تهذيب تفسير ابن كثير [سورة الفتح (48): آية 15]
قام به سيف بن محمد الكعبي وأحمد بن علي وصاحبهما
[سورة الفتح (48): آية 15]
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوهـا ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (15)
——-
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الأعراب الذين تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، إِذْ ذَهـبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عنهم إِلَى خَيْبَرَ يَفْتَتِحُونَهَا أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُمْ إِلَى الْمَغْنَمِ، وَقَدْ تَخَلَّفُوا عَنْ وَقْتِ محاربة الأعداء ومجالدتهم ومصابرتهم، فأمر اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ لا يَأْذَنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُعَاقَبَةً لَهُمْ مِنْ جِنْسِ ذَنْبِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَ أهـل الحديبية بمغانم خيبر وحدهـم، لا يشاركهم فِيهَا غَيْرُهـمْ مِنَ الأَعْرَابِ الْمُتَخَلِّفِينَ، فَلاَ يَقَعُ غير ذلك شرعا ولا قدرا ولهذا قال تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قَالَ مُجَاهـدٌ وَقَتَادَةُ وَجُوَيْبِرٌ وَهـوَ الْوَعْدُ الَّذِي وُعِدَ بِهِ أَهـلُ الْحُدَيْبِيَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ ابْنُ زيد هـو قوله تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ
[التَّوْبَةِ: 83]
وَهـذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ فِيهِ نَظَرٌ، لأَنَّ هـذِهِ الآية الَّتِي فِي بَرَاءَةَ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهـيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ يعني بتثبيطهم الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْجِهَادِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ أَيْ وَعَدَ اللَّهُ أَهـلَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ سُؤَالِكُمُ الْخُرُوجَ مَعَهُمْ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا أَيْ أَنْ نُشْرِكَكُمْ فِي الْمَغَانِمِ بَلْ كانُوا لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً أَيْ لَيْسَ الأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا وَلَكِنْ لاَ فَهْمَ لهم.