تحضير سنن الترمذي:
أحمد بن علي وعدنان البلوشي و عمر الشبلي وأحمد بن خالد
________
باب ما جاء في صلاة الاستسقاء
5 – باب ما جاء في صلاة الاستسقاء
564 – حَدَّثَنا يحيى بن موسى، قال: حَدَّثَنا عبدُ الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريَّ، عن عَبَّادِ بن تمِيمٍ
عن عَمه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرج بالناس يَسْتَسقِي، فصلَّى بهم ركعتين، جَهَرَ بالقراءةِ فيهما، وحَوَّلَ ردَاءَهُ، ورَفَعَ يديه واسْتَسْقى، واستقبَلَ القِبلةَ.
وفي الباب عن ابنِ عباس، وأبي هريرةَ، وأنسٍ، وآبي اللَّحْمِ.
حديثُ عبد الله بن زيدٍ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وعلى هذا العمل عند أهْل العلمِ، وبه يقولُ الشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاق.
وعَمُّ عَبَّادِ بنِ تمِيمٍ: هو عبدُ الله بن زيد بن عاصمٍ المازِنِيُّ.
565 – حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنا اللَّيثُ، عن خالد بنِ يزيدَ، عن سعيد بن أبي هِلالٍ، عن يزيدَ بنِ عبد الله، عن عُمَيْرٍ مولى آبي اللَّحْمِ
عن آبي اللَّحْم: أنه رَأَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أحْجَارِ الزَّيْتِ يَسْتَسْقِي، وهو مُقْنعٌ بكَفَّيْهِ يَدْعُو.
كذا قال قُتيبةُ في هذا الحديثِ: عن آبي اللَّحْمِ، ولا نَعرفُ له عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلَّا هذا الحديثَ الواحدَ، وعُمَيْرٌ مولى آبي اللَّحْمِ قد رَوَى عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أحاديثَ، وله صُحْبَةٌ.
566 – حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنا حاتِمُ بنُ إسماعيلَ، عن هشام بن إسحاقَ – وهو ابنُ عبدِ الله بن كِنَانةَ –
عن أبيه، قال: أرْسَلَنِي الوليدُ بنُ عُقْبَةَ، وهو أميرُ المدينة، إلى ابن عباسٍ أسأله عن استسقاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأَتيتُه، فقال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مُتَبَذَّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرَّعًا حتى أتَى المصلَّى، فلم يَخْطُبْ خُطبتكم هذه، ولكن لم يَزَل في الدعاءِ والتَضَرُّعِ والتكْبيرِ، وصلَّى ركعتين كما كان يُصلَّي في العيدِ
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
567 – حَدَّثَنا محمودُ بنُ غيْلانَ، قال: حَدَّثَنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن هشام بن إسحاقَ بن عبد الله بن كِنَانَةَ، عن أبيه، فذَكَرَ نحوَه، وزاد فيه: “مُتَخَشَّعًا”.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وهو قولُ الشافعيَّ، قال: يُصلَّي صلاةَ الاستسقاءِ نحوَ صلاة العيدين، يُكبَّرُ في الركعةِ الأُولى سبعًا، وفي الثانيةِ خمسًا، واحْتَجَّ بحديث ابنِ عَبَّاسٍ.
ورُوي عن مالك بن أنسٍ أنه قال: لا يُكبَّرُ في صلاةِ الاستسقاءِ كما يُكَبَّرُ في صلاةِ العيدينِ
قال ابن قدامة:
بابُ صلاةِ الاسْتِسْقاءِ
صَلَاةُ الاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ، ثَابِتَةٌ بِسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وخُلَفَائِه، رَضِىَ اللَّه عنهم.
322 – مسألة؛ قال أبو القاسم، رحمه الله: (وَإذَا أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ، واحْتَبَسَ القَطْرُ، خَرَجُوا مَعَ الْإِمَامِ، فَكَانُوا فِى خُرُوجِهِمْ، كما رُوِىَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه كَانَ إذَا خرَجَ [إلَى الاسْتِسْقَاءِ] (1)، خرَجَ مُتَوَاضِعًا، متَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَذَلِّلًا، مُتَضَرِّعًا) …
323 – مسألة؛ قال: (فيصَلِّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ)
لا نَعْلَمُ بين القائِلِينَ بِصلاةِ الاسْتِسْقاءِ خِلافًا في أنَّها رَكْعَتانِ، واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في صِفَتِها، فرُوِىَ أنَّه يُكَبِّرُ فيهما كتَكْبِيرِ العِيدِ سَبْعًا في الأُولَى، وخَمْسًا في الثانيةِ. وهو قَوْلُ سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، وعمرَ بن عَبدِ العَزِيزِ، وأبى بكرِ بن محمدِ بن عَمْرِو بن حَزْمٍ، ودَاوُدَ، والشَّافِعِىِّ. وحُكِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ …
والرِّوَايَةُ الثانيةُ، أنَّه يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ كصلاةِ التَّطَوُّعِ. وهو مَذْهَبُ مَالِكٍ، والأوْزاعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وإسحاقَ …
فصل: ولا يُسَنُّ لها أذَانٌ ولا إقَامَةٌ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا …
فصل: وليس لِصلاةِ الاسْتِسْقاءِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، إلَّا أنَّها لا تُفْعَلُ في وَقْتِ النَّهْىِ بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ وَقْتَها مُتَّسِعٌ، فلا حاجَةَ إلى فِعْلِها في وَقْتِ النَّهْىِ، والأوْلَى فِعْلُها في وَقْتِ العِيدِ …
324 – مسألة؛ قال: (ثُمَّ يَخْطُبُ، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ)
اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ في الخُطْبَةِ للاسْتِسْقاءِ، وفى وَقْتِها، والمَشْهُورُ أنَّ فيها خُطْبَةً بعد الصلاةِ
قال أبو بكرٍ: اتَّفَقُوا عن أبي عبدِ اللهِ أنَّ في صلاةِ الاسْتِسْقاءِ خُطْبَةً، وصُعُودًا على المِنْبَرِ. والصَّحِيحُ أنَّها بعد الصلاةِ. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، ومحمدُ بن الحسنِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وعليه جَماعَةُ الفُقَهاءِ؛ لقولِ أبى هُرَيْرَةَ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثم خَطَبَنَا. ولقوْلِ ابنِ عَبَّاسٍ: صَنَعَ في الاسْتِسْقاءِ، كما صَنَعَ في العِيدَيْنِ. ولأنَّها صَلَاةٌ ذاتُ تَكْبِيرٍ، فأشْبَهَتْ صلاةَ العِيدِ.
والروَايَةُ الثانيةُ، أنَّه يَخْطبُ قبلَ الصلاةِ. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وأبانَ بن عثمانَ، وهِشَامِ بن إسماعِيلَ (1)، وأبى بكرِ بن محمدِ بن عَمْرِو بن حَزْمٍ. وذَهَبَ إليه اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لما رَوَى أَنَسٌ وعائشةُ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ وصَلَّى (2). وعن عبدِ اللهِ بن زيدٍ، قال: رَأيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِى، فَحَوَّلَ ظَهْرَهُ إلى النَّاسِ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثم حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فيهما بالقِرَاءَةِ. مُتَّفَقٌ عليه (3). ورَوَى الأثْرَمُ، بإسْنَادِهِ عن أبي (4) الأسْوَد، قال: أدْرَكْتُ أبانَ بنَ عثمانَ، وهِشَامَ بنَ إسماعيلَ، وعمرَ بنَ عبدِ العزِيزِ، وأبا بكرِ بنَ محمد بنِ عَمْرِو بن حَزْمٍ، كانوا إذا أرَادُوا أن يَسْتَسْقُوا، خَرَجُوا لِلبَرَازِ، فكانوا يَخْطُبُونَ، ثم يَدْعُونَ اللهَ، ويُحَوِّلُونَ وُجُوهَهم إلى القِبْلَةِ حين يَدْعُونَ، ثم يُحَوِّلُ أحَدُهم رِدَاءَهُ من الجَانِبِ الأيمَن على الأيسَر، وما على الأيسَر على الأيمَن، وَينْزِلُ أَحَدُهم فيَقْرأُ في الرَّكْعَتَيْنِ، يَجْهَرُ بهم.
الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ، هو مُخَيَّرٌ في الخُطْبَةِ قبلَ الصلاةِ وبَعْدَها؛ لِوُرُودِ الأخْبارِ بِكِلَا الأمْرَيْنِ، ودَلالَتِها على كِلْتا الصِّفَتَيْنِ، فيَحْتَمِلُ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ الأمْرَيْنِ.
والرَّابِعَةُ، أنَّه لا يَخْطُبُ، وإنَّما يَدْعُو ويَتَضَرَّعُ؛ لقولِ ابنِ عَبَّاسٍ: لم يَخْطُبْ كخُطْبَتِكم هذه، لكن لم يَزَلْ في الدُّعَاءِ والتَّضَرُّعِ (5). وأَيًّا ما فَعَلَ مِن ذلك فهو جائِزٌ؛ لأنَّ الخُطْبَةَ غيرُ واجِبَةٍ، على الرِّوَايَاتِ كُلِّها، فإن شاءَ فَعَلَها، وإن شاءَ تَرَكَها. والأوْلَى أن يَخْطُبَ بعدَ الصلاةِ خُطْبَةً وَاحِدةً، لِتكونَ كالعِيدِ، وليكونُوا قد فَرعُوا من الصلاةِ إن أُجِيبَ دُعَاؤُهم فأُغِيثُوا، فلا يَحْتَاجُونَ إلي الصلاةِ في المَطَرِ.
وقولُ ابنِ عَبَّاسٍ: لم يَخْطُبْ كخُطْبَتِكُم هذه (6). نَفْىٌ لِلصِّفَةِ لا لِأصْلِ الخُطْبَةِ، أي لم يَخْطُبْ كخُطْبَتِكم هذه، إنَّما كان جُلُّ خُطْبَتِه الدُّعَاءَ والتَّضَرُّعَ والتَّكْبِيرَ.
325 – مسألة؛ قال: (ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ويُحَوِّلُ رِدَاءَهُ، فَيَجْعَلُ اليَمِينَ يَسَارًا، واليَسَارَ يَمِينًا، ويَفْعَلُ النَّاسُ كَذلِكَ)
فصل: ويُسْتَحَبُّ رَفْعُ الأيْدِى في دُعاءِ الاسْتِسْقاءِ …
326 – مسألة؛ قال: (ويَدْعُو، ويَدْعُونَ، ويُكثِرُونَ في دُعَائِهِم إلاسْتِغْفَارَ) ….
فصل: وهل من شَرْطِ هذه الصلاةِ إذْنُ الإِمامِ؟ على رِوايَتَيْنِ: إحْدَاهُما، لا يُسْتَحَبُّ إلَّا بِخُرُوجِ الإِمامِ، أو رَجُلٍ من قِبَلِه. قال أبو بكرٍ: فإذا خَرَجُوا بغيرِ إذْنِ الإِمامِ دَعَوْا، وانْصَرَفُوا بلا صلاةٍ ولا خُطْبَةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. وعنه أنَّهم يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِم، ويَخْطُبُ بهم أحَدُهم. فعلى هذه الرِّوايَةِ يكونُ الاسْتِسْقاءُ مَشْرُوعًا في حَقِّ كلِّ أَحَدٍ؛ مُقِيمٍ، ومُسافِرٍ، وأهْلِ القُرَى، والأعْرابِ؛ لأنَّها صلاةُ نَافِلَةٍ، فأشْبَهَتْ صَلَاةَ الكُسُوفِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُولَى، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَامُرْ بها، وإنَّما فَعَلَها على صِفَةٍ، فلا يَتَعَدَّى تلك (16) الصِّفَةَ، وهو أنَّه صَلَّاهَا بأَصْحابِه، وكذلك خُلَفاؤُه ومَن بَعْدَهم، فلا تُشْرَعُ إلَّا في مثلِ تلك الصِّفَةِ
327 – مسألة؛ قال: (فَإنْ سُقُوا، وإلَّا عَادُوا في الْيَوْمِ الثَّانِى والثَّالِثِ)
وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال إسحاقُ: لا يَخْرُجُونَ إلَّا مَرَّةً واحِدَةً؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَخْرُجْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، ولكن يَجْتَمِعُونَ في مَساجِدِهِم، فإذا فَرَغُوا من الصلاةِ ذَكَرُوا اللهَ تَعَالَى، ودَعَوْا، ويَدْعُو الإِمامُ يَوْمَ الجُمُعَةِ على المِنْبَرِ، ويُؤَّمِّنُ النَّاسُ. ولَنا، أنَّ هذا أبْلَغُ في الدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ، وقد جاءَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: “إنَّ اللَّه يُحِبُّ المُلِحِّينَ في الدُّعَاءِ” (1). وأمَّا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فلم يَخْرُجْ ثانِيًا؛ لاسْتِغْنائِه عن الخُرُوجِ بإجابَتِه أوَّلَ مَرَّةٍ، والخُرُوجُ في المَرَّةِ الأُولَى آكَدُ ممَّا بعدَها؛ لِوُرُودِ السُّنَّةِ به
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَقِفَ في أوَّلِ المَطَرِ، ويُخْرِجَ رَحْلَهُ، لِيُصِيبَهُ المَطَرُ …
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَسْتَسْقُوا عَقِيبَ صَلَوَاتِهم، ويومَ الجُمُعَةِ يَدْعُو الإِمامُ على المِنْبَرِ، ويُؤَمِّنُ النَّاسُ …
فصل: وإذا كَثُرَ المَطَرُ أو مِيَاهُ العُيُونِ بحيث يَضُرُّهم، دَعَوُا اللهَ تعالى أن يُخَفِّفَهُ …
328 – مسألة؛ قال: (وَإنْ خَرَجَ مَعَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ لم يُمْنَعُوا، وأُمِرُوا أنْ يكُونُوا مُنْفَرِدِينَ عَنِ المُسْلِمِينَ) …
[المغني لابن قدامة 3/ 334]
قال البغوي:
السُّنَّةُ فِي الاسْتِسْقَاءِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَيَبْدَأَ بِالصَّلاةِ، فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلاةِ الْعِيدَيْنِ، يُكَبِّرُ فِي الأُولَى سَبْعًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الافْتِتَاحِ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا سِوَى تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ، وَيَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ، يُرْوَى ذَلِكَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ أَنَّهُمْ كَبَّرُوا فِي الْعِيدَيْنِ وَالاسْتِسْقَاءِ سَبْعًا وَخَمْسًا، وَجَهَرُوا بِالْقِرَاءَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ.
وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي، بَلْ يَدْعُو، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْخُطْبَةَ عَلَى الصَّلاةِ، كَمَا فِي صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْطُبَ خُطْبَتَيْنِ، ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ، فَيَجْعَلُ أَسْفَلَ مَا عَلَى جَانِبِهِ الأَيْسَرِ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْمَنِ، وَأَسْفَلَ مَا عَلَى جَانِبِهِ الأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْسَرِ، فَيَحْصُلُ بِهِ التَّقْلِيبُ وَالتَّنْكِيسُ، هَذَا إِذَا كَانَ الرِّدَاءُ مُرَبَّعًا، فَإِنْ كَانَ مُدَوَّرًا قَلَّبَهُ، وَلَمْ يُنَكِّسْهُ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْسَرِ، وَمَا عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْسَرِ عَلَى الأَيْمَنِ، وَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَدَعَا اللَّهَ سِرًّا، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يَجْعَلُ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ، وَالشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَلا يُنَكِّسُ، وَقَوْلُ مَالِكٍ قَرِيبٌ مِنْهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ فِي حَدِيثِ الاسْتِسْقَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَجَعَلَ عِطَافَهُ الأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْسَرِ، وَعِطَافَهُ الأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ» …
عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى وَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ».
وَعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «يَسْتَسْقِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ قَرِيبًا مِنَ الزَّوْرَاءِ قَائِمًا يَدْعُو يَسْتَسْقِي رَافِعًا يَدَيْهِ قِبَلَ وَجْهِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَاسَهُ».
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا: ” الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ، أَوْ نَحْوَهُمَا، وَالاسْتِغْفَارُ: أَنْ تُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَالابْتِهَالُ: أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا “.
وَفِي رِوَايَةٍ: «الابْتِهَالُ هَكَذَا» فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَجَعَلَ ظُهُورَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِعَرَفَةَ هَكَذَا، وَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ يَدَيْهِ بَاطِنَهُمَا إِلَى الأَرْضِ، وَظَاهِرَ كَفِّهِ إِلَى السَّمَاءِ»
[شرح السنة للبغوي 4/ 402]
قال الإتيوبي:
الاسْتِسْقَاءِ
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: “الاستسقاء” لغة طلب سقي الماء من الغير للنفس أو للغير، وشرعًا طلبه من اللَّه تعالى عند حصول الجدب على وجه مخصوص.
قال الجزري في “النهاية”: هو استفعال من طلب السقيا، أي إنزال الغيث على البلاد والعباد، يقال: سقى اللَّه عباده الغيث وأسقاهم، والاسم السقيا -بالضمّ-، واستسقيت فلانًا: إذا طلبت منه أن يسقيك انتهى.
وقال النووي في “المجموع”: والاستسقاء طلب السُّقْيَا، ويقال: سَقَى، وأسقى لغتان بمعنى، وقيل: سقى: ناوله ليشرب، وأسقيته: جعلت له سُقْيا انتهى واللَّه تعالى أعلم بالصواب
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان استسقاء الإمام إذا طلب الناس ذلك منه.
(ومنها): طلب الناس من الإمام أن يستسقي لهم إذا حصل الجدب والقحط.
(ومنها): قيام الواحد بأمر الجماعة، وإنما لم يباشر ذلك بعض أكابر الصحابة لأنهم كانوا يسلكون مسلك الأدب بالتسليم، وترك الابتداء بالسؤال، ومنه قول أنس رضي الله عنه: “كان يعجبنا أن يجيء الرجل من البادية، فيسأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم … ”
(ومنها): طلب الدعاء من أهل الخير، ومن يرجى منه القبول، وإجابتهم لذلك، ومن أدبه بث الحال لهم قبل الطلب لتحصيل الرقّة المقتضية لصحة التوجه، فترجى الإجابة عنده.
(ومنها): تكرير الدعاء ثلاثًا
(ومنها): إدخال دعاء الاستسقاء في خطبة الجمعة، والدعاء به على المنبر، ولا تحويل فيه، ولا استقبال القبلة
(ومنها) الاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء، وليس في السياق ما يدلّ على أنه نواها مع الجمعة
(ومنها): أن فيه علما من أعلام النبوّة في إجابة اللَّه دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم عقبه، أو معه، ابتداء في الاستسقاء، وانتهاء في الاستصحاء، وامتثال السحاب أمره بمجرّد الإشارة
(ومنها): الأدب في الدعاء حيث لم يدع برفع المطر مطلقًا، لاحتمال الاحتياج إلى استمراره، فاحترز فيه بما يقتضي رفع الضرر، وإبقاء النفع، فيستنبط منه أن من أنعم اللَّه عليه بنعمة لا ينبغي له أن يتسخطها لعارض يعرض فيها، بل يسأل اللَّه رفع ذلك العارض، وإبقاء النعمة
(ومنها): أن الدعاء برفع الضرر لا ينافي التوكل (ومنها): جواز تبسم الخطيب على المنبر تعجبًا، وجواز الصياح في المسجد بسبب الحاجة المقتضية لذلك، وفيه اليمين لتأكيد الكلام
(ومنها): جواز الاستسقاء بغير صلاة مخصوصة، ولكن هذا لا ينافي ما ثبت من الصلاة لها، فلا يكون دليلا لأبي حنيفة في عدم مشروعية الصلاة لها، كما سيأتي في بابه، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
“إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب”
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 17/ 37]
وقال الإتيوبي:
المسألة الثالثة: في فوائده:
(منها): ما ترجم له “المصنف”رحمه الله، وهو مشروعية خروج الإمام إلى المصلى للاستسقاء. (ومنها): مشروعية استقبال القبلة في حال الدعاء (ومنها): استحباب قلب الرداء، تفاؤلًا في قلب الحال من الجدب إلى الرخاء والخصب (ومنها): استحباب صلاة ركعتين للاستقاء، وقد خالف فيه الإمام أبو حنيفة، وسيأتي الكلام عليه، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم …
اختُلِفَ في حكمة التحويل، فجزم المهلب أنه للتفاءل بتحويل الحال عما هي عليه، وتعقبه ابن العربي بان من شرط الفأل أن لا يُقصد إليه، قال: وإنما التحويل أمارة بينه وبين ربه، قيل له: حوّل رداءك لتحوّل حالك. قال الحافظ: وتعقب بان الذي جزم به يحتاج إلى نقل، والذي ردّه وَرَدَ فيه حديثٌ رجاله ثقات، أخرجه الدراقطني، والحاكم من طريق جعفر بن محمد بن عليّ، عن أبيه، عن جابر رضي الله عنه، ورجح الدارقطني إرساله، وعلى كل حال فهو أولى من القول بالظنّ.
وقال بعضهم: إنما حول رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع يديه في الدعاء، فلا يكون سنة في كلّ حال. وأجيب بأن التحويل من جهة إلى جهة لا يقتضي الثبوت على العاتق، فالحمل على المعنى الأول أولى، فإن الاتباع أولى من تركه لمجرّد احتمال الخصوص، واللَّه تعالى أعلم انتهى.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن الأرجح مشروعية التحويل، وأنه للتفاؤل؛ لحديث جابر رضي الله عنه المذكور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في مشروعية تحويل الرداء:
قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: وقد اختلفوا في تحويل الرداء، فكان مالك يقول: إذا فرغ من الصلاة في الاستسقاء خطب الناس قائمًا يدعو في خطبته، مستقبل الناس، وظهره إلى القبلة، والناس مستقبلوه، فإذا استقبل القبلة حوّل رداءه، وجعل ما على يمينه على شماله، وما على شماله على يمينه، ودعا قائمًا، واستقبل الناسُ جميعًا القبلةَ كما استقبلها الإمام قعودًا، وحوّلوا أرديتهم جميعًا كما حول الإمام، فإذا فرغ مما يريد من الدعاء استقبل الناس بوجهه، ثم انصرف.
وممن كان يرى أن يجعل اليميَن الشمالَ، والشمالَ اليمينَ أحمدُ بن حنبل، وأبو ثور، وحُكي ذلك عن ابن عيينة، وعبد الرحمن بن مهديّ، وإسحاق بن راهويه، وكان الشافعي يقول بذلك إذ هو بالعراق، ثم رجع عنه.
وفيه قول ثان، قاله الشافعي آخر قوليه، قال: آمر الإمام أن ينكّس رداءه، فيجعل أعلاه أسفله، ويزيد مع نكسه، فيجعل شقه الذي كان على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، والذي على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن، فيكون جاء بما أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من نكسه، وبما فعل من تحويل الرداء.
وفيه قول ثالث: قاله محمد بن الحسن، قال: ويقلب الإمام رداءه كله، وقلبه أن يجعل جانب الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر، وإنما يتبع في هذا السنة والآثار المعروفة، وليس ذلك على من خلف الإمام. قال أبو الزناد: كان عمر بن عبد العزيز يحوّل رداءه في الاستسقاء، قال: ولم يكن الناس يحوّلون أرديتهم انتهى كلام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: أرجح المذاهب عندي مذهب من قال بمشروعية تحويل الرداء؛ لوضوح أدلته. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب …
(عن قتادة، عَنْ أَنَسٍ) – رضي اللَّه تعالى عنه -، وفي رواية للبخاري من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، “أن أنسًا حدثهم،. فانتفت تهمة تدليس قتادة (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلاَّ فِي الاسْتِسْقَاءِ) ظاهره نفي الرفع في كلّ دعاء غير الاستسقاء، وهو مُعارَض بالأحاديث السابقة التي أثبتت الرفع في غير الاستسقاء، وقد تقدم أنها كثيرة.
فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى، وحَمَلَ حديث أنس على نفي رؤيته، وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره.
وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يُحمل النفي على صفة مخصوصة، إما على الرفع البليغ، ويدلّ عليه قوله: “حتى يُرَى بياضُ إبطيه”، ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مدّ اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد، فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه، وبه حينئذ يرى بياض إبطيه، وإما على صفة رفع اليدين في ذلك، كما رواه مسلم من رواية ثابت، عن أنس: “أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استسقى، فاشار بظهر كفيه إلى السماء”، ولأبي داود من حديث أنس أيضا: “كان يستسقي هكذا، ومدّ يده، وجعل بطونهما مما يلي الأرض، حتى رأيت بياض إبطيه”.
قال النووي: قال العلماء: السنة في كلّّ دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء، وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء انتهى
وقال غيره: الحكمة في الإشارة بظهور الكفّين في الاستسقاء دون غيره للتفاؤل بتقلب الحال ظهرًا لبطن، كما قيل في تحويل الرداء، أو هو إشارة إلى صفة المسؤول، وهو نزول السحاب إلى الأرض، انتهى.
(فَإِنَّه كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ) ببناء “يُرى” للمفعول، و”بياض” بالرفع نائب فاعله.
وفيه استحباب المبالغة في رفع اليدين في دعاء الاستسقاء .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 17/ 48]
___
حكم إقامة صلاة الاستسقاء
إذا لم يأمر والي البلد بإقامتها
س: إذا أمات حاكم دولة سنة صلاة الاستسقاء ولم يدع الناس لها عند انقطاع المطر أو غور الآبار، فهل يجوز لإمام أحد مساجد هذه الدولة أن يدعو أهل بلده إلى صلاة الاستسقاء ويخرجون وحدهم لأدائها؟
ج: إذا كان أهل بلد لا يأمرهم واليها بإقامة صلاة العيد أو صلاة الاستسقاء، فإنه يشرع لهم أن يصلوا صلاة العيد وصلاة الاستسقاء في الصحراء إذا تيسر ذلك، وإلا ففي المساجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع ذلك لأمته، وصلاة العيد فرض كفاية لا يجوز للمسلمين في أي بلد تركها، وقال بعض أهل العلم: إنها فرض عين كالجمعة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة – ابن باز (13) / (85)
سئل فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى -: عن صفة صلاة الاستسقاء؟ وهل لها خطبة واحدة فقط؟ وهل تقدم الخطبة على الصلاة أو تقدم الصلاة على الخطبة؟ وإذا فاتت صلاة الاستسقاء والعيدين هل تقضى؟ وإذا فاتته ركعة فهل يقضي التكبيرات أم لا؟ وبالنسبة للأئمة الذين لا يطلبون من المأمومين تسوية الصفوف فما نصيحتكم لهم؟ وما حكم قول الإمام: «استقيموا»؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا السؤال يأتي في مناسبة طيبة لأنه صادف اليوم الذي أقمنا فيه صلاة الاستسقاء، والاستسقاء هو طلب السقيا، وطلب السقيا يكون على أوجه كثيرة، قد تستسقي وأنت في السجود، وقد تستسقي وأنت في مجلس أصحابك، وقد
يستسقي الخطيب في يوم الجعة، وقد يخرج الناس إلى مصلى العيد ليصلوا صلاة الاستسقاء.
وصفة صلاة الاستسقاء كصلاة العيد.
أما الخطبة فإنها خطبة واحدة، وليست كخطبة العيد، فالعيد فيه خطبتان، هذا هو المشهور عن أهل العلم، وقيل: للعيد خطبة واحدة، وهو الذي تدل عليه الأدلة الصحيحة السالمة من التضعيف. خطبة العيد خطبة واحدة لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب الرجال أولًا، ثم ينزل إلى النساء فيعظهن.
أما الاستسقاء فهو خطبة واحدة، حتى على قول من يرى أن صلاة العيد لها خطبتان، فهي خطبة واحدة؛ إما قبل الصلاة وإما بعد الصلاة. فالأمر كله جائز، لو أن الإمام حين حضر إلى المصلى فاستقبل القبلة ودعا، وأمّن الناس على ذلك لكان كافيًا، وإن أخّر الخطبة إلى ما بعد الصلاة فهو أيضًا كافٍ وجائز، فالأمر في هذا واسع.
وإنما قلت ذلك لئلا ينفر أحد مما قد يفعله بعض الأئمة من الخطبة والدعاء في صلاة الاستسقاء قبل الصلاة، فإن من فعل ذلك لا ينكر عليه، لأنه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أما إذا فاتت الإنسان صلاة الاستسقاء، فأنا لا أعلم في هذا سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن لو صلى ودعا فلا بأس.
وأما صلاة العيد فإنها لا تقضى إذا فاتت، لأنها صلاة شرعت على وجه معين، وهو حضور الناس واجتماعهم على إمام واحد، فإذا فاتت فإنها لا تقضى.
وكذلك صلاة الجمعة فإن صلاة الجمعة إذا فاتت لا تقضى أيضًا، لكن يصلي بدلها ظهرًا؛ لأن هذا وقت الظهر، فإن لم يتمكن من الجمعة صلى الظهر.
أما العيد فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم
عنها بدل، فإذا فاتتك مع الإمام، فقد فاتت، ولا يشرع لك قضاؤها.
وأما بالنسبة للتكبيرات، التي بعد تكبيرة الإحرام فإنك إذا دخلت مع الإمام بعد انتهاء التكبيرات، فإنك لا تعيد التكبيرات؛ لأنها سنة فات محلها، فإذا فات محلها سقطت.
أما طلب الأئمة تسوية الصفوف في صلاة العيد وفي صلاة الاستسقاء، فإنه مشروع كغيرها من الصلوات، وذلك لأن الناس إذا لم ينبهوا على هذا، ربما يغفلون عنه، فكل صلاة يشرع فيها الجماعة، فإنه يشرع للإمام إذا كان الناس صفوفًا أن ينبههم وأن يقول: «استووا اعتدلوا».
وأما قول بعض الأئمة: «استقيموا» فإن هذه لا أصل لها، ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بحثت عنها وسألت بعض الإخوان أن يبحثوا عنها، فلم يجدوا لها أصلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: استقيموا.
ولا وجه لقوله: «استقيموا»؛ لأن المراد بقوله: «استقيموا» يعني على دين الله وليس هذا محله؛ لأن هذا محل أمر الناس بإقامة الصفوف في الصلاة، فالمشروع أن يقول: أقيموا صفوفكم .. سووا صفوفكم .. وما أشبه ذلك.
* * *
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16) / (355)
(7341) سئل فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى -: هل يشرع الصوم في اليوم المحدد للاستسقاء خاصة إذا كان اليوم المحدد هو يوم الاثنين أو الخميس؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يشرع الصوم لأجل الاستسقاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج للاستسقاء ولم يأمر الصحابة صلى الله عليه وسلم بالصيام ولم ينقل عنه أنه صام.
وأما لو جعل الاستسقاء يوم الاثنين، أو يوم الخميس ولم
يكن ذلك على وجه الدوام من أجل أن يصادف صيام بعض الناس فلا بأس.
* * *
سئل فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى -: إذا خرج الإنسان للاستسقاء متطيبًا فهل ينكر عليه؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا ينكر عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يحب الطيب، وإن كان بعض الفقهاء قال: «إذا خرج للاستسقاء لا يتطيب»، وهذا لا دليل عليه، والطيب لا يمنع الاستكانة والخضوع لله تعالى.
* * *
سئل فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى -: من كان يلبس شماغًا هل يقلبه في صلاة الاستسقاء؟ وهل المرأة تقلب عباءتها؟ وما الحكمة من ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الظاهر أن المرأة لا تقلب لأن الستر لها أفضل، ولا تقلب عباءتها.
والشماغ أيضًا لا يقلب فهو يشبه العمامة على الرأس، ولكن المشلح للرجل قد يكون مشبه للرداء.
والحكمة في أن الرجل يقلب المشلح التفاؤل أن يقلب الله الحال من الجدب وقحط المطر إلى الرخاء، ولكن أهم من ذلك عندي التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى
رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الأَْخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الأَْخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا}. أما بالنسبة لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم إياه فالتعليل كما ذكرنا، وأيضًا كأن الرجل التزم أن يغير عمله السياء إلى عمل صالح، لأن الأعمال لباس، قال الله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}. فكأن الإنسان في هذه الفعل كأنه التزم أن يغير حاله ولباسه الديني إلى لباس آخر، وأهم شيء بالنسبة لنا أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم .
* * *
سئل فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى -: بعض طلبة العلم لا يخرج إلى صلاة الاستسقاء بحجة أن المعاصي موجودة فكيف ندعو الله ونحن لم نغير من أحوالنا؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا خطأ، لأن المصائب كلها قد تكون بسبب الذنوب، كما قال تعالى: {وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ} وقد تكون امتحانًا من الله صلى الله عليه وسلم ، يمتحن بها العبد هل يصبر أو لا يصبر، هذه واحدة.
ثانيًا: إذا قلنا: إن علينا ذنوبًا أليست هذه الصلاة من أسباب مغفرة الذنوب، إذًا فلنخرج إلى الله صلى الله عليه وسلم ونستسقيه ونتعبد له بالصلاة والذكر وغير ذلك، لهذا أرجو من إخواننا طلبة العلم إذا
صح السؤال أن يتأملوا الموضوع، وأن لا يثبطوا الناس عن الخير، وأن يشجعوهم عليه.
* * *
سئل فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى -: ما هو الضابط في قلب الرداء بعد صلاة الاستسقاء، هل يكون الشماغ بديلًا للرداء؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا ليس بديلًا له، وربما الفروة أو المشلح نعم، لأن الشماغ أقرب ما يكون للعمامة فلا يدخل في الحديث.
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (16) / (357)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْعَلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنِّي كَتَبْتُ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنْ يَخْرُجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، شَهْرَ كَذَا وَكَذَا يَسْتَسْقُوا، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: (15)] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ أَبْوَاكُمْ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: (23)] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ نُوحٌ: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمَنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: (47)] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ مُوسَى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: (16)] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ يُونُسُ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: (87)] الْآيَةَ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إِذَا أَرَادُوا الِاسْتِسْقَاءَ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْرُجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ صِيَامًا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، قَالَ: وَأَوْلَى مَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى أَدَاءِ مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ مَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ عَرَضٍ، ثُمَّ صَلُحُ الْمُشَاجِرُ وَالْمُهَاجِرُ، ثُمَّ يَتَطَوَّعُونَ بِصَدَقَةٍ، وَصَلَاةٍ، وَذِكْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْبِرِّ
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (4) / (314)
ذِكْرُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ الْإِمَامُ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَكُونُ خُرُوجُهُ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ كَالْخُرُوجِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ وَذَلِكَ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَخْرُجُ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ
الْخُرُوجُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِخْرَاجِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، قَالَ: إِنَّمَا يَامُرُهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا أَرْزَاقَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِذَا خَرَجُوا يَعْتَزِلُونَ عَنْ مُصَلَّاهُمْ، وَحُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَعْتَزِلُونَ، وَحَكَى الْأَوْزَاعِيُّ أَنَّ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ يَأْمُرُهُمْ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَلَمْ يُجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يُؤْمَرُوا بِهِ وَلَا نُهُوا عَنْهُ، فَإِنْ خَرَجُوا تُرِكُوا، وَرُوِيَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَاسَ أَنْ تُؤَمِّنَ عَلَى دُعَاءِ الرَّاهِبِ إِذَا دَعَا لَكَ وَقَالَ: يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَكْرَهُ إِخْرَاجَهُمْ وَيَامُرُ بِمَنْعِهِمْ، فَإِنْ خَرَجُوا مُتَمَيِّزِينَ لَمْ يَمْنَعُهُمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجِبُ إِخْرَاجُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ
إِخْرَاجُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ الصِّبْيَانُ وَيَتَنَظَّفُونَ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَكِبَارُ النِّسَاءِ، وَمِمَّنْ لَا هَيْئَةَ لَهُ مِنْهُنَّ، وَلَا أُحِبُّ خُرُوجَ ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ، وَلَا آمُرُهُمْ بِإِخْرَاجِ الْبَهَائِمِ. صلى الله عليه وسلم (318) صلى الله عليه وسلم وَكَرِهَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ خُرُوجَ الشَّابَّةِ وَرَخَّصَا فِي خُرُوجِ الْعَجَائِزِ
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (4) / (316)
باب: صلاة الاستسقاء
(604) – الاستسقاء بغير إمام
نقل عنه الميموني: إن أخرجهم الإمام خرجوا، وإلا فيخرجون لأنفسهم يستسقون، لا بأس بذلك.
وقال في موضع آخر: يصلي بهم بعضهم.
ونقل حرب عنه أنه قال في أهل قرية ليس فيها والٍ، خرجوا يستسقون، يصلي بهم إمامهم جماعة؟
قال: أرجو ألا يضيق.
ونقل أحمد بن القاسم عنه: إن لم يخرج الإمام؛ لا تخرجوا.
«بدائع الفوائد» (4) / (101)
(605) – خروج أهل الذمة إلى الاستسقاء
قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد البرتي القاضي قال: قيل لأبي عبد اللَّه: يخرج أهل الذمة يدعون مع المسلمين في الاستسقاء؟ فلم ير به بأسًا.
وقال: أخبرني عبد الملك أنه سأل أبا عبد اللَّه عن الاستسقاء، قلت: ويخرج أهل الكتاب معهم يستسقون؟
قال: ويخرجون معهم يستسقون لا بأس بذلك.
«أحكام أهل الملل» (1) / (120) ((127) – (128))
(606) – الخطبة قبل صلاة الاستسقاء
نقل محمد بن الحسن بن هارون عنه: يبدأ بالخطبة قبل الصلاة.
«الروايتين والوجهين» (1) / (114)
نقل حنبل، وبكر بن محمد عنه: فيها خطبة.
ونقل يوسف بن محمد بن موسى، والمروذي، والفضل بن زياد: ليس فيها خطبة؛ لأنها نافلة تفعل لأجل عارض، فلم يكن من سببها الخطبة، كالكسوف.
«الروايتين والوجهين» (1) / (193)
(607) – صفة صلاة الاستسقاء
قال إسحاق بن منصور: قال الإمامُ أحمدُ في صلاة الاستسقاء: يصلي ثم يدعو، ويجهرُ بالقراءة. وقال مالك: يحولُ رداءه. يقولُ: يجعل اليمينَ على اليسرى.
«مسائل الكوسج» ((407))
قال أبو داود: قلت لأحمد: تقليب الرداء -أعني في صلاة الاستسقاء هكذا وجعلت طرف ردائي اليمين إلى اليسار، واليسار إلى اليمين؟
قال: نعم.
«مسائل أبي داود» ((512))
قال أبو داود: قلت لأحمد: ولم يكون التقليب؟
قال: يقول: تقلب؛ السنة.
«مسائل أبي داود» ((513))
نقل إسماعيل بن سعيد عنه: لا يجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء،
ويصلي صلاة الناس ليس فيها تكبير مثل تكبير العيدين.
ونقل محمد بن الحكم والمروذي: يجهر بالقراءة فيها لحديث عبد اللَّه بن زياد.
«بدائع الفوائد» (3) / (65)
الجامع لعلوم الإمام أحمد – الفقه (6) / (543) — أحمد بن حنبل (ت (241))
باب صلاة الاستسقاء
إذا أجدبت الأرض وقحط المطر … .
قوله: «باب صلاة الاستسقاء»، من باب إضافة الشيء إلى نوعه، أي: باب الصلاة التي تكون للاستسقاء، وقد يجوز أن تكون من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي: الصلاة التي سببها استسقاء الناس.
والاستسقاء: استفعال من سقى وهو: طلب السقيا، سواء كان من الله، أو من المخلوق، فمن الممكن أن تقول لفلان: اسقني ماء فيسمى هذا استسقاء أي طلب سقيا، ومن الله – عز وجل – تسأل الله أن يغيثك، هذا طلب سقيا أيضا، لكن في عرف الفقهاء إذا قالوا صلاة الاستسقاء: فإنما يعنون بها استسقاء الرب – عز وجل – لا استسقاء المخلوق.
وصلاة الاستسقاء لها سبب بينه المؤلف بقوله: «إذا أجدبت الأرض وقحط المطر صلوها جماعة وفرادى».
قوله: «إذا أجدبت الأرض» أي: خلت من النبات، وضده الإخصاب إذا أخصبت، أي: ظهر نباتها وكثر.
قوله: «وقحط المطر» أي: امتنع، ولم ينزل، ولا شك أنه يكون في ذلك ضرر عظيم على أصحاب المواشي، وعلى الآدميين أيضا، فلهذا صارت صلاة الاستسقاء في هذه الحال سنة مؤكدة.
قوله: «إذا أجدبت الأرض وقحط المطر»، ظاهره ولو كان ذلك في غير أرضهم.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يستسقي إلا لأرضه وما حولها مما يتضرر به البلد، أما ما كان بعيدا فإنه لا يضرهم، وإن كان يضر غيرهم، ما لم يأمر به الإمام فتصلى.
والاستسقاء الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ورد على أوجه متعددة منها:
الأول: «أنه دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، ورفع الناس أيديهم، وقال: اللهم أغثنا ثلاث مرات، وكانت السماء صحوا فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت وأمطرت، ولم ينزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته» ((1)).
الثاني: «أنه كان في غزوة ونقص عليهم الماء، فاستغاث الله – عز وجل – فأنشأ الله مزنا فأمطرت وسقاهم وارتووا».
الثالث: «دعا الله سبحانه وتعالى بأن يسقيهم فقام أبو لبابة رضي الله عنه – وكان فلاحا – فقال: يا رسول الله إن التمر في البيادر» – والبيدر ما يجمع فيه التمر لييبس، وكانوا إذا جذوا النخل يضعونه في مكان معد لهذا حتى ييبس، ثم يدخلونه في البيوت يسمى «البيدر»، ويسمى «الجرين» أيضا – فقالرسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة فيسد ثعلب مربده بإزاره»، أي: الفجوة التي يدخل منها السيل إلى البستان فأمطرت السماء، وخاف الناس من فساد التمر فجاؤوا إلى أبي لبابة، وقالوا: اذهب إلى مربدك وسده بإزارك ليقف المطر، فذهب فسده بإزاره فوقف المطر ((1))، فهذا من آيات الله عز وجل، وحينئذ سلم الناس من الضرر الكثير الذي يحصل لهم بالمطر في بيادرهم.
وهناك أيضا صفات أخرى، وليس لازما أن تكون على الصفة التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام أي: طلب السقيا، فللناس أن يستسقوا في صلواتهم، فإذا سجد الإنسان دعا الله، وإذا قام من الليل دعا الله عز وجل.
صلوها جماعة وفرادى. وصفتها في موضعها، وأحكامها كعيد. وإذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس، وأمرهم بالتوبة من المعاصي
قوله: «صلوها جماعة وفرادى»، أي: صلاة الاستسقاء وستأتي صفتها، والأفضل أن تكون جماعة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . قوله: «وصفتها في موضعها وأحكامها كعيد».
وعلى هذا فتسن في الصحراء؛ لأن صلاة العيد تسن في الصحراء.
ويكبر في الأولى بعد التحريمة والاستفتاح ستا، وفي الثانية خمسا، ويقرأ بسبح والغاشية؛ لأن المؤلف قال: «صفتها في موضعها» أي: مكانها «وأحكامها كعيد».
والدليل على هذا حديث ابن عباس – رضي الله عنهما ـ:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها كما يصلي العيد ((1)).
ولكنها تخالف العيد في أنها سنة، والعيد فرض كفاية.
قوله: «وإذا أراد الإمام الخروج لها»، يحتمل أن يريد به الإمام الذي يصلي بهم صلاة الاستسقاء، ويحتمل أن يراد به الإمام الأعظم وهو السلطان، والمعنى الأول أقرب.
قوله: «وعظ الناس» الموعظة هي: التذكير المقرون بترغيب أو تخويف، فيرغبهم في فعل الواجبات، ويحذرهم من انتهاك الحرمات.
ولهذا قال: «وأمرهم بالتوبة من المعاصي» التوبة: الرجوع إلى الله – عز وجل – من معصيته إلى طاعته، وقد ذكر العلماء للتوبة شروطا يحسن أن نذكرها الآن:
الأول: الإخلاص لله – عز وجل – بأن يقصد بتوبته إلى ربه رضا ربه، لا أن يتوب أمام الناس رياء وسمعة.
الثاني: أن يندم على ما حصل له من الذنب، وهذا الشرط قال بعض العلماء: إنه لا يمكن تحقيقه؛ لأن الندم انفعال في النفس، والانفعال لا يملكه الإنسان.
ولكن الصحيح: أنه يمكن أن يملكه؛ لأن معنى الندم إظهار الغم والهم لما أصابه ووقع منه من الذنب، وهذا أمر يمكن أن يقع.
الثالث: أن يقلع عن المحرم، فإذا كانت التوبة من ترك الزكاة مثلا، فلا بد أن يخرج الزكاة، وإذا كانت من التهاون بصلاة الجماعة فلا بد أن يصلي مع الجماعة، وإذا كانت من الغيبة فلا بد أن يقلع عن الغيبة، وإذا كانت أخذ مال لا يستحقه فلا بد أن يرده إلى صاحبه، وإذا كانت من ضرب إنسان اعتدى عليه بالضرب فلا بد أن يستحله أو يقول: اضربني كما ضربتك.
الرابع: أن يعزم على ألا يعود فلا يتوب توبة مؤقتة، وهنا نقول: يعزم على ألا يعود، ولا نقول: ألا يعود؛ لأنه لو فرضنا أن الشروط تمت، ثم بعد ذلك عاد فالتوبة الأولى صحيحة.
الخامس: أن تكون التوبة في الزمن الذي تقبل فيه، وذلك بأن تقع قبل الغرغرة، قبل حضور الأجل، فإن لم تقع إلا بعد حضور الأجل فقد قال تعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} [النساء (18)]، وهذا زمن خاص باعتبار كل أحد بنفسه.
وكذلك أيضا تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، وهذا زمن عام، فإن الشمس إذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم، وتابوا ورجعوا لكن {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} [الأنعام (158)].
قد يقول قائل: أين الدليل على أنه إذا أراد الخروج يعظ الناس، أليس النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى واستسقى ((1))، فهل ورد أنه وعظهم؟
والجواب: أنه يعظهم وعظا عاما، كما لو صادف أنه يتكلم في خطبة الجمعة فيعظ الناس فهذا طيب، ولا يقال: إنه وعظهم من أجل الاستسقاء، ولكن من أجل خطبة الجمعة والمناسبة.
الشرح الممتع على زاد المستقنع — ابن عثيمين (ت (1421))
السؤال الخامس والسادس من الفتوى رقم ((3907))
س (5): إذا كبر الإمام تكبيرة الإحرام في صلاة الاستسقاء، أو الأعياد ثم نسي التكبير الذي بعد تكبيرة الإحرام ولم يذكر إلا بعد ما شرع في قراءة الحمد هل يستمر في قراءة الحمد، أم يقطعها ويكمل التكبير؟
ج (5): إذا نسي التكبير الذي بعد تكبيرة الإحرام حتى شرع في قراءة الفاتحة: فالأفضل أنه يستمر في القراءة، ولا يعود إلى التكبير؛ لكونه سنة، من غير خلاف، فيما نعلم.
س (6): إذا رفع الخطيب يديه في الاستسقاء، أو المأموم؛ هل من الأحسن أن يجعل بطون يديه إلى الأرض وظهورها إلى السماء، أم خلاف ذلك؟
ج (6): السنة أن يجعل بطون يديه إلى السماء وظهورهما إلى الأرض؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سألتم الله تعالى فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورهما ((1))» رواه أبو داود وابن ماجه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … نائب رئيس اللجنة … الرئيس
عبد الله بن قعود … عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة – 1 — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)
السؤال السابع من الفتوى رقم ((17575))
س (7): عندنا أمر يحدث ويتكرر كل عام وهو أن الناس اعتادوا أن يصلوا صلاة الاستسقاء قبل صلاة العيد، سواء كان فطرا أم أضحى، وذلك بأن يجمعهم من يؤمهم لصلاة العيد ويصلي بهم ركعتين، صلاة الاستسقاء ثم بعد الفراغ من هاتين الركعتين يصلون صلاة العيد، وإذا عارضناهم قالوا: نستغل كثرة وجود المصلين، وليس هذا الأمر قاصرا على صلاة العيدين فحسب، بل كذلك يفعلون بعد صلاة الجمعة في وقت معين من السنة عند الجدب والقحط، وقلة الأمطار، وكيفية فعلهم هي: بعد أن ينتهي الإمام من صلاة الجمعة يأمرهم بأن ينووا صلاة الاستسقاء، ثم يصلي بهم ركعتين مثل ركعتي صلاة العيد، وإذا قلنا لهم: يكفي استسقاء الخطيب في آخر الخطبة وأنتم تؤمنون كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: أمرنا الرئيس بأن نصلي الاستسقاء يوم الجمعة، وهذا هو أحسن أوقاتها، لاجتماع الناس وكثرتهم.
فيا فضيلة الشيخ: نريد منكم فتوى لعلنا نستطيع إقناع
الناس بعدم مشروعية هذه الصلاة على هذه الكيفية، إن كانت غير مشروعة، وإن كانت مشروعة وموافقة للصواب فالحمد لله رب العالمين؟
ج (7): يكفي أن يستسقي الخطيب في خطبة الجمعة، ولا يصلي صلاة الاستسقاء بعدها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى في خطبة الجمعة ولم يصل للاستسقاء بعدها، بل اكتفى بصلاة الجمعة، وكذا الحكم في صلاة العيد يكفي أن يستسقي في الخطبة، ولا يشرع له صلاة الاستسقاء لا قبلها ولا بعدها؛ لأن ذلك مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … عضو … الرئيس
بكر أبو زيد … عبد العزيز آل الشيخ … صالح الفوزان … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة – 2 — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)
_____
صلاة الاستسقاء
شرع الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين إذا منع عنهم القطر وأجدبت الأرض أن يبادروا إلى التوبة والإنابة والاستغفار وطلب السقاية من الله صلى الله عليه وسلم . ((1))
______________
((1)) قال ابن القيم في «زاد المعاد» ((1) / (456) – (458)): «ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استسقى على وجوه
أحدها: يوم الجمعة على المنبر في أثناء خطبته، وقال:» اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا «
الوجه الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم وعد الناس يومًا يخرجون فيه إلى المصلى (وصلى بهم صلاة الاستسقاء)
الوجه الثالث: أنه صلى الله عليه وسلم استسقى على منبر المدينة استسقاء مجردًا في غير يوم الجمعة، ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الاستسقاء صلاة.
الوجه الرابع: أنه صلى الله عليه وسلم استقي وهو جالس في المسجد، فرفع يديه ودعا الله صلى الله عليه وسلم .
الوجه الخامس: أنه صلى الله عليه وسلم استسقى عند أحجار الزيت قريبًا من الزوراء، وهي خارج باب المسجد الذي يدعى اليوم باب السلام نحو قذفة حجر ينعطف عن يمين الخارج من المسجد.
الوجه السادس: أنه صلى الله عليه وسلم استسقى في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء … ». اهـ. باختصار وتصرف يسير جدًا.
قلت: وصلاة الاستسقاء هي الوجه الثاني مما ذكره ابن القيم، وهي موضوعنا هنا.
بغية المتطوع في صلاة التطوع (1) / (126) — محمد بن عمر بازمول (معاصر)
المسألة الأولى: وقت صلاة الاستسقاء:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الاستسقاء حين بدا حاجب الشمس.
عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه. قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر صلى الله عليه وسلم ، وحمد الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: «إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله صلى الله عليه وسلم أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم». ثم قال: «الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إلى حين». ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض أبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب (أو: حول) رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل، فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن؛ ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فقال: «أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله». أخرجه أبو داود. ((1))
ولا دليل على تعيين وقت لها ((2))، وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها تخالفه بأنه لا تختص بيوم معين. ((3))
______________
((1)) حديث حسن.
أخرجه أبو داود في (كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الاستسقاء، حديث رقم (1173)) واللفظ له، وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ((1) / (328))، وابن حبان «الإحسان» ((7) / (109)، حديث رقم (2860)).
والحديث قال عنه أبو داود عقب إخراجه: «هذا حديث غريب إسناده جيد»، والحديث حسنه العلامة الألباني في «إرواء الغليل» ((3) / (135))، ومحقق «الإحسان» ((7) / (110))
((2)) قال في «فتح الباري» ((2) / (499)): «والراجح أنه لا وقت لها معين». اهـ.
((3)) «فتح الباري» ((2) / (499))، وقال: «وهل تصنع بالليل؟ استنبط بعضهم من كونه صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة فيها بالنهار أنها نهارية كالعيد، وإلا، فلو كانت تصل بالليل؛ لأسر فيها بالنهار، وجهر بالليل كمطلق النوافل.
ونقل ابن قدامة الإجماع على أنها لا تصلى في وقت الكراهة، وأفاد ابن حبان أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى للاستسقاء كان في شهر رمضان سنة ست من الهجرة».
قلت: قال ابن قدامة في «المغني» ((2) / (432)): «وليس لصلاة الاستسقاء وقت معين، إلا أنها لا تفعل في وقت النهي بغير خلاف؛ لأن وقتها متسع؛ فلا حاجة إلى فعلها في وقت النهي، والأولى فعلها في وقت العيد؛ لما روت عائشة:» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين بدا حاجب الشمس «. رواه أبو داود، ولأنها تشبهها في الموضع والصفة؛ فكذلك الوقت؛ [إلا] (*) أن وقتها لا يفوت بزوال الشمس؛ لأنها ليس لها يوم معين؛ فلا يكون لها وقت معين. وقال ابن عبد البر: الخروج إليها عند زوال الشمس عند جماعة العلماء؛ إلا أبا بكر بن حزم. وهذا على سبيل الاختيار، لا أنه يتعين فعلها فيه». اهـ.
بغية المتطوع في صلاة التطوع (1) / (127) – (128) — محمد بن عمر بازمول (معاصر)
حكم رفع اليدين في تكبيرات صلاة الاستسقاء
السؤال
ما حكم رفع اليدين في صلاة الاستسقاء؟
الجواب
لا نعلم شيئًا يدل عليه؛ لأن صلاة الاستسقاء كالعيدين، وما نعلم شيئًا يدل على رفع اليدين في الاستسقاء وكذلك في العيدين.
شرح سنن أبي داود للعباد (145) / (20) —
ذِكْرُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَاةِ لَا يُكَبِّرُ فِيهَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْعِيدِ خِلَافَ الْجُمُعَةِ وَيَرَى تَكْبِيرَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَتَكْبِيرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خِلَافَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ أَنَّهُ كَبَّرَ فِيهِمَا كَتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالْعِيدُ مَخْصُوصٌ بِزِيَادَةِ التَّكْبِيرِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَلَيْنَا الِاتِّبَاعَ، وَوَضْعَ كُلِّ سُنَّةٍ مَوْضِعَهَا وَهَذَا مِثْلَ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : “إِذَا دَخَلَ
أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ فِيهَا كَمَا يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ: سُنَّةٌ كَسُنَّةِ الْعِيدَيْنِ
(2223) – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاضِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: سُنَّةٌ كَسُنَّةِ الْعِيدَيْنِ» وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: «وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ»
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (4) / (320) – (321)
ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ
(2224) – حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ»
ذِكْرُ صِفَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ
(2225) – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى هَكَذَا، وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بَاطِنَهَا مِمَّا يَلِي صلى الله عليه وسلم (322) صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ»
ذِكْرُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ
(2226) – أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ، يَقُولُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»
ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا حَوَّلَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ لَمَّا ثَقُلَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ
(2227) – حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا أَبُو رَجَاءٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «اسْتَسْقَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَاخُذَ أَسْفَلَهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ». وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خَطَبَ النَّاسَ قَائِمًا يَدْعُو فِي خُطْبَتِهِ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ وَظَهْرُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَالنَّاسُ مُسْتَقْبِلُوهُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَجَعَلَ مَا عَلَى يَمِينِهِ صلى الله عليه وسلم (323) صلى الله عليه وسلم عَلَى شِمَالِهِ، وَمَا عَلَى شِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ، وَدَعَا قَائِمًا وَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ جَمِيعًا الْقِبْلَةَ كَمَا اسْتَقْبَلَهَا الْإِمَامُ قُعُودًا، وَحَوَّلُوا أَرْدِيَتَهُمْ جَمِيعًا كَمَا حَوَّلَ الْإِمَامُ، فَإِذَا فَرَغَ مِمَّا يُرِيدُ مِنَ الدُّعَاءِ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ.
وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنْ يَجْعَلَ الْيَمِينَ الشِّمَالَ وَالشِّمَالَ الْيَمِينَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِذَلِكَ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، آخِرُ قَوْلَيْهِ، قَالَ: آمُرُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَكِّسَ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، وَيَزِيدَ مَعَ نُكْسِهِ فَيَجْعَلَ شِقَّهُ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ، وَالَّذِي عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، فَيَكُونُ قَدْ جَاءَ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نُكْسِهِ وَبِمَا فَعَلَ مِنْ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيَقْلِبُ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ كُلَّهُ، وَقَلْبُهُ أَنْ يَجْعَلَ جَانِبَ الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ وَالْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ فِي هَذَا السُّنَّةَ وَالْآثَارَ الْمَعْرُوفَةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ خَلْفِ الْإِمَامِ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنِ النَّاسُ يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ
ذِكْرُ صِفَةِ الْخُطْبَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ وَلَمْ يَخْطُبْ كَخُطْبَتِكُمْ هَذِهِ، فَدَعَا وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَمَا زَادَ
عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى رَجَعَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ؟ فَقَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْقَطْرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْقَطْرُ قَالَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [نوح: (11)]، {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: (52)] الْآيَةَ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَبْدَأُ فَيَخْطُبُ الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ، فَيَخْطُبُ بَعْضَ الْخُطْبَةِ الْآخِرَةِ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ، ثُمَّ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ مَعَهُ، فَيَدْعُو سِرًّا فِي نَفْسِهِ وَيَدْعُو النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، فَيَحُضَّهُمْ وَيَامُرُهُمْ بِخَيْرٍ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَقْرَأُ آيَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: يَخْطُبُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خُطْبَةً خَفِيفَةً يَعِظُهُمْ وَيَحَثُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ. وَقَالَ قَائِلٌ: يَقُومُونَ مَعَ الْإِمَامِ قِيَامًا يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ وَيَدْعُونَ كَذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، لِأَنَّ الثَّابِتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ دَعَا وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَالْقَائِمُ الْمُتَضَرِّعُ أَذَلُّ مِنَ الْقَاعِدِ، فَكُلَّمَا كَانَ أَشَدَّ تَذَلُّلًا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْإِجَابَةِ.
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (4) / (321) – (325)
وسئل الشيخ ابن عثيمين صلى الله عليه وسلم السؤال الآتي:
ما هو الضابط في قلب الرداء بعد صلاة الاستسقاء، هل يكون الشماغ بديلًا للرداء؟
فأجاب بقوله:
لا ليس بديلًا له، وربما الفروة أو المشلح نعم؛ لأن الشماغ أقرب ما يكون للعمامة، فلا يدخل في الحديث.
» مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين «((16) /صلاة الاستسقاء/)
وجاء في» فتاوى نور على الدرب «(فتاوى الصلاة/صلاة الاستسقاء):
» يقلب الرداء في أثناء الخطبة، يتحول الإمام إلى جهة القبلة، ثم يقلب رداءه، يجعل الأيمن الأيسر، والأيسر الأيمن، وأما الشماغ فالظاهر أنه لا يقلب؛ لأن الشماغ بمنزلة العمامة، والذي ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو قلب الرداء «انتهى.
قال الشيخ ابن باز صلى الله عليه وسلم :
«والسنة أن يحول الرداء في أثناء الخطبة عندما يستقبل القبلة، يحول رداءه، فيجعل الأيمن على الأيسر إذا كان رداءً أو» بشتًا «– أي عباءة -، إن كان بشتًا يقلبه، وإن كان ما عليه شيء سوى غترة يقلبها، قال العلماء: تفاؤلا بأن الله يحول القحط إلى الخصب، يحول الشدة إلى الرخاء؛ لأنه جاء في حديث مرسل عن محمد بن علي الباقر، أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط – يعني تفاؤلا -، وثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه لما صلَّى بهم صلاة الاستسقاء، فالسنة للمسلمين كذلك» انتهى.
نقلا من موقعه صلى الله عليه وسلم