سُورَةِ الجاثية تفسير آيات 29 – 27 تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام،1،2،3 والمدارسة، والاستفادة وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَا?رْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هـذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)}
………………………
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ مَالِكُ السَّمَوَاتِ وَا?َْرْضِ، الْحَاكِمُ فِيهِمَا فِي الدُّنْيَا وَا?ْخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}
أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ {يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ} وَهـمُ الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ الْجَاحِدُونَ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ مِنَ ا?ْيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالدَّ?َئِلِ الْوَاضِحَاتِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَدِمَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْمَدِينَةَ، فَسَمِعَ الْمُعَافِرِيَّ يَتَكَلَّمُ بِبَعْضِ مَا يَضْحَكُ بِهِ النَّاسُ. فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ، أَمَّا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّهِ يَوْمًا يَخْسَرُ فِيهِ الْمُبْطِلُونَ؟ قَالَ: فَمَا زَالَتْ تُعْرَفُ فِي الْمُعَافِرِيِّ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، عز وجل. ذكره ابن أبي حاتم.
ثُمَّ قَالَ: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} أَيْ: عَلَى رُكَبِهَا مِنَ الشِّدَّةِ وَالْعَظَمَةِ، وَيُقَالُ: إِنَّ هـذَا [يَكُونُ] إِذَا جِيءَ بِجَهَنَّمَ فَإِنَّهَا تَزْفِرُ زَفْرَةً ?َ يَبْقَى أَحَدٌ إِ?َّ جَثَا لِرُكْبَتَيْهِ، حَتَّى إِبْرَاهـيمُ الْخَلِيلُ، وَيَقُولُ: نَفْسِي، نَفْسِي، نَفْسِي ?َ أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِ?َّ نَفْسِي، وَحَتَّى أَنَّ عِيسَى لَيَقُولُ: ?َ أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِ?َّ نَفْسِي، ?َ أَسْأَلُكَ [الْيَوْمَ] مَرْيَمَ الَّتِي وَلَدَتْنِي.
قَالَ مُجَاهـدٌ، وَكَعْبُ ا?َْحْبَارِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} أَيْ: عَلَى الرُّكَبِ. وَقَالَ عِكْرِمة: {جَاثِيَةً}
مُتَمَيِّزَةً عَلَى نَاحِيَتِهَا، وَلَيْسَ عَلَى الرُّكَبِ. وَا?َْوَّلُ أَوْلَى. (1)
وَقَوْلُهُ: {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا}
يَعْنِي: كِتَابَ أَعْمَالِهَا، كَقَوْلِهِ: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ} [الزُّمَرِ: 69]؛ وَلِهَذَا قَالَ: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أَيْ: تُجَازَوْنَ بِأَعْمَالِكُمْ خَيْرِهـا وَشَرِّهـا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُنَبَّأُ ا?نْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ. بَلِ ا?نْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [الْقِيَامَةِ: 13 – 15]
ثُمَّ قَالَ: {هـذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ}
أَيْ: يَسْتَحْضِرُ جَمِيعَ أَعْمَالِكُمْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَ?َ نَقْصٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هـذَا الْكِتَابِ ?َ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَ? كَبِيرَةً إِ? أَحْصَاهـا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَ? يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الْكَهْفِ: 49]
وَقَوْلُهُ: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أَيْ: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُ الْحَفَظَةَ أَنْ تَكْتُبَ أَعْمَالَكُمْ عَلَيْكُمْ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: تَكْتُبُ الْمَ?َئِكَةُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، ثُمَّ تَصْعَدُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُقَابِلُونَ الْمَ?َئِكَةَ الَّذِينَ فِي دِيوَانِ ا?َْعْمَالِ عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمْ مِمَّا قَدْ أُبْرِزَ لَهُمْ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فِي كُلِّ لَيْلَةِ قَدْرٍ، مِمَّا كَتَبَهُ اللَّهُ فِي الْقِدَمِ عَلَى الْعِبَادِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، فَ?َ يَزِيدُ حَرْفًا وَ?َ يَنْقُصُ حَرْفًا، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (2)
——–
(1) نقل ابن كثير هنا حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال:
وَهـذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ: وَ?َ مُنَافَاةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وسبق في سورة الأنعام آية 71 – 73 الحديث مطولاً استغربه واستنكر بعض الفاظه، وبعضه له شواهد وكأنه مجموع من أحاديث.
(2) أثر ابن عباس أخرجه الحاكم موقوفا وروي مرفوعا، والراجح الوقف، والموقوف فيه عطاء بن السائب اختلط، لكن ورد عن ابن عمر مرفوعاً أخرجه ابن أبي عاصم والطبراني في مسند الشاميين والآجري في الشريعة. ولفظه (أول شئ خلقه الله عزوجل القلم فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين، فكتب الدنيا، وما يكون فيها من عمل معمول، بر أو فجور رطب أو يابس، فأمضاه عنده في الذكر ” ثم قال: اقرؤوا إن شئتم (هـذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} وراجع الصحيحة 3136