تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ المقام في مسجد / علي بن رحمة الشامسي
(للأخ سيف الكعبي)
بالتعاون مع مجموعات السلام والمدارسة والتخريج رقم 1؛
(وممن شارك الأخ حسين البلوشي)
من لديه فائده أو تعقيب فليفدنا؛
841 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو بكر بن عياش حدثني عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فمر بي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر فقال يا غلام هل من لبن قال قلت نعم ولكني مؤتمن قال فهل من شاة لم ينز عليها الفحل فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع أقلص فقلص قال ثم أتيته بعد هذا فقلت يا رسول الله علمني من هذا القول قال فمسح رأسي وقال يرحمك الله فإنك عليم معلم.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم صلى الله عليه وسلم بإسناده قال فاتاه أبو بكر بصخرة منقورة فاحتلب فيها فشرب وشرب أبو بكر وشربت قال ثم أتيته بعد ذلك قلت علمني من هذا القرآن قال انك غلام معلم قال فأخذت من فيه سبعين سورة.
هذا حديث حسن.
* وقال: حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه قال كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله تعالى عنه وقد فرا من المشركين فقالا يا غلام هل عندك من لبن تسقينا؟ … فذكره.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
الفوائد:
– فيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وذكره بعض الأئمة في دلائل النبوة.
– الإيمان بقدرة الله عزوجل فالشاة التي ليس فيها لبن يجعل فيها لبن.
– فضيلة الأمانة (راجع نضرة النعيم فصل الأمانة).
– فضيلة ابن مسعود رضي الله عنه وأمانته، وقد كانت هذه أمانته في زمن كفره فزمن الإسلام أعظم.
– سبق ابن مسعود رضي الله عنه كثيرا من الصحابة في الإسلام. لكن يشكل لفظة (وقد فرَّا من المشركين). فظاهره أن هذا كان زمن الهجرة. مع أنه مذكور في ترجمته أنه هاجر الهجرتين هجرة للحبشة وهجرة للمدينة.
– فضيلة تعلم كتاب الله وتقدم ابن مسعود فيه؛ ومنه حديث (من أراد أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأه على قراءة إبن أم عبد). (وراجع فضائل ابن مسعود في صحيح مسلم).
–الثناء الحسن والترحم على طالب العلم.
– مسح الرأس إدلالا ورحمة.
– مِنّة الله عزوجل على ابن مسعود؛ حيث أراه آية من نبيه كانت سببا لإسلامه.
– من الإيمان بالقدر؛ الإيمان بأن الله عزوجل جعل للأشياء أسبابا؛ وللأسباب تأثيرا؛ فالنار سبب للحرق، والإنزاء سبب للحمل والولادة، والولادة سبب للبن.
لكن قد تحصل بعض الأمور مع تخلف سببها؛ ومنه مريم بنت عمران (أنَّى يكون لي ولد). بل قد يحصل للسبب عكس خاصيته؛ ومنه قوله تعالى (قلنا يا نار كوني برداً وسلامًا على إبراهيم)
– علو الإسناد وفضيلة التلقي من الكبار.
– إستعمال الحجارة كآنية والتواضع في الأكل والشرب.
– في بعض الروايات من طريق سلام أبي المنذر عن عاصم أن الذي أتى بالصخرة المنقورة هو ابن مسعود (فأتيته بصخرة منقعرة فحلب فيها فأسلمت فأتيته). فيحمل أن ابن مسعود رضي الله عنه أحضرها، وأبوبكر رضي الله عنه أوصلها للنبي صلى الله عليه وسلم.
– في قوله (فهل من شاة لم ينز عليها الفحل) تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لم يشرب من لبن الشاة بدون إذن صاحبها؛ إنما خلق الله عزوجل اللبن في الضرع بعد أن لم يكن فيها لبن، أما عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أولا عن شاة فيها لبن فقال بعض الأئمة: لعله إدلالا على صاحب الماشية ويعلمون أن الأغلب لا يمانعون أو أراد النبي صلى الله عليه وسلم يشتري اللبن. فلما قال ابن مسعود: أنه مؤتمن؛ طلب منه شاة لم ينز عليها الفحل.
من الأحاديث التي تدل على منع شرب اللبن دون إذن صاحب الماشية:
حديث (لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه … ) أخرجه البخاري ومسلم.
أما ما ورد في حديث عباد بن شرحبيل وأنه أكل من بستان فقبض عليه صاحب البستان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا) وكذلك قصة عمير مولى آبي اللحم، فهذه محمولة على حال الضرورة، مع أن قصة عمير فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه أحد ثوبيه.
واختلف الأئمة في الذي يأكل من مال الغير ضرورة؛ هل يغرم أم لا، وإذا وجد ميتة هل يقدم الميتة أم مال الغير؟
هذه مسائل أسأل الله أن ييسر لنا بحثها في البحوث الفقهية.
—————————
842 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو بكر حدثنا عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ.
هذا حديث حسن.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
– الراجح أن هذا الأثر موقوف وممن رجح وقفه؛ ابن حزم وابن عبدالهادي وابن حجر والزيلعي والألباني.
فليس فيه دليل لمستحسني البدع، ثم ظاهره يدل على أن المقصود إجماع الصحابة، وإن توسعنا فإجماع الأئمة المعتبرين، ولا يدخل أصحاب الأهواء.
– فيه فضيلة الصحابة حتى قال أبو زرعة: إذا رأيت الرجل ينتقص أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق … وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة.
– الراجح فضيلة الصحابة حتى من جهة الأفراد.
– قال شيخ الإسلام رحمه الله عند كلامه على طائفة من الصوفية يفضلون الولي على النبي وأنهم يتمسكون بشبه عقلية وذوقية ونقلية قال بعد أن ذكر الشبهة العقلية والذوقية:
الشبهة النقلية وهي محل بحثنا (وتارة يستدلون بشبه نقلية مثل قوله (للعامل منهم أجر خمسين منكم) وقوله (أمتى كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره) وهذا خلاف السنن المتواترة عن النبى من حديث ابن مسعود وعمران بن حصين و مما هو فى الصحيحين أو أحدهما من قوله (خير القرون القرن الذى بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وقوله (والذى نفسى بيده لو انفق احدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) وغير ذلك من الأحاديث، وخلاف إجماع السلف كقول ابن مسعود – وذكر أثرنا – وقول حذيفة (يا معشر القراء استقيموا وخذوا سبيل من كان قبلكم فوالله لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا) وقول ابن مسعود (من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات أولئك اصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا) مجموع الفتاوى (11/ 366 ـ367)
وقال: (وأما قوله (لهم أجر خمسين منكم لأنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون على الخير أعوانا) فلا يتصور أن بعض المتأخرين يعمل مثل عمل بعض أكابر السابقين كأبى بكر وعمر فانه ما بقى يبعث نبى مثل محمد يعمل معه مثلما عملوا مع محمد وأما قوله (أمتى كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره) مع أن فيه لِينا فمعناه فى المتأخرين من يشبه المتقدمين ويقاربهم حتى يبقى لقوة المشابهة والمقارنة لا يدرى الذى ينظر إليه أهذا خير أم هذا وإن كان أحدهما فى نفس الأمر خيرا فهذا فيه بشرى للمتأخرين بأن فيهم من يقارب السابقين. انتهى باختصار
– فيه خطر الإبتداع.
– فيه الرد على الرافضة في تكفيرهم الصحابة.
– ورد في رواية (وقد رأى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم جميعا أن يستخلفوا أبا بكر)
– اصطفاء الله عزوجل ما يشاء من الأمكنة والأزمنة الأشخاص.
-اعتبار العرف خاصة عرف الصحابة.
– تقدم الصحابة في العلم حين شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، أبر قلوبا، وأعمق علما، وأقل تكلفا، وأقرب أن يوفقوا للحق؛ لتوقد الأذهان وفصاحة اللسان وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك، وسرعته، وقلة المعارض أو عدمه، وحسن القصد، وتقوى الرب، فلم يحتاجوا للنظر للإسناد ولا في قواعد الأصول (أعلام الموقعين).
تنبيه: الحديث المرفوع الذي فيه ( … فلم يجد قلبا أنقى من أصحابي ولذلك أختارهم فجعلهم أصحاب فما استحسنوا فهو عند الله حسن … ) قال الالباني: موضوع.
(اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم اللهم اجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك)