سُورَةِ الجاثية تفسير آيات 23 – 21 تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام،1،2،3 والمدارسة، والاستفادة وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهـمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَا?رْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهـمْ ? يُظْلَمُونَ (22)}
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هـوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَ? تَذَكَّرُونَ (23)}
————-
يَقُولُ تَعَالَى: ?َ يَسْتَوِي الْمُؤْمِنُونَ وَالْكَافِرُونَ، كَمَا قَالَ: {?َ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هـمُ الْفَائِزُونَ} [الْحَشْرِ: 20]
وَقَالَ هـاهـنَا: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ}
أَيْ: عَمِلُوهـا وَكَسَبُوهـا {أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهـمْ وَمَمَاتُهُمْ}
أَيْ: نُسَاوِيهِمْ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَا?ْخِرَةِ! {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أَيْ: سَاءَ مَا ظَنُّوا بِنَا وَبِعَدْلِنَا أَنْ نُسَاوي بَيْنَ ا?َْبْرَارِ وَالْفُجَّارِ فِي الدَّارِ ا?ْخِرَةِ، وَفِي هـذِهِ الدَّارِ.
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عن مَسْرُوقٍ، أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ يُرَدِّدُ هـذِهِ ا?ْيَةَ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}
، وَقَالَ {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَا?رْضَ بِالْحَقِّ}
أَيْ: بِالْعَدْلِ، {وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهـمْ ?َ يُظْلَمُونَ} ثُمَّ قَالَ [تَعَالَى] {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هـوَاهُ} أَيْ: إِنَّمَا يَأْتَمِرُ بِهَوَاهُ، فَمَهْمَا رَآهُ حَسَنًا فَعَلَهُ، وَمَهْمَا رَآهُ قَبِيحًا تَرَكَهُ: وَهـذَا قَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ.
وَعَنْ مَالِكٍ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ التَّفْسِيرِ: ?َ يَهْوَى شَيْئًا إِ?َّ عَبَدَهُ.
وَقَوْلُهُ: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} يَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ:
أحدهـا:وَأَضَلَّهُ اللَّهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ. وَا?ْخَرُ: وَأَضَلَّهُ اللَّهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْعِلْمِ إِلَيْهِ، وَقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: يَسْتَلْزِمُ ا?َْوَّلَ، وَ?َ يَنْعَكِسُ.
{وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}
أَيْ: فَ?َ يَسْمَعُ مَا يَنْفَعُهُ، وَ?َ يَعِي شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ، وَ?َ يَرَى حُجَّةً يَسْتَضِيءُ بِهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَ? تَذَكَّرُونَ} كَقَوْلِهِ: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَ? هـادِيَ لَهُ وَيَذَرُهـمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [ا?َْعْرَافِ: 186]