سُورَةِ القتال تفسير آيات 23 20
تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام،1،2،3 والمدارسة، والاستفادة) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْل نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (20) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ ا صلى الله عليه وسلم مْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي ا صلى الله عليه وسلم رْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (22) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهـمْ (23)
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ تَمَنَّوْا شَرْعِيَّةَ الْجِهَادِ، فَلَمَّا فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَرَ بِهِ نَكَلَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كقوله تبارك وتعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْل أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَل تُظْلَمُونَ فَتِيل
[النِّسَاءِ: 77]
وقال عز وجل هـاهـنَا: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْل نُزِّلَتْ سُورَةٌ أَيْ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حُكْمِ الْقِتَالِ وَلِهَذَا قَالَ: فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ أَيْ مِنْ فَزَعِهِمْ وَرُعْبِهِمْ وَجُبْنِهِمْ مِنْ لِقَاءِ ا صلى الله عليه وسلم عْدَاءِ، ثُمَّ قَالَ مُشَجِّعًا لَهُمْ فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ أَيْ وَكَانَ ا صلى الله عليه وسلم وْلَى بِهِمْ أَنْ يَسْمَعُوا وَيُطِيعُوا أَيْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهـنَةِ فَإِذا عَزَمَ ا صلى الله عليه وسلم مْرُ أَيْ جَدَّ الْحَالُ، وَحَضَرَ الْقِتَالُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ أي خلصوا له النية لَكانَ خَيْراً لَهُمْ.
وقوله سبحانه وتعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَيْ عَنِ الْجِهَادِ وَنَكَلْتُمْ عَنْهُ أَنْ تُفْسِدُوا فِي ا صلى الله عليه وسلم رْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أَيْ تَعُودُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْجَاهـلِيَّةِ الْجَهْ صلى الله عليه وسلم ءِ تَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ وَتُقَطِّعُونَ ا صلى الله عليه وسلم رْحَامَ، ولهذا قال تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهـمْ وَهـذَا نَهْيٌ عَنِ الفْسَادِ فِي ا صلى الله عليه وسلم رْضِ عُمُومًا، وَعَنْ قَطْعِ ا صلى الله عليه وسلم رْحَامِ خُصُوصًا، بَلْ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالصْ صلى الله عليه وسلم حِ فِي ا صلى الله عليه وسلم رْضِ وَصِلَةِ ا صلى الله عليه وسلم رْحَامِ، وَهـوَ الحْسَانُ إِلَى ا صلى الله عليه وسلم قَارِبِ فِي الْمَقَالِ وَا صلى الله عليه وسلم فْعَالِ وَبَذْلِ ا صلى الله عليه وسلم مْوَالِ، وَقَدْ وَرَدَتِ ا صلى الله عليه وسلم حَادِيثُ الصِّحَاحُ وَالْحِسَانُ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ عَدِيدَةٍ وَوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ.
روى البخاري عَنْ أَبِي هـرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «خلق الله تعالى الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بحقوى الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ مَهْ، فَقَالَتْ هـذَا مقام العائذ بك من القطيعة فقال تعالى: أَ صلى الله عليه وسلم تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكَ وَأَقْطَعَ من قطعك؟ قالت: بلى، قال:
فذاك لك»»
قال أبو هـريرة رضي الله عنه: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي ا صلى الله عليه وسلم رْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بن أبي مزرد به قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي ا صلى الله عليه وسلم رْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ بِهِ.
وَروى المَامُ أَحْمَدُ: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أحرى أن يعجل الله تعالى عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهِ في الخرة من البغي وقطيعة الرحم». ورواه أَبُو داود، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هـذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. (1)
روى المَامُ أَحْمَدُ:عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من سره النسأ فِي ا صلى الله عليه وسلم جَلِ وَالزِّيَادَةُ فِي الرِّزْقِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَلَهُ شَاهـدٌ فِي الصَّحِيحِ.
روىأَحْمَدُ عن عبدالله بن عمرو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي ذَوِي أَرْحَامٍ، أَصِلُ وَيَقْطَعُونَ، وَأَعْفُو وَيَظْلِمُونَ، وَأُحْسِنُ ويسيئون أفأكافئهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: « صلى الله عليه وسلم ، إِذَنْ تُتْرَكُونَ جَمِيعًا وَلَكِنْ جُدْ بِالْفَضْلِ وَصِلْهُمْ، فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ ظَهِيرٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا كُنْتَ عَلَى ذَلِكَ» تفرد به أحمد مِنْ هـذَا الْوَجْهِ وَلَهُ شَاهـدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. (2)
وَروى المَامُ أَحْمَدُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّحِمَ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ وَلَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَروى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُوضَعُ الرَّحِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا حُجْنَةٌ كَحُجْنَةِ الْمِغْزَلِ تَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ طلق ذلق، فتقطع من قطعها وتصل من وصلها» (3).
وَروى المَامُ أَحْمَدُ: َ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عنهما يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهـلَ ا صلى الله عليه وسلم رْضِ يَرْحَمُكُمْ أَهـلُ السَّمَاءِ، وَالرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَتْهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَّتْهُ» وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ بِهِ، وَهـذَا هـوَ الَّذِي يُرْوَى بِتَسَلْسُلِ ا صلى الله عليه وسلم وَّلِيَّةِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. (4)
وروى المَامُ أَحْمَدُ عَنْ إِبْرَاهـيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وهـو مريض فقال له عبد الرحمن رضي الله عنه، وصلت رحمك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا الرَّحْمَنُ خلقت الرحم وشققت لها اسمها مِنَ اسْمِي، فَمَنْ يَصِلْهَا أَصِلْهُ وَمَنْ يَقْطَعْهَا أقطعه فأبتهأو قامن بتها أبته» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هـذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهـرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الرَّدَّادِأَوْ أَبِي الرَّدَّادِعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، (5) وَا صلى الله عليه وسلم حَادِيثُ فِي هـذا كثيرة جدا.
وروى الطَّبَرَانِيُّ: عن سليمان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ا صلى الله عليه وسلم رْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائتلف وما تناكر منها اخْتَلَفَ» (6)
1 الصحيح المسند 1166
2 مسلم 2558 عن أبي هريرة
3 قال أبوحاتم: الموقوف أصح. العلل 2002
(4) فيه ابوقابوس مضعف بل ذكره البخاري في الضعفاء، وذكر له شاهد من حديث أبي عبيدة عن ابن مسعود أخرجه الحاكم والطبراني. وراجع الصحيحة
(5) أرجح طريق هي طريق أبي الرداد عن عبدالرحمن بن عوف. وأبو الرداد لم يوثقه معتبر وراجع علل الدارقطني 4/ 179، 4/ 251، 9/ 292، 4/ 263، والذيل على أحاديث معلة،، ورجح الترمذي رواية سفيان عن الزهري عن أبي سلمة قال: اشتكى ابو الرداد الليثي فعاده عبدالرحمن بن عوف … وأبو سلمة لم يسمع من عبدالرحمن بن عوف. مع أن الشيخ الألباني ذكر أن أحمد ذكر لمعمر متابعا في قوله عن أبي الرداد عن عبد الرحمن
المهم كل ما اعتبر متابعة لأبي الرداد فهو داخل في الخلاف الذي ذكره الدارقطني، وابوالرداد الذي رجحة أن الرواية من طريقه مجهول.
(6) هو في مسلم 2638