سُورَةِ الدُّخَانِ تفسير آيات 37 – 34 تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام،1،2،3 والمدارسة، والاستفادة وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَاتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (36) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37)}
……………………….
يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَالْمَعَادَ، وَأَنَّهُ مَا ثَمَّ إِلَّا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا، وَلَا حَيَاةَ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَلَا بَعْثَ وَلَا نُشُورَ. وَيَحْتَجُّونَ بِآبَائِهِمُ الْمَاضِينَ الَّذِينَ ذَهَبُوا فَلَمْ يَرْجِعُوا، فَإِنْ كَانَ الْبَعْثُ حَقًّا {فَاتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
وَهَذِهِ حُجَّةٌ بَاطِلَةٌ وَشُبْهَةٌ فَاسِدَةٌ، فَإِنَّ الْمَعَادَ إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَا فِي هَذِهِ الدَّارِ، [بَلْ] بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَذَهَابِهَا وَفَرَاغِهَا يُعِيدُ اللَّهُ الْعَالَمِينَ خَلْقًا جَدِيدًا، وَيَجْعَلُ الظَّالِمِينَ لِنَارِ جَهَنَّمَ وقودًا، يوم تكون شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُتَهَدِّدًا لَهُمْ، وَمُتَوَعِّدًا وَمُنْذِرًا لَهُمْ بَاسَهُ الَّذِي لَا يُرَدُّ، كَمَا حَلَّ بِأَشْبَاهِهِمْ وَنُظَرَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ وَكَقَوْمِ تُبَّعٍ -وَهُمْ سَبَأٌ-حَيْثُ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وخَرَّب بِلَادَهُمْ، وَشَرَّدَهُمْ فِي الْبِلَادِ، وَفَرَّقَهُمْ شَذَرَ مَذَرَ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ سَبَأٍ، وَهِيَ مُصَدَّرة بِإِنْكَارِ الْمُشْرِكِينَ لِلْمَعَادِ. وَكَذَلِكَ هَاهُنَا شَبَّهَهُمْ بِأُولَئِكَ، وَقَدْ كَانُوا عَرَبًا مِنْ قَحْطَانَ كَمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ عَرَبٌ مِنْ عَدْنَانَ، وَقَدْ كَانَتْ حِمْيَرُ -وَهُمْ سَبَأٌ-كُلَّمَا مَلَكَ فِيهِمْ رَجُلٌ سَمَّوْهُ تُبَّعًا، كَمَا يُقَالُ: كِسْرَى لِمَنْ مَلَكَ الْفُرْسَ، وَقَيْصَرُ لِمَنْ مَلَكَ الرُّومَ، وَفِرْعَوْنُ لِمَنْ مَلَكَ مِصْرَ كَافِرًا، وَالنَّجَاشِيُّ لِمَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَعْلَامِ الْأَجْنَاسِ. (1)
وَقَدْ تَرْجَمَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ تَرْجَمَةً حَافِلَةً، أَوْرَدَ فِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِمَّا ذَكَرْنَا وَمَا لَمْ نَذْكُرْ.
وَقَدْ سَاقَ قِصَّتَهُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُطَوَّلَةٍ مَبْسُوطَةٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ. وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَيْضًا، وَهُوَ أَثْبَتُ وَأَكْبُرُ وَأَعْلَمُ. وَكَذَا رَوَى قِصَّتَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّه، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِيهَا. وَقَدِ اخْتَلَطَ عَلَى الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ فِي بَعْضِ السِّيَاقَاتِ تَرْجَمَةُ تُبَّع هَذَا بِتَرْجَمَةِ آخَرَ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ، فَإِنَّ تُبَّعًا هَذَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ أَسْلَمَ قَوْمُهُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ عَادُوا بَعْدَهُ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالنِّيرَانِ، فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ سَبَأٍ، وَقَدْ بَسَطْنَا قِصَّتَهُمْ هُنَالِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَسَا تُبَّعٌ الْكَعْبَةَ، وكان سعيد ينهى عن سبه.
وتُبَّع هَذَا هُوَ تُبَّع الْأَوْسَطُ، وَاسْمُهُ أَسْعَدُ أَبُو كُرَيْب بْنُ مَلْكيكرب الْيَمَانِيُّ
قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ فِي تُبَّعٍ: نُعِت نَعْت الرَّجُلِ الصَّالِحِ، ذَمَّ اللَّهَ تَعَالَى قَوْمُهُ وَلَمْ يَذُمَّهُ، قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَا تَسُبُّوا تُبَّعًا؛ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا.
———-
(1) ذكر هنا ابن كثير قصة بعض تبابعت اليمن وعظم ملكه وسعته، وإسلامه وكان في زمن موسى عليه السلام وأخبر بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم. وأنشد شعر فيه الثناء على دين محمد صلى الله عليه وسلم.
المهم كل ذلك من كلام ابن إسحاق كما في السيرة.
وكذلك ذكر حديث ما ادري تبع لعين هو أم لا. وهو حديث أعله البخاري قال: المرسل أصح (راجع تخرجنا لسنن أبي داود 4675)