58 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3،3 والاستفادة والمدارسة
—————
مسند أحمد 6509 – حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، سَمِعْتُ رَجُلًا، فِي بَيْتِ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ، سَمَّعَ اللهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ، وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ “، قَالَ: فَذَرَفَتْ عَيْنَا عَبْدِ اللهِ
قلت سيف : على شرط المتمم على الذيل.
سبق قلنا : 6509 ذكر البيهقي ان ابا اسحاق الفزاري روى الحديث عن الاعمش … وسمى الرجل ابا عمرو
وجرير بن عبد الحميد عن الاعمش لكن قال ابا يزيد
وشعبه قال: رجل.
وان كان كونه ابا يزيد اكثر فيصح الحديث
لكن لا نستطيع أن نجعله على الشرط
والآن نقول يمكن أن يوضع على الذيل على الصحيح المسند
قال محققو المسند :
إسناده صحيح على شرط الشيخين، والرجل الذي أبهم اسمه هو خيثمةُ بنُ عبد الرحمن بن أبي سبْرة، صرح باسمه الطبراني في “الكبير”، فيما ذكره الهيثمي في “مجمع الزوائد” 10/222، وكذا أبو نعيم في “حلية الأولياء” 4/123-124 في ترجمته، وكُني بأبي يزيد في الروايتين الآتيتين (6986) و (7085) ، ولم تذكر كنيته في المصادر التي ترجمت له، فتُستدرك منهما.
وأخرجه ابنُ المبارك في “الزهد” (141) ، ومن طريقه البغوي (4138) عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في “الحلية” 4/123-124 و5/99 من طريق أبان بن تغلب، عن عمرو بن مرة، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن ابن عمرو.
وأورده الهيثمي في “مجمع الزوائد” 10/222، وقال: ورواه الطبراني في “الكبير”، ورواه أحمد باختصار، ثم قال: وسمى الطبراني الرجل، وهو خيثمة بن عبد الرحمن، فبهذا الاعتبار رجالُ أحمد وأحد أسانيد الطبراني في “الكبير” رجال الصحيح.
وأبو عبيدة الذي سُمع الحديثُ في بيته يغلب على الظن أنه ابن عبد الله بن مسعود.
وله شاهد من حديث جندب بن عبد الله البجلي عند البخاري (6499) ،
= ومسلم (2987) ، وسيرد 4/313.
وآخر من حديث ابن عباس عند مسلم (2986) ، وابن حبان (407) .
وثالث من حديث أبي هند الداري، سيرد 5/270.
ورابع من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث، سيرد 5/45.
وخامس من حديث أبي سعيد عند الترمذي (2381) .
وسادس من حديث عوف بن مالك عند الطبراني في “الكبير” 18/ (101) .
وسابع من حديث معاذ عند الطبراني في “الكبير” 2/ (237) .
-_-_-_-_-_-_-_-_–_
[ السمعة و الرياء ]
قوله (مع سَمَّعَ) بتشديد الميم
(النَّاسَ بِعَمَلِهِ) يقال: سَمَّعْت بالرجل تسميعًا: إذا شهرته، وسَمَّع فلان بعمله: إذا أظهره ليسمع
(سَمَّعَ اللهُ بِهِ) بتشديد الميم أيضًا (سَامِعَ خَلْقِهِ) اسم فاعل من (سَمَّعَ) وهو بالرفع على أنه صفة لله، ومفعول (سَمَّعَ) مقدر في الكلام، أي: سَمَّع الله الذي هو سامع خلقه به الناس، أو المعنى: فضحه، فلا حاجة إلى تقدير مفعول، أو بالنصب على أنه المفعول، أي: سَمَّعَ الله به من كان له سمع من خلقه، وروي (أسامع خلقه) وهو جمع أسمع، جمع قلة لـ (سمع) أي: أن الله يسمع به أسماع خلقه يوم القيامة، وقيل: معناه على الأول (مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللهُ بِه) وأراه ثوابه من غير أن يعطيه، فيكون المفعول هو الجار والمجرور أعني به. وقيل: من أراد بعمله الناس، أسمعه الله الناس، وكان ذلك ثوابه، وقيل: أراد أن يفعل فعلًا صالحًا في السر، ثم يظهره ليسمعه الناس ويحمد عليه، فإن الله يسمع به ويظهر للناس غرضه، وأن عمله لم يكن خالصًا، وقيل: يريد من نسب إلى نفسه عملًا صالحًا لم يفعله وادعى خيرًا لم يصنعه، فإن الله تعالى يفضحه ويظهر كذبه، كذا ذكر في (النهاية) وغيرها. حاشية السندي على مسند الامام احمد
قال البغوي في شرح السنة ( 14/ 326) : وقوله : أسامع خلقه ” هي جمع أسمع ، يقال سمع وأسمع وأسامع جمع الجمع. يريد أن الله سبحانه وتعالى يسمع أسماع خلقه به يوم القيامة ، ويحتمل أن يكون أراد به أن الله سبحانه وتعالى يظهر
للناس سريرته ، ويملأ أسماعهم بما ينطوي عليه من خبث السرائر جزاء لفعله كما قال عليه السلام ” من تتبع عورات المسلمين ، تتبع الله عورته حتى يفضحه “.
قال النووي على مسلم ( 18/ 116): قال العلماء معناه من رايا بعمله وسمعه الناس ليكرموه ويعظموه ويعتقدوا خيره سمع الله به يوم القيامة الناس وفضحه وقيل معناه من سمع بعيوبه وأذاعها أظهر الله عيوبه وقيل أسمعه المكروه وقيل أراه الله ثواب ذلك من غير أن يعطيه إياه ليكون حسرة عليه وقيل معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك حظه منه.
قال العلامة العثيمين : يعني من قال قولا يتعبد به الله ورفع صوته بذلك حتى يسمعه الناس ويقولون فلان كثير الذكر كثير القراءة وما أشبه ذلك فإن هذا قد سمع عباد الله يرائي بذلك نسأل الله العافية سمع الله به أي فضحه وكشف أمره وبين عيبه للناس وتبين لهم أنه مرائي والحديث لم يقيد هل هو في الدنيا أو في الآخرة فيمكن أن يسمع الله به في الدنيا فيكشف عيبه عند الناس ويمكن أن يكون ذلك في الآخرة وهو أشد والعياذ بالله وأخزى كما قال الله تعالى ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون وكذلك من راءى راءى الله به يعني من عمل عملا ليراه الناس ويمدحوه عليه فإن الله تعالى يرائي به ويبين عيبه للناس ويفضحه والعياذ بالله حتى يتبين أنه يرائي وفي هذا الحديث التحذير العظيم من الرياء وأن المرائي مهما كان ومهما اختفى لابد أن يتبين والعياذ بالله لأن الله تعالى تكفل بهذا من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به. شرح رياض الصالحين ( 6/ 352)
تنبيه : لو أن إنسان تعلم علم العقائد لأجل أن يقال فلان جيد في العقيدة أو لأجل أن يوظف أو ما أشبه ذلك أو علم الفقه أو علم التفسير أو علم الحديث ليرائي به الناس فإنه لا يجد ريح الجنة والعياذ بالله يعني يحرم دخولها. قاله العثيمين
قال الطبرى: فإن قال قائل: كيف يسلم من الرياء فى العمل الظاهر، وقد روى عن عمر وعثمان وابن مسعود وجماعة من السلف أنهم كانوا يتهجدون من الليل فى مساجدهم بحيث يعلم ذلك من فعلهم معارفهم، وكانوا يتذاكرون إظهار المحاسن من أعمالهم مع ما تواترت به الآثار أن أفضل العمل ما استسر به صاحبه، وذلك على نوعين: فأما من كان إماما يقتدى به ويستن بعمله، عالما بما لله عليه فى فرائضه ونوافله، قاهرا لكيد عدوه، فسواء عليه ما ظهر من عمله وما خفى منه؛ لإخلاصه نيته لله وانقطاعه إليه بعمله، بل إظهاره ما يدعو عباد الله إلى الرغبة فى مثل حاله من أعماله السالمة أحسن إن شاء الله تعالى. وإن كان ممن لا يقتدى به، ولا يأمن من عدوه قهره، ومن هواه غلبته حتى يفسد عليه عمله؛ فإخفاؤه النوافل أسلم له، وعلى هذا كان السلف الصالح.
[ أقوال السلف في خفاء العمل ]
قال وهيب بن الورد: لقي عالم عالما هو فوقه فى العلم، فقال: يرحمك الله ما الذى أخفى من عملي؟ قال: حتى يظن بك أنك لم تعمل حسنة قط إلا الفرائض. قال: يرحمك الله فما الذى أعلن؟ قال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وقال الحسن: لقد أدركت أقواما ما كان أحدهم يقدر على أن يسر عمله فيعلنه، قد علموا أن أحرز العملين من الشيطان عمل السر، قال: وإن كان أحدهم ليكون عنده الزور وإنه ليصلى وما يشعر به زوره.
وكان عمل الربيع بن خثيم سرا كان يقرأ فى المصحف، ويدخل عليه الداخل فيغطيه.
وقال بشر بن الحارث: لما ودع الخضر داود، عليهما السلام، قال له: ستر الله عليك بطاعته.
وروى عن ابن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته، وكان عمر يرفع صوته، فقيل لأبى بكر: لم تصنع هذا؟ قال: أناجى ربى وقد علم حاجتى. قيل: أحسنت. وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان. قال: أحسنت. فلما نزلت: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) [الإسراء: 110] ، قيل لأبى بكر: ارفع شيئا، وقيل لعمر: اخفض شيئا. فهؤلاء الأئمة المقتدى بهم. شرح صحيح البخاري لابن بطال ( 10 / 209 ) .
[ مفهوم الرياء ]
وقال بعضهم : المعنى طلب المنزلة في قلوب الناس بأن يريهم الخصال المحمودة والمرائي هو العامل
وقال آخر : الرياء أن يعمل لغير الله والسمعة أن يخفي عمله لله ثم يحدث به الناس
( فتح الباري، ج ١١ / ٣٣٦ )
قال ابن رجب :
ورائحة ( الرياء ) كدخان الحطب، يعلو إلى الجو ثم يضمحل وتبقى رائحته الكريهة.
مجموع الرسائل ٧٥٨
قال ابن باز رحمه الله :
فالرياء أن تعمل العمل وتقصد الناس أن يشاهدوك ويثنوا عليك ويمدحوك، ومن ذلك السمعة، كان تقرأ ليثنوا عليك ويقولوا: إنه جيد القراءة ويحسن القراءء أو تكثر من ذكر الله ليثنوا عليك ويقولوا: يكثر من الذكر، أو تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر لتمدح ويثنى عليك، وهذا هو الرياء، وهو الشرك الأصغر. فالواجب الحذر من ذلك، وأن تعمل أعمالك لله وحده، لا لأجل مراعاة الناس وحمدهم وثنائهم ولكنك تتعلم لتعمل وتعلم إخوانك وتصلي بهم وترجو ما عند الله من المثوبة وتقصد بذلك نفعهم لا رياء ولا سمعة.
( مجموع فتاوى، ج ٩ / ٣٦٧ )
[الضابط في الرياء إذا طرأ أثناء العمل ]
وابن رجب بعد أن ذكر أحاديث تدل على بطلان العمل الذي يخالطه الرياء قال : وممن روي عنه هذا المعنى، وأن العمل إذا خالطه شيء من الرياء كان باطلا : طائفة من السلف منهم عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحسن وسعيد بن المسيب وغيرهم وفي مراسيل القاسم بن مخيمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا يقبل الله عملا فيه مثقال حبة من خردل من رياء ولا نعرف عن السلف في هذا خلافا وإن كان فيه خلاف عن بعض المتأخرين فإن خالط نيته الجهاد مثل نية غير الرياء مثل أخذه أجرة للخدمة أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة نقص بذلك أجر جهاده ولم يبطل بالكلية وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال( إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم فإن لم يغنموا شيئا تم لهم أجرهم) وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث تدل على أن من أراد بجهاده عرضا من الدنيا أنه لا أجر له وهي محمولة على أنه لم يكن له غرض في الجهاد إلا الدنيا وقال الإمام أحمد التاجر والمستأجر والمكاري أجرهم على قدر ما يخلص من نيتهم في غزواتهم ولا يكون مثل من جاهد بنفسه وماله لا يخلط به غيره ….
وأما إن كان أصل العمل لله ثم طرأت عليه نية الرياء فلا يضره فإن كان خاطرا ودفعة فلا يضره بغير خلاف فإن استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا يضره ذلك ويجازى على أصل نيته في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير الطبري وأرجو أن عمله لا يبطل بذلك وأنه يجازى بنيته الأولي وهو مروي عن الحسن البصري وغيره . [ جامع العلوم و الحكم ، ص 17 ]
و قال العثيمين :
إذا حدث الرياء في أثناء العبادة فالواجب مدافعته والإعراض عنه، وعدم الالتفات إليه، وإذا كان الإنسان يدافعه وعجز فإن ذلك لا يضره، لقول الله تعالى: { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا } [البقرة:286] لكن إن استرسل معه ونوى المراءاة، فإن كان في صلاة ونحوها مما إذا بطل آخره بطل أوله فإن الصلاة تبطل؛ لأنه لا يمكن أن نقول: الركعة الأخيرة فاسدة والركعة الأولى صحيحة، وإن كان مما لا ينسحب حكم آخره على أوله كالصدقة مثلاً فإن الأول يصح؛ لأنه خال من الرياء، والثاني لا يصح، فلو أعد عشرة دراهم ليتصدق بها فتصدق بخمسة بنية خالصة، ثم دخلت النية في الخمسة الباقية، فإن الخمسة الأولى صحيحة ولا نقص فيها، والبطلان يكون في الثانية، فهذا هو الضابط فيما إذا طرأ الرياء على العبادة في أثنائها.
الأول: قلنا إذا دافعه وأعرض عنه ولم يسترسل معه فهذا لا يضره.
الثاني: إذا استرسل معه نظرنا فإن كان آخر العبادة مبنياً على أولها، فإنه إذا بطل آخرها بطل أولها كالصلاة، وإلا صح الأول الخالي من الرياء وبطل الثاني الذي شابه الرياء. [ لقاء الباب المفتوح ]
[ كيف يمكن للإنسان أن يتخلص من الرياء ]؟
ج: أخلص قلبك لله في تعلمك، وفي عملك بما علمت، وفي نشر العلم وتعليمه للناس، واقصد بذلك وجه الله والدار الآخرة، وإياك أن تفعل ذلك طلبا للمحمدة وثناء الناس عليك، ولا تجعل كل همك الدنيا وجمع حطامها ونيل الوجاهة والوصول إلى المراكز المرموقة، فإن ذلك من إرادة الدنيا بعمل الآخرة وجعل الدين مطية للدنيا وهذه هي المهلكة، أما إذا وجهت وجهك لله في علمك وعملك لله وحده وجاءتك الدنيا راغمة فلا يضيرك ذلك ولا يخدش إخلاصك، وذلك كالغنيمة للمجاهدين فإنها أحلت لهم، ولا تنقص من إخلاص المجاهدين في سبيل الله، وإن نقصت من ثواب جهادهم في سبيل الله.
[ اللجنة الدائمة ، 1/ 773 ]
[ الخوف من الرياء عند عمل الأعمال الصالحة ]
ج 7: عليك بالاستمرار في الأعمال الصالحة، مع إخلاص النية لله، ولا تلتفتي للوساوس التي يحاول الشيطان بها صرفك عن العمل الصالح، وأكثري من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم. [ اللجنة الدائمة ]
[ فارق بين الرياء و العجب ]
قال ابن تيمية : وكثيرا ما يقرن الناس بين الرياء والعجب فالرياء من باب الإشراك بالخلق والعجب من باب الإشراك بالنفس وهذا حال المستكبر فالمرائي لا يحقق قوله: {إياك نعبد} والمعجب لا يحقق قوله: {وإياك نستعين} فمن حقق قوله: {إياك نعبد} خرج عن الرياء ومن حقق قوله {وإياك نستعين} خرج عن الإعجاب وفي الحديث المعروف: {ثلاث مهلكات: شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه} . المجموع ( 10/ 278 )
[ اياكم و شرك السرائر ]
وعن محمود بن لبيد قال: خرج النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فقال: “يا أيها الناسُ! إياكم وشِرْكَ السرائرِ”.
قالوا: يا رسول الله! وما شِرْكُ السرائرِ؟ قال: “يَقومُ الرجل فيصلِّي، فَيُزَيِّنُ صلاتَه جاهداً لما يرى من نظرِ الناسِ إليه، فذلك شركُ السرائرِ”. رواه ابن خزيمة في “صحيحه”.
وروى البيهقي عن يعلى بن شدادٍ عن أبيه قال:
كنا نَعُدُّ الرياءَ في زَمَنِ النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الشركَ الأصغرَ . [ صحيح ] [ صحيح الترغيب و الترهيب ]
[ الرياء بالعمل مذموم ]
قال الحافظ في الفتح : أن يظهر العمل ليقال إنه عامل ولا يعمله بغيبة إذا لم يره أحد. ( ج ٣ / ٤٧٢ )
معنى قوله تعالى ( و لا تبطلوا صلاتكم )
قال ابن حجر رحمه الله : فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء كأنه قال لا تبطلوا أعمالكم بالرياء بل أخلصوها لله وقال آخرون لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر .
( فتح الباري، ج ٤ / ٢١٣ )
[ علامات المرائي ]
وقال علي رضي الله عنه : للمرائي ثلاث علامات : يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان في الناس ، ويزيد في العمل إذا أثني عليه وينقص إذا ذم .
وقال : يعطى العبد على نيته ما لا يعطى على عمله لأن النية لا رياء فيها
( الزواجر في اقتراف الكبائر)
قال ابن عثيمين رحمه الله
من علامات الرياء كون الإنسان يعصي الله في السر
حين لا يطلع إلا الله و يظهر خشية الله في العلانية
الضياء اللامع ٢٢١
[ من دَقائق أبوابﹺ الرّيَاءﹺ]
الرّياءُ الخفيُّ
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
وهاهنا نُكتة دقيقة :
وهي أنّ الإنسان قد يَذُمُّ نفسَهُ بين الناس ٬ يُريد بذلك أن يُرىَ الناسَ أنه متواضعٌ عندَ نفسهﹺ ٬ فيَرْتفعُ بذلك عندَهم ٬ ويَمْدَحُونه به ٬ وهذا من دقائق أبواب الرياء ٬ وقد نبَّه عليه السلف الصالح .
قال مُطرف بنُ عبدالله بن الشخير :
كفی بالنفس إطراءً أن تذمَّها علی الملأ ٬ كأنك تريدُ بذمّها زينَتَهَا ٬ وذلك عندَ الله سَفَهٌ .
ذمُّ المال والجاه (صـ34-35) مجموع رسائله (88/1)
[ متى يكون الرياء كفراً أكبر]
وقد يكون الرياء كفرا أكبر إذا دخل صاحبه في الدين رياء ونفاقا، وأظهر الإسلام لا عن إيمان ولا عن محبة، فإنه يصير بهذا منافقا كافرا كفرا أكبر.
( مجموع فتاوى ابن باز ، ج ٢ / ٣٩ )