الرد على الجهمية مسألة خلق القرآن
الفرق بين الخلق والجعل
قول الله إنا جعلناه قرآنا عربيا وزعم أن جعل بمعنى خلق فكل مجعول مخلوق
[جعل تأتي لمعنيين: الخلق، التصيير]
فمما قال الله جعل على معنى خلق قوله الحمد لله الذي “خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور” “وقال وجعل لكم السمع والأبصار” …
ثم ذكر جعل على غير معنى خلق قوله ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة 103 المائدة لا يعنى ما خلق الله من بحيرة ولا سائبة
وقال الله لإبراهيم إني جاعلك للناس إماما 24 البقرة لا يعنى إني خالق للناس إماما لأن خلق إبراهيم كان متقدما
وقال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا 35 إبراهيم
وقال إبراهيم رب اجعلني مقيم الصلاة 40 إبراهيم لا يعنى اخلقني مقيم الصلاة
وقال يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة 176 آل عمران
وقال لأم موسى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين 7 القصص لا يعنى وخالقوه من المرسلين لأن الله وعد أم موسى أن يرده إليها ثم يجعله من بعد ذلك رسولا
وقال ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم 37 الأنفال …
(26) / (04) / (2015)، (4): (53) م – سيف الكعبي: مختصر الرد على الزنادقة والجهمية
1 – “كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب” قالت الزنادقة فما بال جلودهم التي عصت قد احترقت وأبدلهم جلودا غيرها ..
فقلت إن قول الله بدلناهم جلودا غيرها ليس يعني جلودا غير جلودهم وإنما يعني بدلناهم جلودا غيرها تبديلها تجديدها لأن جلودهم إذا نضجت جددها الله
2 – “هذا يوم لا ينطقون” … ثم قال في موضع آخر “ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون” …
لا ينطقون فهذا أول ما تبعث الخلائق على مقدار ستين سنة لا ينطقون ولا يؤذن لهم في الاعتذار فيعتذرون ثم يؤذن لهم في الكلام فيتكلمون.
3 – وأما قوله “ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما” وقال في آية آخرى “ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة”
ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة فإنهم أول ما يدخلون النار يكلم بعضهم بعضا وينادون يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون … فهم يتكلمون حتى يقال لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون فصاروا فيها عميا وبكما وصما وينقطع الكلام ويبقى الزفير والشهيق
4 – “فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون” وقال في آية أخرى “فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ”
فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فهذا عند النفخة الثانية إذا قاموا من القبور لا يتساءلون ولا ينطقون في ذلك الموطن فإذا حوسبوا ودخلوا الجنة والنار أقبل بعضهم على بعض يتساءلون
5 – “فويل للمصلين” عنى بها المنافقين الذين هم عن صلاتهم ساهون حتى يذهب الوقت الذين هم يراؤون وأما قوله “ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين” يعنى الموحدين المؤمنين
6 – حمأ مسنونا فخلق من الحمأ فلما جف صلصالا كالفخار يقول صار له صلصلة كصلصلة الفخار له دوى كدوى الفخار
فهذا بيان خلق آدم وأما قوله “من سلالة من ماء مهين” فهذا بدء خلق ذريته من سلالة يعنى النطفة إذا انسلت من الرجل
7 – أما قوله “رب المشرق والمغرب” فهذا اليوم الذي يستوي فيه الليل والنهار أقسم الله بمشرقه ومغربه وأما قوله “رب المشرقين ورب المغربين” فهذا أطول يوم في السنة وأقصر يوم في السنة
8 – أما قوله “وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون” فهذا من الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض كل يوم كألف سنة وأما قوله “يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة ” وذلك أن جبرائيل كان ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم ويصعد إلى السماء في يوم كان مقداره ألف سنة وذلك أنه من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام فهبوط خمسمائة وصعود خمسمائة عام فذلك ألف سنة
وأما قوله “في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة” يقول لو ولى حساب الخلائق غير الله ما فرغ منه في يوم مقداره خمسون ألف سنة ويفرغ الله منه مقدار نصف يوم من أيام الدنيا إذا أخذ في حساب الخلائق
9 – قوله “والله ربنا ما كنا مشركين” وذلك أن هؤلاء المشركين إذا رأوا ما يتجاوز الله عن أهل التوحيد يقول بعضهم لبعض إذا سألنا نقول لم نكن مشركين … فلما كتموا الشرك ختم على أفواههم وأمر الجوارح فنطقت بذلك
10 – أما قوله “إن لبثتم إلا عشرا” وذلك إذا خرجوا من قبورهم فنظروا إلى ما كانوا يكذبون به من أمر البعث قال بعضهم لبعض إن لبثتم في القبور إلا عشر ليال واستكثروا العشر فقالوا إن لبثتم إلا يوما في القبور ثم استكثروا اليوم فقالوا إن لبثتم إلا قليلا ثم استكثروا القليل فقالوا إن لبثتم إلا ساعة من نهار
11 – أما قوله “يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم” فإنه يسألهم عند زفرة جهنم فيقول ماذا أجبتم في التوحيد فتذهب عقولهم عند زفرة جهنم فيقولون لا علم لنا ثم ترجع إليهم عقولهم من بعد فيقولون هؤلاء الذين كذبوا على ربهم
12 – وأما قوله “وجوه يومئذ ناضرة” يعنى الحسن والبياض إلى ربها ناظرة يعني تعاين ربها في الجنة
وأما قوله “لا تدركه الأبصار” أي أنه لا يراه أحد في الدنيا دون الآخرة أما في الآخرة فإنهم يرونه
13 – قول موسى “وأنا أول المؤمنين” يعني أول المصدقين أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات
وأما قول السحرة “أن كنا أول المؤمنين” يعنى أول المصدقين بموسى من أهل مصر من القبط
وأما قول النبي صلى الله عليه و سلم “وأنا أول المسلمين” يعني من أهل مكة
14 – وأما قوله “أدخلوا آل فرعون أشد العذاب” يعني عذاب ذلك الباب الذي هم فيه وأما قوله فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وذلك أن الله مسخهم خنازير فعذبهم بالمسخ ما لم يعذب سواهم من الناس
15 – أما قوله “ليس لهم طعام إلا من ضريع” يقول ليس لهم طعام في ذلك الباب إلا من ضريع ويأكلون الزقوم في غير ذلك الباب
16 – “ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا” يقول ناصر الذين آمنوا “وأن الكافرين لا مولى لهم” يقول لا ناصر لهم
وأما قوله “ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق” لأن في الدنيا أرباب باطل
17 – أما قوله “وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا” يعني العادلون بالله الجاعلون له عدلا من خليقته فيعبدونه مع الله
وأما قوله “وأقسطوا إن الله يحب المقسطين” يقول اعدلوا فيما بينكم وبين الناس إن الله يحب الذي يعدلون
18 – قوله “الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا” يعنى من الميراث
وأما قوله “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض” يعنى في الدين
19 – قوله “إن عبادي ليس لك عليهم سلطان” يقول عبادي الذين استخلصهم الله لدينه ليس لإبليس عليهم سلطان أن يضلهم في دينهم أو عبادة ربهم ولكن يصيب منهم من قبل الذنوب فأما الشرك فلا يقدر إبليس أن يضلهم عن دينهم لأن الله سبحانه استخلصهم لدينه.
وأما قول موسى “هذا من عمل الشيطان” يعني من تزيين الشيطان كما زين ليوسف ولآدم وحواء وهم عباد الله المخلصون
20 – قوله “فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا” يقول نترككم في النار كما نسيتم كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا
وأما قوله “في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى” يقول لا يذهب من حفظه ولا ينساه
21 – أما قوله “ونحشره يوم القيامة أعمى” عن حجته وقال رب لم حشرتني أعمى عن حجتي وقد كنت بصيرا بها مخاصما بها
وأما قوله “فبصرك اليوم حديد” وذلك أن الكافر إذا خرج من قبره شخص بصره ولا يطرف بصره حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث
22 – قوله “إنا معكم” فهذا في مجاز اللغة يقول الرجل للرجل إنا سنجزى عليك رزقك إنا سنفعل بك كذا وأما قوله إنني معكما أسمع وأرى فهو جائز في اللغة يقول الرجل الواحد للرجل سأجرى عليك رزقك أو سأفعل بك خيرا
ثم إن الجهم ادعى أمرا آخر فقال أخبرونا عن القرآن هو شيء فقلنا نعم هو شيء فقال إن الله خلق كل شيء
فقلنا إن الله في القرآن لم يسم كلامه شيئا إنما سمى شيئا الذي كان يقوله ألم تسمع إلى قوله تبارك وتعالى إنما قولنا لشيء 40 النحل فالشيء ليس هو قوله إنما الشيء الذي كان بقوله وفي آية أخرى إنما أمره إذا أراد شيئا 82 يس فالشيء ليس هو أمره إنما الشيء الذي كان بأمره
ومن الأعلام الدلالات أنه لا يعنى كلامه مع الأشياء المخلوقة قال الله للريح التي أرسلها على عاد تدمر كل شيء بأمر ربها 5 الأحقاف وقد أتت تلك الريح على أشياء لم تدمرها منازلهم ومساكنهم والجبال التي بحضرتهم فأتت عليها تلك الريح ولم تدمرها وقال تدمر كل شيء
فكذلك إذا قال خالق كل شيء لا يعنى نفسه ولا علمه ولا كلامه مع الأشياء المخلوقة.
وقد ذكر الله كلامه في غير موضع من القرآن فسماه كلاما ولم يسمه خلقا قوله فتلقى آدم من ربه كلمات 27 البقرة وقال وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله 75 البقرة وقال ولما جاء موسى لميقاتنا وكله ربه 143 الأعراف وقال إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي 144 الأعراف وقال وكلم الله موسى تكلميا 164 النساء وقال فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته 158 الأعراف
فأخبرنا الله أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يؤمن بالله وبكلام الله …
الرد على من ادعى أن القرآن هو الله أو غيره
فقلنا كلام الله فمن سمى القرآن باسم سماه الله به كان من المهتدين ومن سماه باسم غيره كان من الضالين
وقد فصل الله بين قوله وبين خلقه ولم يسمه قولا فقال “ألا له الخلق والأمر”
فلما قال ألا له الخلق لم يبق شيء مخلوق إلا كان داخلا في ذلك
ثم ذكر ما ليس بخلق فقال والأمر فأمره هو قوله تبارك الله رب العالمين أن يكون قوله خلقا
” لله الأمر من قبل ومن بعد”
يقول لله القول من قبل الخلق ومن بعد الخلق فالله يخلق ويأمر
الرد على من احتج بما ذكر في عيسى عليه السلام
ثم إن الجهم ادعى أمرا آخر فقال إنا وجدنا آية في كتاب الله تدل على أن القرآن مخلوق فقلنا أي آية فقال قول الله إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته 171 النساء وعيسى مخلوق فقلنا إن الله منعك الفهم في القرآن عيسى تجرى عليه ألفاظ لا تجرى على القرآن لأنه يسميه مولودا وطفلا وصبيا وغلاما يأكل ويشرب وهو مخاطب بالأمر والنهى يجرى عليه اسم الخطاب والوعد والوعيد ثم هو من ذرية نوح ومن ذرية إبراهيم ولا يحل لنا أن نقول في القرآن ما نقول في عيسى هل سمعتم الله يقول في القرآن ما قال في عيسى ولكن المعنى من قول الله جل ثناؤه إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له كن فكان عيسى بكن وليس عيسى هو الكن ولكن بالكن كان فالكن من الله قول وليس الكن مخلوقا وأما قول الله روح منه يقول من أمره كان الروح فيه كقوله وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه 13 الجاثية يقول من أمره وتفسير روح الله إنما معناها أنها روح بكلمة الله خلقها الله كما يقال عبد الله وسماء الله وأرض الله
فقالوا لا تكونوا موحدين أبدا حتى تقولوا قد كان الله ولا شيء
فقلنا نحن نقول قد كان الله ولا شيء ولكن إذا قلنا إن الله لم يزل بصفاته كلها أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته وضربنا لهم في ذلك مثلا فقلنا أخبرونا عن هذه النخلة أليس لها جذع وكرب وليف وسعف وخوص وحجار واسمها اسم شيء واحد وسميت نخلة بجميع صفاتها فكذلك الله وله المثل الأعلى بجميع صفاته إله واحد لا نقول إنه قد كان في وقت من الأوقات ولا يقدر حتى خلق له قدرة والذي ليس له قدرة هو عاجز ولا نقول قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق له علما فعلم والذي لا يعلم هو جاهل ولكن نقول لم يزل الله عالما قادرا لا متى ولا كيف …
الرد على من أنكر رؤية المؤمنين لله جل شأنه يوم القيامة
قال أحمد رحمه الله فقلنا لهم لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم فقالوا لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى ربه لأن المنظور إليه معلوم موصوف لا يرى إلا شيء يفعله …
وإنما قال وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فقالوا إنما تنظر الثواب من ربها فقلنا إنها مع ما تنتظر الثواب هي ترى ربها فقالوا إن الله لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة وتلو آية من المتشابه من قول الله جل ثناؤه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار
وقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يعرف معنى قول الله لا تدركه الأبصار وقال إنكم سترون ربكم وقال لموسى لن تراني 143 الأعراف ولم يقل لن أرى فأيهما أولى أن نتبع النبي صلى الله عليه و سلم حين قال إنكم سترون ربكم أو قول الجهمي حين قال لا ترون ربكم والأحاديث في أيدي أهل العلم عن النبي صلى الله عليه و سلم أن أهل الجنة يرون ربهم لا يختلف فيها أهل العلم
الرد على من احتج بقوله خلق السماوات والأرض وما بينها
ثم إن الجهم ادعى أمرا آخر فقال إن الله يقول خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام 4 السجدة فزعم أن القرآن لا يخلو أن يكون في السموات أو في الأرض أو فيما بينهما …
قلنا فيما ادعوا أن القرآن لا يخلو أن يكون في السموات أو في الأرض أو فيما بينهما فقلنا الله تبارك وتعالى يقول ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق 8 الروم فالذي خلق به السموات والأرض قد كان قبل السموات والأرض والحق الذي خلق به السموات والأرض هو قوله لأن الله يقول الحق وقال فالحق والحق أقول 84 ص ويوم يقول كن فيكون قوله الحق بالحق الذي خلق به السموات والأرض قد كان قبل السموات والأرض والحق قوله وليس قوله مخلوقا
إثبات أن الله كلم موسى عليه السلام
فقلنا أنكرتم ذلك قالوا إن الله لم يتكلم ولا يتكلم إنما كون شيئا فعبر عن الله وخلق صوتا فأسمع وزعموا أن الكلام لا يكون إلا من جوف ولسان وشفتين.
فقلنا هل يجوز لمكون أو غير الله أن يقول يا موسى إني أنا ربك 12 طه أو يقول أنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى 14 طه فمن زعم ذلك فقد زعم أن غير الله ادعى الربوبية …
وأما قولهم إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان أليس الله قال للسموات والأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين 11 فصلت أتراها أنها قالت بجوف وفم وشفتين ولسان وأدوات وقال وسخرنا مع داود الجبال يسبحن 79 الأنبياء أتراها سبحت بجوف وفم ولسان وشفتين والجوارح إذ شهدت على الكافر فقالوا لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء أنراها أنها نطقت بجوف وفم ولسان ولكن الله أنطقها كيف شاء
وكذلك الله تكلم كيف شاء من غير أن يقول بجوف ولا فم ولا شفتين ولا لسان …
قال أحمد رضى الله عنه فلما خنقته الحجج قال
إن الله كلم موسى إلا أن كلامه غيره فقلنا وغيره مخلوق قال نعم فقلنا هذا مثل قولكم الأول إلا أنكم تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون …
قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وإثبات البينونة لله جل شأنه
فقلنا لهم أنكرتم أن يكون الله على العرش وقد قال تعالى الرحمن على العرش استوى.
فقالوا هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش وفي السموات وفي الأرض وفي كل مكان ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان وتلوا آية من القرآن وهو الله في السموات وفي الأرض 3 الأنعام فقلنا قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظم الرب شيء فقالوا أي مكان فقلنا أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظم الرب شيء وقد أخبرنا أنه في السماء فقال أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض …
فهذا خبر الله أخبرنا أنه في السماء ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموما يقول الله جل ثناؤه “إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار” “وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين”
وقلنا لهم أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد.
إذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان فقل أليس الله كان ولا شيء فيقول نعم فقل له حين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا من نفسه فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال لا بد له من واحد منها إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه كفر حين زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه
وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كان هذا كفرا أيضا حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء
وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله أجمع وهو قول أهل السنة.
إذا أردت أن تعلم أن الجهمي لا يقر بعلم الله فقل له الله يقول ولا يحيطون بشيء من علمه 255 البقرة وقال لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه 166 النساء وقال فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله 4 هود قال وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه 47 فصلت فيقال له تقر بعلم الله هذا الذي وقفك عليه بالأعلام والدلالات أم لا
فإن قال ليس له علم كفر
وإن قال لله علم محدث كفر حين زعم أن الله قد كان في وقت من الأوقات لا يعلم حتى أحدث له علما فعلم
فإن قال لله علم وليس مخلوقا ولا محدثا رجع عن قوله كله وقال بقول أهل السنة
الرد على من ادعى أن الله في القرآن هو اسم مخلوق
وزعمت الجهمية أن الله جل ثناؤه في القرآن إنما هو اسم مخلوق فقلنا قبل أن يخلق هذا الاسم ما كان اسمه قالوا لم يكن له إسم فقلنا وكذلك قبل أن يخلق العلم كان جاهلا لا يعلم حتى يخلق لنفسه علما وكان ولا نور له حتى يخلق لنفسه نورا وكان ولا قدرة له حتى يخلق لنفسه قدرة فعلم الخبيث أن الله قد فضحه وأبدى عورته حين زعم أن الله جل ثناؤه في القرآن إنما هو اسم مخلوق
وقلنا للجهمية لو أن رجلا حلف بالله الذي لا إله إلا هو كاذبا كان لا يحنث لأنه حلف بشيء مخلوق ولم يحلف بالخالق ففضحه الله في هذه