61 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
———-
مسند أحمد 1812 – حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَوْ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ – أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَثْبُتُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: ” أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ، أَكَانَ يُجْزِيهِ؟ ” قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ” فَاحْجُجْ عَنْ أَبِيكَ ”
قلت سيف : على شرط المتمم على الذيل .
يميل البخاري إلى أن أصح الروايات ما روى ابن عباس عن الفضل
ويحتمل انه كان يحدث به عن ابن عباس انتهى من العلل
وذكر ابن حجر أن أكثر الرواة يذكرونه من مسند ابن عباس
فأظن يصلح أن نضعه على شرط المتمم على الذيل.
_-_-_-_-_-_-_-
الحج عن الغير
مما تبين في الحديث جواز الحج عن الأحياء اذا كان غير قادرا ؛ لمرض لا يرجى برؤه ، أو يكون شيخا كبيرا لا يستطيع السفر أو نحوه .
وفيه أيضا : الاهتمام بالوالدين في حياتهما وبعد مماتهما ، والقيام بمصالحهم .
و فيه : أن الحج دين فوجب على العبد القيام بنفسه وماله .
وفيه : جواز الحج عن الغير إلا أن بعض أهل العلم قالوا هذا مقيد في الوالدين ، لورود النصوص في الاب والأم ، واستدلوا بالاية [ وان ليس للإنسان الا ما سعى ] وهو قول قوي ، وجاء عن بعضهم بالجواز الحج نيابة لغير الوالدين واستدلوا بحديث شبرمة وبعضهم من علله ، ومما استدلوا به القياس فقالوا: اذا كان الدين يجوز قضاءه عن أي أحد ، فكذلك يجوز الحج نيابة عن أي أحد ، وسيأتي بيان ذلك .
ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أنه لا يجوز أن يستنيب من يقدر على الحج بنفسه في الحج الواجب وأما النفل فيجوز عند أبي حنيفة خلافا للشافعي وعن أحمد روايتان
قال ابن عبد البر : [ اختلفوا في ]حج المرء عن من لا يطيق الحج من الأحياء فإن جماعة منهم ذهبوا إلى أن هذا الحديث مخصوص به أبو الخثعمية لا يجوز أن يتعدى به إلى غيره بدليل قول الله عز وجل (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) آل عمران ولم يكن أبو الخثعمية ممن يلزمه الحج لما لم يستطع إليه سبيلا فخص بأن يقضى عنه وينفعه ذلك وخصت ابنته أيضا أن تحج عن أبيها وهو حي وممن قال بذلك مالك وأصحابه قالوا : خص أبو الخثعمية والخثعمية بذلك كما خص سالم مولى أبي حذيفة برضاعه في حال الكبر وهذا مما يقول به المخالف فيلزمه . وروي معنى قول مالك عن عبد الله بن الزبير وعكرمة وعطاء والضحاك قال ابن الزبير : والاستطاعة القوة . وقال عكرمة: الاستطاعة الصحة. وقال أشهب: قيل لمالك: الاستطاعة الزاد والراحلة؟ قال : لا والله وما ذاك إلا على قدر طاقة الناس فرب رجل يجد زادا وراحلة ولا يقدر على المسير . وآخر يقوى يمشي على راحلته ، وإنما هو كما قال الله عز وجل : من استطاع إليه سبيلا قال أبو عمر: وذهب آخرون إلى أن الاستطاعة تكون في البدن والقدرة وتكون أيضا بالمال لمن لم يستطع ببدنه واستدلوا بهذا الحديث وما كان مثله وممن قال بذلك الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وسعيد بن جبير والحسن وعمرو بن دينار والسدي كلهم وجماعة سواهم يقولون السبيل الزاد والراحلة وهذا يدل على أن فرض الحج على البدن والمال. الإستذكار ( 4 / 164 – 165 ).
قلت سيف : قد يكون من قال أن الاستطاعة هي الزاد والراحلة ؛ أن هذا من باب الأغلب حيث أغلب من يريد السفر يحتاج إليهما . وإلا قد يكون صاحب مهنة يستطيع أن يؤجر نفسه لقافلة وعنده قرة على المشي فهذا مستطيع .
قال الحافظ في الفتح (4/ 69 – 70) : من الفوائد جواز الحج عن الغير واستدل الكوفيون بعمومه على جواز صحة حج من لم يحج نيابة عن غيره وخالفهم الجمهور فخصوه بمن حج عن نفسه واستدلوا بما في السنن وصحيح بن خزيمة وغيره من حديث بن عباس أيضا أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى رجلا يلبى عن شبرمة فقال أحججت عن نفسك فقال لا قال : هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة واستدل به على أن الاستطاعة تكون بالغير كما تكون بالنفس وعكس بعض المالكية فقال من لم يستطع بنفسه لم يلاقه الوجوب …..
واتفق من أجاز النيابة في الحج على أنها لا تجزئ في الفرض إلا عن موت أو عضب فلا يدخل المريض ؛ لأنه يرجى برؤه ولا المجنون لأنه ترجى إفاقته ولا المحبوس لأنه يرجى خلاصه ولا الفقير لأنه يمكن استغناؤه . منقول بتصرف
قال الصنعاني في سبل السلام ( 1/ 605 ): وفي الحديث دليل على أنه يجزئ الحج عن المكلف إذا كان مأيوسا منه القدرة على الحج بنفسه مثل الشيخوخة فإنه مأيوس زوالها وأما إذا كان عدم القدرة لأجل مرض أو جنون يرجى برؤهما فلا يصح وظاهر الحديث مع الزيادة أنه لا بد في صحة التحجيج عنه من الأمرين عدم ثباته على الراحلة والخشية من الضرر عليه من شدة، فمن لا يضره الشدة كالذي يقدر على المحفة لا يجزئه حج الغير إلا أنه ادعى في البحر الإجماع على أن الصحة وهي التي يستمسك معها قاعدا شرط بالإجماع، فإن صح الإجماع فذاك وإلا فالدليل مع من ذكرنا.
وسئل ابن تيمية في المجموع ( 26 / 12) :
عن شيخ كبير وقد انحلت أعضاؤه. لا يستطيع أن يأكل أو يشرب ولا يتحرك هل يجوز أن يستأجر من يحج عنه الفرض؟
فأجاب:
أما الحج فإذا لم يستطع الركوب على الدابة فإنه يستنيب من يحج عنه.
سئل العلامة الالباني :
هل الحج عن الغير يكون مقيداً بالوالدين فقط.؟
السائل: تأذنون لي باىستمرار.
الشيخ: تفضل.
السائل: إن لم تخن الذاكرة كنت سمعت منكم في دمشق أنكم ترجحون أن الحج عن الغير لا يصح، إلا من ولدٍ لأحد الوالدين، وفيما أعلم أن أكثر الأحاديث التي وردت سؤال أيحج عن أمه أو عن أبيه. يرد حديث واحد وهو حديث شبرمة، فكيف توجهونه حتى … .
الشيخ: الذي في ذاكرتي كجزء مما كنت أقوله ولا أزال أقوله، هو كما سمعت بالإضافة وإلا تنفيذ وصية من أوصى بالحج عنه.
السائل: ولو لم يكن والديه؟
الشيخ: أوصى نعم، ليس له علاقة بالوالدين، أما حديث شبرمة يا أخي، فأنا أعجب كيف يحتج به أفاضل العلماء في موضوع الحج عن الغير، لما جاء في الحديث أن الرسول سمع رجلا يلبي يقول لبيك الله عن شبرمة، قال (من شبرمة؟) قال أخ لي أو قريب لي … وإمعان النظر في هذه الرواية ليس عندنا جواب عن هوية المحجوج عنه، واضح؟
السائل: نعم.
الشيخ: كويس، فإذًا لا يجوز لنا أن نأخذ من الحديث دلالة عامة لأنهم هنا بعضهم. [ سلسلة الهدى و النور ]
قال الشيخ محمد عطية سالم في شرح بلوغ المرام : وعلى هذا يكون الراجح: صحة نيابة الإنسان في الحج عن غيره، وهذا هو مذهب الجمهور، وخالف في ذلك المالكية، فقالوا: ما دام موجوداً حياً فلا حج عنه ولا نيابة، فغلبوا جانب العبادة البدنية.
قال العباد : والحديث مطابق للترجمة من جهة أن يحج الرجل عن غيره، فهذا يدل على أن للإنسان أن يحج عن غيره، وهذا إذا كان ميتاً، وأما إذا كان حياً، فيجوز ذلك في حالتين اثنتين: إحداهما: أن يكون هرماً كبيراً لا يستطيع السفر، كما جاء في هذا الحديث وحديث الخثعمية السابق، والثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، وهو في معناه. [ شرح سنن أبي داود ] .
قال العثيمين : ثم إن الإنسان إذا حج فإنه يجب عليه وهو نائب لغيره أن يفعل كل ما في وسعه من تميم الحج من أركانه وواجباته ومكملاته لأنه نائب عن غيره فلا ينبغي له أن يهمل فيما يقوم به عن الغير بخلاف من حج لنفسه فمن حج لنفسه وترك المستحب فلا بأس لكن الحج عن الغير تؤديه بقدر ما تستطيع . والله الموفق. شرح رياض الصالحين ( 5 / 327 ).
مسألة : هل يجوز اخذ الأجرة على الحج ؟
قال شيخ الإسلام رحمه الله في [الاختيارات ص152-153]: ((والمستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج لا أن يحج ليأخذ، فمن أحب إبراء ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج، ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح، ففرق بين من يقصد الدين والدنيا وسيلة، وعكسه، فالأشبه أنَّ عكسه ليس له في الآخرة من خلاق. والأعمال التي يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة؛ هل يجوز إيقاعها على غير وجه القربة؟ فمن قال: لا يجوز ذلك لم يجز الإجارة عليها؛ لأنها بالعوض تقع غير قربة “إنما الأعمال بالنيات”، والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه، ومن جوَّز الإجارة جوَّز إيقاعها على غير وجه القربة، وقال: تجوز الإجارة عليها لما فيها من نفع المستأجر. وأما ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضاً وأجرة؛ بل رزق للإعانة على الطاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذه فهو رزق للمعونة على الطاعة، وكذلك المال الموقوف على أعمال البر، والموصى به كذلك، والمنذور كذلك، ليس كالأجرة، والجعل في الإجارة، والجعالة الخاصة )) .