التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
1499 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مفضل بن مهلهل عن مغيرة عن شباك عن الشعبي عن رجل من ثقيف قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا فلم يرخص لنا فقلنا إن أرضنا أرض باردة فسألناه أن يرخص لنا في الطهور فلم يرخص لنا وسألناه أن يرخص لنا في الدباء فلم يرخص لنا فيه ساعة وسألناه أن يرد إلينا أبا بكرة فأبى وقال هو طليق الله وطليق رسوله وكان أبو بكرة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف فأسلم.
حدثنا عبد الله حدثنا الوركاني أخبرنا أبو الأحوص عن مغيرة عن شباك عن الشعبي عن رجل من ثقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
هذا حديث صحيح.
…………………………………
وصححه محققو المسند (29/ 71)
قوله: (أن يرخص في الطهور فلم يرخص لنا) لعل الارض التي كانوا فيها ليست شديدة البرد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو خاف البرْد، فإِنه يُسخِّن الماء، فإِن لم يَجِد ما يسخِّن به تيمَّم؛ لأنَّه خَشِيَ على بَدَنِه من الضَّرر، وقد قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. واستدلَّ عمرو بن العاص رضي الله عنه بهذه الآية على جواز التَّيمُّم عند البَرْد إِذا كان عليه غُسْل.
قوله: (في الدباء) قال في النهاية: الدُّبَّاء: القَرْعُ واحدها دُبَّاءةٌ كانوا ينْتبذُون فيها فتُسرع الشّدّةُ في الشراب. وتحريمُ الانْتباذ في هذه الظُّرُوف كان في صدْر الإسلام ثم نُسِخ وهو المذهبُ. وذهب مالك وأحمد إلى بَقاء التَّحرِيم.
قال النووي في شرح مسلم: هذا النهى كان فى أول الأمر ثم نسخ بحديث بريدة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه و سلم قال (كنت نهيتكم عن الانتباذ الا فى الأسقية فانتبذوا فى كل وعاء ولا تشربوا مسكرا) رواه مسلم هذا الذى ذكرناه من كونه منسوحا هو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء.
قال الخطابى: القول بالنسخ هو أصح الأقاويل قال: وقال قوم: التحريم باق وكرهوا الانتباذ فى هذه الأوعية ذهب إليه مالك وأحمد وإسحاق وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم والله اعلم
(أن يرد إلينا أبا بكرة) وكان أبو بكرة خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف؛ ولأن الأصل المتفق عليه أن من خرج من عبيدهم إلى المسلمين مسلما مراغما لمولاه كان حرا لخروجه غانما لنفسه لا ولاء لأحد عليه وقد كان خروج أبي بكرة مسلما بدليل ما روى عن أبي عثمان النهدي قال سمعت سعد بن مالك وأبا بكرة يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام. قال: فقلت له: لقد حدثك رجلان وأي رجلين فقال: وما يمنعهما من ذلك أما أحدهما فأول رجل رمى بسهم في سبيل الله وأما الآخر فأول رجل نزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) فلولا أنه خرج مسلما لما كان محمودا على ذلك.
وإن من خرج إلينا من عبيدهم على كفره عاد غنيمة لكلنا بإحراز ديارنا إياه كما قال أبو حنيفة أو لمن سبقت يده منا كما قالا من غير تخميس أو بعد إخراج الخمس في رواية عنهما.
وكان أبو بكرة لحقه الرق لما كان في الجاهلية من استرقاق أولاد إمائهم منهم ومن غيرهم. (المتعصر من المختصر من مشكل الآثار)
قلت سيف:
تنبيه: كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليهم أبا بكرة إنما ذلك؛ لأنه أحرز نفسه من بلاد أهلها محاربون. وإلا النبي صلى الله عليه وسلم لم يبطل عبودية العبيد الذين كانوا تحت الكفار المعاهدين. ومن كاتب منهم أمر أصحابه بإعانتهم كما في قصة سلمان الفارسي
أما الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعْنِيهِ فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا بَعْدُ حَتَّى يَسْأَلَهُ أَعَبْدٌ هُوَ)
قال النووي في شرحه: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ مُسْلِمًا وَلِهَذَا بَاعَهُ بِالْعَبْدَيْنِ الْأَسْوَدَيْنِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا أو أنهما كَانَا كَافِرَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِهِ للعبد الذي بايع على الهجرة إما بينة وَإِمَّا بِتَصْدِيقِ الْعَبْدِ قَبْلَ إِقْرَارِهِ بِالْحُرِّيَّةِ. وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْإِحْسَانِ الْعَامِّ فَإِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ خَائِبًا بِمَا قَصَدَهُ مِنَ الْهِجْرَةِ وَمُلَازَمَةِ الصُّحْبَةِ فَاشْتَرَاهُ لِيُتِمَّ لَهُ مَا أَرَادَ …. انتهى