شرح صحيح مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)
8 – بَابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ فِي الْخُطْبَةِ
??قوله: (باب) أي هذا باب في بيان فَضْلِ مَنِ اسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ فِي خُطْبَةِ الجمعة.
?26 – (857) حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ؟ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»
?27 – (857) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا»
?مناسبة الحديث للباب: –
?وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ في قوله: «فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».
?معاني المفردات: –
? (فاستمع وأنصت) هما شيئان متمايزان وقد يجتمعان فالاستماع الإصغاء والإنصات السكوت.
(مَنْ مَسَّ الْحَصَى لَغَا) فِيهِ النَّهْي عَنْ مَسِّ الْحَصَى وَغَيْره مِنْ أَنْوَاع الْعَبَث فِي حَالَة الْخُطْبَة، وَالْمُرَاد بِاللَّغْوِ هُنَا الْبَاطِل الْمَذْمُوم الْمَرْدُود.
?الشَّرْحُ وَالْبَيَانُ لِلْحَديثِ: –
??يَقولُ أبو هُريرَةَ رَضي اللهُ عنه عَنِ النَّبيِّ ?: «مَنِ اغتَسَل، ثُمَّ أتى الجُمعَةَ» أَيْ: حَضَرَ خُطْبَتَهَا وَصَلَاتَهَا.
??-وقولُه: «فَصلَّى ما قُدِّر لَه» أيْ: صلَّى مِنَ النَّوافلِ ما شاءَ اللهُ لَه أنْ يُصلِّيَ.
??-وقولُه: «ثُمَّ أنصتَ» أيِ: استَمعَ وسَكتَ.
??-وقولُه: «حتَّى يَفرُغَ» أي: يَنتهيَ الإمامُ مِن خُطبَتِه.
??-وقولُه: «ثُمَّ يُصلِّي مَعه» أيِ: معَ الْإمامِ.
??-وقولُه: «غُفرَ لَه ما بَينَه وبَينَ الجُمعةِ الأُخرى»، أيْ: غُفِرَ لَه ذُنوبُ ما بَينَ السَّاعةِ الَّتي يُصلِّي فيها الجُمعةَ إلى مِثلِها مِنَ الجُمعةِ الأُخرى.
??-وقولُه: «وفَضلَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ» أيْ: فتَكونُ الحَسنةُ بعَشرِ أمثالِها، حيثُ صارَ يومُ الجُمُعةِ بعَشرةِ أيَّامٍ.
??-وقولُه: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ» أي: أجادَه مَع مُراعاةِ سُنَنِه وَآدابِه.
??-وقولُه: «وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا» أَيْ: سَوَّاهُ لِلسُّجُودِ غَيْر مَرَّة فِي الصَّلَاة، وَقِيلَ بِطَرِيقِ اللَّعِب فِي حَال الْخُطْبَة، فَقَدْ لَغَا، أَيْ: بِصَوْتِ لَغْو مَانِع عَنْ الِاسْتِمَاع، فَيَكُون شَبِيهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} وَقَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ: فَقَدْ لَغَا، أَيْ: تَكَلَّمَ بِمَا لَا يُشْرَع لَهُ أَوْ عَبَثَ بِمَا يَظْهَر لَهُ صَوْتٌ.
??قَوْلُهُ: (فَقَدْ لَغَا) أَيْ: أَتَى بِمَا لَا يَلِيق، فَلَا جُمُعَة لَهُ كَامِلَةً الثواب، وَالْمُرَاد أَنَّهُ يَصِير مَحْرُومًا مِنْ الْأَجْر الزَّائِد.
??ما يستفاد من الحديث: –
1?- في الحَديثِ: فضلُ الغُسلِ يَومَ الجُمعةِ.
2?- وفيه: مَشروعيَّةُ التَّنفُّلِ قَبلَ خُروجِ الإمامِ.
3?- وَفيهِ أيضًا: الحَثُّ عَلى الإنصاتِ لِسَماعِ الخُطبةِ.
4?- وفي الحديث: النهي عن العبث في حال الخطبة.
5?- وفيه: إشارة إلى الحض على إقبال القلب والجوارح على الخطبة.
[? المشرف العام علي المشروع/ ?????
الدكتور/ سيف بن دورة الكعبي