـ 7 ص 60. منقول من شرح المجتبى ( 7 / 455 ) .
قال العثيمين : والصحيح أن الجمع للمسافر جائز لكنه في حق السائر مستحب وفي حق النازل جائز غير مستحب إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل. شرح الممتع ( 4 / 390 ) .
والراجح من أقوال أهل العلم هو القول الثاني لما دلت عليه الأدلة الصحيحة الصريحة ، والله اعلم .
قلت سيف :
تنبيه : حديث عن أنس قال : كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل … انكره أبوداود ، وراجع تفصيل الطرق تحقيق المسند 21 /209
فكل ما ورد في جمع التقديم معل إلا الجمع في عرفة . وهو كافي للدلالة على جمع التقديم .
أما استدلال صاحبنا نورس بحديث علي بن ابي طالب على جمع التقديم قد لا يوافق عليه حيث حيث ورد بلفظ ( وأظلم ) المهم يكفي الجمع بعرفة للدلالة على جمع التقديم.
—————————-
8- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند؛؛
شرح نورس الهاشمي
مسند أحمد
– 2461 حدثنا حسين حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن محمد بن عمرو بن عطاء بن علقمة القرشي ‘ قال: دخلنا بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ‘ فوجدنا فيه عبدالله بن عباس ‘ فذكرنا الوضوء مما مست النار ‘ فقال عبدالله: قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل مما مسته النار’ ثم يصلي ولا يتوضأ. فقال له بعضنا: أنت رأيته يا ابن عباس؟ قال: فأشار بيده إلى عينيه ‘ فقال: بصر عيني
اسناده حسن وراجع الصحيحة 2116 فقد أشار إلى أن له متابع فقد أخرجه مسلم من طريق وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء بلفظ:” رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل عرقا من شاة ثم صلى ولم يتوضأ ولم يمس ماء
وذكر له شاهد كذلك.
قلت سيف :
على شرط الذيل على الصحيح المسند
حيث رواية أحمد أصرح في المعنى؛ (يأكل مما مسته النار)
-_-_-_-_-_-__-
شرح هذا الحديث سبق ذكره في مختلـــف الحديــــث :رقم 25.
-كيــف التوفيـــــق بيـــن حديث ميمونة –
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكَل عِندَها كَتِفًا ،ثـم صلَّــى ولـم يتوَضَّـأْ.
البخاري 1/ 373 حديث (210) ومسلم 1/ 274 (356) .أحمد في المسند 6/ 331
وحـديــث :[توضَّؤوا ممَّـا مسَّـتِ النَّـارُ]
رواه مسلم (353). أحمد في المسند 6/ 321.
،،،،،،،،،،،
جواب الأخ أبي سيف علي النقبي :
يمكن الجمع بين الحديثين بالآتي:
1-النسخ..
قال ابن رشد في بداية المجتهد :اختلف الصدر الأول في إيجاب الوضوء من أكل ما مسته النار لاختلاف الآثار الواردة في ذلك عن رسول الله ﷺ و اتفق جمهور فقهاء الأمصار بعد الصدر الأول إذ صح عندهم أنه عمل الخلفاء الأربعة، و لما ورد في حديث جابر أنه قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار.
2-القول باستحباب الوضوء لوجود الأمر النبوي صلى الله عليه وسلم و وجود ما يخالفه من الفعل النبوي فيصرف الأمر الذي أصله للوجوب إلى الإستحباب للقرينة المذكورة.
3- القول بوجوب الوضوء للقاعدة التي دائما ما يذكرها الشوكاني رحمه الله تعالى في النيل :أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة و هذا يقال ان لم نقل بثبوت حديث جابر و أنه دليل على النسخ .
المصادر :
بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد .
نيل الأوطار الشوكاني رحمه الله في باب:
باب الوضوء من لحوم الإبل . وباب أستحباب الوضوء مما مسته النار و الرخصة في تركه.
——————
جواب الأخ علي طالب البلوشي وقد قمت بترتيبه (سيف ):
من كتاب الاستذكار لابن عبدالبر :
، وذكر حديث عائشة في الوضوء مما مست النار، ونقل عن الزهري أنه لو كان منسوخا ما خفي على عائشة لكن نقل عن أم سلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وأنها ناولت النبي صلى الله عليه وسلم لحما أو كتفا ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ
وذكر حديث -عن ابن عباس قال أكل النبي صلى الله عليه وسلم كتفا ثم مسح يديه بمسح كان تحته ثم قام إلى الصلاة فصلى ) .
قال ابن عبدالبر بعد أن نقل أحاديث وآثار عن الخلفاء في ترك الوضوء مما مست النار :فأعلم الناظر في موطئة – يعني مالكا – أن عمل الخلفاء الراشدين بترك الوضوء مما مست النار دليل أنه منسوخ.
،،،،،،،،،،،،،،
جواب الأخ حمد الكعبي :
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح :
….قال النووي كان الخلاف فيه معروفا بين الصحابة والتابعين ثم استقر الإجماع على أنه لا وضوء مما مست النار الا ما تقدم استثناؤه من لحوم الإبل وجمع الخطابي بوجه آخر وهو أن أحاديث الأمر محمولة على الاستحباب لا على الوجوب والله أعلم…
وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم؛
….وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه و سلم توضؤوا مما مست النار فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى انه لاينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار ممن ذهب إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وبن عباس وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وجابر بن سمرة وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو هريرة وابي بن كعب وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وعائشة رضي الله عنهم أجمعين وهؤلاء كلهم صحابة وذهب إليه جماهير التابعين وهو مذهب مالك وابي حنيفة والشافعي وأحمد واسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبي ثور وابي خيثمة رحمهم الله وذهب طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي وضوء الصلاة بأكل ما مسته النار وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والزهري وابي قلابة وأبي مجلز واحتج هؤلاء بحديث توضؤوا مما مسته النار واحتج الجمهور بالاحاديث الواردة بترك الوضوء مما مسته النار وقد ذكر مسلم هنا منها جملة وباقيها في كتب أئمة الحديث المشهورة وأجابوا عن حديث الوضوء مما مست النار بجوابين أحدهما أنه منسوخ بحديث جابر رضي الله عنه قال كان آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه و سلم ترك الوضوء مما مست النار وهو حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن باسانيدهم الصحيحة والجواب الثاني أن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين ثم أن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الاول ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لايجب الوضوء بأكل ما مسته النار والله أعلم ..
قال ابن باز رحمه الله في فتاوي نور على الدرب ؛
الحاصل أن ترك الوضوء مما مست النار أمرٌ عام يعم الإبل والبقر والغنم وغير ذلك فجاءت أحاديث لحم الإبل تستثني يدل على أنه ما أراده – صلى الله عليه وسلم – إنما أراد البقر والغنم والخيول ونحو ذلك، أما الإبل فهو باقي ولهذا جمع بينهما، لما سئل عن لحم الإبل قال توضأ، وعن لحم الغنم قال إن شئت، فدل هذا على أنه ما جاء نسخ وجوب الوضوء مما مست النار.
==============
جواب أبي صالح؛
حديث( توضئوا مما مست النار )يشبه أن يكون منسوخا؛ فعن محمد بن عمرو بن عطاء قال : كنت مع ابن عباس رضي الله عنهما في بيت ميمونة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم- في المسجد فجعل يعجب ممن يزعم أن الوضوء مما مست النار، ويضرب فيه اﻷمثال ويقول إنا نستحم بالماء المسخن ونتوضأ به، وندهن بالدهن المطبوخ، وذكر أشياء مما يصيب الناس مما قد مست النار، ثم قال: لقد رأيتني في هذا البيت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد توضأ، ثم لبس ثيابه، فجاءه المؤذن، فخرج إلى الصﻻة، حتى إذا كان في الحجرة خارجا من البيت، لقيته هدية عضو من شاة، فأكل منها لقمة، أو لقمتين ثم صلى وما مس ماء.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى من طريق أحمد بن عبد الحميد الحارثي ثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير به، ورواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب عن أبي أسامة ولم يسق لفظه قال البيهقي عقبه: وفيه دﻻلة على أن ابن عباس شهد ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم نقل عن الشافعي رحمه الله تعالى قوله
وإنما قلنا ﻻ يتوضأ منه ﻷنه عندنا منسوخ أﻻ ترى أن عبد الله بن عباس وإنما صحبه بعد الفتح يروي عنه أنه رآه-
قلت: وقال اﻹمام مسلم359 في هذا الحديث( وفيه أن ابن عباس شهد ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم- يأكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ)،
وهذا عندنا من أبين الدﻻلات على أن الوضوء منه منسوخ، أو أن أمره بالوضوء منه بالغسل للتنظيف، والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يتوضأ منه، ثم عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس، وعامر بن ربيعة، وأبي بن كعب، وأبي طلحة كل هؤﻻء لم يتوضئوا منه. انتهى
قلت إسناد البيهقي صحيح فيه أحمد بن عبد الحميد الحارثي وثقه الدارقطني كما في سؤاﻻت الحاكم له، وأورده ابن حبان في ثقاته، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ووصفه بالمحدث الصدوق أبو جعفر…توفي سنة تسع وستين ومائتين.
قلت تابعه على أصله
سفيان عن عمرو أخبرني من سمع ابن عباس، وعبد الله بن عمرو القاري يماريه يقول أخبرني أبو أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال الوضوء مما مست النار. قال ابن عباس أتوضأ من الدهن! أتوضأ من الحميم! والله ما حلت النار شيئا وﻻ حرمته.انتهى
أخرجه أبو يعلى في مسنده قال البوصيري في اﻹتحاف هذا إسناد ضعيف، لجهالة التابعي. قلت يصلح في المتابعات
ونحو هذه المناظرة جرت بين أبي هريرة وابن عباس- وفيها فائدة ﻻ مجال لذكرها اﻵن- أخرجها الترمذي وحسنها اﻷلباني
ثم قال الترمذي والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم مثل سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحق، رأوا ترك الوضوء مما مست النار، وهذا آخر اﻷمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأن هذا الحديث ناسخ للحديث اﻷول حديث الوضوء مما مست النار
قلت أما الوضوء من لحوم اﻹبل فلعلة أخرى غير كونها مستها النار فتأمل.
—————–
جواب الأخ سيف غدير النعيمي :
نقل صاحب كتاب منحة الملك: القول بالنسخ، والاستحباب ورجح الثاني؛ لأن فيه الجمع بين الأدلة.
وراجع منحة الملك الجليل شرح صحيح محمد بن إسماعيل (1/ 478)
وسئل الألباني فقال : جابر حينما روى كان آخر الأمرين من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ترك الوضوء مما مست النار ، هذا كلام عام ، ، لكن الرسول – عليه السلام – فرق بين لحوم الإبل وبين لحوم الغنم ، وفي ذلك حديثان اثنان : حديث جابر بن سمرة في صحيح مسلم ، وحديث البراء بن عازب في مسند الإمام أحمد وغيره ، وفيه أنتوضأ من لحم الغنم ، قال : ( إن شئتم ) ولحم الإبل قال : ( توضئوا)انتهى
—————
جواب سيف بن دورة الكعبي :
قال الزرقاني : وقد أومأ مسلم إلى النسخ فروى أولا أحاديث زيد وأبي هريرة وعائشة ثم عقبها بحديث ابن عباس. انتهى
تنبيه :حديث جابر كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار
قال أبوداود في السنن 192:هذا اختصار من الحديث الأول.
يقصد حديث جابر 🙁 قرَّبتُ للنبي صلى الله عليه وسلم خبزا ولحما فأكل ثم دعا بوضوء فتوضأ به ثم صلى الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ ).
___________________________________
9 – عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرحه وجمعه نورس الهاشمي
– سنن أبي داود
حديث 3448
عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع يبيع طعاما فسأله: كيف تبيع ‘
فأخبره’ فأوحى إليه أن أدخل يدك فيه ‘ فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول ‘ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من غش)
أخرجه مسلم لكن زاد أبو داود (فأوحي إليه)
الجواب : على شرط الذيل على الصحيح المسند
———-
تحريم الغش
قال الطيبي : قوله: ((أصابته السماء)) أي المطر؛ لأنها مكانه، وهو نازل منها. [ شرح المشكاة ]
[ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم النزول الى الاسواق وينظر الى احوال الناس ومعاملاتهم فوقع نظره الى صاحب طعام فوجد بللا ، فنصحه بإظهار العيب امام الناس حتى لا يفضي الى الغش والخداع والمكر .
و على الدعاة و اصحاب الشأن النزول الى الاسواق ويبنون للناس ما يحتاجونه من البيوع وتحذيرهم المعاملات المحرمة ،
و يجب على اصحاب البضائع أن يعتنوا بفقه البيوع وما يحرم منها ، وان يدرسوا احكام البيوع دراسة تاصيلية حتى لا يقعوا في امور محرمة] . بين القوسين من فهمي
قال ابن العربي: الغش حرام بإجماع الأمة, لأنه نقيض النصح، وهو من الغشش وهو الماء الكدر، فلما خلط السالم بالمعيب وكتم ما لو أظهره لما أقدم عليه المبتاع. عارضة الأحوذي (6/ 45).
قال النووي على شرح مسلم ( 1/ 109 ) : ومعناه عند أهل العلم أنه ليس ممن اهتدى بهدينا واقتدى بعلمنا وعملنا وحسن طريقتنا كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله لست مني وهكذا القول في كل الأحاديث الواردة بنحو هذا القول كقوله صلى الله عليه وسلم من غش فليس منا وأشباهه.
و كان سفيان بن عيينة رحمه الله يكره قول من يفسره بليس على هدينا ويقول بئس هذا القول يعني بل يمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر والله أعلم. النووي على مسلم ( 2/ 108 ).
قال البغوي : ” وقوله من غش فليس مني ” لم يرد به نفيه عن دين الإسلام ، إنما أراد أنه ترك اتباعي ، إذ ليس هذا من أخلاقنا وأفعالنا ، أو ليس هو على سنتي وطريقتي في مناصحة الإخوان ، هذا كما يقول الرجل لصاحبه : أنا منك يريد به الموافقة والمتابعة ، قال الله سبحانه وتعالى إخبارا عن إبراهيم عليه السلام 🙁 فمن تبعني فإنه مني ) [ إبراهيم : 36 ]
والغش :
نقيض النصح مأخوذ من الغشش ، وهو المشرب الكدر.
قال الإمام : والتدليس في البيع حرام مثل أن يخفي العيب أو يصري الشاة ، أو يغمر وجه الجارية ، فيظنها المشتري حسناء ، أو يجعد شعرها غير أن البيع معه يصح ، ويثبت للمشتري الخيار إذا وقف عليه.
وروي أن عبد الرحمن بن عوف ابتاع وليدة من عاصم بن عدي ، فوجدها ذات زوج فردها.
ولو اطلع المشتري على العيب بعد ما هلك ما اشتراه في يده ، أو كان عبدا قد أعتقه ، فيرجع بالأرش وهو أن ينظر : كم نقص العيب من قيمته ، فيسترجع بنسبته من الثمن. شرح السنة [ 8 / 167 ]. انتهى
المراد بالغش هنا، كتم عيب المبيع أو الثمن، والمراد بعيبه هنا: كل وصف يعلم من حال آخذه، أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن، الذي يريد بدله فيه. [ دليل الفالحين لشرح رياض الصالحين ، 8 / 423 ].
قال ابن تيمية : والغش يدخل في البيوع بكتمان العيوب وتدليس السلع؛ مثل أن يكون ظاهر المبيع خيرا من باطنه؛ كالذي مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر عليه. ويدخل في الصناعات مثل الذين يصنعون المطعومات من الخبز والطبخ والعدس والشواء وغير ذلك أو يصنعون الملبوسات كالنساجين والخياطين ونحوهم أو يصنعون غير ذلك من الصناعات فيجب نهيهم عن الغش والخيانة والكتمان. المجموع [ 28 / 72 ].
وفي الحديث دلالة على تحريم الغش، وأن فاعله ليس من المقتدين بالنبي – صلى الله عليه وسلم -. والغش مجمع على تحريمه عند المتَشرعين، مذموم مرتكبه بفطرة العقول. [ البدر التمام لشرح بلوغ المرام ، 6 / 133 ] .
قال ابن باز : فإن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين الصدق والنصح في جميع المعاملات، وحرم عليهم الكذب والغش والخيانة، وما ذاك إلا لما في الصدق والنصح وأداء الأمانة من صلاح أمر المجتمع والتعاون السليم بين أفراده والسلامة من ظلم بعضهم لبعض وعدوان بعضهم على بعض، ولما في الغش والخيانة والكذب من فساد أمر المجتمع وظلم بعضه لبعض وأخذ الأموال بغير حقها وإيجاد الشحناء والتباغض بين الجميع. المجموع ( 4/ 103 ).
____________________________
10- عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمعه نورس الهاشمي
مسند أحمد :
1629- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي جَدِّي رِيَاحُ بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُدْعَى سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ فَحَيَّاهُ الْمُغِيرَةُ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيرِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَاسْتَقْبَلَ الْمُغِيرَةَ فَسَبَّ وَسَبَّ فَقَالَ مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيرَةُ قَالَ يَسُبُّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ ثَلَاثًا أَلَا أَسْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّونَ عِنْدَكَ لَا تُنْكِرُ وَلَا تُغَيِّرُ فَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَرْوِي عَنْهُ كَذِبًا يَسْأَلُنِي عَنْهُ إِذَا لَقِيتُهُ أَنَّهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ وَتَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ لَسَمَّيْتُهُ قَالَ فَضَجَّ أَهْلُ الْمَسْجِدِ يُنَاشِدُونَهُ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ التَّاسِعُ قَالَ نَاشَدْتُمُونِي بِاللَّهِ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ أَنَا تَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَاشِرُ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ يَمِينًا قَالَ وَاللَّهِ لَمَشْهَدٌ شَهِدَهُ رَجُلٌ يُغَبِّرُ فِيهِ وَجْهَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام
الجواب سيف :
هو على شرط الذيل على الصحيح المسند
ففي اطراف المسند 2613 – [د ت س ق] حديث: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة … … . الحديث بطوله وفيه قصته مع المغيرة بن شعبة وفي حديث صدقة من الزيادة قوله والله لمشهد شهده رجل مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغبر به وجهه أفضل من عمل أحدكم ولو عمر عمر نوح [ص:469] (1: 187) حدثنا يحيى بن سعيد عن صدقة بن المثنى حدثني جدي رياح بن الحارث أن المغيرة بن شعبة كان في المسجد الأكبر … … . الحديث (1: 188) وعن محمد بن جعفر عن شعبة (1: 189) وعن علي بن عاصم كلاهما عن حصين عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم عنه … … . بالحديث والقصة نحوه (1: 189) وعن معاوية بن عمرو عن زائدة عن حصين بمعناه (1: 188) وعن وكيع ومحمد بن جعفر وحجاج عن شعبة عن الحر بن الصياح عن عبد الرحمن بن الأخنس عنه بالحديث نحوه وبالقصة مختصرة [تحفة 4: 5، 6 حديث 4455، 4458]
وفي علل الدارقطني س 667 – وسُئِل عَن حَدِيثِ رِياحِ بنِ الحارِثِ النَّخَعِيِّ، عَن سَعِيدِ بنِ زَيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم: عَشَرَةٌ فِي الجَنَّةِ فَذَكَرَهُم.
فَقال: هُو حَدِيثٌ رَواهُ صَدَقَةُ بن المُثَنَّى، عَن جَدِّهِ رِياحِ بنِ الحارِثِ، حَدَّث بِهِ جَماعَةٌ مِنهُم: يَحيَى بن سَعِيدٍ القَطّانُ، وأَبُو مُعاوِيَة الضَّرِيرُ، ومُحَمد بن عُبَيدٍ، ويَعلَى بن عُبَيدٍ، وعُمَرُ بن عِمران الطُّفاوِيُّ، فاتَّفَقُوا عَلَى إِسنادِهِ ومَتنِهِ.
———–
أحببت ان أقف في هذا الحديث وقفات وزدت بعض المسائل لأهميتها راجيا من الله القبول والثواب .
قال ابن تيمية في الواسطية : ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كما وصفهم الله به في قوله تعالى : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ).
أقوال أهل العلم في عدالة الصحابة
قال الإمام النّوويّ: الصّحابة كلهم عدول، من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتدّ به . [التقريب مع التدريب 214].
قال إمام الحرمين: والسّبب في عدم الفحص عن عدالتهم أنهم حملة الشّريعة، فلو ثبت توقّف في روايتهم لانحصرت الشّريعة على عصره صلّى اللَّه عليه وسلم ولما استرسلت سائر الأعصار.
قال أبو زرعة الرّازيّ: إذا رأيت الرّجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أنّ الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة، وهؤلاء الزّنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسّنّة فالجرح بهم أولى.
قال ابن الصّلاح: «ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصّحابة ومن لابس الفتن منهم، فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتدّ بهم في الإجماع إحسانا للظّنّ بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن اللَّه سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشّريعة» [الحديث والمحدثون 129، 130 ] .
قال الخطيب البغداديّ في الكفاية» مبوبا على عدالتهم:
ما جاء في تعديل اللَّه ورسوله للصّحابة، وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم، وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتّصل إسناده بين من رواه وبين النّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النّظر في أحوالهم سوى الصّحابي الّذي رفعه إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل اللَّه لهم، وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن.
والأخبار في هذا المعنى تتّسع، وكلها مطابقة لما ورد في نصّ القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصّحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل اللَّه تعالى لهم، المطّلع على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق له [الكفاية 46، 48. ] .
قال ابن حِبَّان: “كلهم أئمة سادةٌ قادةٌ عدول، نزَّه الله عز وجل أقدار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يُلزَقَ بهم الوَهَن. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: “ألا ليُبلغ الشاهد منكم الغائب”؛ أعظمُ الدليل على أن الصحابة كلهم عدولٌ؛ ليس فيهم مجروحٌ ولا ضعيف، إذ لو كان فيهم مجروحٌ، أو ضعيف، أو كان فيهم أحدٌ غيرُ عدل لاستَثْنَى في قوله صلى الله عليه وسلم، وقال: ألا لِيُبَلِّغَ فلانٌ وفلانٌ منكم الغائب. فلمّا أجمَلَهم في الذِّكر بالأمرِ بالتبليغِ مَنْ بَعدهم، دلَّ ذلك على أنهم كلهم عدول، وكفى بمن عدَّله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شَرَفاً”. (الصحيح، ترتيبهُ الإحسان 1/162)
ونقله ابن رُشَيد في السَّنَن الأبين (134-135)، ثم قال: “واستدلاله بهذا الحديث صحيحٌ حسن، والإجماع شاهد على ذلك”.
وقال ابن حبان أيضا: “إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات عدول”. (نفسه 16/238)
وقال ابن عدي: “إن أصحابَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِحَقِّ صُحبَتهم، وتقادُمِ قَدمهم في الإسلام، لكلِّ واحد منهم في نفسه حقٌ وحُرمةٌ للصُّحبة، فهُم أجلُّ من أن يتكلّم أحدٌ فيهم”. (الكامل في الضعفاء 3/1064)
وقال ابن حزم: “الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم، لثناء الله تعالى عليهم”. (المحلى 5/92 دار الآفاق الجديدة)
وقال أيضا: “ولا عدول أعدل من الصحابة”. (الإحكام 2/231)
وقال ابن عبد البر: “ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم، وثناء رسوله عليه السلام، ولا أعْدَلَ ممن ارتضاه الله لصًحبة نبيِّه ونُصْرَته، ولا تزكيةَ أفضلُ من ذلك، ولا تعديلَ أكمل منه”. (الاستيعاب، بهامش الإصابة 1/4-5)
وقال ابن الأثير: “والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح والتعديل، فإنهم كلهم عدول، لا يتطرق إليهم الجرح، لأن الله عز وجل ورسولَه زكَّياهم وعدّلاهم، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره”. (أسد الغابة 1/3) .
وروى البخاري، عن الحميدي، قال: ((اذا صح الاسناد عن الثقات الى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو حجة وان لم يسم ذلك الرجل)). التقييد والايضاح ص74.
وقال الآمدي: ((اتفق الجمهور من الأئمة على عدالة الصحابة مطلقا)) احكام الأحكام 2/128
و من أراد الوقوف على الادلة من الكتاب و السنة فليرجع الى كتاب [ الإصابة ] لابن حجر فقد أجاد و أفاد .
خير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم
قال الرازيين : وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان ، ثم علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وهم الخلفاء الراشدون المهديون ، وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله الحق. شرح اعتقاد اصول اهل السنة والجماعة اللالكائي ( 1 / 319 ) .
قال الامام أحمد: وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان ، نقدم هؤلاء الثلاثة كما قدمهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا في ذلك ، ثم بعد هؤلاء الثلاثة أصحاب الشورى الخمس علي بن أبي طالب ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ، كلهم يصلح للخلافة وكلهم إمام . ونذهب إلى حديث ابن عمر : كنا نعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي ، وأصحابه متوافرون : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نسكت . ثم من بعد أصحاب الشورى أهل بدر من المهاجرين ، ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر الهجرة والسابقة أولا فأولا . ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم القرن الذي بعث فيهم ، كل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه ، فهو من أصحابه ، له من الصحبة على قدر ما صحبه ، وكانت سابقته معه ، وسمع منه ونظر إليه نظرة ، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه ، ولو لقوا الله بجميع الأعمال كان هؤلاء الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ورأوه وسمعوا منه ومن رآه بعينه وآمن به ولو ساعة أفضل بصحبته من التابعين ولو عملوا كل أعمال الخير . ( اصول السنة )
و قال في الرسالة التي رواها أبو العباس أحمد بن يعقوب الإصطخري و غيره : و خير الأمة بعد النبي صلى الله عليه و سلم أبو بكر و عمر بعد أبي بكر و عثمان بعد عمر و علي بعد عثمان و وقف قوم و هم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم و لا يطعن على أحد منهم بعيب و لا نقض فمن فعل ذلك فقد وجب تأديبه و عقوبته و ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه و يستتيبه فإن تاب قبل منه و إن ثبت أعاد عليه العقوبة و خلده في الحبس حتى يموت أو يراجع
و حكى الإمام أحمد هذا عمن أدركه من أهل العلم و حكاه الكرماني عنه و عن إسحاق و الحميدي و سعيد بن منصور و غيرهم . الصارم المسلول ( 570 ).
[ الترحم عليهم والكف عما شجر ببنهم ]
قال ابن قدامة : ومن السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبتهم وذكر محاسنهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم. واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: 10] وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» . لمعة الاعتقاد ( 39 ).
و قال ابن تيمية في الواسطية : ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه . والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون . وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم . وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم إنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه و سلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلى ببلاء في الدنيا كفر به عنه . فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور
ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح
ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله .
قال العباد : ولهذا جاءت النقول الكثيرة عن أهل العلم في التحذير من سبهم ومن ذكرهم بسوء، وقد قال أبو المظفر السمعاني -كما نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري-: إن القدح في أحد من الصحابة علامة على خذلان فاعله، وهو بدعة وضلالة. شرح سنن ابي داود .
[ سب الصحابة ]
سب الصحابة حرام بالكتاب والسنة ، فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من سب أصحابي فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين. قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 6285 في صحيح الجامع
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ».
وفي شرح النووي على مسلم – (ج 8 / ص 321)
اعْلَمْ أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ حَرَام مِنْ فَوَاحِش الْمُحَرَّمَات، سَوَاء مَنْ لَابَسَ الْفِتَن مِنْهُمْ وَغَيْره؛ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي تِلْكَ الْحُرُوب، مُتَأَوِّلُونَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي أَوَّل فَضَائِل الصَّحَابَة مِنْ هَذَا الشَّرْح. قَالَ الْقَاضِي: وَسَبُّ أَحَدهمْ مِنْ الْمَعَاصِي الْكَبَائِر، وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّهُ يُعَزَّر، وَلَا يُقْتَل. وَقَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّة: يُقْتَل.
قال أهل اللغة النصيف النصف وفيه أربع لغات نصف بكسر النون ونصف بضمها ونصف بفتحها ونصيف بزيادة الياء حكاهن القاضي عياض في المشارق عن الخطابي ومعناه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد قال القاضي ويؤيد هذا ما قدمناه في أول باب فضائل الصحابة عن الجمهور من تفضيل الصحابة كلهم على جميع من بعدهم وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولأن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعتهم وقد قال الله تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة والتودد والخشوع والتواضع والإيثار والجهاد في الله حق جهاده وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشئ والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال القاضي ومن أصحاب الحديث من يقول هذه الفضيلة مختصة بمن طالت صحبته وقاتل معه وأنفق وهاجر ونصر لا لمن رآه مرة كوفود الأعراب أو صحبه آخرا بعد الفتح وبعد إعزاز الدين ممن لم يوجد له هجرة ولا أثر في الدين ومنفعة المسلمين قال والصحيح هو الأول وعليه الأكثرون والله اعلم.
قال البيضاوي معنى الحديث لا ينال أحدكم بانفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والاجر ما ينال أحدهم بانفاق مد طعام أو نصيفه وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية، قلت : واعظم من ذلك في سبب الأفضلية عظم موقع ذلك لشدة الاحتياج إليه وأشار بالأفضلية بسبب الإنفاق إلى الأفضلية بسبب القتال كما وقع في الآية من انفق من قبل الفتح وقاتل فان فيها إشارة إلى موقع السبب الذي ذكرته وذلك ان الإنفاق والقتال كان قبل فتح مكة عظيما لشدة الحاجة إليه وقلة المعتني به بخلاف ما وقع بعد ذلك لان المسلمين كثروا بعد الفتح ودخل الناس في دين الله افواجا فإنه لا يقع ذلك الموقع المتقدم والله اعلم. فتح الباري لابن حجر ( 7 / 34 – 35 ).
حكم سب الصحابة :
قال ابن تيمية: أما من اقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو أنه كان هو النبي و إنما غلط جبرئيل في الرسالة فهذا لا شك في كفره بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره
و كذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات و كتمت أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة و نحو ذلك و هؤلاء يسمون القرامطة و الباطنية و منهم التناسخية و هؤلاء لا خلاف في كفرهم
و أما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم و لا في دينهم ـ مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد و نحو ذلك ـ فهذا هو الذي يستحق التأديب و التعزير و لا نحكم بكفره بمجرد ذلك و على هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم
و أما من لعن و قبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الأمر بين لعن الغيظ و لعن الاعتقاد
و أما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة و السلام إلا نفرا قليلا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضا في كفره لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرضى عنهم و الثناء عليهم بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب و السنة كفار أو فساق و أن هذه الآية التي هي { كنتم خير أمة أخرجت للناس } [ آل عمران : 110 ] و خيرها هو القرآن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم و أن سابقي هذه الأمة هم شرارهم و كفر هذا مما يعلم باضطرار من دين الإسلام. الصارم المسلول ( 590 ) .
قال ابن كثير :
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن مغيرة، قال: كان يقال: شتم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر.
قلت: وقد ذهب طائفة من العلماء إلى تكفير من سب الصحابة، وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله. وقال محمد بن سيرين: ما أظن أحداً ينتقص أبا بكر وعمر وهو يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه الترمذي. انتهى من تفسير ابن كثير ( 1/ 602 ).
سب الصحابة على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم، أو أن عامتهم فسقوا، فهذا كفر؛ لأنه تكذيب لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين؛ لأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كفار، أو فساق.
الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح، ففي كفره قولان لأهل العلم وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما قال.
الثالث: أن يسبهم بما لا يقدح في دينهم كالجبن والبخل فلا يكفر ولكن يعزر بما يردعه عن ذلك، ذكر معنى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب “الصارم المسلول ” ونقل عن أحمد في ص 573 قوله: (لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب أو نقص، فمن فعل ذلك أدب، فإن تاب وإلا جلد في الحبس حتى يموت أو يرجع) .
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ( 5 / 83 – 84 ) .