سورة غافر تفسير آيات غافر 60 تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام، والمدارسة، والاستفادة) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}
‘””””””””””””””””””””””””””””
هَذَا مِنْ فَضْلِهِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَكَرَمِهِ أَنَّهُ نَدَبَ عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ، وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِالْإِجَابَةِ، كَمَا كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يَا مَنْ أحبُّ عِبَادِهِ إِلَيْهِ مَنْ سَأَلَهُ فَأَكْثَرَ سُؤَالَهُ، وَيَا مَنْ أَبْغَضُ عِبَادِهِ إِلَيْهِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُكَ يَا رَبِّ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى يَقُولُ الشَّاعِرُ:
اللهُ يَغْضبُ إِنْ تركْتَ سُؤَالهُ … وَبُنيُّ آدمَ حِينَ يُسألُ يَغْضَبُ …
وَروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: “إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ” ثُمَّ قَرَأَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَن
وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} أَيْ: عَنْ دُعَائِي وَتَوْحِيدِي، {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أَيْ: صَاغِرِينَ حَقِيرِينَ،
65 – 61 تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام، والمدارسة، والاستفادة) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)}
“”””””””””””””””””””””””””””””
يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى خَلْقِهِ، بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ اللَّيْلِ الَّذِي يَسْكُنُونَ فِيهِ وَيَسْتَرِيحُونَ مِنْ حَرَكَاتِ تَرَدُّدِهِمْ فِي الْمَعَايِشِ بِالنَّهَارِ، وَجَعَلَ النَّهَارَ مُبْصِرًا، أَيْ: مُضِيئًا، لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْأَسْفَارِ، وَقَطْعِ الْأَقْطَارِ، وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الصِّنَاعَاتِ، {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} أَيْ: لَا يَقُومُونَ بِشُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيِ: الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، خَالِقُ الْأَشْيَاءِ، الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ، {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} أَيْ: فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ، الَّتِي لَا تَخْلُقُ شَيْئًا، بَلْ هِيَ مخلوقة منحوتة.
وَقَوْلُهُ: {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} أَيْ: كَمَا ضَلَّ هَؤُلَاءِ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، كَذَلِكَ أُفِكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَعَبَدُوا غَيْرَهُ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْجَهْلِ وَالْهَوَى، وَجَحَدُوا حُجَجَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ.
وَقَوْلُهُ: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا} أَيْ: جَعَلَهَا مُسْتَقَرًّا لَكُمْ، بِسَاطًا مِهَادًا تَعِيشُونَ عَلَيْهَا، وَتَتَصَرَّفُونَ فِيهَا، وَتَمْشُونَ فِي مَنَاكِبِهَا، وَأَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ لِئَلَّا تَمِيدَ بِكُمْ، {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} أَيْ: سَقْفًا لِلْعَالَمِ مَحْفُوظًا، {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} أَيْ: فَخَلَقَكُمْ فِي أَحْسَنِ الْأَشْكَالِ، وَمَنَحَكُمْ أَكْمَلَ الصُّوَرِ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} أَيْ: مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ فِي الدُّنْيَا. فَذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ الدَّارَ، وَالسُّكَّانَ، وَالْأَرْزَاقَ -فَهُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 21، 20] وَقَالَ هَاهُنَا بَعْدَ خَلْقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أَيْ: فَتَعَالَى وَتَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ رَبُّ الْعَالَمِينَ كُلِّهِمْ.
ثُمَّ قَالَ: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيْ: هُوَ الْحَيُّ أَزَلًا وَأَبَدًا، لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَهُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيْ: لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا عَدِيلَ لَهُ، {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أَيْ: مُوَحِّدِينَ لَهُ مُقِرِّينَ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَامُرُونَ مَنْ قَالَ: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ” أَنْ يتبعها بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَمَلًا بِهَذِهِ الْآيَةِ.
ثُمَّ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَالَ: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ” فَلْيَقُلْ عَلَى أَثَرِهَا: “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِذَا قَرَاتَ: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غَافِرٍ: 14]، فَقُلْ: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ” وَقُلْ عَلَى أَثَرِهَا: “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.