[إثبات اليدين لله تعالى]:
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
الدليل من الكتاب:
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْلِيسَ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]
وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا تَكْذِيبًا لِلْيَهُودِ حِينَ قَالُوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] , فَكَذَّبَهُمْ فِي مَقَالَتِهِمْ، وَقَالَ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] أَعْلَمَنَا أَنَّ الْأَرْضَ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ , وَ {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] , وَقَالَ: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تَرْجَعُونَ} [يس: 83] وَقَالَ: {تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26] , وَقَالَ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71].
?? [الدليل من السنة]:
1 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ [ص:123] وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَقَالَ: عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ “. رواه البخاري برقم (7411)
2 – عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِهِ، وَقَالَ: ” وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَقَالَ: «وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ». أخرجه ابن خزيمة في (التوحيد)، فرواها أبو داود (4701) واللالكائي (693) والآجري في ” الشريعة ” (ص 325) وأما اللفظ الآخر ” وكتب لك التوراة بيده ” فهو في صحيح مسلم (2652) و ” السنة ” لابن أبي عاصم (145).
3 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَضَعُ السَّمَاءَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرْضَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالأَنْهَارَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ: أَنَا المَلِكُ، «فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ»: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]. رواه البخاري برقم (7451)
4 – عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يُجْمَعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَاتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ المَلاَئِكَةَ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ” رواه البخاري برقم (7516)
?? [الإجماع]:
اتفق أهل السنة والجماعة على إثبات اليد صفة لله، واتفقوا أيضا على أن يديه اثنتان كما قال تعالى:. . . بل يداه مبسوطتان. . . (المائدة – 64)، وقوله:. . . لما خلقت بيدي. . .
[أقوال أهل السنة]:
قال ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/ 118): ((باب: ذكر إثبات اليد للخالق الباريء جلَّ وعلا، والبيان أنَّ الله تعالى له يدان كما أعلمنا في محكم تَنْزيله … ))، وسرد جملة من الآيات تدل على ذلك، ثم قال: ((باب ذكر البيان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على إثبات يد الله جل وعلا موافقاً لما تلونا من تَنْزيل ربنا لا مخالفاً، قد نَزَّه الله نبيه وأعلى درجته ورفع قدره عن أن يقول إلا ما هو موافق لما أنزل الله عليه من وحيه)) اهـ.
??وقال قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في ((الحجة)) (1/ 185): ((فصل: في إثبات اليد لله تعالى صفة له))، ثم أورد بعض الآيات التي تدل على ذلك، ثم قال: ((ذكر البيان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على إثبات اليد موافقاً للتَنْزيل)) ثم أورد أحاديث بسنده تدل على ذلك. اهـ.
??وقال اللالكائي: سياق ما دل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن من صفات الله عز وجل الوجه والعينين واليدين، ثم ساق ما يؤيد ذلك من القرآن والسنة. (انظر شرح اعتقاد أهل السنة 3/ 412 – 434، وانظر تتمة الكلام حول صفة اليد في الصفحات التالية).
?? وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (6/ 263): ((إنَّ لله تعالى يدين مختصتان به ذاتيتان له كما يليق بجلاله)).
??وقال ابن القيم – رحمه الله -: “ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مئة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه، مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقية؛ من الإمساك، والطي، والقبض، والبسط، … وأخذ الصدقة بيمينه … وأنه يطوي السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى … ” مختصر الصواعق المرسلة (2/ 171).
??مسألة: هل ثبت لفظ الشمال؟
اكتفيت برسالة جامعة في هذا الباب للشيخ أبو بكر العويسي وفقه الله
أما بعد: هذه رسالة صغيرة فيها دراسة لصفة من صفات الله تعالى وهي صفة اليدين لله رب العالمين وأن كلتا يديه يمين مباركة، شرعا ولغة وبلاغة .. أسميتها بما قصدت منها ((إتحاف المؤمنين بأن كلتا يدي ربي يمين شرعا ولغة وبلاغة عند المحققين))
أسأله تعالى أن ينفع بها وأن يدخر أجرها لكل من ساهم فيها من العلماء الذين تكلموا فيها وحرروها وأن يرفع قدرهم في عليين وخاصة الشيخين الفاضلين الألباني رحمه الله ومحمد آدم الأثيوبي حفظه الله.
وإليك رابط الرسالة: http://www.up.noor-a … 3689892051.docx
?? الرد على من أوّل صفة اليدين بالنعمة والقدرة
??يستدل الأشعري على إثبات صفة اليد لله عز وجل بما أشار إليه من آيات، وهكذا فعل الدارمي في رده على بشر المريسي لما قال بأن اليد بمعنى النعمة. (انظر كتابه ص25، وكتاب التوحيد لابن خزيمة ص53 – 90، والأسماء والصفات للبيهقي ص314 – 341، والرد على الجهمية لابن مندة ص68 – 94، وأصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 2/ 394).
??كما رد الأشعري أيضاً في الإبانة على من ذهب إلى أن اليد بمعنى النعمة وقرر أنهم لا يجدون دليلاً لا من اللغة، ولا من الإجماع. (انظر ص34 – 38).
??كما تعرض لهم الباقلاني في التمهيد ورد عليهم بعد حكايته لقولهم بقوله: “يقال لهم: هذا باطل، لأن قوله “بيدي” يقتضي إثبات يدين هما صفة له، فلو كان المراد بهما القدرة لوجب أن يكون له قدرتان … وقد أجمع المسلمون من مثبتي الصفات والنافين لها، على أنه لا يجوز أن يكون له تعالى قدرتان فبطل ما قلتم، وكذلك لا يجوز أن يكون الله تعالى خلق آدم بنعمتين؛ لأن نعم الله تعالى على آدم وغيره لا تحصى … “. (انظر كتابه التمهيد ص209).
??وقال الآجري: “ويقال للجهمي الذي ينكر أن الله عز وجل خلق آدم بيده كفرت بالقرآن ورددت السنة، وخالفت الأمة”. (انظر كتابه الشريعة ص323).
??قال ابن تيمية: أَنَّ لَفْظَ ” الْيَدَيْنِ ” بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي النِّعْمَةِ وَلَا فِي الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ لُغَةِ الْقَوْمِ اسْتِعْمَالَ الْوَاحِدِ فِي الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ: {إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} وَلَفْظُ الْجَمْعِ فِي الْوَاحِدِ كَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ} وَلَفْظُ الْجَمْعِ فِي الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} أَمَّا اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْوَاحِدِ فِي الِاثْنَيْنِ أَوْ الِاثْنَيْنِ فِي الْوَاحِدِ فَلَا أَصْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ عَدَدٌ وَهِيَ نُصُوصٌ فِي مَعْنَاهَا لَا يُتَجَوَّزُ بِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عِنْدِي رَجُلٌ وَيَعْنِي رَجُلَيْنِ وَلَا عِنْدِي رَجُلَانِ وَيَعْنِي بِهِ الْجِنْسَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَاحِدِ يَدُلُّ عَلَى الْجِنْسِ وَالْجِنْسُ فِيهِ شِيَاعٌ وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَمْعِ فِيهِ مَعْنَى الْجِنْسِ وَالْجِنْسُ يَحْصُلُ بِحُصُولِ الْوَاحِدِ. فَقَوْلُهُ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقُدْرَةُ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَبَّرَ بِالِاثْنَيْنِ عَنْ الْوَاحِدِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النِّعْمَةُ لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ لَا تُحْصَى؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ النِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ” لِمَا خَلَقْت أَنَا ” لِأَنَّهُمْ إذَا أَرَادُوا ذَلِكَ أَضَافُوا الْفِعْلَ إلَى الْيَدِ فَتَكُونُ إضَافَتُهُ إلَى الْيَدِ إضَافَةً لَهُ إلَى الْفِعْلِ كَقَوْلِهِ: {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا}.
أَمَّا إذَا أَضَافَ الْفِعْلَ إلَى الْفَاعِلِ وَعَدَّى الْفِعْلَ إلَى الْيَدِ بِحَرْفِ الْبَاءِ كَقَوْلِهِ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فَإِنَّهُ نَصٌّ فِي أَنَّهُ فَعَلَ الْفِعْلَ بِيَدَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لِمَنْ تَكَلَّمَ أَوْ مَشَى: أَنْ يُقَالَ فَعَلْت هَذَا بِيَدَيْك وَيُقَالُ
:: هَذَا فَعَلَتْهُ يَدَاك لِأَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ: فَعَلْت كَافٍ فِي الْإِضَافَةِ إلَى الْفَاعِلِ فَلَوْ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِالْيَدِ حَقِيقَةً كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً مَحْضَةً مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَلَسْت تَجِدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَلَا الْعَجَمِ – إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى – أَنَّ فَصِيحًا يَقُولُ: فَعَلْت هَذَا بِيَدَيَّ أَوْ فُلَانٌ فَعَلَ هَذَا بِيَدَيْهِ إلَّا وَيَكُونُ فَعَلَهُ بِيَدَيْهِ حَقِيقَةً. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَا يَدَ لَهُ أَوْ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَدٌ وَالْفِعْلُ وَقَعَ بِغَيْرِهَا. المجموع (6/ 365).
قال ابن القيم: الْوَجْهُ الثَّالِثُ عَشَرَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْكَرَ عَلَى الْيَهُودِ نِسْبَةَ يَدِهِ إِلَى النَّقْصِ وَالْعَيْبِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ إِثْبَاتَ الْيَدِ لَهُ تَعَالَى فَقَالَ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] فَلَعَنَهُمْ عَلَى وَصْفِ يَدِهِ بِالْعَيْبِ دُونَ إِثْبَاتِ يَدِهِ وَقَدْرُ إِثْبَاتِهَا بِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالُوهُ بِأَنَّهُمَا يَدَانِ مَبْسُوطَتَانِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ تَلْبِيسُ الْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطَّلَةِ عَلَى أَشْبَاهِ الْأَنْعَامِ حَيْثُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْيَهُودَ عَلَى إِثْبَاتِ الْيَدِ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ وَهُمْ أَئِمَّةُ الْمُشَبِّهَةِ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْكَذِبَ مِنْ هَذَا الْقَائِلِ وَالتَّلْبِيسَ، وَأَنَّ الْآيَةَ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ. (مختصر الصواعق المرسلة، 396).
و قال أيضا: وَلَيْسَ يَجُوزُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَلَا فِي عَادَةِ أَهْلِ الْخِطَابِ أَنْ يَقُولُوا لِقَائِلٍ: عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا بِيَدِي، هُوَ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ، إِذَا كَانَ اللَّهُ خَاطَبَ الْعَرَبَ بِلُغَاتِهَا، وَمَا تَجِدُهُ مَفْهُومًا فِي كَلَامِهَا وَمَعْقُولًا فِي خِطَابِهَا، وَإِذْ لَا يَجُوزُ فِي خِطَابِهَا أَنْ يَقُولَ الْقَائِلَ: فَعَلْتُ بِيَدِي وَيَعْنِي النِّعْمَةَ، بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى بِيَدِي النِّعْمَةَ وَسَاقَ الْكَلَامَ فِي إِنْكَارِ هَذَا التَّاوِيلِ وَأَطَالَهُ جِدًّا وَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَ الْيَدَيْنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ، وَبَيَّنَ أَنَّ اللُّغَةَ الَّتِي أُنْزِلَ بِهَا الْقُرْآنُ لَا تَحْتَمِلُ مَا تَأَوَّلَتِ الْجَهْمِيَّةُ. مختصر الصواعق المرسلة (404)
وقال ابن حجر: “لو كانت اليد بمعنى القدرة، لم يكن بين آدم وإبليس فرق لتشاركهما فيما خلق كل منهما به وهي قدرته، ولقال إبليس: وأي فضيلة له علي، وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته بقدرتك، فلما قال {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} دل على اختصاص آدم بأن الله خلقه بيديه، ولا جائز أن يراد باليدين النعمتان؛ لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق، لأن النعم مخلوقة”. (انظر فتح الباري 13/ 294)
جمعه: نورس الهاشمي